ماذا نعرف عن مجمع الشفاء الطبي في غزة الذي تحول إلى “ساحة حرب”؟

دخان متصاعد في محيط مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة وسط خيام للنازحين

Reuters
دخان متصاعد في محيط مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة

يعاني مجمع الشفاء الطبي الأقدم والأكبر في قطاع غزة أوضاعا صعبة، بعد تعرض أجزاء منه لقصف إسرائيلي خلال الأيام الماضية، ويقول أطباء يعملون فيه إنهم محاصرون مع المرضى والنازحين بداخله.

المجمع الطبي الذي يضم ثلاثة مستشفيات متخصصة ويعمل فيه نحو 25 في المئة من العاملين في المستشفيات في قطاع غزة، بات ممتلئاً بآلاف الجرحى والمرضى بطريقة تفوق طاقته الاستيعابية التي تبلغ بين 500-700 سرير، مع استمرار استقبال المزيد منهم.

وعانى المستشفى من وضع كارثي نتيجة نقص الوقود والدواء، وكثرة الجرحى، وتوافد أعداد كبيرة من المصابين، إضافة إلى الإرهاق الذي طال الكادر الطبي نتيجة العمل المتواصل.

وقال مدير مستشفى الشفاء في غزة، محمد أبو سلمية، في تصريحات لبي بي سي إن الجيش الإسرائيلي يواصل قصف الشوارع المحيطة، مع نفاد احتياطات الوقود المتبقية، مبيناً أن المستشفى سيصبح غير قادر على العمل تماما.

موقع المستشفى المحاصر

خريطة تبين مواقع المستشفيات في قطاع غزة

BBC
خريطة تبين مواقع المستشفيات في قطاع غزة

يقع مجمع الشفاء الطبي على مفترق طرق في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة في القطاع، ويطل على شارعي عز الدين القسام والوحدة، حيث يركز الجيش الإسرائيلي قصفه ومحاصرته لتلك المنطقة.

وأوضح أبو سلمية أن “العاملين يكافحون لإبقاء الأطفال حديثي الولادة على قيد الحياة بعد نفاد إمدادات الأكسجين، في وقت ينقل فيه الأطفال من حاضنات وحدة الأطفال حديثي الولادة، إلى مكان آخر من المستشفى لحمايتهم، في ظل حصار مستمر”.

وتبلغ مساحة المجمع 45 ألف متر مربع، وهو عبارة عن مجمع ضخم من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.

في الوقت الحالي، يضم المجمع ثلاثة مستشفيات هي الجراحة والأمراض الباطنية والنسائية والتوليد، بالإضافة إلى قسم الطوارئ، ووحدة العناية المركزة، والأشعة، وبنك الدم، والتخطيط وغيرها من الأقسام.

ويقدم المجمع خدمات علاجية وصحية متنوعة، وعمليات جراحية لأعداد كبيرة من السكان، وتجرى فيه عمليات جراحية متعددة، وغسيل كلى، وعدة خدمات صحية وعلاجية أخرى في قسم الطوارئ.

نشأته وتاريخه

صورة جوية تبين مجمع الشفاء الطبي وسط دخان متصاعد

Reuters
صورة جوية تبين مجمع الشفاء الطبي وسط دخان متصاعد

ويعد المجمع الطبي الحكومي التابع لوزارة الصحة الفلسطينية أكبر مؤسسة صحية تقدم خدمات طبية في قطاع غزة، وأنشأه الانتداب البريطاني عام 1946 بهدف تقديم الرعاية الطبية للمرضى.

وانتقلت إدارة مستشفى الشفاء إلى مصر لنحو 20 عاما، بعد انتهاء الانتداب البريطاني، ليتم توسيعه وزيادة قدرته الاستيعابية.

وبعد حرب عام 1967، سيطرت إسرائيل على المستشفى، وقررت إعادة بنائه ليضم غرفاً تتسع لعدد أكبر من المرضى، حيث كان عدد المستشفيات محدوداً جداً في غزة.

ومع بدء الانتفاضة الأولى (ديسمبر/كانون الأول 1987) برز دور المستشفى كنقطة مواجهة أساسية بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، فقد حدثت فيه اشتباكات خلال الانتفاضة حين اقتحمه طلاب فلسطينيون لمواجهة الجنود الإسرائيليين، إذ كان مركز تجمع للجيش، وحاول الجنود الإسرائيليون خلال الانتفاضة أخذ جثامين الشهداء الفلسطينيين من المستشفى.

المستشفى كان له دور أساسي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حيث دارت فيه أولى مواجهات الانتفاضة حيننا اقتحمه الطلاب الفلسطينيون لمواجهة الجنود الإسرائيليين الذين اتخذوه مركز تجمع للجيش.

وفي عام 1994، أدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا محدودا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.

ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز المفاجئ الذي حققته الحركة في انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.

ملجأ من القصف

خيام لإيواء العائلات النازحة في الساحة الخلفية في مجمع الشفاء الطبي

Reuters
خيام لإيواء العائلات النازحة في الساحة الخلفية في مجمع الشفاء الطبي

يؤدي المستشفى دورا أساسيا في إيواء العائلات خلال الحروب، حيث نزح إليه في حرب غزة الأخيرة أكثر من 40 ألف شخص للاحتماء من الغارات التي استهدفت منازلهم.

وتبيت العائلات في ممرات المستشفى وغرفه وساحاته، حيث يجهز المجمع خياما لإيواء العائلات النازحة في الساحة الخلفية كما حدث خلال حروب سابقة.

“الأطفال الخدج في أكبر مستشفى في غزة، يتم لفهم ببطانيات ألمنيوم ووضعهم بجوار الماء الساخن في محاولة لإبقائهم على قيد الحياة، حيث مات البعض منهم”، وفق أبو سلمية.

وتكدست عشرات الجثث، فضلا عن الجرحى في أروقة وباحة المجمع، في ظل محاصرة الجيش الإسرائيلي للمجمع.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، أن حصيلة الوفيات في مستشفى الشفاء في غزة ارتفعت إلى 27 من قسم العناية المكثفة، وسبعة أطفال خدّج منذ نهاية الأسبوع بسبب نفاد الوقود في المجمع الطبي الذي يعتبر الأكبر في قطاع غزة.

خريطة تبين مواقع المستشفيات في قطاع غزة

BBC
خريطة تبين مواقع المستشفيات في قطاع غزة

رواية إسرائيلية

يبرر الجيش الإسرائيلي قصفه لمجمع الشفاء ومحيطه بأن “حركة حماس تستخدم المجمع كغطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز القيادة والعمليات”.

وأشارت إلى أن أفرادا من سلاح المهندسين يستخدمون المتفجرات لتدمير الأنفاق في شبكة حماس الواسعة تحت الأرض.

وتحدث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صورا ورسوما بيانية وتسجيلات صوتية يقول إنها تظهر “استخدام حماس للمجمع لإخفاء مواقع قيادة ونقاط دخول إلى شبكة الأنفاق واسعة النطاق أسفل القطاع”.

وقال الجيش الإسرائيلي إن “هذه الاستراتيجية تهدف إلى عرقلة الهجمات الإسرائيلية على حماس وجعل سقوط ضحايا من المدنيين أمرا لا مفر منه عند استهداف مسلحي الحركة”.

من جهتها، نفت حماس والسلطات الصحية ومديرو مستشفى الشفاء إخفاء الحركة بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا إنهم سيرحبون بتفتيش دولي للمنشأة.

وأكدت حماس أن الأنفاق التي أشار إليها الجيش الإسرائيلي هي مخزن للوقود إضافة إلى غرفة تحت الأرض.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.