“روسيا تطلّعت إلى قطعة من كعكة الاقتصاد السوري” – الغارديان
قد تختلف روسيا وسوريا في العديد من الأمور منها ترتيب الحروف الهجائية، لكن قد تشتركان في “المصير”، وفقاً لتحليلات الكُتّاب في الصحف العالمية، وفي جولة عرض الصحف الأربعاء، نستعرض تأثير سقوط الأسد على سمعة روسيا داخلياً، وسبب “تخليها” عن سوريا مؤخراً، وكيف ترى روسيا انعكاس سقوط الأسد على واشنطن.
نستهل جولتنا مع صحيفة الغارديان البريطانية، حيث قدّم الكاتب نيكولاي كوزانوف تحليلاً حول تحولات السياسة الروسية في سوريا، بعنوان “في النهاية، أصبحت سوريا والأسد ساميّن للغاية، حتى بالنسبة لبوتن”.
ويرى الكاتب في سقوط نظام الأسد “نهاية فصل كبير للوجود الروسي في الشرق الأوسط”، دون أن يعني ذلك أن موسكو على وشك الانسحاب من المنطقة، وفقاً للكاتب.
بل يعتقد الكاتب أن “قرار موسكو بعدم القتال من أجل بشار الأسد ونقله جواً إلى أراضيها، يبدو كأنه محاولة لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط من خلال التخلص من شيء سام”.
ويشير الكاتب إلى أن دعم روسيا لنظام الأسد في سوريا كان جزءاً من استراتيجية موسكو لاستعادة نفوذها في المنطقة، بعد أن خسرت خلال ما عرف بالربيع العربي “جميع شركائها الذين ورثتهم عن الاتحاد السوفييتي”.
ويوضح الكاتب أن روسيا ومن خلال أنشطتها العسكرية سواء في المنطقة أو في ضمها لجزيرة القرم، تريد إثبات أنها “لاعب مهم” ويجب على الجميع تكثيف الحوار معها.
ومع ذلك، يلمّح الكاتب إلى أن روسيا كانت تتطلع بالوصول إلى “قطعة من كعكة الاقتصاد السوري”، إلا أن سقوط الأسد أنهى هذا الطموح.
ويضيف “سيتعين على الكرملين أن ينسى أي عائد من الجهود المبذولة في سوريا، لكنه قد يحاول الاحتفاظ بقواعده العسكرية في البلاد”.
“سوريا تحوّلت من فرصة إلى عبء اقتصادي وسياسي على روسيا”، ذلك ما يظنه الكاتب حول سبب عدم مساندة روسيا للأسد مؤخراً، إضافة إلى ظهور “عوامل جديدة” لزيادة اتصال موسكو بالغرب، ومنها، دور روسيا في منظمة أوبك، وحربها مع أوكرانيا.
ويتوقع الكاتب “انهياراً وشيكاً” للاقتصاد السوري الذي تحركه إلى حد كبير تجارة المخدرات غير المشروعة والفساد، بحسب الكاتب، مؤكداً أن “اقتصاد الحرب الذي خلقه الأسد كان بمثابة بيئة سامة”.
ويقول الكاتب إن روسيا اختارت سقوط الأسد، على “تكرار مصير الاتحاد السوفييتي في أفغانستان وتحمل المسؤولية المالية والاقتصادية والعسكرية الكاملة عن سوريا الأسد”.
ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن “علاقات موسكو بالمنطقة أصبحت واسعة لدرجة أن خسارة سوريا لن تكون عاملاً حاسماً في قوة حضورها بالمنطقة”.
“سقوط الأسد تذكير بهشاشة الديكتاتوريات”
ننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال، ومقال بعنوان “إذلال بوتين في سوريا يتردد صداه في روسيا”، للكاتبة آيمي نايت.
وتفتتح الكاتبة مقالها، بربط الهجوم الصاروخي الروسي على البنية الأساسية للطاقة في أوكرانيا، بعزم الكرملين على إظهار قوته العسكرية بعد “فشله” في سوريا.
وتختلف الكاتبة مع كوزانوف بشأن حضور روسيا على الساحة العالمية، وتعتبر “انهيار حكومة الأسد والخسارة المحتملة للقواعد الروسية في سوريا”، ستكون بمثابة ضربة مدمرة لصورة روسيا كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
وتبرز نايت، كيف يهدد الفشل العسكري الروسي في سوريا، مكانة بوتين الداخلية، فقد وعد مراراً بحماية النظام السوري، لكن يبدو أنه تراجع عن دعمه للأسد بعد أن تبين أن نظامه في خطر.
