مواقع التواصل: استراتيجية عربية جديدة لتنظيم المحتوى الرقمي
يعمل الأردن مع دول عربية أخرى لإعداد استراتيجية لتنظيم محتوى وسائل التواصل الاجتماعي لحماية المستخدمين من المحتوى الضار وغير القانوني، مقدماً مشروع قانون استجابةً لتكليفه من مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته الثانية والخمسين والتي عقدت في القاهرة في سبتمبر/ أيلول من عام 2022.
تحدّث وزير الإعلام والاتصال الحكومي الأردني فيصل الشبول لـبي بي سي قائلاً إن الاستراتيجية تأتي ضمن سياق قوانين “استرشادية” تعتمد على أفضل الممارسات والقوانين الدولية مثل قانون الخدمات الرقمية الأوروبي الموحّد DSA بهدف تنظيم عمل منصات البث الرقمي والتعامل مع الضرائب الرقمية ومواجهة الأخبار الكاذبة والمضللة والإباحية واستغلال الأطفال والحد من خطاب الكراهية .
“عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العرب يتراوح ما بين 170 إلى 175 مليون مشترك. مشروع القانون هذا يقوم على مراقبة المحتوى على الإنترنت من خلال احترام الثقافة والقضايا العربية والحد من خطاب الكراهية ووقف الاعتداء على الخصوصية، هذا العدد يجعلنا قوة تفاوضية كبيرة لضمان تنفيذ هذه الاستراتيجية”، كما قال الوزير.
طالب الأردن من خلال هذه الاستراتيجية المُكلّفة له، الحد من انتشار الأخبار الكاذبة والمزيفة وحملات التضليل وحملات التأثير في العمليات الانتخابية الديمقراطية ونشر الوثائق المزورة وتأسيس المنظمات الإجرامية والإرهابية والمتطرفة وانتهاك الخصوصية عبر تصوير ونشر أفراد والمحتوى الإباحي واستغلال الأطفال جنسياً.
ماذا يندرج تحت “خطاب الكراهية” بحسب مشروع القانون؟
الاستراتيجية التي اقترحها الأردن تُدرج ما يلي تحت “خطاب الكراهية”: الإساءة إلى الحضارة العربية والإسلامية والإساءة إلى جميع العقائد والأديان والأقليات وإثارة النعرات المذهبية أو العنصرية وربط الإرهاب بالعرب والمسلمين والترويج للإسلاموفوبيا والحض على الإرهاب والجريمة والعنف والتطرف، والتحريض العلني على ارتكاب الجرائم.
ويتضمن مشروع القانون حماية المحتوى العربي والفلسطيني من الحجب بشكل خاص الذي يقول الأردن إنه تعرّض “للتضييق والحذف خلال موجات التصعيد”في القدس وغزة والضفة الغربية المحتلة.
حجب المحتوى الفلسطيني
كشفت مؤسسة بي آر إس المستقلة عن تضييق على المحتوى الرقمي وأن “الأفعال التي اتخذتها ميتا في مايو/أيار 2021 كان لها تأثير سلبي على حقوق الإنسان بالنسبة للمستخدمين الفلسطينيين”. وأضاف التقرير أن ذلك أثر بالسلب على “قدرة الفلسطينيين على مشاركة المعلومات والرؤى بشأن تجاربهم عند حدوثها”.
كما أشارت بيانات أجراها مركز صدى سوشال لرصد المحتوى الرقمي أنه وخلال عام 2022، تم رصد 1230 ضد المحتوى الفلسطيني على منصات ميتا – واتساب وفيسبوك وانستغرام – كما وحُذفت منشورات من حسابات فلسطينية على تيك توك وساوندكلاود ويوتيوب بالإضافة إلى كلوب هاوس، كما تقول لنا نداء البسومي من مركز صدى لرصد المحتوى الرقمي.
“مع التصعيد على أرض الواقع في الضفة الغربية المحتلة والقدس وغزة، رصدنا تصعيداً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي من حذف أخبار تُنشر من قبل نشطاء وإغلاق حسابات لنشطاء وإعلاميين فلسطينيين، ومنذ بداية هذا العام، رصدنار أكثر من 50 منشوراًومقالاً تحريضياً على منصات الإعلام العبرية ضد الفلسطينيين لم تُحذف إلى الآن، هذا يعكس انحيازاً واضحاً ضد المحتوى الفلسطيني”، تقول البسومي.
من جانبها، قالت شركة ميتا في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي إنها “تراجع سياساتها” بشأن العنف والتحريض وطريقة تعاملها مع الحوارات السياسية على منصاتها وماذا يُمكنها القيام به حيال المحتوى الذي يشجّع على العنف ضد أيٍّ من الطرفين.
ويُذكر أن الشركة المالكة لفيسبوك وانستغرام وواتساب بدأت خاصية لتصنيف ما تسميه بـ”المحتوى العدائي” الذي يُنشر باللغة العبرية وتبحث تطوير طرق تعاملها مع المحتوى باللغة العربية ومراجعته بشكلٍ دائم.
من الناحية التقنية، ما فعالية الاستراتيجية؟
الخبير التقني أيمن صالح من القاهرة قال إنها ليست المرة الأولى التي يقدّم بلد عربي خطة لمراقبة المحتوى الإلكتروني، مضيفاً: “المراقبة تحصل في كل بلد ولكنها تختلف من دولة إلى أخرى بحسب المرجعية القانونية للدولة التي تقوم بالمراقبة. الطريقة الأسهل برأيي الشخصي هي تدريب المستخدمين على أفضل طريقة لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والاتفاق على تعريف واحد لكل من المصطلحات في أي قانون: فمثلاً، كيف تُعرّف الدولة الإرهاب؟ هل الإرهاب في مصر هو ذاته الإرهاب في تونس؟ وهل هو نفسه في العراق؟ الفكرة أنه من الطبيعي أن تتم مراقبة الإنترنت ولكن يبقى الإطار القانوني: هناك خوارزميات مهمتها هي تسهيل هذه المهمة وهناك خوارزميات تقلل من انتشار أفكار سياسية معيّنة وهو أمر طبيعي، وهو موجود طالما لا يكون هناك أي مقاومة من الجهة المُرسلة.”
وتحدّد الاستراتيجية العقوبات التي يرتبها القانون على وسائل التواصل الاجتماعي المخالفة وتشمل غرامة مالية تتراوح بين 100 ألف دولار و2 مليون دولار أو 6 % من إجمالي عائدات وسيلة التواصل الاجتماعي أيهما أعلى، والحجب المؤقت إلى حين تصويب المخالفات. وفي يونيو/ حزيران المقبل من هذا العام، ستتم مناقشة هذا القانون في دورته القادمة وفي حال تبنّي هذه الاستراتيجية واعتمادها، سيتم تكليف فريق فني يتفاوض مع شركات الإعلام الدولية حول تنظيم المحتوى الرقمي في المنطقة العربية.
إقرأ أيضاً:
- كيف تسبب مواقع التواصل الاجتماعي “ضررا” للصحة العقلية للمراهقين؟
- كيف تروج وسائل التواصل الاجتماعي للإساءة للمرأة؟
- كيف نحمي صغار مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي؟
Comments are closed.