لماذا لا تمنح معظم الدول العربية جنسيتها للاجئين؟
عاد النقاش حول وضع اللاجئين في الدول العربية وشروط تجنيسهم بعد موافقة مجلس النواب المصري مؤخراً وبشكل نهائي على مشروع قانون جديد حول وضع اللاجئين في مصر، في أول تشريع مصري داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد.
يكفل القانون المصري الجديد مجموعة من حقوق مَن يحصل على صفة “لاجئ” أبرزها الحصول على وثيقة سفر، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، والحق في التقاضي والعمل والتعليم والاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين، وفقا للقواعد المقررة قانوناً للأجانب.
كما منح القانون مَن يحصل على صفة لاجئ الحق في التقدم للحصول على الجنسية المصرية، دون ورود تفاصيل حول الشروط.
في هذا المقال، نناقش لماذا لا تُجنّس معظم الدول العربية اللاجئين؟ نعي أن الموضوع واسع جداً، لكننا نسلط الضوء على بعض الحالات في دول عربية وأوروبية وندرسها كأمثلة.
من هو “اللاجئ”؟
نبدأ أولاً بتعريف اللاجئ وفقاً للقانون الدولي: بحسب اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، يُعرَّف اللاجئ على أنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته (أو بلد إقامته المعتادة إذا كان عديم الجنسية) بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد. يشمل هذا الاضطهاد الاستهداف بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة أو بسبب الآراء السياسية. ولا يستطيع الشخص أو لا يرغب في الاستفادة من حماية بلده نتيجة لهذا الخوف.
اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين حيث تحدد حقوقهم الأساسية مثل التعليم، العمل، السكن، والمساعدة العامة، وتضمن لهم حماية من العقوبات بسبب الدخول أو الإقامة غير القانونية في حال سعيهم للحصول على الحماية. كما تلزم اللاجئين باحترام قوانين الدولة المضيفة.
مصر ومعضلة التجنيس
فيما يتعلق بتجنيس السودانيين أو حصولهم على إقامة دائمة، تشير بعض الدراسات إلى أن العديد من السودانيين في مصر يعيشون في وضع غير قانوني أو مؤقت؛ حيث يصعب عليهم الحصول على الإقامة الرسمية بسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة، التي تجعل من الصعب الحصول على حماية دائمة أو إقامة قانونية (مثلما حدث مع بعض الأشخاص الذين تم رفضهم من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)، وفقاً لبحث نشره مركز بوليتزر، كتبته الباحثة فيبي فهمي، عن وضع اللاجئين السودانيين في مصر.
في مصر، تُعامل الغالبية العظمى من السودانيين كـ”ضيوف” أو “لاجئين مؤقتين” أو “مهاجرين غير شرعيين”، وليس لديهم الحق في الحصول على الجنسية المصرية أو وضع إقامة دائم. بينما تقدم لهم الحكومة بعض أشكال الدعم المؤقت (مثل تصاريح الإقامة المؤقتة)، إلا أن الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد يعقد الأمور، ولا يسمح بتوفير دعم كافٍ لدمجهم في المجتمع المصري بشكل دائم، وفقاً لفهمي.
الأردن كـ”حالة خاصة”
تقول المختصة بشؤون اللجوء عروب العابد لبي بي سي، إنه في البداية كان دخول اللاجئ الفلسطيني إلى الدول العربية، وخصوصاً دول الجوار الفلسطيني، “مفتوحاً”.
يعتبر الأردن حالة خاصة، بحسب العابد، عندما يتعلّق الأمر بقضية تجنيس اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً، لعدة أسباب سنعرضها خلال المقال.
في شهر ديسمبر/ كانون أول عام 1948، عُقد مؤتمر أريحا والذي نص على التالي: أولاً، الأردن يتوسع جغرافياً ليشمل ما أصبح يسمى بالضفة الغربية كجزء منه.
ثانياً، كل من يعيش في الضفتين الغربية والشرقية هو تحت مظلة الممكلة الأردنية، وهو أردني الجنسية.