وتقول “بوتين كان قد قرر بالفعل التخلص من الأسد”، مشيرة إلى تقارير تؤكد أن “بشار الأسد زار الكرملين في 28 نوفمبر/تشرين الثاني للتوسل من أجل التدخل العسكري الروسي ضد القوات المعارضة في سوريا، لكنه تلقى رداً سلبياً”.
وتنقل الكاتبة ما صرح به “مصدر مقرب من الكرملين، بأن بوتن طالب بتفسير فشل أجهزة الاستخبارات الروسية في اكتشاف التهديد المتزايد لنظام الأسد حتى فات الأوان”.
وتناقش الكاتبة التأثيرات السلبية لهذا الفشل على بوتين داخل روسيا، حيث يمكن أن يؤدي إلى تقليص تأييد النخبة الداخلية له وزيادة الانتقادات تجاه سياسته الخارجية.
وتشير إلى “مشكلة” أخرى يواجهها بوتن، وهي منح الأسد الذي تصفه الكاتبة بـ”مجرم الحرب الدولي”، اللجوء في روسيا، مبينة أن “الزعيم السوري السابق سيحتاج إلى الكثير من الأمن، وكذلك السكان الروس”.
وتحذر الكاتبة من خطر الجماعات الإرهابية التي قد تنشط في روسيا نتيجة “لفشل روسيا في سوريا”، عازية تحذيرها إلى أن “معظم المعارضين الذي أسقطوا حكم الأسد يشتركون بكراهية عميقة للكرملين”.
وتلمح الكاتبة إلى “إمكانية حدوث شيء مماثل لما حصل في سوريا داخل روسيا”، مشبهة في ذات الوقت بين فوز بوتين الساحق في روسيا، وتصويت 13.5 مليون سوري لصالح الأسد، الذين هم ذاتهم “يدمرون آثاره وفرحون بسقوطه”.
وتنهي الكاتبة مقالها بالقول، إن “سقوط الأسد هو تذكير بهشاشة الديكتاتوريات، بما في ذلك ديكتاتورية فلاديمير بوتين”.
“لا يمكن أن نستبعد اختفاء الإنزعاج بين خصوم الأمس”
تناقش صحيفة “فيدوموستي” الروسية، ماذا يعني سقوط نظام بشار الأسد بالنسبة لواشنطن من وجهة نظر روسية، للكاتب رومان رومانوف.
ويطرح الكاتب تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة التي وصفت الأسد بأنه ديكتاتور، على استغلال أو فهم تطورات الوضع في سوريا في ضوء التغيُّرات الأخيرة، ومدى تأثيرها على استراتيجياتها في الشرق الأوسط.
ويشكك الكاتب بأهداف الوجود الأمريكي في سوريا، بقوله “إن أنشطة الأمريكيين في سوريا خلال السنوات الثمانية الأخيرة، هي إشارة إلى سياسة الولايات المتحدة.. بأنها موجودة، لكن أهدافها غير معلنة”.
ويرى الكاتب أن “الشرق الأوسط ليس أولوية بالنسبة لواشنطن”، بل إنها تعمل على إعادة توزيع الموارد الاستراتيجية نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ “للتنافس مع الصين”.
ويقول “إن الإطاحة بالأسد لن تعيد أمريكا إلى الشرق الأوسط، لكنها مهمة بالنسبة لها على جبهتين؛ الأولى بتقديم خبر سقوط الأسد على أنه انتصار للولايات المتحدة، أو بصورة أخرى، هزيمة لموسكو وبكين وطهران، التحالف الثلاثي المناهض للولايات المتحدة”.
ويضيف الكاتب أن الجبهة الثانية، تتمثل بـ”ضبابية” موقف واشنطن الاستراتيجي، بسبب اختفاء الأسد الذي عارضت هيئة تحرير الشام إيران لأجله، أي “لا يمكن أن نستبعد اختفاء الإنزعاج بين خصوم الأمس”، فضلاً عن مصير الأكراد المتحالفين مع أمريكا، الذي لا يزال غير معروف.
ويقول الكاتب ” لا يمكن لواشنطن التأكد من أن هيئة تحرير الشام وحلفاءها لن يصبحوا مشكلة للولايات المتحدة أكثر مما كان عليه الأسد”.
ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن “إدارة بايدن لا تمتلك الوقت والموارد لتنفيذ أي تعديلات كبيرة في السياسة تجاه سوريا”.
- كيف يرى السوريون مستقبل العدالة الانتقالية في بلدهم؟
- ما أهم التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية في سوريا داخليا وخارجيا؟
- سوريون يبحثون عن جثث ذويهم لدفنها بعد 50 عاماً من وحشية عائلة الأسد
Powered by WPeMatico
Comments are closed.