كل ما نعرفه عن القانون الجديد للجوء الأجانب في مصر
وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون جديد بشأن لجوء الأجانب في مصر، وهو أول تشريع مصري داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد.
القانون المكون من 39 مادة أثار حالة من الجدل حول بعض بنوده، والآلية التي يعتمدها لتسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء، بعد موافقة مجلس النواب عليه الشهر الماضي، نحاول من خلال الأسئلة التالية الإجابة عن أبرز التساؤلات المتعلقة بهذا القانون.
ما أبرز النقاط التي تضمنها القانون الجديد؟
يتضمن القانون الجديد إنشاء لجنة حكومية لشؤون اللاجئين، تكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين، من استقبال طلبات اللجوء وفحصها، والموافقة عليها أو رفضها، وكذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة باللاجئين.
بحسب القانون، ستتبع هذه اللجنة مجلس الوزراء المصري، وستتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتفصل اللجنة في طلبات اللجوء المقدمة لمن دخل إلى البلاد بطريق مشروع خلال 6 أشهر، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بطريق غير مشروع.
ما أهم الحقوق والمحظورات على من يحصل على صفة “لاجئ”؟
يكفل القانون مجموعة من الحقوق لمن يحصل على صفة “لاجئ” أبرزها الحصول على وثيقة سفر، وحظر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو دولة إقامته المعتادة، والحق في التقاضي والعمل والتعليم والاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين وفقا للقواعد المقررة قانونا للأجانب.
كما منح القانون من يحصل على صفة لاجئ الحق في التقدم للحصول على الجنسية المصرية.
كذلك ألزم القانون من يكتسب وصف لاجئ، بعدة أمور أهمها، احترام الدستور والقوانين وقيم وتقاليد المجتمع المصري، وحظر القيام بأي نشاط من شأنه المساس بالأمن القومي أو النظام العام أو يتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، أو الاتحاد الإفريقي، أو جامعة الدول العربية، أو أي منظمة تكون مصر طرفًا فيها.
أيضا حظر القانون على من يكتسب وصف لاجئ، ارتكاب أي عمل عدائي ضد دولته الأصلية أو أية دولة أخرى، وحظر مباشرة أي عمل سياسي أو حزبي أو أي عمل داخل النقابات، أو التأسيس، أو الانضمام، أو المشاركة بأية صورة في أي من الأحزاب.
ما أسباب رفض طلب اللجوء؟
وحول رفض أسباب طلب اللجوء، نص القانون على أنه لا يقبل طلب اللجوء من إذا توافرت في طالبه أسباب جدية لارتكابه جريمة ضد السلام أو الإنسانية أو جريمة حرب، أو إذا ارتكب جريمة جسيمة قبل دخوله مصر، أو إذا ارتكب أي أعمال مخالفة لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، أو إذا كان مدرجًا على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين داخل مصر وفقًا للقانون، أو إذا ارتكب أي أفعال من شأنها المساس بالأمن القومي أو النظام العام.
وفي حال رفض طلب اللجوء، تطلب اللجنة من الوزارة المختصة إبعاد طالب اللجوء خارج البلاد، وإعلام طالب اللجوء بالقرار. كما نص القانون على إسقاط وصف اللاجئ وإبعاد الشخص فورا عن البلاد، إذا ثبت اكتسابه هذا الوصف بناء على الغش، أو الاحتيال، أو إغفال أي بيانات، أو معلومات أساسية، أو إذا ثبت ارتكابه لأي من المحظورات المنصوص عليها في القانون.
ما المخالفات التي قد تؤدي باللاجئين إلى السجن أو الغرامة في القانون الجديد؟
نص القانون على عدد من المخالفات إذا ما ارتكبها اللاجئ ينتج عنها عقوبته بالسجن أو الغرامة أو الاثنين، أبرز هذه الحالات هي مخالفة المادة 29 من القانون، والخاصة بحظر القيام بأي عمل من شأنه المساس بالأمن القومي أو النظام حيث يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (نحو ألف دولار) ولا تزيد على 100 ألف جنيه (نحو 2000 دولار).
