روسيا وأوكرانيا: ليست الصين وحدها التي تكسر عزلة موسكو – الغارديان
نبدأ جولتنا من صحيفة الغارديان والتي جاءت افتتاحيتها بعنوان “وجهة نظر الغارديان بشأن بوتين والعالم: الأمر لا يتعلق بالصين فقط”.
وكتبت الصحيفة أنه قبيل أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا، وعندما اعترفت روسيا بإقليمي لوهانسك ودونيتسك جمهوريتين مستقلتين، جاءت واحدة من أشد الإدانات من جانب مبعوث كينيا في الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أنه “في قرارين للجمعية العامة للأمم المتحدة – الأول يدين الغزو، والثاني يلقي باللوم على روسيا في خلق أزمة إنسانية – وافقت 140 دولة أو أكثر. أربعة فقط صوتوا مع روسيا لمعارضة القرارين وهم مجموعة من الدول المارقة تشمل بيلاروسيا، إريتريا، سوريا، وكوريا الشمالية”.
“ومع ذلك، فإن الإدانة الواسعة إلى جانب الوحدة الغربية غير المتوقعة يجب ألا تفهم خطأ على أنها عزلة لروسيا. بعد أن تفاخرت الصين بعلاقة “بلا حدود” (مع موسكو)، وتشاركها في مصلحة مشتركة في مواجهة القوة العالمية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، تسعى الصين الآن إلى تصوير نفسها في جانب أكثر دقة وتفادي الضرر الاقتصادي والسياسي – لكنها ليست كذلك في الواقع، فهي لا تنأى بنفسها عن روسيا. بكين ليست وحدها. قلة من دول العالم الأكثر اكتظاظًا بالسكان، وعدد قليل فقط من اللاعبين البارزين خارج الغرب، انتقدوا بوتين”.
وتعدد الغارديان أمثلة من هؤلاء الزعماء إذ “كان عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني، في موسكو عندما دخلت الدبابات (الروسية) إلى أوكرانيا. ناقشت الهند – التي تتمتع بعلاقات استراتيجية طويلة المدى مع روسيا، ولديها قلق شديد بشأن علاقات موسكو بكل من باكستان والصين – مقايضة العملة الروسية مع العملة الهندية لمساعدة موسكو على التغلب على العقوبات الغربية. في البرازيل، يرى الرئيس جائير بولسونارو – الذي يتودد إليه بوتين – الحرب على أنها (فرصة جيدة) للتعدي على أراضي السكان الأصليين بحثًا عن مواد خام للأسمدة”.
“لقد توسع نفوذ روسيا وتعاملها مع الشرق الأوسط بشكل كبير منذ دورها الحاسم في الحرب السورية، ما جعل العديد من الدول تتحوط في رهاناتها في خضم إعادة تنظيم أوسع للمنطقة. رفض ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مؤخرًا تلقي مكالمة من جو بايدن – وذلك بعد أسبوع من حديثه إلى فلاديمير بوتين. ورفضت الإمارات تلقي مكالمة أيضا. لقد صوتت ضد روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث الأصوات غير ملزمة ورمزية إلى حد كبير، لكنها امتنعت عن التصويت في تصويت مماثل في مجلس الأمن، والذي كان من شأنه أن يكون له ثقل أكبر”.
وأضافت الصحيفة “دعت جنوب إفريقيا في البداية إلى انسحاب القوات الروسية، لكنها ألقت باللوم لاحقا على رغبة الناتو في التوسع كسبب للحرب. وانضمت إليها 16 دولة أفريقية أخرى في الامتناع عن التصويت في أول تصويت للجمعية العامة، بفضل العلاقات الاقتصادية المتنامية فضلاً عن المواقف الراسخة لعدم الانحياز ودعم الاتحاد السوفيتي لحركات التحرر”.
واعتبرت الصحيفة أن الحرب أطلقت – ولم تتسبب – في مرحلة جديدة وطويلة من إعادة تشكيل النظام الدولي، وأن ما سمته “الترامبية” – سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب – فعلت أكثر مما فعلته القوة الصينية في تسريع تصورات تراجع دور الولايات المتحدة على المسرح الدولي.
وأشارت الصحيفة إلى التعاطف الانتقائي تجاه اللاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا، والمعايير المزدوجة والتي تظهر في العداء الواسع واللامبالاة بمعاناة اللاجئين الفارين من الحروب الأخرى، قد عززت من “الشك والحقد” لدى بعض الدول تجاه الولايات المتحدة والغرب.
