الولايات المتحدة دأبت على معاملة حلفائها بقسوة وعدم اكتراث – في الفينانشال تايمز
اهتمت الصحف البريطانية بعدة قضايا، من أبرزها الخلاف الفرنسي الأمريكي بشأن اتفاقية أوكوس الأمنية، التي أبرمتها الولايات المتحدة مع أستراليا وبريطانيا.
وكان الاتفاق قد أدى إلى إلغاء صفقة كبيرة لبيع غواصات فرنسية إلى أستراليا، ما أثار غضب باريس.
وفي صحيفة فاينانشيال تايمز، كتب فيليب ستيفنز مقالا بعنوان “الفرنسيون محقون بشأن الأمريكيين”.
يقول الكاتب إن الولايات المتحدة لطالما كانت تتجاهل حلفاءها، خلال السعي لتحقيق مصلحتها الوطنية.
ويرى أن صفقة الغواصات النووية بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، والضجة التي أعقبتها في فرنسا، تعبر عن أمرين بخصوص القوة الأمريكية. أولهما أن القدرة على بناء التحالفات تمنح الولايات المتحدة ميزة حيوية في المنافسة الجيوسياسية مع الصين، لأن بكين لديها عدد قليل من الأصدقاء الحقيقيين، وثانيهما أن الامتداد العالمي لواشنطن مترسخ عبر عدد من المعاهدات الثنائية والإقليمية.
ويقول: “ومع ذلك، فإن هذه الحادثة تذكير أيضًا بمدى عدم الاكتراث والقسوة التي يمكن أن تتعامل بها الولايات المتحدة مع حلفائها”، مشيرا إلى أن واشنطن “لم تبتعد أبدًا عن السعي وراء المصلحة الأنانية”، بغض النظر عن تعارضها مع مصلحة حلفائها. ويسوق الكاتب أمثلة على ذلك من بينها انسحاب الرئيس جو بايدن الأخير من أفغانستان.
ويتابع الكاتب أن غضب فرنسا سببه فقدانها صفقة بقيمة 50 مليار دولار أسترالي، ما يشكل ضربة لصناعتها العسكرية، وأنها أكثر الدول الأوروبية من حيث الوجود العسكري في المحيطين الهندي والهادئ، إذ كانت تبني شراكتها الأمنية الخاصة مع أستراليا، لكن اتفاقية أوكوس حطمت كل هذا.
ويقول: “من الإنصاف القول إن فرنسا تقف على أرضية صعبة، عندما تشكو من سعي الآخرين وراء المصلحة الوطنية. إذا كانت الولايات المتحدة قد أنشأت النظام الدولي وفقا لصورتها الخاصة، فقد سعت فرنسا إلى فعل الشيء نفسه من خلال عملية التكامل مع الاتحاد الأوروبي. من وجهة نظر الإليزيه، كان الهدف من (المزيد من التكامل الأوروبي) دائما هو (المزيد من فرنسا)”.
ويختتم الكاتب قائلا إن بريطانيا بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي جعلت من نفسها شريكا مرنا للولايات المتحدة، بينما ظلت بقية أوروبا في مأزق، إذ يمكنها أن تحاول القيام بدور الموازن بين الصين والولايات المتحدة “أو يمكنها أن تعترف بأنه عندما يكون الاختيار بين غطرسة الولايات المتحدة والهيمنة الصينية، فإنه لا يوجد سوى جانب واحد يجب أن تكون عليه”.
“طالبان نحو الاعتدال”
وتحت عنوان “يمكن لعلماء المسلمين أن يوجهوا طالبان نحو الاعتدال”، كتب محمد بن عبد الكريم العيسى في صيحفة التايمز يقول إن قوات التحالف شنت حربًا استمرت 20 عامًا في أفغانستان، لكنها افتقرت إلى السلطة الدينية اللازمة لاستكشاف نسخة معتدلة من الهوية الإسلامية التي ادعت طالبان الدفاع عنها.
وأضاف: “الدين يربط معظم الأفغان. إنها القوة التي استخدمتها طالبان لبناء حركتهم وتوحيد الفصائل، وتقديم بديل للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة. لذلك فإن الدين هو القوة الأقوى لتوجيه طالبان نحو مستقبل معتدل. وهذا يعني أن العالم الإسلامي يجب أن يستفيد من سلطته الدينية الجماعية عند التعامل مع حكومة طالبان”.
وقال الكاتب إنه قبل 20 عاما، حين طالبت الولايات المتحدة بتسليم أسامة بن لادن، اقترحت حركة طالبان إرساله إلى محكمة تشرف عليها منظمة التعاون الإسلامي، وهي هيئة إسلامية تضم 57 دولة. وعلى الرغم من رفض إدارة بوش، كانت طالبان تدلي بتصريحات حول الثقة التي توليها للمنظمة.
واعتبر الكاتب أن ذلك يظهر أن العالم الإسلامي يمكن أن يؤثر على طالبان، الذين يربطون دوافعهم بالإيمان (كما يفهمونه).
وأضاف: “لقد تعلمت العديد من الدول الإسلامية الموازنة بين تحديات الحداثة ومعتقداتها من خلال الحجج العلمية الإسلامية. تم استخدام إعلان مكة، الذي أقره 1200 مفتي وعالم من علماء المسلمين البارزين، للترويج لإسلام متسامح. وقد حثت رابطة العالم الإسلامي – أكبر منظمة إسلامية غير حكومية في العالم – طالبان على التمسك بهذا الإعلان. كما نظمت رابطة العالم الإسلامي مؤتمر سلام اقترح فيه علماء أفغان وباكستانيون تشكيل لجنة مشتركة، لتعزيز الرؤى المشتركة للسلام المتجذرة في القيم الإسلامية الأصيلة”.
وتابع: “يجب أن يستمر هذا الحوار لدعم الحكم المسؤول في أفغانستان. مهما كانت معتقدات طالبان، فإنها ستستمر في السعي للحصول على الاعتراف الدولي والتمويل”.
واختتم بالقول: “تواجه البلاد الجوع وتمردًا محتملاً وعجزًا هائلاً في الميزانية. سيتعين عليهم الاستماع – وتقديم التنازلات – وإلا ستفشل حكومتهم. وهذا يعني أن العلماء ورجال الدين المسلمين في العالم لديهم فرصة لا تقدر بثمن لأن تصبح أفغانستان بلدا مسالما”.
Comments are closed.