مدارس بريطانية تطالب بمراجعة إجراءات التفتيش بعد انتحار مديرة مدرسة عقب تخفيض تقييمها
قال مديرو أكثر من 200 مدرسة في إنجلترا إنه يتعين على الهيئة البريطانية للرقابة على التعليم في المدارس(أوفستيد)، إعادة التفكير في كيفية إجراء عمليات التفتيش على المدارس.
وقال المديرون التنفيذيون الاثنا عشر إنهم قلقون من تطبيق معايير عصر ما قبل فيروس كورونا على المدارس.
وقالت هيئة الرقابة على المدارس إنها تهدف إلى إجراء عمليات التفتيش بحساسية واحترافية.
يأتي ذلك بعد أن انتحرت مديرة إحدى المدارس وتدعى روث بيري.
وقبل وفاة بيري، قيل لها إنه سيتم تخفيض تصنيف أداء مدرسة كافرشام الابتدائية في ريدينغ من ممتاز إلى غير كفؤ.
وقالت عائلتها إن وفاتها كانت “نتيجة مباشرة للضغط” الذي سببه تفتيش المدرسة.
‘أصبحت ظلا لنفسي السابقة’
وقد أخبرني المدراء التنفيذيون الذين يديرون 242 مدرسة أكاديمية في إنجلترا، أن عمليات التفتيش غالبًا ما تستنزف مديري المدارس.
وقد اتصل كالفن هنري، مدير إحدى المدارس، ببي بي سي بعد أن قرأ عن وفاة بيري، ليصف تجربته “المهينة” في أوفستيد التي جعلته يشعر أن “كل روح في كينونته قد تآكلت”.
وقد انخفض تصنيف أداء المدرسة التي يديرها كالفن هنري، وهي مدرسة سانت ماري في كنيسة إنجلترا الابتدائية بهورنسي، من جيد إلى غير كفؤ، وعاد إلى جيد في غضون بضعة أشهر.
وقد أثر هذا التصنيف الأول وكذلك الاستئناف عليه، على هنري تأثيرا وصفه بأنه جعله “ظلا لنفسه السابقة”.
وقد تم تخفيض أداء المدرسة التي يديرها كالفن هنري، الذي لديه خبرة 17 عاما في إدارة المدارس الناجحة في أحياء لندن الداخلية، بعد يومين من التفتيش في شهر مارس/آذار عام 2023، وهو الأمر الذي سلط الضوء على مخاوف من أن التنمر الشفهي والجسدي أصبحا “أمريين شائعين”.
وسلط مفتشون الضوء على استخدام التلاميذ الأكبر سنا، لغة عنصرية ومفردات لغوية تحث على كراهية المثليين، وكذلك استخدام لغة ذات إيحاءات جنسية داخل فناء المدرسة الابتدائية. وكما حدث مع المدرسة التي تديرها الراحلة روث بيري، أثار المفتشون مخاوف بشأن الاحتفاظ بالسجلات المتعلقة بقضايا الحفاظ على سلامة الأطفال.
وقد تعرضت هيئة “أوفستيد” لانتقادات خلال السنوات الأخيرة، لأنها لم تعط اهتماما كافيا لقضايا الحماية، بعد مخاوف بشأن السلوك الجنسي في المدارس.
وقدم كالفن هنري طعنا رسميا، على تصنيف أوفستيد، بدعم من مديري المدارس وإبراشيات الكنائس.
وخلال تلك الأشهر، لم يتمكن هنري من مناقشة نتيجة تفتيش أوفستيد مع موظفيه. وعلى الرغم من جهوده، نُشر التقرير السيء في أواخر سبتمبر/أيلول، تاركا مسار هنري الوظيفي “في حالة من الدمار”.
وقال هنري: “لم أشعر بالفشل فحسب، بل شعرت أنني تسببت، بالفعل، في انهيار مدرستي. لم أنم. كنت دوما قلقا. لقد فقدت ثقتي في نفسي، وخسرت تقديري لذاتي”.
وأضاف هنري أن دعم أصدقائه المقربين وعائلته وزوجته ساعده على الاستمرار. ووفقا لأحدث بيانات أصدرتها هيئة أفستيد حول آراء أولياء الأمور، أوصى 94 في المئة منهم بتعليم الأطفال في مدرسة سانت ماري، وقال 77 في المئة إن أبناءهم سعداء.