ثالثاً، مَنْح الجنسية الأردنية لا يتنافى مع حق العودة الفلسطيني.
تُكمل العابد قولها إنه وفي عام 1967 ومع اندلاع حرب “النكسة”، لجأ فلسطينيون (غزيون) من الضفة الغربية ممن يحملون وثائق مصرية إلى الأردن وآخرون من سكان الضفة الغربية ممن يحملون جوازات سفر أردنية، إلى الأردن، واستقبلهم الأردن كـ”أردنيين” و”لاجئين” و”نازحين”، بحسب وضعهم.
وتضيف العابد: “مع رفض مصر عام 1968 استقبال الغزيين، حملة وثائق السفر المصرية، أُجبر الأردن على منح وثائق سفر أردنية لأكثر من 15,000غِزّي حينها – وهي حقوق مؤقتة لهم، منها العمل في القطاع الخاص”.
تقول العابد: الحقوق التي أتت مع تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الأردن كانت ببساطة: “المواطَنة”.
في دراسة نشرت بعنوان: “اثنا عشر عاماً من الحرب في سوريا: لماذا أصبحت الجنسية خارج الحسبان بالنسبة للاجئين السوريين في الأردن؟”، للباحثة زوي روبين، ترى أن تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الأردن جاء مصحوباً باضطرابات سياسية. فقد اضطر نظام الحكم إلى السير على “خط رفيع” للحفاظ على الدعم بين الأغلبية الفلسطينية.
كما غير الحكم في الأردن لاحقاً سياسته، ولم يحصل الفلسطينيون القادمون من غزة أو بعد حرب الأيام الستة في عام 1967 على الجنسية الأردنية. وبحلول ذلك الوقت، بدأت التوترات الشديدة في التصاعد بين منظمة التحرير الفلسطينية والعائلة المالكة، وبلغت ذروتها في حرب قصيرة انتهت بطرد منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي عام 1988، تنازل الأردن عن مطالبته بالضفة الغربية، وألغى تلقائياً جنسية الفلسطينيين المقيمين هناك، وفقد آلاف الفلسطينيين الآخرين جنسيتهم في العقود التالية، بحسب الباحثة روبين.
إذاً، لماذا لا يُجنّس الأردن اللاجئين اليوم؟
تحرص السلطات الأردنية على تجنب وضع الأردن كـ”وطن بديل”. ولا تستطيع النساء الأردنيات منح جنسيتهن إلى أطفالهن، وهو التنظيم الذي فضله الساسة الأردنيون لمنع تجنيس المزيد من الفلسطينيين.
إن نسبة كبيرة من النساء الأردنيات المتزوجات من “غير أردنيين” هن متزوجات من فلسطينيين، وهذا يعني أن هذا التغيير من شأنه أن يوفر لمئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين الجنسية الأردنية.
وقد أدى هذا التوازن إلى جعل المملكة “حذرة” من قبول عدد كبير آخر من اللاجئين رسمياً، بحسب الباحثة زوي روبين.
تقول الباحثة بشؤون اللجوء عروب العابد إنه وبالنسبة لموجات اللجوء التي أتت من العراق أيضاً، فإن الأردن تبنى سياسات جديدة وواضحة – وهي عدم التسامح ومنح الجنسية الأردنية للجميع، والتجنيس بشروط الاستفادة المالية منه. نتج عن هذا الأمر وجود علاقة محدودة بين السلطات الأردنية واللاجئ العراقي فيما يتعلق بالحقوق.
وتعلّم الأردن دروساً كثيرة من موجات اللجوء السابقة. ليصل اللاجئون السوريون عام 2011.
ترى الباحثة روبين أن احتمالات الاندماج السياسي للاجئين السوريين، والتي تستلزم عملية الحصول على الجنسية مثل تلك الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، تظل من “المُحرّمات” في السياسة الأردنية.
تكتب: “بصرف النظر عن الخوف من المصاعب الاقتصادية قصيرة الأجل الناجمة عن اندماجهم في الأردن، فإن التغيير في السياسة من شأنه أن يجبر المجتمع الأردني أيضاً على معالجة التوترات غير المحلولة مع الفلسطينيين غير المجنسين، الذين تم استبعاد مصيرهم إلى حد كبير من المناقشة.
