غاليبولي: المعركة التي سقط فيها مئات الآلاف من الأتراك والحلفاء بين قتيل وجريح

حاول الحلفاء الاستيلاء على اسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى

Getty Images

حاول الحلفاء الاستيلاء على اسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى

تم مؤخرا الانتهاء من أعمال تجديد النصب التذكاري لضحايا حملة غاليبولي المقام في فارفيكشاير في كينت بانجلترا، وهو الموقع الذي شهد تحية ملك بريطانيا جورج الخامس لقوات الفيلق 29 عام 1915 قبل أن يتجه الفيلق إلى غاليبولي في تركيا خلال أحداث الحرب العالمية الأولى.

وفي الواقع أنه يوجد عدة نصب تذكارية لضحايا معركة غاليبولي في بريطانيا وأستراليا ونيوزيلاندا وغيرها، فما هي قصة هذه المعركة؟

شهور طويلة ودماء كثيرة

بدأت هذه المعركة في 17 فبراير/شباط عام 1915 وانتهت في 9 يناير/كانون الثاني عام 1916 في شبه جزيرة غاليبولي التركية خلال محاولة الحلفاء الاستيلاء على القسطنطينية (اسطنبول) خلال الحرب العالمية الأولى.

وسقط مئات الآلاف من الضحايا في الجانبين بين قتيل وجريح.

واشتركت في الحملة القوات البريطانية والفرنسية والهندية والنيوزيلندية والأسترالية والكندية ضد قوات الإمبراطورية العثمانية التي كانت تدعمها المانيا وفي النهاية أجبر الحلفاء على الانسحاب.

لماذا كانت الحملة؟

بعد انحياز الإمبراطورية العثمانية إلى جانب ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، قرر الحلفاء إخراج العثمانيين من الحرب.

وكانت الخطة بسيطة وتتمثل في الإبحار بأسطول ضخم عبر مضيق الدردنيل الضيق الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بإسطنبول.

فمن خلال الاستيلاء على العاصمة العثمانية ستضعف الإمبراطورية بشدة، وربما تضطر حتى إلى الاستسلام.

ولقد فشلت الخطة فشلا ذريعا، فقد كان الأسطول ضخما ولكنه كان قديماً جداً، وتعرضت العديد من السفن لاضرار أو الغرق بفضل المدافع والألغام العثمانية، مما أجبرها على التراجع.

ووضع الحلفاء خططا للغزو عن طريق البر بدلا من البحر للاستيلاء على المنطقة وضمان مرور الأسطول بأمان.

الإنزال البري

ففي فجر يوم 25 أبريل/ نيسان 1915، شن عشرات الآلاف من جنود الحلفاء هجوما على شبه جزيرة غاليبولي الاستراتيجية، والتي كانت بمثابة المفتاح الرئيسي المتحكم في مضيق الدردنيل، الممر الرئيسي الى البحر الأسود ولروسيا.

وضمت الحملة قوات من أستراليا ونيوزيلندا، لكن بريطانيا شاركت بالنصيب الأكبر من القوات، وقدمت 400 ألف جندي من إجمالي نصف مليون جندي شاركوا في العمليات العسكرية بشبه الجزيرة.

شبه جزيرة غاليبولي الاستراتيجيةGetty Imagesواجه الجنود ظروفا مروعة في شبه جزيرة غاليبولي الاستراتيجية

وقال نايجل ستيل، مؤرخ في متحف الحرب الإمبراطوري بلندن: “أحداث غاليبولي لها صدى كبير خاصة لدى أهل شمال وغرب انكلترا”.

وأضاف قائلا لـ بي بي سي :”الكثير من الرجال من لانكشير قتلوا هناك، وكان عددهم أكبر من جميع قتلى القوات النيوزيلندية”.

لقد كانت عمليات الإنزال كارثية، فقد قُتل الآلاف في اليوم الأول ولم تتحرك الخطوط الأمامية لأكثر من بضع مئات من الأمتار من الشاطئ خلال 8 أشهر من القتال والهجمات وعمليات الإنزال الجديدة والهجمات المضادة.

غاليبوليGetty Images

تعرضت العديد من سفن الحلفاء لأضرار والغرق

وكانت الظروف في الخنادق مروعة، فقد أدى القصف المستمر والقناصة إلى تراكم الجثث مما جعل منطقة القتال أرضا خصبة للذباب والأمراض.

وكان خط الجبهة الضيق يعني عدم وجود مكان للمراحيض المناسبة، كما أن المياه كانت نادرة مما زاد من سوء مشاكل الجنود الصحية.

ووسط هذه الظروف الرهيبة نشأت علاقة غريبة بين الأعداء، ففي فترات الاستراحة من القصف كانوا يجتمعون بين الحين والآخر ويتبادلون الهدايا، وهناك قصص عن السماح لبعض الجنود بتعليق الغسيل على الأسلاك الشائكة دون إطلاق النار عليهم.

ولم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق نصر حاسم واضطر الحلفاء إلى الانسحاب في كانون الثاني / يناير 1916.

وكان نحو 141 ألف عسكري قد قتلوا في المعركة من بينهم 86 ألفا من العسكريين الأتراك و55 ألفا من عسكريي الحلفاء منهم عشرة آلاف جندي أسترالي ونيوزيلندي، كما أصيب مئات الآلاف من العسكريين من الجانبين بجراح.

ما بعد غاليبولي

وبعد هذه الحملة، حول الحلفاء اهتمامهم إلى غزو الشرق الأوسط فسيطروا على المنطقة التي تضم حاليا العراق وإسرائيل وفلسطين وسوريا.

وشهدت معركة غاليبولي بزوغ نجم القائد العسكري التركي مصطفى كمال، الذي يعود له الفضل في تأسيس الجمهورية التركية الحديثة على أشلاء الامبراطورية العثمانية.

حكاية لورانس العرب الذي ستحول السعودية منزله إلى معلم سياحي

آلاف الأتراك كانوا أسرى في معارك شبه الجزيرة العربية

قصة ثمانية أشقاء بريطانيين شاركوا معا في الحرب العالمية الأولى

لماذا يرتدي البريطانيون زهرة حمراء في نوفمبر؟

وبالنسبة لقوات نيوزيلندا وأستراليا (الأنزاك) ، كانت هذه هي معركتهم الأولى. ومع مرور السنين أصبح ينظر من جانب البعض إلى غاليبولي على أنها كانت حملة أسترالية ونيوزيلندية، حسبما قال في عام 2005 جوني دايموند مراسل بي بي سي في تركيا، رغم أن قرابة تسعة آلاف جندي فرنسي و21 ألف جندي بريطاني وأيرلندي، فضلا عن 86 ألف جندي تركي لقوا حتفهم خلال الهجوم على الشريط الساحلي الضيق.

ولم يبق أي شخص من المحاربين القدامى خلال تلك المعركة على قيد الحياة، وإن كان الكثير من أقاربهم مازالوا يزورون خليج الأنزاك، الذي سمي على اسم الفيلق الأسترالي والنيوزيلندي الذي لقي الكثير من جنوده مصرعهم هناك.

كما قالت مارغريت آندرسون مديرة معهد التاريخ لجنوب أستراليا في عام 2005: “مازال المؤرخون عاجزين عن تفسير السبب الذي جعل حالة جمود عسكرية مكلفة للغاية تصبح أسطورة وطنية”.

وأضافت قائلة: “مهما كانت الأسباب فقد اعتبرت غاليبولي منذ البداية نقطة تحول قومية بالنسبة لأستراليا”.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.