كيف يرى السوريون إجراءات الأردن لتسهيل دخولهم الى أراضيه؟
لم يكن الشاب السوري مأمون الحموي، 35 عاما، الذي يعيش في عمان يعلم أن الإجراءات الأردنية الأخيرة لتسهيل دخول السوريين إلى المملكة ستكون بمثابة نقمة عليه.
استبشر أحمد خيراً بالإجراءات الأخيرة ليأتي بأمه ويراها في الأردن بعد غياب 7 سنوات عنها، لكنه اصطدم بآلية تنفيذ الإجراءات الجديدة التي وصفها بالمعقدة.
وقال الحموي لبي بي سي نيوز عربي: “جهزت الأوراق المطلوبة وأرسلتها الى وزارة الداخلية والمخابرات الأردنية بعد أن سمعت بالإجراءات الجديدة لدخول السوريين إلى الأردن، وكنت أريد أن آتي بأمي لتزورني هنا وترى أولادي الذين لم تسنح لهم الفرصة بلقاء جدتهم. ولكن واجهت الصعوبات في الموافقات الأمنية والإجراءات التي أخذت وقتاً طويلاً ولم أحصل عليها الى أن وافت أمي المنية قبل أن تأتي الى الأردن”.
ويضيف الحموي: “تزوجت من أردنية هنا وكان حلمي أن تأتي أمي لزيارتنا، ولكن الإجراءات الطويلة والتعقيدات التي تصاحبها بخّرت هذا الحلم وفقدت أمي. أرجو أن تتم مراجعة هذه الإجراءات خصوصاً في الحالات التي تستوجب ذلك”.
الإجراءات تصطدم بآلية التنفيذ
اشترط قرار وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، الأخير بالسماح للمجموعات السياحية من الجنسية السورية بالدخول للأردن قيام المكاتب السياحية بتقديم طلب لدى وزارة الداخلية حسب الأصول. وتعهد المكتب السياحي بالتزام هذه المجموعات بالبرنامج السياحي المعد مسبقا، والاحتفاظ بجوازات سفرهم لدى المكاتب السياحية التي استقدمتهم لحين مغادرتهم البلاد.
يعتبر مدراء ووكلاء شركات السياحة والسفر في الأردن هذه الإجراءات مبهمة نوعا ً ما، وذلك بسبب عدم إبلاغهم رسمياً بها من جهة، ومن جهة أخرى عدم أخذ هذه الإجراءات بعين الاعتبار الحالات الخاصة والاستثنائية التي تستوجب السرعة في الحصول على الأوراق التي تسمح للمسافر السوري بدخول الأردن.
يقول هيثم خليل مسؤول في احدى شركات السياحة والسفر في الأردن، لبي بي سي: “لم نبلغ بهذه الإجراءات رسمياً من قبل اي جهة، وتطبيق هذه الإجراءات على ما هي عليه الآن يتطلب وقتا طويلا للحصول على الأوراق التي بموجبها يستطيع السوري دخول البلاد”.
ويؤكد هيثم خليل أن الطريقة التي وضعت فيها الإجراءات لن تمكن شركات السياحة والسفر في الأردن من تقديم الخدمة المطلوبة للمسافرين السوريين لأن شروط الحصول على إذن لدخول المملكة منوط بقرارات رسمية ومتابعات أمنية وتفاصيل أخرى لا تسطيع شركات السياحة والسفر من خلالها ترتيب جدول زمني للرحلات وتحديد المواعيد بالصورة المطلوبة.
مطالبات بتخفيف الإجراءات
“أنا لا أستطيع دفع مبلغ 30 دينار أردني للتسجيل على المنصة المخصصة لدخول الأردن بسبب وباء كورونا، ولا أستطيع تحمل تكاليف فحص فيروس كورونا. هذه التكاليف تحد من دخول السوريين الى الأردن. وهناك معوقات أخرى أيضاً لها علاقة باستصدار تأمين صحي وتأمين سفر وكل هذا بحاجة الى دفع مبالغ من المال لا يستطيع السوري دفعها”، يقول المسافر السوري طلال الحارية.
توقع الحاري البالغ من العمر 47 عاماً، أن تكون الإجراءات الجديدة لدخول السوريين الى الأردن تتضمن نوعا من التسهيل للسوريين وتخفيض تكاليف الدخول الى المملكة، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون على حد وصفه.
تتطلب إجراءات دخول المسافرين للجنسيات التي تحتاج موافقة مسبقة لدخول الأردن مثل الجنسية السورية إحضار نتيجة سلبية لفحص كورونا من المختبرات المعتمدة من الجهات الصحية خلال 72 ساعة من موعد المغادرة وعلى جميع المسافرين التسجيل على المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك في حالة الوصول براً، والحصول على تأمين صحي وتأمين السفر.
“أمن الأردن أولوية قصوى”
أشار مصدر رسمي أردني لبي بي سي الى أن الإجراءات الأخيرة التي أعلنت عنها السلطات الأردنية لتسهيل دخول السوريين الى البلاد تأخذ بعين الاعتبار الجانب الأمني للأردن بالدرجة الأولى، وجميع الإجراءات تتم بعد دراسة الطلب المقدم من الشخص الذي يرغب في زيارة الأردن وعلى أساسه تمنح الموافقات.
وبين حين وآخر، يعلن الجيش الأردني إحباط عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدرات من الحدود الشمالية للأردن، أو الحدود الشمالية الشرقية المجاورة لسوريا، ويرى مراقبون أن الأردن لا يزال حذراً في التعامل مع دخول المسافرين بصورة طبيعية نظراً لعدم الاستقرار الأمني في الداخل السوري وبالقرب من الحدود الأردنية.
إلا أن الإجراءات الأخيرة وبالنسبة لكثيرين تدل على تحسن ملموس في العلاقات الأردنية السورية على المستوى الرسمي إذ إن هناك اتصالات على مستويات رسمية ووزارية من أجل دفع العلاقات بين البلدين للعودة الى ما قبل الأزمة السورية.
وحسب ما يرى مراقبون، تقف الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية الحالية عائقا في طريق تحسن العلاقات ووصولها الى مرحلة متقدمة تخدم مصالح الطرفين السوري والأردني وتعود بالنفع على الشعبين.
Comments are closed.