مقاطعة المنتجات التركية في السعودية: ما أسبابها؟ وما تأثيرها على البلدين؟
Getty Images
بين الفينة والأخرى تنتشر حملات على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية تطالب بمقاطعة البضائع التركية.
وقد زادت وتيرة هذه الحملات في العامين الماضيين خاصة في ظل تصاعد التجاذبات السياسية بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وبالتزامن مع الذكرى الثانية لمقتل خاشقجي، تصدرت حملات المقاطعة موقع تويتر في البلاد، مرفقة بشعارات وعبارات تحث المواطنين على التوقف عن التعامل مع كل ما هو تركي.
وأثارت الحملات جدلا بين المغردين العرب الذين عالجوا الخبر بحسب توجهاتهم ومواقفهم من الأزمة الخليجية وسياسات إردوغان في المنطقة.
ويتساءل المتابعون لهذه الحملات عما إذا كانت تدار بتوجيهات رسمية غير علنية أم أنها مجرد مبادرات فردية؟
مبادرات شخصية أم حملة رسمية؟
بدأت الحملة هذه السنة بتغريدة لرئيس مجلس الغرف التجارية عجلان العجلان، يدعو فيها إلى مقاطعة شعبية للمنتجات والخدمات التركية انطلاقا من الاستيراد مرورا بالاستثمار والسياحة.
أقولها بكل تأكيد و وضوح:
لا استثمار
لا استيراد
لا سياحة
نحن كمواطنين ورجال أعمال لن يكون لنا أي تعامل مع كل ماهو تركي.
حتى الشركات التركية العاملة بالمملكة أدعو الى عدم التعامل معها، وهذا أقل رد لنا ضد استمرار العداء والأساءة التركية الى قيادتنا وبلدنا.— عجلان العجلان (@ajlnalajlan) October 14, 2020
بعد أيام معدودة، ظهرت وسوم تدعم اقتراح العجلان، إذ تصدر وسما “#حمله_مقاطعه_المنتجات_التركيه” #الحمله_الشعبيه_لمقاطعه_تركيا” قوائم المواضيع الأكثر تداولا على تويتر في السعودية والإمارات.
ويعد الأمير السعودي، عبد الرحمن بن مساعد الذي لا يتقلد منصبا سياسيا في الدولة، أحد أبرز الداعمين لحملات المقاطعة.
أكثر من صحيفة وقناة تلفزيونية في تركيا تهاجمني وتتحدث عني وكأني أنا السبب في الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع التركية ورغم تأييدي الكبير لها إلّا أنها حملة شعبية بدأت من سعوديين محبين لوطنهم وأيدتهم فيها .. الحملة نتيجة فبدلًا من الهجوم علي انظروا للسبب وهو سياسات رئيسكم واساءاته pic.twitter.com/noBoRf56dg
— عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز🇸🇦 (@abdulrahman) October 14, 2020
ويقول سعوديون إن الحملة انطلقت للرد على “ممارسات تركيا المعادية لبلدهم قيادة وشعبا”.
ويصفون الحملة هذه المرة بـ “الهبة الشعبية” ويقولون إنها تختلف عن سابقاتها من حيث الاستجابة”.
كما دعوا إلى الانتقال إلى التطبيق الميداني للحملة.
في حين يقلل فريق ثان من أهمية تلك الدعوات التي يعتبرونها ” مجرد تحركات محدودة لن تتجاوز العالم الافتراضي وحملات وهمية لإلهاء الشعب السعودي عن قضاياه الأساسية”.
ورد نشطاء في دول عربية أخرى على حملات مقاطعة البضائع التركية بحملات ووسوم مضادة من قبيل (الحملة الشعبية لدعم تركيا).
وندد أصحاب هذا التوجه بما سموها “الحرب الاقتصادية التي تشنها دول عربية ضد بلد مسلم دعم قضايا الأمة ” وفق قولهم.
ومع تصاعد الحملة، طرح البعض سؤال عن البدائل في حال مقاطعة البعض التركية التي تتمتع بجودة عالية وأسعار زهيدة مقارنة بغيرها بالمنتجات في السوق الخليجية.
