“الجثث في كل شارع”: فرق الإنقاذ في غزة تواجه حجم الدمار

أشخاص، بينهم طفل على عكاز، فقد النصف السفلي من ساقه اليسرى، يتجولون بين أنقاض المنازل والمباني الرمادية المليئة بالغبار التي دمرت خلال الحرب في البريج وسط غزة.

Reuters
فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المنازل والمباني في وسط غزة

في أول يوم بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يوم الاثنين، بدأ عمال الإنقاذ والمدنيون في تقدير حجم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع.

وعبّرت وكالة الدفاع المدني في غزة ـ وهي الجهاز الرئيسي للاستجابة للطوارئ في القطاع ـ عن خشيتها من وجود أكثر من عشرة آلاف جثة لا تزال مدفونة تحت أكوام الأنقاض الهائلة.

وقال المتحدث باسم الوكالة محمود بصل لبي بي سي إنهم يأملون في انتشال الجثث في غضون 100 يوم، لكن من المرجح أن يتأخر ذلك بسبب نقص الجرافات والمعدات الأساسية الأخرى.

وأظهرت صور جديدة من غزة بعد وقف إطلاق النار، يوم الأحد، مشاهد الدمار الشامل الذي حدث خلال خمسة عشر شهراً من الهجوم الإسرائيلي، وخاصة في شمال القطاع.

وقد قدرت الأمم المتحدة في وقت سابق أن 60 في المئة من المباني في مختلف أنحاء غزة تضررت أو دمرت.

وعلى الرغم من أن أصوات القصف استُبدلت بالاحتفالات مع بدء وقف إطلاق النار يوم الأحد، فإن الواقع الذي يواجه سكان غزة لا يزال مأساوياً.

ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن الحرب تركت أكثر من مليوني فلسطيني في غزة بلا مأوى أو دخل، وأصبحوا يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

وبدأت المساعدات تدخل غزة فور وقف إطلاق النار يوم الأحد، وقالت الأمم المتحدة إن 630 شاحنة على الأقل دخلت القطاع قبل نهاية اليوم.

وقالت الأمم المتحدة إن 915 شاحنة أخرى دخلت القطاع يوم الاثنين، وهو أعلى رقم منذ بدء الحرب قبل 15 شهراً.

الدمار في خانيونس بقطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة

EPA
دمار في مدينة خانيونس بقطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة

وقال سام روز، القائم بأعمال مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة، إن المساعدات كانت مجرد بداية للتحدي المتمثل في إعادة الحياة إلى القطاع.

وقال: “نحن لا نتحدث فقط عن الغذاء والرعاية الصحية والمباني والطرق والبنية الأساسية، بل لدينا أفراد وأسر ومجتمعات تحتاج إلى إعادة البناء”.

وأضاف: “الصدمة التي مروا بها، والمعاناة، والخسارة، والحزن، والإذلال، والقسوة التي تحملوها على مدى الأشهر الستة عشر الماضية – ستكون هذه رحلة طويلة جداً جداً”.

وفي إسرائيل، تحدثت عائلات الرهينات الثلاثة اللائي تم إطلاق سراحهن في أول عملية تبادل في مؤتمر صحفي في تل أبيب مساء الاثنين.

وقالت ماندي داماري، والدة الإسرائيلية البريطانية إميلي داماري، إن إميلي كانت “بمعنويات عالية” و”على طريق التعافي” على الرغم من فقدان إصبعين في هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

وقالت ميراف ليشيم جونين، والدة رومي جونين: “استعدنا رومي، لكن جميع العائلات تستحق نفس الشيء، سواء الأحياء أو الأموات، قلوبنا مع العائلات الأخرى”.

وقبل المؤتمر الصحفي، أصدرت السلطات الإسرائيلية لقطات جديدة تظهر داماري، 28 عاماً، وجونين، 24 عاما، ودورون شتاينبريشر، 31 عاماً، وهن يلتقين بأمهاتهن وسط الدموع يوم الأحد، بعد لحظات من إخراجهن من غزة

وإذا صمدت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، فسيتم إطلاق سراح 30 رهينة آخرين من غزة على مدى الأيام الأربعين المقبلة مقابل إطلاق سراح حوالي 1800 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وتقدر السلطات الصحية الفلسطينية أن أكثر من 46,900 شخص قتلوا في غزة خلال أكثر من 15 شهراً من الحرب وأصيب أكثر من 110,700.

ولا تميز الوزارة بين المدنيين والمقاتلين، لكنها تقول إن أغلب القتلى من النساء والأطفال – وهو تأكيد تدعمه الأمم المتحدة.

