أحمد الشرع: الرغبة في بناء سوريا والتخلص من وصمة الماضي – الغارديان
في عرض الصحف لهذا اليوم، نستعرض وجهة نظر الغارديان بشأن أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام، والسعي لإعادة بناء سوريا في ظل توازنات معقدة للعلاقات مع القوى الخارجية. وفي هآرتس يقدم جدعون ليفي مفارقة بشأن قرار نتنياهو عدم حضور مراسم تأبين معسكر أوشفيتز النازي خشية التعرض للاعتقال، وفي صحيفة القدس العربي نقرأ مقالاً يناقش الرؤية الغربية للعلاقات مع الإدارة الجديدة في دمشق، ويحاول الإجابة عن سبب عدم رفع العقوبات عن سوريا رغم “الاتصالات الغربية مع دمشق”.
نبدأ جولتنا من صحيفة الغارديان، التي قدمت افتتاحيتها وجهة نظر بشأن هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع، ومستقبل سوريا في ظل توازنات القوى العالمية والحاجة لإعادة النهوض بالبلاد.
تقول الصحيفة إن الدبلوماسية هي “فن تحويل المستحيل إلى ممكن”، وإن أحمد الشرع، قائد سوريا الحالي – بحكم الواقع – أثبت إتقانه للمساومة والإقناع، فبالرغم من أن هيئة تحرير الشام وُضعت على قوائم الإرهاب لدى كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلا أن الشرع استقبل ممثلي هذه الجهات في دمشق.
تضيف الصحيفة أن حديث الشرع “البنّاء” مع الأمريكيين أدّى إلى إلغاء المكافأة التي وضعتها واشنطن سابقاً بقيمة 10 ملايين دولار “لقاء رأسه”. وفي إشارة إلى التغيير الذي حدث، تخلّى الشرع عن اسمه العسكري المعروف “أبو محمد الجولاني”، وتخلى كذلك عن بدلته العسكرية.
ترى الصحيفة أن الزيارات الدولية إلى سوريا تدلل على وجود رغبة لدى المجتمع الدولي بإعادة ضبط استجابته لتوازنات القوى المتغيرة في سوريا، لكن “السؤال هنا هو ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى إجراءات ملموسة؟”.
تستعرض الصحيفة في هذا السياق الأوضاع في سوريا، وهي أوضاع تخلق “حاجة ملحّة لفعل شيء”، إذ إن “90% من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر، وهناك 6 ملايين سوري لجأوا إلى خارج البلاد، إضافة إلى 7 ملايين نازح داخلها.
ومن هذا المنطلق، يسعى الشرع، برأي الصحيفة، إلى رفع هيئة تحرير الشام عن قوائم الإرهاب، والحصول على الاعتراف الدولي بحكومة تصريف الأعمال الجديدة، ورفع العقوبات التي كانت مفروضة على نظام الأسد، حتى يصبح “إعادة بناء سوريا” ممكناً.
في المقابل، “تريد القوة الخارجية المتعددة، أشياء أخرى”. تقول الصحيفة إن العديد من البلدان تشدد على الحاجة لاحترام الأقليات وتطبيق سلطة القانون وإنشاء حكومة تشمل الجميع. فيما تسعى بلدان أخرى إلى تحقيق مصالحها الذاتية، فروسيا “تريد الإبقاء على قواعدها العسكرية في سوريا”، والولايات المتحدة تريد “دحر النفوذ الإيراني، ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بالتعاون مع حلفائها الأكراد”، فيما تسعى تركيا إلى صد المجموعات الكردية ومطالبتهم بالحكم الذاتي.
ترى الغارديان أن “سوريا المستقرة” لديها جاذبية تتعدى حدود مصالحها المحلية. وهدف دمشق في نهاية المطاف يجب أن يتمثل في بناء سلم مستدام داخل بلد موحد، وهذا يعني أن “القوى الأجنبية يجب أن تتراجع، ومن بينها إسرائيل التي احتلت بصورة غير مشروعة أراض سورية”.
وتشير الصحيفة إلى أن على هيئة تحرير الشام أن تظهر أنها فعلاً قد تركت ماضيها وراءها، كما يجب عليها أن تجد طريقة للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك “الانتهاكات التي قامت بها بنفسها”.
تعبّر الصحيفة عن خشية “بعض السوريين” من أن “تنجر الإدارة الجديدة نحو الحكم الديني المتشدد والطائفي، وأن يؤدي ذلك إلى تهميش النساء وإبعادهن عن الحياة العامة”. وهي مخاوف يعمل الشرع جاهداً، برأي الصحيفة، على تبديدها، إذ يعقد لقاءات بممثلي الأقليات، ويعبر عن التزامه بإعادة بناء “بلد ممزق”.