ويتوقع البعض احتمالية دخول بضائع إسرائيلية للأسواق الخليجية. ويستند أصحاب تلك التوقعات في رؤيتهم إلى التقارب الرسمي بين إسرائيل وحلفاء الرياض.
https://twitter.com/fahadlghofaili/status/1317024072845459456?s=20
العالم الإسلامي منقسم إلى فسطاطين الأول تمثله #تركيا التي تقف مع تطلعات الشعوب وتحاول نصرة المظلومين، ومعسكر دول محور الشر رعاة الثورةالمضادة الذين جمعتهم خيمة التطبيع وباتوا تحت لحاف إسرائيل واتحدت كلمتهم على حرب الأتراك واقتصادهم لذا كان لزاما أن ندعم #الحملة_الشعبية_لدعم_تركيا
— د. محمد الصغير (@drassagheer) October 15, 2020
https://twitter.com/m7md_al7abib/status/1317278676636008454?s=20
في المقابل، ذكر آخرون بالتدخل التركي في سوريا وليبيا معتبرين أن سلاح المقاطعة هو الأفضل لمواجهة التوجهات التركية المناهضة لمصالح الدول العربية”.
شراءك منتجًا تركيًا إسهامًا في قتل أخيك في ليبيا وسوريا والعراق ودعمًا لمن يهدد وطنك، أخرسوهم وو… #قاطعوا_المنتجات_التركيه
— عبد العزيز الخميس (@alkhames) October 14, 2020
المقاطعة.. أسلوب حضاري
وسلاح الشعوب "السلمي"
لردع من أمعن في الإساءة وتجاوز كل الحدود #الحملة_الشعبية_لمقاطعة_تركيا pic.twitter.com/Z4tEakRWo5— محمد الحمادي 🇦🇪 (@MEalhammadi) October 16, 2020
'
بعيداً عن #الحمله_الشعبيه_لمقاطعه_تركيا
دعم تركيا يعني بالضرورة دعم اقتصاد اسرائيل
حجم التبادل التجاري بين البلدين في تزايد
حجم السياحة بين البلدين يتضاعف سنويا
الطيران واتفاقيات تصنيع الاسلحة مستمر
بالأرقام اقتصاد تركيا واقتصاد اسرائيل مرتبطان#الحملة_الشعبية_لدعم_تركيا pic.twitter.com/rFzpBegc6c
— عبدالرحمن الحربي (@hacker__saudi) October 15, 2020
ما انعكاسها على أرض الواقع؟
ويتساءل فريق ثالث “عن سبب تردد السعودية في اتخاذ موقف رسمي لقطع العلاقات مع أنقرة أم مقاطعة بضائعها علنا”.
وعن ذلك، يقول محللون سياسيون إن “السعودية تتجنب العقوبات التي يمكن أن تفرضها منظمة التجارة العالمية، في حال اتخاذ أي إجراء رسمي بهذا الشأن، لذا فهي تلجأ للضغط على مواطنيها في الداخل لوقف التعامل مع تركيا بشتى الطرق”.
https://twitter.com/LFC28/status/1316727288462016512?s=20
https://twitter.com/Randabdiwe/status/1316768545343238145?s=20
وفي مقابلة أجراها مع وكالة الأناضول الرسمية، مطلع شهر أكتوبر ، وصف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الأنباء عن وجود حظر على بضائعهم في السعودية بـ “غير مؤكدة”.
وقال إن “المسؤولين السعوديين فندوا تلك الأنباء مضيفا بأن “أنقرة ستتابع ما إذا كان الحظر سيُفرض خلال الشهر الجاري”.
كما نفى المكتب الإعلامي الحكومي السعودي فرض قيود على البضائع التركية.
لكن مراقبين يرون أن الحملة تسير في “مسار منظم بدعم قوي من السلطات” مستبعدين أن يطالبا “الأمير بن مساعد ورئيس مجلس الغرف التجارية بمقاطعة أي دولة اقتصاديا دون الحصول على ضوء أخضر من القيادات العليا”.
وفي سياق متصل، يتداول خبراء اقتصاديون ونشطاء سعوديون تصريحات لسياسيين وتجار أتراك وهم يتحدثون عن الآثار السلبية لحملات المقاطعة السعودية على بضائعهم.
