المعارضة على مشارف حمص، وروسيا تحث رعاياها على مغادرة سوريا
تتقدم فصائل المعارضة، الجمعة، باتجاه مدينة حمص، ثالث كبرى مدن سوريا، غداة سيطرتها على مدينة حماة الواقعة شمالها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك في إطار هجوم مباغت ضد قوات الجيش السوري في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وأورد المرصد أن “هيئة تحرير الشام “والفصائل المعارضة المتحالفة معها “دخلت في الساعات الأخيرة إلى مدينتي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي، وسط غياب تام لقوات النظام”، التي قال إنها “قصفت ليلاً جسراً في الرستن لمحاولة صد تقدم الفصائل إلى مدينة حمص”.
وباتت الفصائل على بعد نحو خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص، وفق المرصد، بعد تقدمها إلى بلدتين استراتيجيتين تقعان على الطريق الذي يربطها بمدينة حماة.
ونفت وزارة الدفاع السورية انسحاب الجيش من مدينة حمص.
- مأزق إسرائيل في سوريا: بقاء الأسد بدعم إيراني أم تهديد متزايد من معارضة مسلحة؟
- كيف تغيّرت خارطة السيطرة على سوريا بعد 13 عاماً من الصراع؟
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء، الجمعة، أن السفارة الروسية لدى سوريا حثت الرعايا الروس على مغادرة البلاد على متن رحلات تجارية.
وأعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، الجمعة، إغلاق معبر جابر الحدودي المقابل لمعبر نصيب السوري وذلك بسبب الظروف الأمنية المحيطة في الجنوب السوري.
وبموجب القرار فإنه سيتم “السماح للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى أراضي المملكة، فيما ستمنع حركة المرور للمغادرين إلى الأراضي السورية”.
وقال وزير الداخلية إن الأردن يتابع التطورات الجارية في سوريا، بينما تستمر القوات المسلحة الأردنية بتأمين الحدود.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة”.
وأوضح أن “من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري”.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية، الجمعة، أن “وحدات الجيش تقصف بالمدفعية وتشن غارات جوية بمؤازرة روسيا الداعمة لها، على تجمعات الفصائل المعارضة شمال مدينة حماة وجنوبها، بعد ساعات من خروج المدينة عن سيطرة السلطات”.
وأوردت الوزارة في بيان نقلا عن مصدر عسكري “قواتنا المسلحة تستهدف بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري الروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم على ريفي حماة الشمالي والجنوبي، وتوقع في صفوفهم عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات”.
وانسحبت قوات النظام السوري وقادة مجموعات لها، الجمعة، “بشكل مفاجئ” من مدينة دير الزور في شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “انسحبت قوات النظام مع قادة مجموعات موالية بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور وريفها باتجاه المنطقة الوسطى” في سوريا.
من جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، عن “أمله في أن يتواصل تقدم مقاتلي المعارضة في سوريا من دون مشاكل”.
وقال اردوغان “إدلب وحماة وحمص وبالطبع الهدف دمشق: تقدم المعارضين متواصل، نأمل أن يستمر هذا التقدم من دون وقوع مشاكل”.
“الإطاحة بنظام بشار الأسد”
وأكّد زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، أن “هدف التحالف المعارض في سوريا، الذي ينتزع مدينة كبيرة أخرى من سيطرة الحكومة هذا الأسبوع، هو في نهاية المطاف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد”.
وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن، لم يترك الجولاني مجالاً للشك في أن “طموحات هيئة تحرير الشام لا تقل عن وضع حد لنظام الأسد”.
وفي أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلن في سوريا، تحدث عن خطط لإنشاء حكومة قائمة على المؤسسات و”مجلس يختاره الشعب”.
وأضاف الجولاني “عندما نتحدث عن الأهداف فإن هدف الثورة يبقى إسقاط هذا النظام ومن حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
“كانت بذور هزيمة النظام موجودة دائما في داخله… حاول الإيرانيون إحياء النظام، وشراء الوقت له، وبعد ذلك حاول الروس أيضاً دعمه، لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات”، وفق الجولاني.
وأعرب عن رغبته في رؤية القوات الأجنبية تغادر سوريا، وقال: “أعتقد أنه بمجرد سقوط هذا النظام، ستُحل القضية ولن تكون هناك حاجة بعد الآن لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا”.
وتابع الجولاني: “نحن نتحدث عن مشروع أكبر، نتحدث عن بناء سوريا، وهيئة تحرير الشام ليست سوى جزء من هذا الحوار، وقد تنحل في أي وقت، وهي ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لأداء مهمة: مواجهة هذا النظام”.
“قلق عراقي”
أعرب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الجمعة، عن قلق العراق البالغ إزاء التطورات الأمنية في سوريا.
وخلال استقباله وزير الخارجية السوري بسام الصباغ، أشار حسين إلى أن “العراق يتابع المستجدات في سوريا باهتمام كبير لما لها من تأثير مباشر على أمن واستقرار المنطقة”.
من جانبه، أوضح الصباغ أن القلق مشترك بين البلدين، مؤكداً أن التطورات الحالية قد تشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة ككل.
وشدد الوزيران على أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين لتفادي تكرار التجارب السابقة والعمل على حماية الأمن الإقليمي، بما يضمن استقرار المنطقة ويخدم المصالح المشتركة.
ووصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، صباح الجمعة، إلى بغداد في زيارة رسمية.
