النفايات الفضائية: ما هي؟ وما مدى خطورتها؟
هل تخيلت مرة وأنت تسير في الشارع، أن يسقط على رأسك بقايا من حطام قمر صناعي أو صاروخ فضائي؟
المرجح أنك لم تفكر في ذلك من قبل، أو أنك تستبعد هذه الاحتمالية بتاتا. ولكن هل تكون محقا في هذا التقدير؟
جاءت إجابات الأغلبية ممن سألهم فريق بي بي سي في شوارع القاهرة وبيروت مستبعدة لحدوث شيء كهذا. يقول أحد المشاركين، “بالتأكيد هناك معايير أمنية عالية في إنتاج الأقمار الصناعية”، وتقول إحدى المشاركات، “بالطبع لا، فمن المستحيل حدوث ذلك”.
ولكن القليل من الإجابات رأت أن هذا أمرا قد يكون واردا ومنطقيا. “لم أفكر في الأمر من قبل، ولكن الآن بعد سؤالك لي، أجل، قد يحدث ذلك، وربما حدث من قبل”.
حدث بالفعل
بالفعل هذا حدث من قبل. فقد سقطت بقايا أقمار صناعية ونفايات فضائية علينا من السماء عدة مرات.
ففي عام 1979، سقط حطام من محطة الفضاء “سكايلاب” فوق غرب أستراليا. وفي الثمانينات سقط قمر صناعي روسي لتوليد الطاقة النووية في كندا. وفي العام الماضي سقطت بقايا مدفع صاروخ تابع لشركة سبيس إكس Space X، التي يملكها إيلون ماسك، وكذلك في أغسطس/ آب من هذا العام، سقط جسم أسود غريب في جنوب أستراليا، يعتقد الخبراء أنه جزء من صاروخ يعود لنفس الشركة.
حظ سيء؟
في عام 2020، استيقظ صانع جبنة من كوتديفوار، ليجد أن بقايا صاروخ صيني قد دمر منزله، وكذلك عدة منازل أخرى في قرى مجاورة. وسقطت أنابيب معدنية من الصاروخ ذاته على مواطنين كانا يسيران في قريتهم.
وتتوقع الدراسات احتمال إصابة بشر أكثر بأجسام تسقط من الفضاء في السنوات القادمة بنسبة 10%، وهي نسبة قابلة للزيادة. فالإمر يتخطى الاحتمالات الضئيلة، والحظ السيء. فكيف يحدث هذا؟ وكيف تعمل إجراءات السلامة الصارمة للمهام الفضائية؟
الإجابة لدى وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية ناسا والتي تقول في تقرير لها إن 30% فقط من العمليات الفضائية العالمية تتبع معايير السلامة والأمان والإرشادات العامة الصحيحة بشكل صارم.
هل اقتربنا من رؤية كائنات فضائية؟
هل يمكن أن يتحول سيناريو فيلم “ماتريكس” إلى حقيقة؟
فضاء متكدس
منذ بداية عصر غزو الفضاء في الخمسينات من القرن الماضي، أطلق البشر الآلاف من الصواريخ والأقمار الصناعية إلى الفضاء، وهذه الأجهزة العملاقة لا تفنى، وفي الغالبية لا تذهب بعيدا عن الأرض.
حسب وكالة الفضاء الأوروبية، فمنذ أن بدأ البشر في غزو الفضاء، تم إطلاق 10,680 قمرا صناعيا. يتبقى منها الآن نحو 6,000 في الغلاف الجوي، منهم 3,900 لا زالت تعمل، مما يعني أن 37% من هذه الأقمار تحولت إلى خردة تسبح في الفضاء حول الأرض. فماذا عن هذه النفايات التي لم تسقط؟
احذر القمر الصناعي
في الفضاء، على بعد 260 ميلاً من سطح الأرض، تدور محطة الفضاء الدولية، وبها 7 رواد فضاء من جنسيات مختلفة. وكان آخر ما يتوقعه هؤلاء في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، هو أن يصيب المحطة حطام قمر صناعي.
“لقد تم إخبارنا بأن هناك حطاما لقمر صناعي، يجب عليكم أن تراجعوا إجراءات الملاذ الآمن”
جاء هذا التحذير من وكالة ناسا الأمريكية محذرا رواد الفضاء الذين اضطروا للرجوع إلى كبسولاتهم للحفاظ على حياتهم.
هذا الحطام الذي اصطدم بالمحطة ودمر إحدى الأذرع الآلية فيها، كان جزءا من قمر صناعي روسي يعود لفترة الحرب الباردة، أطلقت روسيا صاروخا لتدميره مؤخرا. وهو الفعل الذي أدانته الحكومة الأمريكية ووصفته بـ”اختبار مدمر”.
ولكن النفايات العالقة تشكل خطرا أيضا على من في الأرض. فأكثر من 9,000 طن من النفايات المعدنية في مدار الأرض، حسب الوكالة الأوروبية للفضاء، من حطام لأقمار وصواريخ وأدوات سقطت من رواد فضاء، تسبب تلوثا ضوئيا يؤثر على عمل التلسكوبات، ويعطل الاتصالات والأرصاد الجوية، ويرفع من نسبة الحوادث في الفضاء.
شركات تنظيف الفضاء
بدأت بعض المشاريع في تطوير أساليب للسيطرة على النفايات الفضائية، فبعضها يستخدم شباكاً عملاقة لتجميع الحطام، والبعض الآخر يستخدم قوة مغناطيسية.
أستروسكيل هو أحد هذه المشاريع الجديدة، وهي شركة ربحية تعتمد على أن في المستقبل القريب، سيتعين على الوكالات الفضائية والشركات الخاصة تعيين شركات أخرى لتنظيف مخلفاتها.
يقول جون أوبورن المدير الإداري لشركة أستروسكيل للفضاء في حواره مع بي بي سي “المهمة الأصعب هي التقاط جسم يدور بسرعة”. فإذا تعطل قمر صناعي أو جهاز في الفضاء فهناك احتمال كبير أن يبدأ في الدوران، وهو ما يجعل التقاطه أصعب بكثير.
ولكن على الرغم من هذه الجهود، تشهد السنوات الأخيرة سباقا متصاعدا بين الدول والشركات الخاصة على غزو الفضاء، ما يعني أنه سيصبح أكثر ازدحاما بالنفايات الفضائية التي يرسلها البشر من الأرض للسماء.
Comments are closed.