وأشارت دراسة أجرتها المملكة المتحدة ونشرتها المجلة الطبية “لانسيت” هذا الشهر إلى أن أرقام وزارة الصحة ربما تقلل من تقدير عدد القتلى بأكثر من 40 في المئة.

وقال الدفاع المدني في غزة في بيان يوم الاثنين إن 48 في المئة من موظفيه قتلوا أو أصيبوا أو اعتقلوا أثناء الصراع، وأن 85 في المئة من مركباته و17 من أصل 21 منشأة تضررت أو دمرت.

ورغم أن خطر الضربات الجوية قد زال، إلا أن العمل الشاق مستمر بالنسبة لعمال الدفاع المدني المتبقين، وأظهرت الصور التي شاركها أعضاء الوكالة مع بي بي سي في شمال غزة يوم الاثنين أنهم يؤدون أعمالا مروعة، بما في ذلك انتشال جثث الأطفال والبقايا البشرية في حالة سيئة.

وقال عبد الله المجدلاوي (24 عاماً) وهو عامل في الدفاع المدني في مدينة غزة: “في كل شارع هناك قتلى، وفي كل حي هناك أشخاص تحت المباني”.

وأضاف: “حتى بعد وقف إطلاق النار، تلقينا العديد من الاتصالات من أشخاص يقولون لنا من فضلكم تعالوا، عائلتي مدفونة تحت الأنقاض”.

تظهر صورة جوية تم التقاطها بطائرة بدون طيار فلسطينيين نازحين داخليًا يسيرون على طول شارع وسط أنقاض المباني المدمرة الرمادية والمغبرة في رفح.

EPA
فلسطينيون نازحون يسيرون في رفح يوم الاثنين

وقالت ملاك كساب، وهي خريجة جامعية تبلغ من العمر 23 عاماً نزحت مؤخراً من مدينة غزة، لبي بي سي، يوم الاثنين، إن أفراداً من أسرتها من بين الذين لم يتم انتشالهم بعد.

وقالت: “لقد فقدنا الكثير من أفراد أسرتنا ولا يزال بعضهم تحت أنقاض المباني المدمرة، هناك الكثير من الناس تحت الأنقاض ـ والجميع يعلمون بهذا”.

وقالت إن منزل عائلة كساب في مبنى سكني لم يدمر بالكامل، لكنه تضرر بشدة، وتضيف: “لا توجد أبواب ولا نوافذ ولا ماء ولا كهرباء ولا أي شيء، ولا خشب حتى لإشعال النار، إنه غير صالح للعيش”.

لا تزال الحركة تشكل خطراً على النازحين في غزة مع بدء الجيش الإسرائيلي عملية الانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان في القطاع.

وحذرت القوات الإسرائيلية الناس من الاقتراب من أفرادها أو منشآتها، أو الدخول إلى المنطقة العازلة التي أنشأتها حول حدود غزة وحول ممر نتساريم، الذي يقسم غزة ويفصلها عن الجنوب.

لكن العديد من السكان كانوا حريصين على رؤية ما تبقى من منازلهم قبل الموعد المحدد. وقال حاتم عليوة، مشرف مصنع يبلغ من العمر 42 عاماً من مدينة غزة، إنه يفكر في الخروج سيراً على الأقدام من ملجأه في خان يونس في الجنوب.

وقال عليوة: “كنا ننتظر وقف إطلاق النار هذا مثل الناس الذين ينتظرون دخول الجنة، لقد فقدت اثنين من إخوتي وعائلاتهم. لقد فقدت أبناء عمومتي وأعمامي، الشيء الوحيد الذي ما زلت آمل فيه هو العودة إلى المنزل”.

هناك مخاوف جدية على كلا الجانبين من أن الاتفاق قد ينهار حتى قبل اكتمال المرحلة الأولى في غضون ستة أسابيع تقريباً، وأكدت إسرائيل أنها تحتفظ بالحق في استئناف العمل العسكري في غزة في أي وقت.

وفي حديثه في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين، رحب الأمين العام أنطونيو غوتيريش بالاتفاق باعتباره “شعاع أمل” وقال إنه يجب الوفاء بالتزاماته.

لكن غوتيريش حذر من تدهور الوضع في الضفة الغربية المحتلة، التي شهدت ارتفاعاً هائلاً في هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد القرى الفلسطينية منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقال غوتيريش: “يتحدث كبار المسؤولين الإسرائيليين علناً عن ضم كل أو جزء من الضفة الغربية رسمياً في الأشهر المقبلة”، مضيفًا: “أي ضم من هذا القبيل سيشكل انتهاكاً خطيراً للغاية للقانون الدولي”.

Powered by WPeMatico

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.