يانوش فالوش: لماذا يمجد اليمين البولندي المتطرف هذا المجرم؟

View Post

كريس هاني

AFP

كريس هاني

كثيراً ما يمكن رؤية لافتات تحمل صورة يانوش فالوش في محيط ملاعب كرة القدم في بولندية مطالبة بإطلاق سراح الرجل الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في جنوبView Post أفريقيا بسبب جريمة قتل الزعيم البارز المناهض للفصل العنصري كريس هاني عام 1993.

كان كثيرون يخشون أن يشعل قتل هاني حرباً عرقية في خضم لحظة حاسمة من المفاوضات بشأن تسليم الأقلية البيضاء السلطة، والذي حدث بالفعل عندما تولى نيلسون مانديلا الرئاسة في العام التالي عقب أول انتخابات ديمقراطية في البلاد.

يقول الصحفي سيزاري لازاريفيتش الذي أجرى مقابلة مع فالوش من أجل كتابه إنه ليس جلياً كيف أصبح هذا الرجل رمزاً للقوميين البولنديين الشباب والمتطرفين، لكنه بدأ من قبل نحو عشر سنوات يتلقى رسائل من مؤيدين في بولندا.

يقول لازاريفيتش ” لقد كتبوا له قائلين إنهم معجبون به لأنه حاول وضع حد للشيوعية في جنوب أفريقيا وإنه يمثل أملا عظيماً للجنس الأبيض”.

وتظهر صور ومقاطع فيديو نشرت على الإنترنت بعض مشجعي كرة القدم يحملون أوشحة طُبع عليها هاشتاغ StayStrongBrother (ابق قويا أخي).

وقد جاء الهاشتاغ مستلهماً من أغنية أهديت إليه، كان من بين كلماتها” رجال قليلون قد يتجرأون على اتخاذ الخطوة التي اتخذتها من أجل دخول طريق المجد والنصر”.

ويقول الدكتور رافال بانكوسكي من رابطة Never Again المناهضة للعنصرية لبي بي سي “لا يطالب المشجعون بإطلاق سراح فالوش لأسباب إنسانية، بل هم يمجدونه بسبب ما فعله وبسبب الأيديولوجية التي يمثلها”. ويضيف أن الأغنية التي تُغنى باللغة الإنكليزية “خير مثال على انتشار فكرة القومية البيضاء المعاصرة على المستوى العالمي”.

من هو كريس هاني؟

-كان زعيم الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا

-كان رئيس أركان الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الأفريقي

-نفذ هجمات ضد حكومة الفصل العنصري

-كان ينظر إليه باعتباره خليفة محتملاً لنيلسون مانديلا

-اغتيل في 10 إبريل/ نيسان 1993

في الذكرى الـ 25 لتولي مانديلا: أسوأ أداء لحزبه في انتخابات جنوب افريقيا

خمسة أشياء قالها أوباما في ذكرى نيلسون مانديلا

بعد مقتل هاني، حُكم على فالوش- وهو مهاجر من بولندا حصل على الجنسية الجنوب أفريقية- بالإعدام إلى جانب مُدان آخر يدعى كلايف ديربي لويس، لكن تم تخفيف العقوبة إلى السجن مدى الحياة بعد إلغاء جنوب أفريقيا عقوبة الإعدام.

وتقدم الاثنان بطلب إفراج مشروط عام 1997 أثناء انعقاد لجنة الحقيقة والمصالحة، وقال فالوش حينها إنه تحرك بدوافع سياسية مناهضة للشيوعية لقتل هاني الذي كان يتولى حينها منصب الأمين العام للحزب الشيوعي في جنوب أفريقي، فضلاً عن كونه أحد الرموز البارزة في الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الأفريقي.

وكان الحزبان حليفين مقربين في المعركة ضد الفصل العنصري. وقد تم رفض طلب الإفراج.

وفي عام 2016، توفي ديربي لويس الذي وفر السلاح لقتل هاني، وذلك بعد عام من الإفراج عنه بشروط لأسباب صحية.

ولا يزال فالوش -الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة وسط حراسة أمنية مشددة في بريتوريا- يحظى بشهرة على الإنترنت.

وما يثير الصدمة أكثر هو أن سوقاً إليكترونية تديرها شركة جنوب أفريقية تقوم ببيع منتجات لمناصرة فالوش والاحتفاء به كـ “سجين سياسي”.

الإزالة لا تكفي

أكدت بي بي سي أن أوشحة وقمصاناً وملصقات تحمل اسم وصورة يانوش فالوش طرحت للبيع على موقع OLX في بولندا، قبل أن تتم إزالتها.

ويعد موقع OLX مملوكاً لشركة استثمار التكنولوجيا بروسوس التابعة لشركة التكنولوجيا العملاقة ناسبرز ومقرها جنوب أفريقيا.

وقد رفعت مؤسسة Never Again لمناهضة العنصرية شكوى إلى شركة OLX بشأن بيع المنتجات الداعمة لفالوش وغيرها من المنتجات “العنصرية”.

