دعوات برلمانية في بريطانيا للحدّ من استخدام المهاجرين في وظائف محلية
دعت مجموعة من النواب المحافظين، رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إلى الحدّ بشكل جذريّ من تدفّق المهاجرين، محذرين من أن الفشل في هذا الصدد “ينطوي على مخاطرة بتقويض ثقة الناخبين”.
وأعلن “المحافظون الجُدد” عن خطة من 12 نقطة تستهدف خفض أعداد المهاجرين بنحو 400 ألف شخص قبل موعد الانتخابات المقبلة.
واقترحت مجموعة النواب خططا ترمي إلى إلغاء برامج كانت تُمنح بموجبها تأشيرات لعاملين في قطاع الرعاية، وإلى زيادة الحدّ الأدنى للرواتب، فضلا عن الحد من أعداد اللاجئين.
لكن منتقدين يرون أن أمثال هذه المقترحات قد يستتبع تطبيقها عواقب على اقتصاد المملكة المتحدة.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء إن الحكومة تعتقد أنها “توازن بين الإبقاء على الحدّ من أعداد الوافدين إليها قدر الإمكان، مع الحفاظ في الوقت نفسه على توفير عاملين في قطاعات أساسية”.
وشهد تعداد سُكان المملكة المتحدة في العام الماضي نموا بأكثر من 600 ألف نسمة، بحسب آخر بيانات مكتب الإحصاء الوطني.
بريطانيا لا تعاني من الركود بحسب بيانات جديدة
بريطانيا تتعهد بوضع حد لظاهرة قوارب المهاجرين
وعزى مكتب الإحصاء جزءا كبيرا من ذلك النمو في عدد السكان إلى زيادة أعداد الوافدين إلى المملكة من خارج الاتحاد الأوروبي.
ولفت مكتب الإحصاء إلى أن هؤلاء الوافدين معظمهم دخلوا بريطانيا عبر تأشيرات للدراسة أو للعمل، فضلا عن لاجئين فارّين من مناطق صراع واضطهاد، سواء في أوكرانيا أو هونغ كونغ.
وتمثل هذه الزيادة الحادة تحديا سياسيا كبيرا أمام ريشي سوناك على رأس حزب المحافظين، الذي تعهّدت قياداته منذ الوصول إلى السلطة في بريطانيا في عام 2010 بخفض أعداد المهاجرين.
والتزم البيان الرسمي لحزب المحافظين في عام 2019 بالحد من أعداد المهاجرين، دون تحديد رقم بعينه.
وكان رئيس الوزراء المحافظ السابق ديفيد كاميرون قد تعهّد ذات مرّة بخفض أعداد المهاجرين الوافدين إلى بريطانيا إلى ما دون 100 ألف مهاجر.
وفي بيان صدر يوم الاثنين، قال المحافظون الجُدد إن الشعب البريطاني “لم يصوّت من أجل الهجرة الجماعية والأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تجلبها”.
وجاء في البيان: “دونما إجراء سريع للسيطرة على أعداد المهاجرين، ستتقوض ثقة مئات الآلاف من الناخبين الذين أعطوا أصواتهم للحزب في عام 2019”.
وكتب البيان النائب توم هانت، مدعوما بمجموعة من جناح اليمين في حزب المحافظين، بينهم نائب رئيس الحزب لي أندرسون، والنائبة ميريام كيتس، والنائب جيمس دالي.
وفي مستهل البيان، أصرّ هانت وكيتس ودالي على تأكيد ولائهم لرئيس الوزراء، لكنهم يرون أنه ينبغي على حكومته أن تتخذ المزيد من الخطوات على صعيد الحدّ من تدفّق المهاجرين.
وتمثلت إحدى توصيات البيان في إلغاء البرامج الراهنة التي تمنح الأهلية للعُمال الذين يحملون تأشيرات سفر للعمل في مجال الرعاية.
ويقول البيان إن هذه التوصيات المقترحة ستحدّ من عدد التأشيرات الممنوحة بنحو 117 ألف تأشيرة، ما سيؤدي بدوره إلى خفض في أعداد الوافدين إلى المملكة المتحدة بنحو 82 ألف مهاجر على المدى الطويل.
وتسمح هذه التوصيات، في جزء منها، للعمالة الماهرة فقط، تلك التي يتحصّل أفرادها سنويا على 38 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل 48,239 دولارا) كحدّ أدنى، بدخول المملكة المتحدة.
الهجرة: ما التحديات التي تمنع المهاجرين من الحصول على وظائف مناسبة لمؤهلاتهم؟
الهجرة غير الشرعية: إنقاذ مئات المهاجرين من الغرق قبالة سواحل جزر الكناري الإسبانية
وقال بيان لمؤسسة سكيلز فور كير الخيرية في بريطانيا، إن عدد الوظائف الشاغرة في قطاع الرعاية الاجتماعية سجّل مستوى قياسيا في الارتفاع، عند 165 ألف وظيفة شاغرة في الفترة ما بين عامَي 2021 و2022.
وقال سام موناغان، رئيس منظمة ميثوديست هومز الخيرية في إنجلترا، إن عدم القدرة على استقدام عاملين في قطاع الرعاية من الخارج من شأنه أن يضع مزيدا من الضغوط على هذا القطاع.
ورأى موناغان أن “قطع الطريق على تزويد قطاع الرعاية بعاملين، في وقت ينتظر فيه 500 ألف شخص في عموم البلاد الحصول على رعاية، ليس هو الحل”.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء، إن الحكومة لا تخطط لشطب عُمال الرعاية من قائمة المهن المطلوبة.
وأضاف المتحدث بأن الحكومة “تستغل المرونة التي يتّسم بها نظام الهجرة في بريطانيا لضمان تأمين ما يكفي من العاملين في القطاعات الرئيسية”، كما تتطلع الحكومة إلى “دعم أعداد العاملين المحليين في قطاع الرعاية الموجودين”.
وقالت النائبة ميريام كيتس لبي بي سي، إن المملكة المتحدة تحتاج إلى الحد من العمالة الرخيصة الوافدة، وتشجيع العمالة البريطانية لشغل الوظائف الشاغرة في قطاع الرعاية.
ورأت ميريام أن إلغاء برامج منح التأشيرات الراهنة لعاملين في قطاع الرعاية، كفيل بإرغام “أرباب الأعمال للنظر في توظيف شباب محليين”.
وشددت النائبة المحافظة بالقول: “لن نتمكن أبدا من تحقيق ذلك إلا بإغلاق مسار الهجرة أولا”.
وقالت مادلين سامبشن، مديرة مرصد الهجرة في جامعة أكسفورد، إن “محاولة التنبؤ بأثر تغييرات فردية في سياسةٍ ما على الهجرة هي مسألة بالغة الصعوبة”.
ولفتت مادلين إلى أن سياسة الهجرة كانت “خيارا سياسيا” ولم يكن ثمة “سبب اضطرت معه المملكة المتحدة ألا تتخذ خيارا أكثر تقييدا”.
ووصفت مادلين بعض مقترحات النواب المحافظين بأنها “غريبة بعض الشيء”.
Comments are closed.