روسيا وأوكرانيا: بريطانيا ترى خطاب بوتين الأخير فشلا لغزوه الأراضي الأوكرانية
قالت الحكومة البريطانية إن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استدعاء جنود الاحتياط يُعد “اعترافا واضحا” بأن الغزو الروسي لأوكرانيا مستمر في الفشل.
ووصف بوتين التعبئة الجزئية للجيش التي أعلنها صباح الأربعاء بأنها خطوة ضرورية لحماية وحدة أراضي روسيا.
وأدانت حكومة المملكة المتحدة “الإجراءات المستهجنة” التي تتخذها روسيا، معلنة استمرار دعمها لأوكرانيا.
ومن المقرر أن تتعهد رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس بالدفاع عن الحرية أثناء حديثها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وفي جولتها الخارجية الأولى كرئيسة لوزراء بريطانيا، سوف يركز حديثها الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على حشد الدعم لأوكرانيا وتسليط الضوء على الخطر الذي تشكله الدول السلطوية مثل روسيا والصين على باقي العالم.
وقال بيان لداوننغ ستريت، مقر الحكومة البريطانية، إن تراس سوف تؤكد على أن الأولوية لدى الدول الديمقراطية ينبغي أن تكون للنمو الاقتصادي والأمن في عصر جديد من المنافسة الاستراتيجية.
كما تتضمن كلمة تراس التشديد على الالتزام بحماية المملكة المتحدة وحلفائها من خلال إجراءات تتضمن زيادة الإنفاق العسكري إلى 3.00 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
وقالت الحكومة البريطانية في وقت سابق من هذا الأسبوع إنها ستمنح القوات الأوكرانية “الملهمة” دعما يساوي ما قدمته لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي في فبراير/ شباط الماضي، 2.3 مليار دولار، أو يتجاوز هذا القدر.
وقال المتحدث باسم حكومة بريطانيا إن “حديث بوتين وتحركه نحو إعلان تعبئة الشعب الروسي يُعد اعترافا واضحا بأن غزوه يفشل”.
وتتخذ المملكة المتحدة مع شركائها الدوليين موقفا موحدا فيما يتعلق بإدانة “الإجراءات المستهجنة للحكومة الروسية”.
وأضاف المتحدث أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة وزراء بريطانيا أدانا “التصريحات العدائية التي أدلى بها بوتين في الفترة الأخيرة عن أوكرانيا”، وذلك أثناء أول اجتماع ثنائي يجمع بينهما في قمة على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكدت الحكومة البريطانية أن الزعيمين “اتفقا على أن الإجراءات التي يتخذها (بوتين) تسلط الضوء على حاجة الحلفاء إلى الاستمرار في الدعم الاقتصادي والعسكري لأوكرانيا”.
دعم أوكرانيا
كانت السيدة الأولى الأوكراني أولينا زيلينسكا ورئيس وزراء أوكرانيا دنيس شميكال بين الزعماء الأجانب الذين التقت بهم تراس في نيويورك.
ويعكس تعهد تراس بالاستمرار في دعم أوكرانيا على المدى الطويل أحد المهام السياسية التي بدأتها حكومة سلفها بوريس جونسون.
وفي حديث سابق، عندما كانت تراس وزيرة للخارجية البريطانية، قال جونسون إنه يجب أن طرد القوات الروسية “من جميع أنحاء أوكرانيا”.
روسيا وأوكرانيا: الناتو يخطط لزيادة ضخمة في صفوف قوات التدخل السريع
ما هو حلف الناتو وما التغيرات التي طرأت عليه بعد غزو روسيا لأوكرانيا؟
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية الثلاثاء الماضي: “نواجه أوقاتا اقتصادية بالغة القسوة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا والهزات التي تعرضنا لها بسبب وباء كوفيد19، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة”. لكنها أكدت أن “الزيادة التي طرأت على فواتير الوقود تعد ثمنا مناسبا لأمن المملكة المتحدة على المدى الطويل”.
ومن المقرر أيضا أن تحث رئيسة الوزراء الديمقراطيات حول العالم “باستغلال قوة التعاون الذي نشأ بينهم منذ غزو بوتين لأوكرانيا للقضاء على السلطوية”.
وفي اجتماع انعقد قبل حديث تراس، اتفقت رئيسة وزراء بريطانيا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على أن إعلان بوتين استدعاء جنود الاحتياط كان “خطاب ضعف”.
