الآثار الفرعونية: دراسة علمية تكشف طبيعة المواد المستخدمة في التحنيط عند قدماء المصريين
توصل بحث نشر في دورية “نيتشر” العلمية المتخصصة إلى طبيعة المواد المستخدمة في عملية التحنيط عند قدماء المصريين، وذلك من خلال كتابات باللغة الهيروغليفية على الأواني الفخارية التي كانت تستخدم في عملية التحنيط.
وأشار البحث إلى أن فريق ألماني بالتعاون مع المركز القومي للبحوث في مصر درس مواد عضوية وكيميائية اكتشفت عام 2018 داخل إحدى مقابر العصر الصاوي (600 سنة ق.م.) في منطقة سقارة جنوبي الجيزة.
وعثر الفريق على عدد كبير من الأواني الفخارية مختلفة الأنواع، وتم اختيار 31 منها لتحليل المُركبات التي بداخلها منذ آلاف السنين.
بقايا مواد عضوية في ورش التحنيط
ويقول مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، في بيان صدر عن وزارة السياحة والآثار المصرية الخميس إن بعثة الآثار الألمانية عثرت خلال أعمالها على أسماء البقايا العضوية المُستخدمة في عملية التحنيط، مكتوبة باللغة المصرية القديمة على سطح الأواني الفخارية، بالإضافة إلى أسماء الأعضاء وأجزاء جسد المتوفى التي استخدمت بها تلك المواد العضوية أثناء مراحل عملية التحنيط.
وقام فريق العمل من المتخصصين والباحثين بدراسة وتحليل البقايا العضوية الموجودة بالأواني المكتشفة من الورشة والتوصل إلى خصائصها الكيميائية.
وتمكنوا عن طريق معرفة المواد التي استخدمها المصري القديم في حفظ الجسد البشرى من معرفة بعض خصائص مواد التحنيط، ولأول مرة وفقا للبحث العلمي الأخير تجتمع ثلاثة معلومات مهمة عن عملية التحنيط في مكان واحد وهي المادة المستخدمة نفسها واسمها باللغة المصرية القديمة ومكان استخدامها في جسد المومياء.
الزيت المقدس
وفي حديثة لبي بي سي، يقول دكتور محمد إبراهيم، عضو الفريق البحثي التابع للمركز القومي للبحوث، إنه لأول مرة تكتشف أواني التحنيط سليمة وكُتب على كل إناء كلمة. وعمل الفريق البحثي على مطابقة الاسم المكتوب من الخارج بالمواد الكيميائية الداخلية.
وأضاف إبراهيم أنه أزيلت الطبقة الخارجية التي تعرضت لعوامل التعرية ثم استخلصت المواد الداخلية عن طريق مذيبات عضوية.
ونقلت دورية “نيتشر” العلمية عن سوزانا بيك، عضو الفريق البحثي الألماني، أن الدراسة تمت عن طريق استخدام تقنية “كروماتوغرافيا الغاز”، وجهاز قياس الطيف الكتلي للمواد المكتشفة، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه التقنية لتحليل بقايا مواد عضوية مكتشفة داخل إحدى المقابر الأثرية المصرية القديمة.
وكشف البحث عن استخدام بعض الزيوت العضوية والدهون الحيوانية وعصارات بعض النباتات في عملية التحنيط الدقيقة.
ويقول المجلس الأعلى للآثار إن هذا الكشف له أهمية خاصة لأنه يكشف للمرة الأولى أسماء المواد العضوية والكيميائية التي كانت تستخدم في التحنيط، وبعضها لم يكن معروفا حتى الآن.
ويضيف إبراهيم أن الزيت المقدس مثلا لم يكن معروفا خصائصه في الحفريات ولكن هذا البحث استطاع أن يكتشف أنه دهن حيوان.
المادة الغامضة
وتقول الباحثة الألمانية سوزانا بيك إن مادة “عنتيو” التي جاء ذكرها بكثرة في وصف عمليات التحنيط، كان يتم ترجمتها على أنها مادة الصمغ العطري، غير أن نتائج الدراسة العلمية الحديثة أظهرت أنها عبارة عن خليط من زيت خشب الأرز وزيت العرعر أو شجر “السرو”، مع إضافة بعض الدهون الحيوانية.
ووفقا للمجلس الأعلى للآثار، فإن الكشف العلمي الجديد يظهر وجود تواصل وتبادل تجاري بين الدولة المصرية القديمة والعديد من الأقاليم الخارجية مثل منطقة البحر المتوسط، والغابات الاستوائية المطيرة في أفريقيا، ومنطقة جنوب شرق آسيا، والتي كانت تستورد منها مواد التحنيط المختلفة، حيث إن بعضها لم يكن موجودا في البيئة المصرية.
ويقول مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار، إن الكشف العلمي الجديد يساهم في إعادة قراءة النصوص المألوفة عن التحنيط عند قدماء المصريين.
وأوضح محمد إبراهيم، عضو المركز القومي للبحوث، أن الفريق البحثي المشترك بين مصر وألمانيا سوف يواصل دراسة تأثير المواد الكيميائية والعضوية المكتشفة داخل أجزاء المومياوات على أنسجة الجسم، وهو ما قد يؤدي إلى التعرف على أسباب حفظ الجثامين التي تم تحنيطها لآلاف السنين.
Comments are closed.