واختتمت الغارديان “إن موقف بوتين الحالي لا يعكس فقط رغبته في مساعدة الأنظمة البغيضة، وتدخله الخبيث حول العالم، بل يعكس أيضًا خطايا وإخفاقات الولايات المتحدة والغرب. إن معالجة هذه الإخفاقات ليس مسعى مثاليا ميؤوسًا منه، ولكنه مسعى واقعي وضروري إذا أردنا تشكيل التحالفات القوية اللازمة ضد أعمال العدوان القاسية”.
“هفوات رئاسية”
وننتقل إلى صحيفة التايمز.. والتي كتبت افتتاحية بعنوان “وجهة نظر التايمز في خطاب جو بايدن حول أوكرانيا: هفوات رئاسية”.
وتناولت الصحيفة ما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي خلال زيارته لبولندا مؤخرا، وكتبت “في نهاية خطاب حماسي أدان الرئيس (بايدن) بوتين، صاح قائلاً: بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة! كان التصريح مرتجلا. كان من القلب. لقد عبر عما يشعر به الملايين في الغرب وربما في روسيا أيضًا”.
“كان أيضا خطأ دبلوماسيا فادحا. من خلال الدعوة لتغيير النظام، أعطى بايدن الكرملين هدية دعائية لدعم مزاعمه بأن روسيا تقاتل قوى غربية خبيثة، تسعى لتقويض أمنها والإطاحة بحكومتها. وبدا أيضًا أنه يلزم الناتو بهدف أبعد من أي شيء متفق عليه”.
“وسرعان ما أصدر البيت الأبيض توضيحًا: قصد الرئيس أنه لا يمكن السماح لبوتين بممارسة سلطته على جيرانه أو المنطقة. لقد كان تراجعًا ذا مصداقية. كان الأوروبيون قلقين بالفعل. قال الرئيس ماكرون إنه من الضروري تجنب (التصعيد) وقال إن الناتو يجب أن يبذل قصارى جهده لمنع الوضع من الخروج عن السيطرة. لقد تُرك الأمر لوزير الخارجية البارع الذي يمكن الاعتماد عليه، أنتوني بلينكين، للإصرار على أن الولايات المتحدة ليس لديها سياسة لتغيير النظام في روسيا أو في أي مكان آخر”.
“لسوء الحظ، كانت هذه الزلة الثالثة لبايدن في عدة أيام. يوم الخميس الماضي في قمة مجموعة السبع، قال إنه إذا استخدمت روسيا أسلحة كيماوية، فإن الولايات المتحدة “سترد بالمثل”. هل كان هذا تهديدًا بأن القوات الأمريكية ستطلق أسلحة كيميائية محظورة دوليًا على روسيا؟ بعد ذلك بيوم، تحدث إلى قوات الفرقة 82 المحمولة جواً عن أوكرانيا، فقال: (سترون عندما تكونون هناك – وكان بعضكم هناك). هل كانت هذه إشارة إلى أن قوات الناتو ستُرسل قريباً إلى أوكرانيا؟ أم كشف عن أن بعضها كان هناك بالفعل سراً؟”
ورأت الصحيفة أن التفسير الحسن هو أن بايدن يشعر بالصراع بين الديمقراطية والاستبداد – وهو موضوع خطاب تنصيبه – ويسمح لمشاعره أن تسبق النص المكتوب له، أما الحكم الأشد قسوة هو ما يروجه منافسوه الجمهورين من أن قيادته تفشل لأنه لم يعد لديه التركيز أو القدرة على التحمل للقيام بالمهام الرئاسية.
وكتبت التايمز “إشاعات الخرف في القائد العام للقوات المسلحة، حتى لو كانت مجرد إشاعات، هي مدمرة للغاية. يواجه الغرب تهديدًا عسكريًا وتهديدا نوويًا محتملًا في قلب أوروبا لم يعرفه منذ عام 1945. الوحدة والتماسك والثقة ضرورية، ولن تكون ممكنة إلا إذا امتدت تلك الثقة إلى أعلى مستويات القيادة الأمريكية”.
واختتمت “ازدادت الأعباء الشخصية على الرئيس بشكل كبير، حيث يتوقع الناخبون رؤية قادتهم في القمم والزيارات الخارجية، ومتاحين للتعليق القاطع على كل قضية في أي وقت تقريبًا من النهار أو الليل”.
“السيد بايدن لديه فريق ماهر من حوله. لقد تم الآن كتابة تصريحاته بإحكام والتحكم فيها لمنع الأخطاء الفادحة. لكن هناك مخاوف مزعجة من أن هذه الوتيرة (من الأخطاء) سريعة للغاية. يحتاج (بايدن) إلى إثبات خطأ هذه المخاوف”.
Comments are closed.