وقال مصدر لبي بي سي، إن عراقجي قدم من طهران في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، يجتمع خلاله مع نظيريه العراقي والسوري لمناقشة آخر التطورات الوضع في سوريا.
ومن المقرر أن ينعقد في بغداد في وقت لاحق الجمعة، اجتماع ثلاثي، عراقي- سوري- إيراني، لبحث تداعيات الأحداث الأمنية المتسارعة في سوريا، وتأثيراتها على المنطقة.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها، الجمعة، إن وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران سيعقدون محادثات بشأن سوريا في قطر غداً السبت.
وأعلنت جامعة الدول العربية، تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي كان مقررا انعقاده يوم الأحد المقبل بمقر الأمانة العامة للجامعة إلى موعد لاحق لبحث عدة ملفات من بينها آخر التطورات في سوريا.
على صعيد متصل، قال مصدر دبلوماسي تركي، الجمعة، إن وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا سيجتمعون في الدوحة السبت لمناقشة التقدم السريع الذي تحرزه المعارضة في سوريا.
“عاصمة الثورة”
وتقع حمص على بعد نحو 40 كيلومتراً جنوب مدينة حماة، ويلقبها ناشطون معارضون بـ”عاصمة الثورة”، وذلك بعدما “شهدت كبرى التظاهرات الشعبية المناوئة للنظام في عام 2011”.
وشهدت المدينة خلال سنوات النزاع الأولى معارك بين الفصائل المعارضة والجيش السوري الذي “تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب قوات المعارضة من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف”.
واتجهت قوات المعارضة آنذاك إلى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.
وشهدت بعض تلك الأحياء خلال سنوات النزاع الأولى تفجيرات دامية، وفي 29 أبريل/نيسان 2014، قتل مئة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان حينها، في تفجير مزدوج تبنته جبهة النصرة آنذاك (قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة واندماجها مع فصائل أخرى تحت اسم هيئة تحرير الشام) في حي ذي غالبية علوية.
نزوح 280 ألف شخص جراء القتال
أسفرت المعارك بين الفصائل المعارضة والجيش السوري عن نزوح 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني عند بدء الهجوم المباغت لهذه الفصائل في سوريا على ما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة التي تخشى أن يرتفع هذا العدد إلى 1.5 مليون.
وقال سامر عبد الجابر مدير تنسيق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي خلال مؤتمر صحافي في جنيف “الأرقام المتوافرة لدينا هي 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني، هذا العدد حُدّث مساء أمس (الخميس). ولا يشمل الأشخاص الذين فروا من لبنان خلال التصعيد الأخير في القتال بين حزب الله وإسرائيل”.
إسرائيل “لن تسمح لإيران بتزويد النظام السوري بالأسلحة”
قال موقع “واللا” الإسرائيلي الليلة الماضية نقلًا عن مصادر أمنية، إن الجيش الإسرائيلي يرصد “انهياراً أسرع من المتوقع في الخطوط الدفاعية للجيش السوري”، مما يفتح الباب أمام تغييرات جذرية في المشهد الميداني السوري.
وأكد مسؤول أمني إسرائيلي للموقع ذاته أن “سيناريو تقدم المعارضة السورية نحو دمشق أصبح أكثر احتمالاً، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلًا عن مصادر أمنية إسرائيلية أن إسرائيل “لن تسمح لإيران بتزويد النظام السوري بالأسلحة أو المقاتلين”، معتبرة أن ذلك “يهدد التوازن الإقليمي”.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن روسيا “لا تبذل كل ما في وسعها لدعم نظام الأسد، الذي وصفوه بأنه فشل في إدارة المنظومات الدفاعية والعسكرية”.
وأكدت المصادر ذاتها أن إسرائيل ستواصل منع إيران من إقامة موطئ قدم جديد في سوريا، بما في ذلك تعطيل أي محاور لنقل الأسلحة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية.
يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي أجريا تقييماً للأوضاع الليلة الماضية، في أعقاب التطورات الأخيرة في سوريا.
قصف جسر الرستن لمنع تقدم الفصائل
شن الجيش السوري غارات جوية يوم الجمعة استهدفت جسرا استراتيجيا يربط مدينة حماة التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بمدينة حمص التي يسعى النظام إلى منع خروجها عن سيطرته.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان “استهدفت طائرات حربية بغارات جوية جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة، لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص”.
وذكر المرصد أن “قوات النظام نقلت أكثر من 200 آلية عسكرية محملة بأسلحة وعتاد إلى مدينة حمص، لتعزيز مواقعها في منطقة الوعر وقرب الكليات العسكرية”.
وقد سيطرت فصائل المعارضة السورية، الخميس، على مدينة حماة، رابع أكبر مدينة في سوريا من حيث عدد السكان، بعد أيام من سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.
وأقر الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية معلنا في بيان قال فيه: “خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنودنا والمجموعات الإرهابية.. تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها”، مضيفاً: “قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”.
وقال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس في بيان متلفز، مساء الخميس، إنّ “ما حدث في مدينة حماة اليوم هو إجراء تكتيكي مؤقت، وما زالت قواتنا في محيط مدينة حماة”.
- ماذا يحدث في شمال غرب سوريا، ولماذا الآن؟
- حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات الإسلامية مع السلطة
- ماذا نعرف عن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد؟ وهل تفقد نفوذها بعد معركة حلب؟
Powered by WPeMatico
Comments are closed.