ويقول المحرر السياسي لبي بي سي كريس ماسون إنه منذ أن اكتظت شوارع منهاتن – حيث مقر الأمم المتحدة – بمواكب عدد كبير من القادة والزعماء السياسيين من جميع أنحاء العالم، أصبحت الحرب في أوكرانيا محور كل حديث يدور في أروقة المنظمة.
وأضاف أن هذه الأزمة الدولية كان لها تداعيات محلية عميقة وواضحة أجبرت الحكومة على اتخاذ إجراءات لمساعدة الشركات والأسر.
وأشار إلى أن كلمة تراس التي من المقرر أن تلقيها أمام الجمعة المقبلة سوف تقدم الصورة الأوضح على الإطلاق للرؤية والاستراتيجية العالمية التي تتبناها حكومتها الجديدة، والتي كان للحرب دور كبير في رسم ملامحها.
وذكر ماسون أن رئيسة الوزراء سوف تقول إن “العالم الحر”، على حد تعبيرها، يجب أن يعطي الأولوية للنمو الاقتصادي. ومعنى ذلك أنه “لم يعد يعتمد استراتيجيا على هؤلاء الذين يسعون إلى تسليح الاقتصاد العالمي”.
ومن ثم، وفقا لماسون، فإن الرغبة في زيادة الإنفاق على الدفاع، والالتزام بتعزيز أداء الاقتصاد، والخفض الضريبي تُعد هي العوامل التي تمثل الوقود الأفضل على الإطلاق لخوض هذه الرحلة.
روسيا وأوكرانيا: الناتو يرسل المزيد من القوات إلى شرق أوروبا
واتهم بوتين الغرب بمحاولة تدمير روسيا، مؤكدا أنه سوف يستخدم “جميع الوسائل المتاحة” لحماية أراضيها.
وأضاف: “هؤلاء الذين يحاولون ابتزازنا بالسلاح النووي ينبغي أن يدركوا أن الرياح قد تتحول إلى اتجاههم”.
وفي مقابلة أجرتها معه شبكة بيلد الإخبارية الألمانية، استبعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يلجأ بوتين إلى الأسلحة النووية.
وندد المستشار الألماني أولاف شولتز باستدعاء بوتين جنود الاحتياطـ، واصفا ذلك بأنه “إجراء يائس في حرب إجرامية” لا يمكن أن تنتصر فيها روسيا.
وانتقد ينس ستولتنبرغ، أمين عام حلف شمال الأطلسي، تصريحات بوتين، واصفا ما قاله الرئيس الروسي بأنه خطاب “خطير ومستهتر”، لكنه أشار إلى أن ما جاء في تصريحات بوتين ليس بجديد أو مفاجئ.
وقال ستولتنبرغ: “إنه (بوتين) يعلم جيدا أن حربا نووية لا ينبغي أن يخوضها أحد، ولا يمكن لأحد أن ينتصر فيها علاوة على ما قد يترتب عليها من تبعات غير مسبوقة على روسيا”.
رغم ذلك، اتهم سيرغي ماركوف، أستاذ العلوم السياسية والمستشار السابق للرئيس بوتين، زعماء الغرب مثل رئيسة وزراء المملكة المتحدة ليز تراس بأنهم وليس روسيا هم المعتدون.
ولدى سؤاله عن إمكانية استخدام بوتين الأسلحة النوية ضد الغرب، قال ماركوف لبي بي سي إن الموقف قد يشهد المزيد من التصعيد إذا “كانت رئيسة وزراء بريطانيا العظمى لا تزال لديها خطط لتدمير روسيا”.
ويأتي التصعيد من جانب الرئيس الروسي في أعقاب هجوم مضاد تشنه القوات الأوكرانية في شمال شرق البلاد على مدار الأسابيع القليلة الماضية، وهي العمليات العسكرية التي نجحت أوكرانيا خلالها في استعادة السيطرة على مئات المدن والقرى التي احتلتها القوات الروسية في وقت سابق.
ورجح تقرير للمخابرات الحربية البريطانية أن بوتين أضحى مجبرا على إظهار موقف معلن من الحرب يتضمن أنها أقل شأنا مما يرى البعض، إذ يصفها بأنها “عملية عسكرية خاصة” بدلا من الحديث عنها كصراع مكتمل الأركان.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن “هذه الإجراءات الجديدة جاء الإعلان عنها بسبب الانتقادات العامة، كما أنها تمثل تطورا إضافيا في استراتيجية روسيا”.
في غضون ذلك، نددت دول الغرب بخطط موسكو التي تتضمن إجراء ما يسمى باستفتاءات في أجزاء من أوكرانيا تخضع في الوقت الراهن لسيطرة روسيا.
Comments are closed.