تيتان: الرئيس التنفيذي للشركة المشغلة للغواصة تجاهل تحذيرات تتعلق بإجراءات السلامة
أظهرت رسائل بريد إلكتروني متبادلة بين شركة “أوشن غيت” وأخصائي بارز في استكشاف أعماق البحار أن التحذيرات بشأن السلامة على متن الغواصة “تيتان” التابعة للشركة تم تجاهلها مراراً من قبل الرئيس التنفيذي للشركة.
وفي الرسائل التي اطلعت عليها البي بي سي، أبلغ الأخصائي روب ماكالوم الرئيس التنفيذي لشركة “اوشن غيت” ستوكتون روش بأنه يعرض زبائنه بشكل محتمل للخطر وحثه على وقف استخدام الغواصة إلى أن تخضع للفحص والتقييم من قبل هيئة مستقلة.
ورد روش عليه بالقول إنه “تعب من اللاعبين في هذا المجال الذين يحاولون استخدام الجدل بشأن السلامة من أجل وقف الابتكار”.
وقال ماكالوم إن الرسائل المتوترة توقفت بعد أن هدد محامو شركة “أوشن غيت” باتخاذ إجراء قضائي.
وكتب لرئيس شركة “أوشن غيت” في مارس/ آذار رسالة قال فيها: “أعتقد أنك تضع بشكل محتمل نفسك والعملاء في وضع خطر. وفي سباقك للوصول إلى سفينة تيتانيك فإنك تكرر تلك الصيحة الشهيرة التي كانت تقول: إنها غير قابلة للغرق.”
وفي الرسائل، عبّر روش، الذي كان من بين الركاب الخمسة الذين قضوا عندما عانت الغواصة تيتان مما يعتقد المسؤولون أنه “انفجار كارثي” وقع الأحد، عن إحباطه من الانتقادات الموجهة لإجراءات السلامة على متن الغواصة تيتان.
وكتب يقول: “لقد سمعنا الصيحات التي لا أساس لها التي تقول بأنك ستقتل أحدهم كثيراً جداً. وأنا أعتبر ذلك إهانة شخصية جدية.”
وأبلغ ماكالوم البي بي سي بأنه دعا الشركة كراراً إلى السعي للحصول على شهادة للغواصة تيتان قبل استخدامها في رحلات تجارية. لكن الغواصة لم تحصل على شهادة أو تصنيف أبداً.
وكتب ماكالوم في إحدى رسائل البريد الإلكتروني قائلاً: “إلى أن يتم تصنيف الغواصة واختبارها وتجربتها يجب أن لا تستخدم لعمليات الغوص العميق التجارية”
وأضاف “أتوسل إليك أن تولي الاهتمام في عملية الاختبار والتجارب في البحر وأن تكون متحفظاً للغاية. وبقدر ما أقدر الريادة في الأعمال والابتكار، فإنك تعرض بشكل محتمل صناعة برمتها للخطر.”
وفي رده على الرسالة بعد بضعة أيام، دافع روش عن نشاط أعماله وأوراق اعتماده.
وقال إن “نهج” أوشن غيت “الهندسي المركز والخلاق يتحدى عقيدة الغطس التقليدية، ولكن تلك هي طبيعة الابتكار”.
وعلى امتداد تلك الرسائل، دافع روش عن أوراق اعتماده وشكك في إطار العمل القائم حول رحلات استكشاف أعماق البحار.
وقال إن “اللاعبين في الصناعة” يحاولون منع “القادمين الجدد من دخول سوقهم الصغيرة القائمة”.
وكتب يقول: “أنا مؤهل بشكل جيد لاستيعاب المخاطر والمشاكل المرتبطة باستكشاف أعماق البحر في مركبة جديدة.”
ثم رد عليه ماكالوم بعبارات صارخة قائلاً: “ستكون التجارب البحرية هي التي ستقرر ما إذا كانت الغواصة ستتحمل ما تنوي فعله بها، لذا مرة أخرى أقول لك اعتني بنفسك وحافظ على سلامتك.”
وقال: “إن ما يتوقف على هذه الرحلة هو أكثر من تيتان وتيتانك”.
وكان روش قد أسس شركة “أوشن غيت” في 2009 وقدمت الشركة لزبائنها فرصة لتجربة السفر في أعماق البحار، بما في ذلك الوصول إلى حطام السفينة “تيتانك” على متن الغواصة تيتان مقابل مبلغ 250,000 دولار.
ولم تعلق الشركة على الرسائل التي تم تبادلها.
قالت شركة أوشن غيت، التي أدارت رحلة الغوص الخاصة بالغواصة تيتان، إن الأشخاص الخمسة الذين لقوا حتفهم على متنها كانوا “مستكشفين حقيقيين”.
وقالت شركة “أوشن غيت” في بيان إن هؤلاء الرجال “يتشاركون روح المغامرة المميزة”.
وتوفي الخمسة من جراء ما يعتقد خفر السواحل الأمريكي أنه “انفجار داخلي كارثي”.
وعُثر على أجزاء من الغواصة يوم الخميس، على بعد حوالي 1600 قدم (487 متراً) من مقدمة حطام سفينة تيتانيك. وكانت الغواصة قد اختفت يوم الأحد.