ويقول الدكتور بانكوسكي ” يحظر القانون البولندي الترويج للفاشية أو الكراهية العنصرية، لكن تطبيق القانون ضعيف بشكل واضح”.

وتحظر القواعد المنظمة لعمل شركة OLX في بولندا كذلك بيع المنتجات التي تنطوي على “محتوى يحرض على الكراهية لأسباب قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية أو مذهبية”.

وقالت شركة ناسبرز في بيان لبي بي سي إن “قيام عناصر الجناح اليميني في بولندا بانتهاك قواعد استخدام منصة OLX في بولندا، وبالرغم من أنهم قاموا بذلك على نطاق محدود للغاية، فإن أي محتوى يروج للعنف والعنصرية والتمييز يثير الاشمئزاز ويتعارض مع قيم ومبادئ مؤسستنا”.

وقالت المتحدثة باسم الشركة شاميلا ليتسوالو “انظمتنا تستخدم التكنولوجيا لتحديد وإزالة المنتجات التي تنتهك سياسات OLX. وأضاف البيان أن منتجات فالوش لم تكن تحمل اسمه وبالتالي لم يتعرف عليها النظام وأنها “أزيلت على الفور” بعد إخبار فريقنا.

غير أن ذلك ليس كافياً في رأي المتحدث باسم المتحدث باسم الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا أليكس ماشيلو الذي قال لبي بي سي إنه يتعين على شركة ناسبرز ان “تتخذ موقفاً أكثر من مجرد ما قالته لحماية مصلحتها”.

وأضاف أن الحزب “سيدرس هذا الأمر أكثر ويقرر بشان الخطوات التالية التي سيتخذها”.

“غير نادم”

يتمثل أحد التفسيرات لتصاعد الاهتمام بقضية فالوش في سلسلة القرارات القضائية والحكومية التي قادت إلى إلغاء قرار بالإفراج المشروط عنه كان قد صدر عام 2016.

وقد عارض كل من أسرة هاني والحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا تلك الخطوة، حتى بعد قرار السلطات تجريد فالوش من الجنسية الجنوب أفريقية تمهيداً لترحيله لبولندا في حال إطلاق سراحه.

وفي مارس/آذار الماضي قررت وزارة العدل أخيراً عدم إطلاق سراحه.

ويقول ماشيلو أن فالوش “غير نادم، بخلاف ما يتظاهر به كي ينظر إليه بأنه يستحق الإفراج المشروط”.

ويضيف ماشيلو “يجب عدم الإفراج المشروط عن القاتل غير القابل للإصلاح الذي كاد يُغرق جنوب أفريقيا في حرب أهلية. حتى الآن لم يتم الكشف عن كل الحقائق والملابسات المحيطة باغتيال هاني”.

وقال إنه ماتزال هناك تساؤلات بشأن السلاح الذي استخدم في قتل هاني، متسائلاً “سلاح القتل المستخدم كان قد أُخذ من مخزن عسكري. من أخذه ومن نقله إلى فالوش؟”.

شوهد فالوش علناً آخر مرة خلال جلسات محكمة الحقيقة والمصالحة مجيباً على أسئلة تتعلق باغتيال هاني.

وقد ظهر خلال الجلسات حانياً رأسه قليلاً، مثبتاً على القاعة نظرة فارغة وحارقة في آن واحد، كتلك التي يبدو فيها في صورته المطبوعة على الأوشحة واللافتات في ملاعب كرة القدم البولندية.

وفي العام الماضي نُشرت على موقعي يوتيوب وفيسبوك رسالة صوتية لفالوش يشكر فيها مشجعيه لجمعهم تبرعات لصالح سداد الرسوم القانونية وشراء معدات رياضية.

حين قام لازاريفيتش بزيارة فالوش قبل عامين لإجراء مقابلة معه، وجد رجلاً لايزال متمسكاً بقناعاته بعد مرور 25 عاماً من سجنه.

يقول لازاريفيتش “التقى فالوش بإبنة هاني( لينديوي) في السجن قبل أربع سنوات. قال لها إنه حين توفي والده عام 1997 أدرك أن كريس هاني لم يكن شيوعياً فحسب، بل كان أباً وزوجاً كذلك”.

وأضاف “قال لي فالوش إنه آسف للغاية لقتله والد لينديوي. لكنه لم يندم قط على قتله زعيماً شيوعيا. أخبرني بأنه في عام 1993 كانت جنوب أفريقيا تشهد حرباً وأنه شعر أنه جندي. مازال فالوش يؤمن بنظام الفصل العنصري وأن البيض والسود يجب أن يعيشوا منفصلين”.

وربما يوضح ذلك السبب في أن فالوس صار رمزاً لجماعات تفوق العرق الأبيض.

ورغم أن أنصاره ينادون بإطلاق سراحه من داخل مباريات كرة القدم في بولندا، فإن ولائهم المشترك لأيديولوجية عنصرية هو ما سيحول دون أي فرصة للإفراج المشروط، ويجعله أسير القضبان بقية حياته.

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.