ترى الصحيفة أن على الشرع أن يعهد بكتابة الدستور إلى مجلس منتخب أو مجلس “يمثل التنوع السوري”، وليس إلى “لجنة منتقاة بعناية من الحلفاء ذوي التوجهات المماثلة له”، كي لا يخاطر بإصدار دستور “لا يحظى باحترام من السوريين أكثر من ذلك الذي حظي به نظام الأسد البائد”.
سوريا: أين رفع العقوبات؟
نطالع في صحيفة القدس العربي مقالاً للكاتب مثنى عبد الله، يتساءل فيه عن سبب عدم رفع العقوبات عن سوريا رغم ما وصفه بـ “التهافت الغربي” عليها، ويحاول من خلاله تقديم الرؤية الغربية للعلاقات مع سوريا في ظل الإدارة الجديدة.
يقول الكاتب إن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية باشرت بفتح قنوات اتصال مباشرة مع السلطات الجديدة في سوريا من “بوابة المساعدات الإنسانية”، وأعادت بعضها فتح السفارات والقنصليات التابعة لها، وقدّم بعض المسؤولين الغربيين “بوادر إيجابية” عمّا رأوه في دمشق، فيما أكدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن هيئة تحرير الشام لا تزال “منظمة محظورة” لديهما، وأن الاتصالات تهدف إلى “تأسيس حكومة تنفيذية جامعة تمثل جميع مكونات الشعب السوري”.
يقدّم عبد الله ثلاثة دوافع وراء هذه الاتصالات الدولية بدمشق، أولها هو العمل على تكريس دبلوماسية كاملة تساعد في فهم النظام السياسي الجديد. والدافع الثاني هو الحصول على ضمانات بأن رفع العقوبات وتقديم المساعدات لن يخلق “انقسامات في الطبقة السياسية الجديدة”.
يطرح الكاتب في هذا السياق مقاربة لما حصل في ليبيا، حين “سارع الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي، وتقديم مساعدات اقتصادية كبيرة، ورفع العقوبات الاقتصادية فوراً عنها، ودفع مستحقات قيمتها بالمليارات”، وهذا ما سبّب انقساماً في الطبقة السياسية الليبية، حيث كان كل طرف يريد “الاستئثار بالأموال لتعزيز نفوذه”.
أما الدافع الثالث، فيكمن، برأي الكاتب، في سعي الغرب إلى إجراء التواصل مع هيئة تحرير الشام بالتنسيق مع دول الجوار والقوى الإقليمية، خاصة وأن التحركات العسكرية والدبلوماسية في الملف السوري كانت “دائماً في إطار التشاور والاجتماعات المتكررة بين جميع الأطراف”.
يطرح عبد الله تساؤلاً على لسان المراقبين بشأن قبول الغرب باستبدال “نظام دكتاتوري بنظام آخر يقولون عنه إنه ذو خلفية دينية متشددة ومصنف على قوائم الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة”. ويقدم إجابة على ذلك بالقول إن المصالح هي التي تفرض “البراغماتية والواقعية في التحركات السياسية والاقتصادية”، وهو “شيء معهود من قبل المجتمع الغربي”. وطرح مثالاً على ذلك حين جلس “المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة على الطاولة مع طالبان للتفاوض حول مستقبل أفغانستان”.
يرى عبد الله أن الرؤية الغربية تضع شرطين أساسيين لاستمرار التقدم في التفاوض مع هيئة تحرير الشام، الأول هو أن يكون هناك “انتقال سلمي يشمل جميع الاطراف والطوائف الدينية والأقليات، خاصة الأكراد”، والثاني هو عدم التسرع في الانفتاح وضرورة الحصول على ضمانات.
يقدّم الكاتب كذلك أسباباً لـ “مسارعة الولايات المتحدة في المشاركة في الأحداث الأخيرة في سوريا والتواصل مع سلطات دمشق الجديدة”، ويقول إنها تهدف إلى “تحجيم روسيا وإضعافها؛ من خلال حرمانها من قواعدها العسكرية في سوريا”، و “ضمان أمن إسرائيل وعدم وجود خطر عليها من الأحداث الأخيرة”، إضافة إلى الوجود العسكري الأمريكي “الكبير” في سوريا.
يطرح الكاتب السؤال الذي عنون عليه المقال، بشأن سبب عدم رفع العقوبات المفروضة على سوريا رغم كل هذه الاتصالات الدولية مع الإدارة الجديدة في دمشق، فيجيب بأن الغرب يريد تحويل ملف رفع العقوبات إلى “سيف مُسلّط على رقاب الحكام الجدد من أجل استنزاف مواقف أكبر لمصالحهم”، ويذكر للدلالة على ذلك تصريحاً لمسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاديا كالاس، اشترطت فيه “خروج روسيا بالكامل من سوريا كي تتعاون أوروبا مع القيادة الجديدة”. وهذا يُظهر، برأي الكاتب، أن الديناميكية التي يتحرك بها الغرب في هذا الجانب “أقل بكثير” من الديناميكية التي تتحرك بها السلطات الجديدة في دمشق.