كذلك منح القانون مهلة مدتها 45 يوما لكل من دخل البلاد بطريق غير مشروع وتتوافر فيه الشروط أن يتقدم طواعية للجنة في موعد أقصاه 45 يوما من تاريخ دخوله البلاد، ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه (نحو 200 دولار) ولا تزيد عن 100 ألف جنيه (نحو 2000 دولار)، أو بإحدى العقوبتين.
كيف ستتم عملية تسجيل اللاجئين وفق القانون الجديد؟
في الوضع الحالي، تعمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مصر على تسجيل وتوثيق وتحديد أوضاع طالبي اللجوء في مصر بموجب تفويض من الحكومة المصرية منذ منتصف القرن الماضي، لكن بعد إقرار القانون الجديد، ستتولى اللجنة الحكومية التي سيتم تشكيلها عملية تسجيل اللاجئين ومنحهم صفة اللجوء.
في حديث مع بي بي سي، يوضح النائب أحمد العوضي رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب المصري، أن “اللجنة الحكومية التي ستتشكل وفق القانون ستكون الجهة الحكومية الوحيدة المنوطة باستقبال طلبات ملتمسي اللجوء، وأنها ستعمل على تنسيق هذه الطلبات مع مفوضية الأممية أو أي جهة أخرى”.
وقال العوضي “هذه اللجنة ستكون شأن مصري، لا علاقة لها بالمفوضية، ومن يريد تقنين وضعه، سيتوجه بطلب لهذه اللجنة، ولن يذهب إلى المفوضية”.
وأضاف العوضي “هذه اللجنة ستكون مشكلة من رئاسة مجلس الوزراء، ووزراء الخارجية والداخلية والمالية، وستكون هي المسؤولة عن طلبات اللجوء وكل البيانات المتعلقة بها”.
ولم يوضح العوضي شكل التعاون مع المفوضية الأممية وفق القانون الجديد، لكنه قال إن عمل هذه الهيئة “لن يتعارض مع عمل المفوضية”، مضيفا “المفوضية هيئة دولية موجودة في مصر سنتعاون معها، لكن طلبات اللجوء لمصر هي شأن مصري”.
كما لفت العوضي إلى أن اللجنة لن تعيد النظر في طلبات اللجوء التي بتت فيها المفوضية سابقا، موضحا “هذا القانون يخص القادمين الجدد أو من لم ينته من تقنين وضعه بعد”.
ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين في مصر لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو 800 ألف شخص، أكثر من نصفهم من السودانيين الذين دخلوا إلى مصر عقب اندلاع الحرب في السودان في إبريل عام 2023.
لكن الحكومة المصرية تقدر عدد الأجانب والمقيمين على أرضها بنحو 9 ملايين شخص، وتقول إنها تتكلف بإنفاق نحو 10مليارات دولار عليهم سنويا، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في أيار/ مايو الماضي.
وكان العوضي قد قال في تصريحات سابقة إن مصر تحتل المرتبة الثالثة عالميا في استقبال عدد اللاجئين.
ما أبرز الاعتراضات على القانون؟
واجه القانون موجة واسعة من الاعتراضات من الخبراء والحقوقيين، المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر نور خليل يلخص في حديث مع بي بي سي أبرز هذه الاعتراضات في أن القانون لم يُطرح للمناقشة المجتمعية، ولم يناقش مع الأطراف أصحاب المصلحة وخبراء القانون.
وأضاف خليل أن “القانون لم يوضح نقاط عديدة، بداية من تحديد تعريف اللاجئ ووضع ملتمسي اللجوء، ووضع مصطلحات فضفاضة مثل الأمن القومي وقيم المجتمع المصري، ومنح اللجنة الحكومية صلاحيات كبيرة دون تقييد وإعطائها الحق في إبعاد الشخص الذي تم رفض طلب لجوؤه عن البلاد دون ضمان حقه في الاستئناف على قرار الرفض”.
كما لفت خليل إلى أن القانون “وسع من مساحات تجريم طالبي اللجوء” على سبيل المثال النص الخاص بالسجن أو الغرامة لمن دخل البلاد بطريق غير شرعي ولم يتقدم لتقنين وضعه خلال 45 يوما، يقول الباحث المصري “كيف ستتمكن اللجنة من حساب الـ 45 يوما لشخص دخل بطريقة غير شرعية ولا دليل على موعد دخوله؟”.