وكان من بين الرجال الذين كانوا على متن الغواصة ستوكتون راش، الرئيس التنفيذي لشركة أوشن غيت، البالغ من العمر 61 عاما، ورجل الأعمال البريطاني الباكستاني شهزاده داود (48 عاما) وابنه سليمان (19 عاما) ورجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينغ (58 عاما).
وكان الرجل الخامس على متن السفينة هو بول هنري نارجوليه، وكان غواصا سابقا في البحرية الفرنسية يبلغ من العمر 77 عاما، ومستكشفا مشهورا.
وفي مؤتمر صحفي يوم الخميس، قال الأدميرال جون ماوجر من خفر السواحل الأمريكي إن الحطام يعتقد أنه يعود للغواصة تيتان.
ومن غير الواضح ما الذي أدى إلى تدمير الغواصة، ولكن تبين أن البحرية الأمريكية ربما سمعت أنها تنفجر.
وقال مسؤول في البحرية لشبكة سي بي إس نيوز إنه تم اكتشاف “شذوذ صوتي يتوافق مع الانفجار الداخلي” بعد وقت قصير من فقدان الغواصة الاتصال بالسطح.
وأدى اختفاء السفينة إلى بحث دولي واسع النطاق شاركت فيه فرق أمريكية وكندية وبريطانية وفرنسية.
وقالت أوشن غيت إنها تقدر “التزامهم بالعثور على هؤلاء المستكشفين الخمسة، والعمل الدؤوب الذي أمضوا فيه عدة أيام وليالٍ لدعم طاقمنا وعائلاتهم”.
وقالت عائلة هاردينغ في بيان صادر عن شركة آكشن آفييشن التي كان يملكها: “لقد كان مستكشفا شغوفا – مهما كان مجال الاستكشاف – وعاش حياته من أجل عائلته وعمله والمغامرة التالية”. كما وصفته العائلة بأنه كان “فريدا من نوعه”.
وشكر بيان صادر عن عائلة داود طواقم الإنقاذ، وقالت العائلة إنها “غارقة في الحب والدعم الذي تلقته وهي ممتنة لأولئك الذين أظهروا أفضل ما في الإنسانية”.
وقالت عظمة داوود لشبكة إن بي سي نيوز إن ابن أخيها سليمان كان “مرعوبا” قبل الذهاب إلى الرحلة، لكنه تحمل مشقة الرحلة لأنه كان حريصا على إرضاء والده.
وقالت: “أشعر بعدم التصديق. إنه موقف غير واقعي”.
وقال خبير الغوص ديفيد ميرنز إنه فقد صديقين، هما هاردينغ ونارجوليه، “بطريقة مروعة للغاية”.
وقال ميرنز: “كان هاميش هاردينغ شخصية رائعة”، مضيفا أن نارجوليه كان “أسطورة تقريبا” في مجال استكشاف أعماق البحار.
وأشادت عائلة نارجوليه بحبه لسفينة تيتانيك، مضيفة: “لكن أكثر ما سنتذكره هو قلبه الكبير، وروح الدعابة المذهل ومدى حبه لعائلته”.
وقال ابن زوجة نارجوليه إن “بيته بعيد عن المنزل، لقد كان المحيط”.
وقال لشبكة سي بي إس نيوز إن زوج والدته زار حطام سفينة تيتانيك أكثر من 30 مرة، وأضاف: “تيتانيك تعني الكثير بالنسبة له، كل قطعة أثرية أحضرها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، تعني الكثير بالنسبة له”.
كما قدم التعازي ريتشارد غاريو دي كايو، رئيس نادي المستكشفين ومقره الولايات المتحدة، والذي كان هاردينغ ونارجوليه عضوين فيه.
وقال في بيان إن المنظمة “حزينة”، وإن ذكريات الرجلين “ستكون نعمة وستظل مصدر إلهام لنا باسم العلم والاستكشاف”.
كيف عُثر على الحطام؟
وتم تحديد موقع الحطام بواسطة مركبة بحث تحت الماء يتم التحكم فيها عن بعد.
وتم اكتشاف قطع منفصلة سمحت للسلطات بتأكيد أنها جاءت من تيتان، بما في ذلك مخروط الذيل.
وقال الأدميرال ماوجر إنه ليس لديه إجابة حول ما إذا كان من المرجح انتشال جثث الرجال الخمسة الذين كانوا على متن الطائرة.
وقال: “هذه بيئة قاسية بشكل لا يصدق هناك في قاع البحر”.
وأضاف الأدميرال ماوجر أن مركبة البحث تحت الماء التي يتم التحكم فيها عن بعد ستبقى في المنطقة مع استمرار التحقيق في ما حدث، ولكن سيتم إرسال أفراد البحث – بما في ذلك الخبراء الطبيين والفنيين – إلى منازلهم خلال الساعات الـ24 القادمة.
وقال خبراء لبي بي سي إن جمع وتحليل الحطام، وبخاصة ألياف الكربون التي صنع منها الهيكل الرئيسي، قد يلقي بعض الضوء على سبب الكارثة.
Comments are closed.