يقدّم عبدالله مفارقة في هذا السياق، فروسيا “التي حمت النظام السابق، وساهمت بقتل مئات آلاف من السوريين بأسلحتها” هي من تدعو اليوم إلى رفع العقوبات عن الشعب السوري بسرعة بينما “يتلكأ الغرب”.
يختم الكاتب بالقول إن انحسار النفوذ الروسي وانتهاء النفوذ الإيراني في “سوريا الجديدة”، يشكلان “أكبر فرصة تاريخية أمام الغرب لتحسين صورته” من خلال رفع العقوبات وإنهاء معاناة الشعب فيها.
أوشفيتز وغزة: “مفارقة تاريخية مريرة”
في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، نقرأ مقالاً للكاتب جدعون ليفي، يقدّم فيه مفارقة حول عدم حضور نتنياهو لمراسم إحياء الذكرى الـ 80 لتحرير معسكر الاعتقال النازي “أوشفيتز” في بولندا؛ بسبب مخاوفه من التعرض للاعتقال على خلفية المذكرة التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه، ويقدم الكاتب كذلك مقاربة لما حصل في معسكر أوشفيتز من إبادة لليهود على يد النازيين، وما يحصل في غزة.
يقدم ليفي تخيلاً يحمل “مفارقة تاريخية مريرة” لما يمكن أن يحصل لو قرر نتنياهو الحضور إلى مراسم إحياء ذكرى تحرير أوشفيتز. حيث تهبط طائرة نتنياهو في كراكوف في بولندا، ويصل إلى بوابة معسكر أوشفيتز، ثم تعتقله السلطات البولندية عند البوابة.
يطرح الكاتب مفارقة أخرى فيقول إنه من بين جميع الشخصيات والدول التي ستحضر إلى أوشفيتز، فإن رئيس وزراء إسرائيل “هو الذي يُمنع من حضور حفل تأبين أبناء شعبه” بسبب القانون الدولي الذي يحوم فوق رأسه.
يقول ليفي إن حقيقة أن معسكر أوشفيتز كان أول مكان يتجنب نتنياهو الذهاب إليه في أعقاب صدور مذكرة الاعتقال بحقه، هي حقيقة تصدح بالرمزية، وكذلك “العدالة التاريخية”، فنتنياهو مطلوب لدى محكمة أُنشئت في أعقاب ما حدث في أوشفيتز، بسبب جرائم حرب “أصبحت تشبه على نحو متزايد” ما حصل في المعسكر النازي.
يضيف الكاتب أن المسافة بين أوشفيتز وغزة لا تزال كبيرة، لكن وبعد قراءة تقرير صحيفة هآرتس بشأن ما يحدث في “ممر الموت” في نتساريم وسط قطاع غزة، فإن المسافة هذه “تتقلص يوماً بعد يوم”. كما أن المقارنة بين أوشفيتز وغزة لم تعد بعد الآن “غير معقولة”.
يذكر الكاتب بعد ذلك بعض الأحداث في غزة، التي “تعيد إلى الأذهان ما حصل في الهولوكوست” على يد ألمانيا النازية، فيقول إنه حين يعرف الفلسطينيون في غزة أنه حيث تتجول الكلاب الضالة، فستكون هناك جثث بشرية تتغذى عليها هذه الكلاب “تبدأ ذكريات الهولوكوست بالعودة”، وحين يكون هناك خط وهمي للموت داخل أراضي غزة يُقتل كلّ من يمر عبره، حتى ولو كان طفلاً جائعاً، تبدأ “ذكرى الهولوكوست بالهمس”، وحين يُمارَس “التطهير العرقي في شمال قطاع غزة”، وتتبعه إشارات واضحة على “الإبادة” في كل أنحاء القطاع، “تدوي على أسماعنا كذلك ذكرى الهولوكوست”.
يقول ليفي إن إسرائيل “فقدت تواضعها بعد حرب عام 1967، وبعد السابع من أكتوبر، فقدت إسرائيل إنسانيتها”، وفي كلا الحالتين حدث “َضرر لا يمكن إصلاحه”، ومقعد رئيس وزراء إسرائيل سيكون شاغراً في حفل تأبين أوشفيتز، لأنه دولته أصبحت “منبوذة”، ولأنه مطلوب لدى المحكمة الأكثر احتراماً التي تحاكم مجرمي الحرب، وهذه مناسبة تاريخية “يجب أن نستوعب أهميتها”.
- ماذا نعرف عن أبو محمد الجولاني؟
- مسيحيون في سوريا: نتطلع للأمان ونخشى التطرف
- حرب غزة: هل تعبأ إسرائيل بالتقارير المتتالية التي تتهمها بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة؟
Powered by WPeMatico
Comments are closed.