- التعليم في بريطانيا: زعيم المعارضة يعد بإلغاء الامتحانات بالمرحلة الابتدائية لو تولى السلطة
- مدارس يهودية في بريطانيا لا يجيد تلاميذها القراءة أو الكتابة بالإنجليزية – التايمز
وقالت ولية أمر تدعى جيس سوندي، إن تصنيف أداء المدرسة، في شهر سبتمبر/أيلول بأنه غير كفؤ “أشاع جوا من الصدمة في أنحاء المدرسة”.
لكن بعد ذلك بأسابيع، في مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني، أعطى فريق مختلف من المفتشين تصنيفا بدرجة جيد بشكل عام، لأداء مدرسة سانت ماري وكذلك درجة جيد في كل فئة على حدة. وبقراءة التقريرين، الأول والثاني، يُبديان وكأنهما يصفان مدرستين مختلفتين تماما. يقول التقرير الثاني إن هناك بعض التحسن، منذ التفتيش السابق.
ويُظهر تحليل بي بي سي لنتائج تفتيش هيئة أفستيد منذ سبتمبر/أيلول عام 2018، أن تجربة هنري نادرة. وتم تخفيض تصنيف أداء 16 مدرسة من جيد أو ممتاز إلى غير كفؤ، لكن التصنيف تحسن مرة أخرى في غضون عامين.
لكن عددا من المديرين التنفيذيين للمدارس في جميع أنحاء إنجلترا، الذين نادرا ما يتحدثون ضد الحكومة، أخبروني بشكل غير رسمي أن عمليات التفتيش بحاجة إلى التغيير.
وعلى الرغم من أن أيا منهم لم يُبدِ اعتراضه ضد عمليات التفتيش على المدارس، إلا أنهم قالوا إن احتمالية زيارات “أوفستيد” ستجعل المدارس على “حد السكين”، ومن الممكن أن تؤدي إلى سوء تفاهم بين الهيئة وبين المجتمعات الفقيرة والمدارس التي تقدم الخدمات لتلك المجتمعات .
وقال واين نوري، الرئيس التنفيذي لـصندوق أكاديمية غرينوود في نوتنغهام، إن مجموعة المعايير الحالية المستخدمة والتي يتم على أساساها الحكم على تصنيف أداء المدارس، “لا تفي بالغرض المطلوب” و”لا تتطابق مع الواقع في المدارس في الوقت الحالي”.
كما أخبرني نوري أن أزمة غلاء المعيشة والاضطراب الذي أحدثه فيروس كورونا في التعليم ضغطا على المدارس، وأن أولئك الذين يعيشون في مناطق فقيرة، هم الأكثر تضررا. فضلا عن ذلك، يحكم المفتشون على أداء المدرسة وفق “نقاط محددة” يقول إنها لا تضع في الحسبان هذه الضغوط الإضافية.
وأضاف نوري: “لقد تغير أطفالنا، واضطرت مدارسنا إلى التغيير للتكيف (معهم)، لكن هيئة أوفستيد لم تغير النقاط التي يُقيم ،على أساساها، أداء المدارس”.
ويقول هنري إنه سيستقيل من التدريس هذا الصيف عن عمر 54 عاما، بعدما تعرض “لأكثر التجارب إهانةً، ويتمنى أن يُلغى نظام التصنيف ذي الكلمة الواحدة التي تتبعه هيئة أوفستيد والذي وصفه “بالوحشي والمدمر”.
وقالت رئيسة هيئة أوفستيد، أماندا سبيلمان، إنه من “المشروع” مناقشة التغييرات في درجات التقييم المكونة من كلمة واحدة، حيث ستُمنح المدرسة تقييما كليا، يوضح عما إذا كان أداؤها ممتازا أو جيدا أو يتطلب التحسين أو غير كفؤ.
لكنها أضافت أن النظام يعطي أولياء الأمور “ملخصا بسيطا متاحا عن نقاط القوة والضعف في المدرسة”، وتستخدمه الحكومة لتحديد المدارس متعثرة الأداء.
وقالت سبيلمان، التي من المقرر أن تترك منصبها نهاية هذا العام: “هدفنا هو رفع مستويات المعايير، بحيث يحصل جميع الأطفال على تعليم جيد”. لكنها أضافت أنه” بلا شك من الصعب أن تكون مديرا لمدرسة”.
Comments are closed.