ماكرون يقول إن الجزائر “تسيء لنفسها”، والجيش الجزائري يرد، ما القصة؟

رئيس أركان الجيش الجزائري (يمين)

AFP
رئيس أركان الجيش الجزائري (يمين)

قال الجيش الجزائري، الأربعاء، إن “الجزائر لا تقبل الابتزاز أو الرضوخ لأي جهة مهما كانت قوتها”، وذلك رداً على تصريحات للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اعتبرتها الجزائر تدخلاً في شؤونها الداخلية.

يأتي بيان الجيش الجزائري بعد يومين من تصريحات للرئيس الفرنسي، انتقد فيها اعتقال السلطات الجزائرية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي تم توقيفه في الجزائر العاصمة منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأضاف الجيش الجزائري، في افتتاحية “مجلة الجيش” الناطقة باسمه والتي أورد نصها أيضاً في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، أن “المشهد واضح كل الوضوح ولا يتطلب تفكيراً طويلاً وتحليلاً عميقاً، حتى ندرك خبث نوايا أعداء الجزائر وأهدافهم الدنيئة”.

وتابع: “الجزائر، التي بقيت صامدة قوية طيلة تاريخها الحافل بالمجد والبطولات، لن تنحني أبداً أمام رياح التآمر والتفرقة وسموم الفتنة”.

واعتقلت السلطات الجزائرية صنصال، البالغ من العمر 75 عاماً والذي حصل على الجنسية الفرنسية في عام 2024، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمطار الجزائر، قبل أن ينقل إلى السجن بتهمة المساس بأمن الدولة، ثم نقل في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى وحدة علاج طبي داخل السجن بسبب تدهور حالته الصحية.

ويفاقم اعتقال صنصال سلسلة من التوترات بين فرنسا والجزائر، بدأت منذ يوليو/تموز الماضي، عندما قرر الرئيس ماكرون الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وفي أعقاب هذا الاعتراف سحبت الجزائر سفيرها من باريس.

وتطور التوتر بين البلدين بعد اعتقال الجزائر الكاتب بوعلام صنصال، إذ أعلنت فرنسا الأسبوع الماضي اعتقال مدونين جزائريين، اتهمتهم بالتحريض على القتل عبر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.

مطالبات فرنسية

كان الرئيس ماكرون قد دعا الجزائر إلى الإفراج الفوري عن الكاتب والمعارض صنصال.

وقال على هامش اجتماع مع سفراء فرنسا في قصر الإليزيه، يوم الإثنين الماضي: “الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي يجمعنا معها تاريخ مشترك والكثير من الأبناء، دخلت في مسار يسيء إليها بمنع رجل مريض من الحصول على العلاج. هذا لا يعكس حقيقة الجزائر”.

وأضاف: “أناشد الحكومة الجزائرية بالإفراج الفوري عن بوعلام صنصال”، كما اعتبر ماكرون أن الجزائر “لا تتصرف وفقاً للمستوى الذي تستحقه، كدولة ذات تاريخ طويل في النضال من أجل استقلالها”.

وعبّر وزير الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” عن قلقه، في تصريحات له يوم الأحد الماضي، بشأن رفض طلبات الإفراج التي تقدم بها بوعلام صنصال ومحاموه. وقال الوزير الفرنسي: “فرنسا قلقة جداً من وضعه الصحي، ونحن ملتزمون بحرية التعبير والرأي، ونعتبر أن الأسباب التي قدمتها الجزائر لاعتقاله غير مبررة”.

“تدخل سافر وغير مقبول”

من جانبها، نددت الجزائر بتصريحات ماكرون واعتبرتها “تدخلاً سافراً وغير مقبول” في شؤونها الداخلية.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان نشرته على حسابها الرسمي على منصة إكس الثلاثاء: “لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات، التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، التي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة”.

واعتبرت الخارجية الجزائرية أن “هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثّله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي”.

كما وصف البرلمان الجزائري تلك التصريحات بأنها “تدخل سافر في الشؤون الداخلية للبلاد، ومساس بسيادتها وكرامتها في قضية قيد النظر وفقا للقوانين الجزائرية”.

وأوضح البرلمان، في بيان نقلته وسائل الإعلام المحلية، أن تصريحات الرئيس الفرنسي تمثل “محاولة مكشوفة لتشويه صورة الجزائر ومؤسساتها السيادية”.

ما سبب اعتقاله؟

يذكر أن الكاتب بوعلام صنصال مولود حصل على الجنسية الفرنسية في 2024، ومعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية.

وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع “فرونتيير” الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، قال فيها إن “أجزاء واسعة من شمال غربي الجزائر كانت في الأصل تابعة للمغرب، وتم ضمها للجزائر في حقبة الاستعمار”.

واعتقل صنصال في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت اليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعدّ “فعلا إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

مجلة الجيش الناطقة باسم الجيش الجزائري

Algerian Ministry of Defense
جاء الرد الجزائري في افتتاحية “مجلة الجيش”

“محتال مبعوث من فرنسا”

وعلّق الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، على قضية صنصال في نهاية ديسمبر /كانون الأول الماضي، ووصفه بأنه “محتال مبعوث من فرنسا”.

وقال في خطاب، ألقاه الأحد 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أمام البرلمان: “أرسلتم لنا خائناً لا يعرف أباه، ليقول لنا إن نصف الجزائر مِلك لدولة أخرى”.

كما هاجم الرئيس تبون، في خطابه، فرنسا المستعمر السابق لبلاده بسبب إرثها الاستعماري، وبسبب موقفها من قضية الصحراء الغربية.

وقال إن “فكرة الحكم الذاتي (للصحراء الغربية) فكرة فرنسية وليست مغربية، ونحن على علم بذلك منذ عقود”.

كانت الجزائر قد سحبت سفيرها من باريس نهاية يوليو/ تموز الماضي، عقب رسالة بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لملك المغرب محمد السادس، والتي جاء فيها أن فرنسا تعترف بالمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية، في إطار السيادة المغربية كأساس وحيد لحل دائم للقضية.

Cedar News arab news

Powered by WPeMatico

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.