وقد أدت الأسطورة القائلة بأن اللاجئين السوريين سيعودون قريبا إلى إسكات المناقشة حول التكامل، حتى مع تجدد الأعمال العدائية في شمال سوريا. ونتيجة لهذا، فمن غير المرجح أن يحدث التكامل السياسي للاجئين السوريين”.
لبنان وسوريا ورفض التجنيس
في نوفمبر تشرين الثاني عام 1949، اجتمعت أربع دول عربية – لبنان وسوريا والعراق ومصر – في جامعة الدول العربية ليوقعوا على اتفاقية تنص على إعطاء اللاجئ الفلسطيني حقوق التعليم والعمل والتنقل والعودة إلى الدولة بعد الخروج منها من خلال وثائق سفر مؤقتة. لكن هذا أتى بشرط مهم: ألا تقبل أي من هذه الدول المضيّفة للاجئين أن تُجنّس الفلسطيني على أرضها، وذلك حمايةً لـ”حق العودة” الفلسطيني.
وفي عام 1956، وُقعت اتفاقية الدار البيضاء التي تؤكد على منح الحقوق الأساسية للاجئين دون تجنيسهم.
بينما لم تكن هناك حركات واضحة للمطالبة بتجنيس الفلسطينيين في سوريا أو لبنان، فإن الظروف القانونية والاجتماعية التي يعيشونها تعكس توازناً دقيقاً بين الحفاظ على الهوية الفلسطينية وعدم التأثير على الأوضاع السياسية المحلية في البلدين.
في لبنان، تعكس هذه السياسات الموقف الأوسع المعارض لإعادة التوطين الدائم للفلسطينيين في البلاد. وبدلاً من ذلك، تؤكد السلطات اللبنانية على أن الفلسطينيين يجب أن يحتفظوا بهويتهم ومكانتهم كـ”لاجئين”، للتأكيد على حق العودة إلى وطنهم، بحسب الباحثة بيرلا عيسى.
ترى عيسى، الباحثة في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، أنه ومع مرور الزمن تغيّرت معاملة الدولة اللبنانيّة للفلسطينيّين، بعد أن كان “مرحَّباً بهم” من معظم اللبنانيّين في العقد الأول لنزوحهم، حين حسبوه “نزوحاً موقّتاً”، ولكن في أعقاب الاضطرابات اللبنانية سنة 1958، قام حينها الرئيس فؤاد شهاب باستخدام مكتب الاستخبارات العسكريّة (المعروف أيضاً باسم المكتب الثاني)، فضلاً عن الشرطة، للسيطرة على المخيّمات.
وقانون الجنسية اللبناني يضمن نقل الجنسية اللبنانية عن طريق الأب (أو ما يُعرف بحق الدم)، فيمكن للرجل اللبناني الذي يحمل الجنسية اللبنانية أن يمنح المواطَنة لأولاده وزوجته غير اللبنانية تلقائياً (فقط في حالة تسجيلها في سجل الأحوال المدنية في لبنان).
أما بالنسبة لوثيقة سفر اللاجئين الفلسطينيين، فيتم إصدارها في لبنان لمدة ثلاث سنوات للأشخاص غير المسجلين في وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بينما تمنح الوثيقة لمدة خمس سنوات للمسجلين في الوكالة، وتتراوح رسومها ما بين 180 إلى 300 ألف ليرة لبنانية.
تشير دينا أبي صعب، الصحفية المعتمدة لدى الأمم المتحدة في جنيف لبي بي سي، إلى الوضع الديموغرافي والخوف من تغيير الوضع السياسي والطائفي الطاغي في بعض مناطق لبنان، كون معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين تم استقبالهم هم من الطائفة السنية، فيخضع للاعتبارات ذاتها.