وأضاف أن “القانون حرم اللاجئين من المشاركة في العمل السياسي ومن عضوية النقابات وهي جزء من الحقوق التي أقرها القانون الدولي للاجئين، فعلى سبيل المثال بعض المهن مثل الطب تشترط العضوية في نقابة مهنية كشرط للحصول على تصريح لمزاولة المهنة”.
ويقول خليل إن هذا القانون لا يهدف إلى تقنين وضع اللاجئين، لأن لهم بالفعل وضع قانوني في مصر، لكن الهدف منه بحسب خليل هو “السيطرة على عمل مفوضية اللاجئين بالكامل، وبناء عليه تحصل الحكومة المصرية على التمويل الذي تحصل عليه المفوضية، وتكون هي المتحكم الرئيسي في البيانات والإحصائيات، والسبب الثاني هو أن هذا القانون مطلب أوروبي لتتمكن الحكومات الأوروبية من إعادة اللاجئين إلى مصر عبر البحر”.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلقت الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي برنامجا مشتركا لدعم احتياجات اللاجئين في مصر، وبتمويل 12.2 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي.
كيف سيؤثر القانون على مفوضية اللاجئين؟
الكثير من التفاصيل الخاصة بتطبيق القانون غير واضحة حتى الآن، ومن المقرر أن تصدر لائحة تنفيذية خاصة بتطبيق القانون خلال 6 أشهر من بدء العمل به، وتصبح القوانين التي يقرها مجلس النواب سارية بعد الموافقة عليها من رئيس الجمهورية ونشرها في الجريدة الرسمية.
وتعمل المفوضية الأممية على تسجيل اللاجئين في مصر منذ عام 1954، بموجب اتفاقية مع الحكومة المصرية، وهو الحال مع العديد من الدول التي تتولي المفوضية بها عمليات تسجيل اللاجئين لحين إقرار هذه الدول لقوانين وطنية تتولى عملية تسجيل اللاجئين والتعامل مع طالبي اللجوء.
في حديث مع بي بي سي، يقول الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية كريم عنارة، إن “لمصر الحق في تطوير منظومة اللجوء الخاصة بها، لكن واحد من أكبر عيوب هذا القانون أنه لا ينص على فترة انتقالية لهذا التطوير، وأن هذا التطوير يجب أن يكون بالتعاون مع المفوضية الأممية”.
ويوضح عنارة “هناك العديد من الدول التي مرت بنفس التجارب مثل تركيا وأوغندا وإثيوبيا، في تولي مهام تسجيل اللاجئين بدلا من المفوضية الأممية مرورا بفترات انتقالية لم تقل عن 5 سنوات، لأنها عملية معقدة للغاية، قانونيا وبيروقراطيا ولوجستيا”.
وبحسب عنارة فإن أبرز ما يجب أن يتم خلال هذه الفترة الانتقالية يتمثل في بناء منظومة بيروقراطية بديلة للمفوضية تشمل موظفين مدربين وقادرين على تحديد صفة اللاجئ وفق المعايير الدولية، ونقل البيانات والإجراءات حتى يعمل القانون الجديد على سد ثغرات الحماية بدلا من خلق حالة من الفوضى.
ويضيف عنارة، القانون لم يذكر المفوضية الأممية سوى في مادة واحدة نصت على التعاون معها، لكن لم يذكر شكل هذا التعاون، ولا الإطار الانتقالي، ولا دور المفوضية خلال هذه الفترة الانتقالية، ولا كيفية نقل البيانات والحفاظ على خصوصية هذه البيانات التي تكون شديدة الحساسية في حالة طالبي اللجوء، كل هذا لم يوضحه القانون، لذلك نقول إن هذا القانون “ملئ بالثغرات”.
- “محتجزون دون تهم”، أسر مصريين محتجزين لدى الدعم السريع تناشد للإفراج عنهم
- حالة من الارتباك بين السودانيين بعد قرار مصر بتصويب أوضاع المقيمين فيها
- روايات مأساوية لسودانيين فقدوا ذويهم في رحلة غير شرعية لمصر
Powered by WPeMatico
Comments are closed.