وقبل أسبوع كشف بيان مشترك لرؤساء أكبر 8 مجموعات تجارية تركية، تلقيهم شكاوى من شركات سعودية، تفيد بأن الرياض اشترطت عليهم التوقيع على وثائق تلزمهم بعدم استيراد بضائع من تركيا، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
ثمانية تكتلات اقتصادية تركية يناشدون الحكومة السعودية التدخل لوقف الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية لما سيترتب عليه من كارثة على الاقتصاد التركي، والمكتب الاعلامي للحكومة السعودية ينفي فرض أية قيود على المنتجات والبضائع التركية.
— مشعل الخالدي (@meshaluk) October 10, 2020
ويرى السياسي التركي المعارض محمد غوزلمانصور، أن “تركيا لا تمتلك رفاهية خسارة أي سوق في الشرق الأوسط في ظل تراجع قيمة الليرة والتداعيات السلبية لجائحة كورونا.
نائب حزب @herkesicinCHP محمد غوزلمانصور
حذرت الحكومة التركية من خطورة المقاطعة السعودية ومن أمكانية انتشارها لتمتد لدول حليفة للسعودية، والتقارير تفيد بأن الإمارات، تونس، المغرب والجزائر ستقاطع منتجاتنا ومع ذلك الحكومة نائمة.
الخلاف أصبح تركي-تركي#الحملة_الشعبية_لمقاطعة_تركيا pic.twitter.com/szN39ZWgUg
— عبدالله البندر (@a_albander) October 16, 2020
أما المحلل السياسي التركي، حمزة تكين، فاستبعد في سلسلة تغريدات “أن يكون لحملات المقاطعة السعودية أي تأثير كبير على الاقتصاد التركي كون غالبية الصادرات التركية الثقيلة تذهب لدول أخرى”.
🔴 حملة مقاطعة المنتجات التركية التي اطلقتها سلطات #السعودية و #الإمارات تبدو أشبه باستراتيجية المستهلك قصير النظر مقابل المُنتِج الاستراتيجي، وعليه ربما أهم نتيجة لهذه الحملة هي إعادة تعريف مصطلح "الوطنية" سعوديا وإماراتيا حيث باتت الوطنية تعني مقاطعة #تركيا والتطبيع مع #اسرائيل
— Abdalqader fayez عبدالقادر فايز (@abdalkaderfaeez) October 16, 2020
عادة تركيا ترد بالمثل على أي خطوة ضدها من أي دولة
ولكن بحالة من يطالب اليوم بمقاطعة المنتجات التركية في بعض دول الشرق الأوسط أرى أنه من الصعب على تركيا تطبيق هذه السياسة والرد بالمثل
هم سيقاطعون المنتجات التركية.. طيب تركيا ماذا ستقاطع؟!
ماذا يصنعون هم قد تقاطعه تركيا؟! 😂🤔— Hamza Tekin حمزة تكين (@Hamza_tekin2023) October 14, 2020
حرب إعلامية متواصلة
وتذهب معظم التوقعات إلى أن الحرب الإعلامية بين السعودية وتركيا ستتصاعد في الأشهر المقبلة، خاصة بعد أن سمحت السعودية بمرور شاحنات البضائع السورية بعد سنوات من المنع.
ويشير بعضهم إلى أن المقاطعة قد تدفع تركيا إلى تشكيل تحالف اقتصادي سياسي جديد في المنطقة، أسوة بما حدث عقب حصار قطر.
لذا يحذر اقتصاديون من أن حملة المقاطعة قد تنعكس بالسلب على السوقين التركي والسعودي على حد سواء.
وتحتل السعودية المركز الـ15 من بين أكبر أسواق التصدير في تركيا. وبلغت مبيعات السجاد والمنسوجات والمواد الكيميائية والحبوب والأثاث والصلب في 2020، 1.91 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام.
ويمثل هذا تراجعا بنسبة 17٪ مقارنة بعام 2019. يعزو البعض تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أسباب تتعلق بتفشي فيروس كورونا الذي أضر بالتجارة العالمية، وليس التوترات السياسية فقط.
لكن الإحصاءات السعودية تظهر أن قيمة الواردات التركية في تراجع مستمر منذ 2015.
ويقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو 5 مليارات دولار سنوياً.
Comments are closed.