وعلى الرغم من وجودهم الطويل في لبنان، وبسبب عدم حملهم للجنسية اللبنانية، تم استبعاد اللاجئين الفلسطينيّين من الجوانب الرئيسيّة للحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة في البلاد، وفقاً للمبدأ القانوني القاضي بالمعاملة بالمثل؛ فهم إذ تم تعريفهم بموجب القانون “أجانب”، تمّ منعهم من مزاولة أكثر من ثلاثين مهنة، منها جميع المهن الحرّة، ولم تضِف تعديلاتٌ أُجريت على أنظمة العمل اللبنانية سنة 2010 شيئاً يُذكر لتغيير وضع اللاجئين الاجتماعي، بحسب الباحثة بيرلا عيسى.
المختصة بشؤون اللجوء عروب العابد تقول: “لبنان كانت من أكثر الدول التزاماً بمنح الحقوق للاجئ الفلسطيني، إلى أن أُنشئت منظمة التحرير الفلسطينية على يد أحمد الشقيري وبعد ذلك استلم زمام الأمور الرئيس السابق ياسر عرفات – من هنا، بدأ العد التنازلي لهذه الحقوق والامتيازات في لبنان”.
النشاط العسكري للمنظمة في لبنان جلب ردة فعل عكسية للاجئين الفلسطينيين في لبنان والدول المضيّفة للاجئ الفلسطيني حينها، كما ترى العابد، بسبب هذه الانتماءات، ونتيجة لذلك، فقد الفلسطيني حقوقه التي منحت حتى في عام 1969 وأصبحت حقوقه كالتعليم محصورة في مدارس الوكالة وأغلقت 79 وظيفة عنه في لبنان منها الوظائف المهنية.
“بعد هذا اليوم، لا يوجد فلسطينيون على أرض مصر”
عام 1969، عُقد مؤتمر القاهرة، هو اتفاق تم التوقيع عليه في 3 نوفمبر/تشرين ثان 1969 في القاهرة لغرض تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، قام الرئيس اللبناني آنذاك شارل حلو بإرسال وفد لبناني برئاسة قائد الجيش إميل البستاني إلى القاهرة للتحادث والتفاوض مع ياسر عرفات وتحت إشراف وزير الدفاع المصري محمد فوزي، ووزير الخارجية المصري محمود رياض.
عام 1978، قَتل صبري البنا، مؤسس المجلس الثوري في حركة فتح، وزير الثقافة المصري السابق يوسف السباعي، وهو من أكثر مؤيدي القضية الفلسطينية، بحسب ما تقول العابد، وهنا خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى رياض ليقول: “بعد هذا اليوم، لا يوجد فلسطينيون على أرض مصر”، وفقد الفلسطينيون جميع الامتيازات الخاصة بهم في مصر على أثرها، فأصبح الفلسطيني غير قادر على التعلم أو العمل أو تجديد الإقامة بسهولة – أصبح الموضوع معقداً للفلسطينيين في مصر، وفقاً لقولها.
تتناول دراسة للباحثة دينا كيوان بعنوان: “الإدماج والمواطنة: اللاجئون السوريون والفلسطينيون في لبنان” التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون والفلسطينيون في لبنان، مع التركيز على استبعادهم من الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والقانونية.
يمنح لبنان، الذي لم يوقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، حقوقاً قانونية محدودة للاجئين، ما يترك المجتمعات السورية والفلسطينية في مواقف محفوفة بالمخاطر، بحسب كيوان.
أما بالنسبة للباحث اللبناني جورج أبو مراد، فيرى أن منح الجنسية للاجئين بشكل عام في لبنان “يعوقه مخاوف طائفية”، وخاصة المخاوف من “الإخلال بالتوازن السياسي الدقيق” في البلاد.
ويمكن أن يؤدي التجنس إلى تغيير التركيبة السكانية وديناميكيات القوة السياسية، وتعطي السياسات اللبنانية الأولوية للحفاظ على هذا التوازن على دمج اللاجئين، وفقاً لأبي مراد.
يقترح الباحث نهجاً بديلاً، مثل تعزيز حقوق اللاجئين دون الجنسية الكاملة، لتلبية احتياجاتهم “مع الحفاظ على البنية الاجتماعية والسياسية الفريدة للبنان”.
