كيف سيتغير وضع السودان بعد رفع اسمه من قائمة “الإرهاب” الأمريكية؟
Getty Images
ناقشت صحف عربية إعلان واشنطن بشكل رسمي شطب اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
ويصف بعض المعلقين القرار بأنه “خروج من النفق المظلم” للسودان، بينما يرى آخرون أنه يأتي في إطار سعي واشنطن “لإخضاع السودان”.
“الخروج من النفق”
يقول فاروق يوسف في صحيفة العرب اللندنية: “صحيح أن السودان قد تم إخراجه من لائحة الدول الراعية للإرهاب، غير أنه في حاجة ماسة إلى مَن يمدّ له يد العون لكي ينسى ماضيه الإخواني المظلم ويلتحق بالعصر. ذلك ما لا يمكنه القيام به بنفسه”.
ويضيف يوسف أن السودان “في حاجة إلى دول متقدمة يتبادل معها المصالح. لديه ما يقدمه مقابل ما يُقدّم إليه. وهو لا يملك وقتا لكي يراجع أجندات الجماعات الدينية التي أثبتت عبر أكثر من ثلاثين سنة أنها قادرة على تعقيد صلته بالعالم وتدميره”.
ويتابع الكاتب: “السودان اليوم بلد ينبغي عدم مساءلته؛ فهو في حاجة إلى إعادة تأهيل لا على مستوى علاقاته الخارجية فحسب، بل وأيضا على مستوى بنيته الداخلية”.
ويمضي قائلا إن السودان “يحتاج إلى الاشتباك بالمفاهيم العصرية التي يمكنه من خلالها أن يتخلص من آثار تراثه الإخواني وإلا لن يكون نافعا القبول به عضوا في العائلة الدولية فيما لا يزال مجتمعه متصلا بالفكر الإخواني”.
وتحت عنوان “الخروج من النفق”، يقول عثمان ميرغني في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: “القرار ينهي عزلة قسرية استمرت طويلاً، وكلّفت كثيراً، ويفتح صفحة جديدة أمام السودان للتعامل مع العالم المتطلع للتعاون والاستثمار في بلد واعد بالفرص ويتمتع بإمكانات وثروات هائلة”.
ويضيف ميرغني: “لكن القرار على أهميته لن يكون مصباح علاء الدين الذي يلبّي كل أمنيات السودانيين. صحيح أنه يفتح الباب أمام إعادة اندماج السودان في النظام الاقتصادي الدولي والإقليمي، وسيمنحه فرصة للتوسع في حركة التبادل التجاري مع العالم، وجذب الاستثمارات، وتحويلات ومدّخرات المغتربين”.
ويستدرك ميرغني: “لكن لكي تتحقق هذه الأمور وتنتقل من حيّز الآمال، إلى أرض الواقع، هناك الكثير الذي يتعيّن على الحكومة بكل مكوناتها القيام به”.
كما يؤكد فيصل عابدون في صحيفة الخليج الإماراتية أن القرار الأمريكي هو “خطوة طال انتظارها لإعادة دمج الاقتصاد السوداني في النظام العالمي وجلب الاستثمارات الأجنبية ومعالجة الأزمات والعيوب التي وضعت الدولة واقتصادها على حافة الانهيار والتفكك”.
- هل ينعكس شطب السودان من قائمة الإرهاب إيجابا على حياة السودانيين؟
“عبرنا أول حواجز ماراثون الانعتاق”
وفي السودان، اهتم عدد من المعلقين بالموضوع؛ حيث تقول آية الغازي كشان في صحيفة أخبار اليوم: “القرار يحقق للسودان الخروج من لائحة العقوبات التي استمرت حوالي 27 عاما تعرّض خلالها للحرمان من الاستفادة من كافة التقنيات الصناعية والزراعية فضلاً عن التعاملات المالية والضرر الكبير في مجالات الطيران والخطوط البحرية، كما تسبّبَ وضع السودان في قائمة رعاية الإرهاب في العقوبات والمقاطعة بشكل كامل”.
وتضيف الكاتبة “واليوم بعد قرار الإزالة من القائمة السوداء تحرر السودان من القيود الأمريكية وأصبح قادراً على تكوين علاقات خارجية، وتبادُل المعاملات المالية والسلع والخدمات والمنافع الاقتصادية، واستيراد قطع الغيار المهمة، والتكنولوجيا”.
وتتساءل كشّان: “هل تؤثر القرارات بشكل ايجابي يتقبله كل مواطن سوداني؟”
وتحت عنوان “عبرنا أول حواجز ماراثون الانعتاق”، يعزي محمد لطيف في صحيفة السودان نيوز نجاح الخرطوم في هذا الملف إلى ثلاثة أشياء: “أولها، إصرار رئيس الوزراء عبدالله حمدوك على الإشراف المباشر وبنفسه على هذا الملف”.
وثاني هذه الأشياء بحسب الكاتب: “اختيار فريق مؤهل من كل الجهات ذات الصلة بدءا من الخارجية ومرورًا بالقطاع العدلي والاقتصادي وانتهاءً بالمخابرات، وبقاء هذا الفريق ولأكثر من عام متصل في ميدان المعركة- أي واشنطن- حتى تكللت الجهود بالنجاح. وأخيرا، تفويض وزير العدل وحده بالتعاطي الإعلامي مع الملف”.
ويؤكد لطيف أن التعامل الحكومي مع هذا الملف كان “في غاية الحرص والانضباط، وليس المزايدات السياسية أو التهريج الإعلامي”.
“إخضاع السودان”
وفي المقابل، يبدي عدد من المعلقين توجّسهم من القرار الأمريكي؛ حيث يقول حسن حردان في صحيفة البناء اللبنانية إن القرار يأتي في إطار “الخطة الأمريكية لإخضاع السودان، وفرض الهيمنة الكاملة عليه … مقابل رضوخ الحكم السوداني لعقد اتفاق الاعتراف بكيان العدو الصهيوني وإقامة العلاقات معه”.
ويضيف حردان: “الخطة لها تتمة من الشروط الأمريكية المطلوب تنفيذها من السودان لقاء قيام وزارة الخزانة الأمريكية بـ ‘دفع المؤسسات المالية الدولية لإعادة هيكلة أو تأجيل أو إلغاء ديون السودان’، حسب ما ورد في مشروع قانون يُدرس في الكونغرس الأمريكي يهدف إلى وضع السودان بكلّ مؤسساته تحت الإشراف والوصاية والإمرة الأمريكية، أيّ إعادته إلى زمن السيطرة الاستعمارية بكلّ أشكالها”.
وبالمثل، يتساءل كاظم ناصر في صحيفة المجد الأردنية: “هل ستحلّ دولارات أمريكا مشاكل الدكتاتورية، والاستبداد، والفقر، والفساد، والتخلف، والانقسامات التي يعاني منها السودان؟”
ويشدد الكاتب على أن “الاستسلام للإرادة الصهيونية الأمريكية لن يحل مشاكل السودان”.
Comments are closed.