جورج بيل: مواجهات بين مشيعين ومتظاهرين في جنازة الكاردينال المثير للجدل في سيدني
في جنازة الكاردينال جورج بيل في أستراليا يوم الخميس، راح المشيعون يصلون ويرددون التراتيل بهدوء قبل أن تعلو عليهم أصوات متظاهرين صبوا اللعنات على رجل الدين الراحل.
وترك رجل الدين الكاثوليكي – الذي توفي الشهر الماضي عن عمر يناهز 81 عاما بسبب مضاعفات جراحة خضع لها – إرثا معقدا.
كان بيل أحد كبار مساعدي البابا في السابق، وكان الكاثوليكي الأعلى مرتبة في أستراليا.
لكن صورته العامة شابتها مزاعم غير مثبتة بأنه ارتكب – وتستر على – اعتداءات جنسية على أطفال.
وكان لهذه المزاعم تداعيات كبيرة على جنازته في سيدني يوم الخميس، ففي وقت من الأوقات تدخلت الشرطة خارج كاتدرائية سانت ماري لفصل المشيعين الغاضبين عن المتظاهرين الذين يرددون هتافات. وفي وقت سابق، أُلقي القبض على أحد المتظاهرين.
وداخل الكنيسة، حيث شغل الكاردينال بيل منصب رئيس أساقفة المدينة لأكثر من 10 سنوات، حضر كبار الشخصيات، بما في ذلك رئيسا الوزراء السابقين جون هوارد وتوني أبوت. وتجمع المئات في الفناء الأمامي لمشاهدة القداس على شاشات كبيرة.
وكان من الملاحظ غياب رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، ورئيس وزراء نيو ساوث ويلز، دومينيك بيروتيت – وهو كاثوليكي متدين. واكتفى ألبانيز وبيروتيت بإرسال مندوبين عنهما.
وقرأ البابا فرانسيس رسالة على المصلين أشاد فيها “بتفاني الكاردينال بيل للإنجيل والكنيسة”، كما أشاد به رئيس أساقفة سيدني، أنتوني فيشر، ووصفه بأنه “عملاق الكنيسة الكاثوليكية في أستراليا” الذي جرى تشويه سمعته ظلما.
وعلى مدى ستة عقود، برز الكاردينال بيل في الكنيسة كداعم قوي للقيم الكاثوليكية التقليدية.
تولى الكاردينال بيل منصب وزير خزانة الفاتيكان في عام 2014، لكنه رحل في عام 2017 وعاد إلى أستراليا ليواجه اتهامات بالاعتداء الجنسي على أطفال. وأدين الكاردينال بيل، ثم تمت تبرئته لاحقا في الاستئناف.
ويعتقد العديد من مؤيدي الكاردينال بيل أنه تعرض للاضطهاد بشكل غير عادل، وأن سجله في قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال هو جزء من الأشياء التي جعلته شخصا عظيما.
وزعم أبوت، الذي تحدث في الجنازة، أن الكاردينال بيل كان أول كاثوليكي أسترالي يطرد المعتدين على الأطفال ويبلغ الشرطة عنهم. وأشار آخرون إلى خطة التعويضات التاريخية – والمثيرة للجدل – التي وضعها.
وقال أبوت: “لقد كان أعظم رجل عرفته في حياتي”.
وقال آخرون ممن تجمعوا لإلقاء نظرة الوداع على الكاردينال بيل إنه كان رجلا طيبا، ولم يكن يتوانى عن تقديم الدعم والتشجيع لأولئك الذين يمرون بأوقات عصيبة.
وقال أحد المعزين لبي بي سي، ويدعى ناثان ويبلغ من العمر 33 عاما، إنه يأمل أن يتم تذكر الكاردينال “بناء على ما فعله وليس بناء على الأشياء التي اتهم بها”.
وأضاف: “كان رجلا طيبا. لقد حارب من أجل حقوق كثير من الناس خلافا للاعتقاد السائد”.
لكن خارج ساحة الكاتدرائية، تذكره الناجون من الاعتداء على الأطفال بأنه شخص فشل في حمايتهم.
وسافر البعض من ولايات أخرى لربط أشرطة على سياج الكنيسة – وهي لفتة يُنظر إليها في أستراليا على أنها تكريم لضحايا أزمة الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنيسة. لكن معظم هذه الأشرطة قُطعت مساء الأربعاء من قبل أنصار الكاردينال بيل.
ووجد تحقيق تاريخي في الاعتداء الجنسي على الأطفال في أستراليا أن الكاردينال بيل كان على علم شخصيا بوقوع اعتداءات جنسية من قبل قساوسة منذ سبعينيات القرن الماضي، وأنه فشل في اتخاذ أي إجراء. وطعن الكاردينال بيل في نتائج التحقيق، قائلا إنها “غير مدعومة بالأدلة”.
وجاءت مورين، البالغة من العمر 75 عاما، لكي تربط شريطا نيابة عن أحد أصدقائها المقربين والذي تعرض للاعتداء من قبل مدرس كاثوليكي.
وقالت لبي بي سي: “لا يمكنني السماح بمرور هذا اليوم دون الوقوف بجانبه. إنه ليس بصحة جيدة لكي يدافع عن نفسه”.
واحتشد متظاهرون في الحدائق المقابلة للكاتدرائية ووصفوا الكاردينال بيل بأنه “وحشي متعصب”.
وقالت كيم ستيرن، واحدة ممن نظموا التظاهرات، لبي بي سي إن “بيل دافع عن رهاب المثلية وكراهية النساء بشكل صارخ، وتستر على الانتهاكات داخل الكنيسة الكاثوليكية”.
وأضافت: “نعتقد أنه من المثير للاشمئزاز أن يحظى بوداع مثل هذا”.
كما تدخلت الشرطة في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة.
وتأتي جنازة الكاردينال بيل يوم الخميس بعد أسابيع من الجدل المحتدم في أستراليا حول إرثه.
وأعربت لويزا باستو، واحدة من المعزيين، عن تقديرها للكاردينال، لكنها قالت لبي بي سي إنها تقبل أن يكون إرثه مثيرا للجدل.
وقالت: “الإرث الذي تركه وراءه في الكنيسة والعالم هو شيء مختلف”.
وأضافت: “أعتقد أنه يجب أن يكون هناك شخص ما يتحمل مسؤولية كل ما حدث في الكنيسة. كان يجب أن يكون هناك وجه للخطايا، وللأسف كان هو هذا الرجل”.
Comments are closed.