“سوري ولكنه غير مواطن”
في سوريا، يختلف الأمر قليلاً.
ترى الباحثة العابد أن سوريا كانت “الأفضل تعاملاً مع اللاجئين الفلسطينيين” و”الأكثر التزاماً” باتفاقية الدار البيضاء.
وفقاً لقانون عام 1956، يُعامل اللاجئ الفلسطيني كـ”السوري”، عدا المناصب السياسية. يقول لنا الوزير والسفير السابق مهدي دخل الله من دمشق إن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا يحملون وثيقة سفر، لكنهم يعاملون كسوريين حتى في الخارج، يضيف: “هم سوريون ولكن ليسوا مواطنين”، والسفارات السورية في كل أنحاء العالم مسؤولة عنهم.
القانون السوري الخاص الذي يتعلق بالتجنيس يقوم على شرط الإقامة المتتالية لخمس سنوات، إلا أنه وبالنسبة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فإن الموقف السياسي مرتبط في هذه الحالة الخاصة بحق العودة و”الحفاظ على الهوية الفلسطينية”، فلا يُجنّس الفلسطيني في سوريا على الرغم من إقامته هناك لفترة طويلة، وفقاً للسفير دخل الله.
بحسب القانون السوري، يتمتع اللاجئ الفلسطيني من حملة الوثيقة السورية بالعديد من الحقوق المدنية، المكفولة للمواطن السوري، كحق التملك للعقار غير المنقول، وفق ضوابط محددة، وحق تملك المنقول. كما يحق له التنقل داخل الأراضي السورية والإقامة في أيّ مكان فيها، وأيضاً يحق له الترشح لعضوية النقابات أو رئاستها هناك. وفي الأحزاب السياسية، هم أعضاء في 22 حزباً منها حزب البعث الحاكم.
دول الخليج وتجنيس اللاجئين
لنذهب إلى دول الخليج.
دول الخليج بشكل عام لم تتبنَ سياسات واضحة لتجنيس اللاجئين الفلسطينيين أو السوريين أو السودانيين، حيث يركز نظامها القانوني على الإقامة المؤقتة والعمل، دون منح حقوق المواطنة الكاملة.
هذه السياسات تعكس أولويات الحفاظ على التركيبة السكانية والثقافية، مع التركيز على برامج المساعدات الإنسانية والإغاثة بدلاً من الإدماج الدائم.
ورغم ذلك، توجد حالات فردية لتجنيس محدودة، غالباً بناءً على استثناءات خاصة أو كجزء من مبادرات لتعزيز الكفاءات.
يقول الإعلامي الكويتي غانم السليماني إنه يوجد في الكويت العديد من الفلسطينيين والسوريين الذي يعيشون ويعملون في مختلف القطاعات سواء الحكومية أو القطاع الخاص والكويت لا تتعامل معهم كـ”لاجئين” ولكن كوافدين، مثل الجنسيات الأخرى، “مع منحهم مميزات خاصة في التسهيلات والاستثناءات والتفضيل في القوانين”، إلا أن الكويت خاصةً ودول الخليج عامةً لا تمنح جنسيتها للاجئين، وإن حدث الأمر، فإنه يعتبر حالات استثنائية.
التحدي الرئيسي هنا يكمن في التوازن بين الاعتبارات الإنسانية والهوية الوطنية.
وبحسب مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، ودراسة بعنوان “أزمات اللاجئين في العالم العربي”، كانت هناك حالات محدودة قامت فيها دول خليجية بتجنيس فلسطينيين، لكنها كانت استثناءات نادرة وليست سياسة عامة.
وغالباً ما ارتبطت هذه الحالات بالظروف الخاصة، مثل الكفاءات العالية، أو الروابط العائلية، أو المساهمات المميزة في المجتمع.
ومع ذلك، فإن معظم دول الخليج امتنعت عن تجنيس الفلسطينيين بشكل واسع للحفاظ على الهوية الوطنية والتركيبة الديموغرافية، بالإضافة إلى الالتزام العربي بدعم حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وفقاً للدراسة.
بعض الدول الخليجية، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، منحت اللاجئين السوريين لديها تصاريح إقامة طويلة الأمد، خاصة لأولئك الذين يمتلكون مهارات عالية أو يستثمرون في الاقتصاد المحلي.
تعد السعودية من أكبر الدول التي استضافت اللاجئين السوريين، لكنها أيضاً لم تمنحهم الجنسية. بدلاً من ذلك، قدمت دعماً في شكل مساعدات إنسانية، فضلاً عن السماح لبعض اللاجئين بالعمل في مجالات معينة.
الكويت من جهتها تتبع سياسة مماثلة حيث تسمح للسوريين بالإقامة المؤقتة والعمل ولكن دون منحهم حقوق المواطنة.
في المجمل، تظل دول الخليج مهتمة بتقديم المساعدات الإنسانية أكثر من تبنّي سياسة تجنيس أو توطين اللاجئين.
يضيف السليماني: “تسمح الكويت والدول الخليجية بالعمل والتعليم والاعتراف بالشهادات الدراسية ومنح الحق في استكمال الدراسات العليا”.
وبحسب موسوعة المخيمات الفلسطينية، فإن الدول الخليجية تنظر إلى الفلسطيني من زاوية الوثيقة التي يحملها، “ما يلقي بظلاله في أولويات الدور والتمثيل”.
وتقول الدراسة إنه ومنذ اتفاق أوسلو “تخلّت المكاتب التمثيلية في الدول الخليجية عن أدوارها المطلوبة في تجميع الجالية وتحقيق حالة التكافل والتعاضد بينها. بل تركت مكانها لمبادرات فردية خجولة أو نشاطات تقوم بها جهات خيرية محلية”.
التجربة الألمانية
في حديث لبي بي سي، يقول مصطفى العمار، وهو سياسي ألماني في حزب CDU وعضو مجلس أمناء الحزب الحاكم ومفوض الاندماج واللجوء والهجرة من الفترة 2014-2021، إنه ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها البلاد خلال السنوات الماضية والتي أدت إلى تغيرات كثيرة في المجتمع الألماني ومنها تنامي اليمين المتطرف الرافض للهجرة، استطاعت قيادة المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أن تجعل من ألمانيا دولة “حديثة بكل المقاييس”.
يضيف العمار أنه رغم الخلافات السياسية الداخلية لكن التجربة الألمانية في التعامل مع اللجوء والاندماج والتجنيس تُعد واحدة من أبرز التجارب في أوروبا، خصوصاً مع ارتفاع أعداد اللاجئين بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.
تشمل قواعد التجنيس للاجئين في ألمانيا مدة الإقامة (بعد 8 سنوات)، شروط إتقان اللغة، الاعتماد على الذات مادياً، الالتزام بالقانون، اجتياز الاختبار للجنسية، والتنازل عن الجنسية الأصلية.
عن التجربة الألمانية مع اللاجئين السوريين يقول العمار، وهو أيضاً عضو مجلس الأمن القومي في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي إنه بين عامي 2014 و2024، “تمكّن عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين من الحصول على الجنسية الألمانية، وساعدت برامج الاندماج مثل دورات اللغة والتأهيل المهني السوريين في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.
كما يقول العمار لبي بي سي إن السوريين لعبوا دوراً إيجابياً في سدّ الفجوات بسوق العمل الألماني، خصوصاً في قطاعات مثل الرعاية الصحية والخدمات وألمانيا بحاجة إلى هجرة نظامية للكفاءات، لأن البلاد تحتاج إلى 400 ألف عامل سنوياً.
- “لا حيلة ولا قوة لنا”: اللاجئون السوريون في الأردن ولبنان و”العودة الآمنة”
- لبنان: من ملاذ للاجئين السوريين إلى بيئة معادية لهم
- اللاجئون السوريون في لبنان يواجهون كابوس الترحيل
- “آن الأوان لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم”
Powered by WPeMatico
Comments are closed.