صمت عون عن قرداحي يعرقل وساطة ماكرون مع «الخليج» وميقاتي يتريث
عاد رئيس الجمهورية ميشال عون من الدوحة، كما ذهب، وبدلا من ان يمهد الطريق امام المساعي القطرية وجهود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، القادم الى السعودية ودول خليجية أخرى، لفتح ثغرة في جدار العلاقات اللبنانية مع هذه الدول الشقيقة، بدا في تصريحاته ومواقفه «كالعايز ومستغني» ولم يحاول ان يكون المبادر أبدا.
ولا حظ المتابعون لمقابلة تلفزيونية أجريت مع الرئيس عون في قطر، انه عندما سئل عن مصير وزير الاعلام جورج قرداحي، اعتصم بالصمت.
بيد ان التركيز السياسي على مسألة التمديد الرئاسي والنيابي، يعني ان الانتخابات النيابية مجرد ملهاة لاستقطاب الاهتمام الدولي، واكثر من ذلك للإيحاء بأن أزمة لبنان داخلية، واستطرادا ان الرهان على مفاوضات فيينا وهم.
إشارة الرئيس عون الى احتمالية التمديد المشروطة بقبول مجلس النواب، صب الماء البارد على الاستحقاق الانتخابي، وعرقلت سعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى استئناف جلسات حكومته، ولم تهدئ العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب جبران باسيل.
أما الرهان على المسعى القطري والجهد الفرنسي، فيكاد ان يتبدد، على يدي سلطة ممعنة في افقار شعبها، عبر التلاعب الخفي بأسعار الدولار الأميركي، او من خلال وقف الدعم عن الاحتياجات الشعبية كافة، في استجابة ضمنية لشروط صندوق النقد الدولي.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أعلن أمس تريثه في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، احتواء لمقاطعة وزراء الثنائي حزب الله وأمل، يريد استقالة الوزير جورج قرداحي، صاحب الاساءة للسعودية، قبل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الرياض يوم السبت، لتكون بمنزلة النافذة المفتوحة، امام الحوار مع المسؤولين السعوديين حول الأزمة مع لبنان. وقد نقلت عنه صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله، ان الفرنسيين أبلغوه بأن عدم استقالة قرداحي قبل 4 (ديسمبر) يعني ان لبنان، لن يكون على جدول أعمال اللقاءات التي سيعقدها ماكرون في الرياض.
وقال ميقاتي انه يتريث في الدعوة الى عقد جلسة للحكومة على أمل أن يقتنع الجميع بإبعاد المجلس عن كل ما لا شأن له به، خصوصا أننا كنا توافقنا على أن القضاء مستقل، وأن أي إشكالية تحل في القضاء ووفق أحكام الدستور، من دون أي تدخل سياسي.
موقف الرئيس ميقاتي جاء امس، في السراي الحكومي خلال رعايته إطلاق منصة دعم البطاقة التمويلية والمشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية.
وأكد أنه سعى ومازال يسعى للوصول الى حل، ويدعم «أي خطوة تؤدي الى تقريب وجهات النظر مراهنا على الحكمة والوعي لدى الجميع.»
وأكد: «قطعنا مرحلة متقدمة لاسيما في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحل معضلة الكهرباء، والملفات المرتبطة بواقع الإدارة، وفور معاودة جلسات مجلس الوزراء قريبا بإذن الله، سيتم عرض هذه الملفات وإقرارها».
وشدد على ان «ما نحن بصدده اليوم يظهر حجم الكارثة التي نحن فيها ووجوب الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط».
وقال في كلمته ان الظروف الصعبة «أفرزت واقعا لم يعد ممكنا معالجته إلا بتدابير طارئة».
وتابع، إن ما نحن بصدده من إطلاق منصة دعم البطاقة التمويلية والمشروع الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية يهدف الى تخفيف معاناة أهلنا من الشريحة الأكثر حاجة في لبنان بتمويل ودعم من البنك الدولي والأمم المتحدة، وبمتابعة ومثابرة من المجلس النيابي الكريم.
وأكد ميقاتي في كلمته، انه سيتم اختيار المستفيدين من المشروعين وفق معايير شفافة لتأمين المستلزمات الأساسية لحياة كريمة. وبعد انتهاء مرحلة التسجيل التي بدأت امس، لمدة شهرين وستخضع لتقييم واضح المعايير منعا لأي استغلال، فإن عملية الدفع ستبدأ بإذن الله في مطلع العام المقبل مع مفعول رجعي من شهر يناير 2022.
وأشار إلى زيارته للفاتيكان ولقائه البابا، وقال «أبلغت لاحقا بأن تواصلا حصل بين قداسة البابا وسماحة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب وتوافقا على تنسيق الجهود الاسلامية – المسيحية لدعم لبنان اجتماعيا في هذه الظروف، وستكون هذه الخطوة موضع تنفيذ في القريب العاجل».
واستطرد، في كل اللقاءات التي عقدتها في الخارج، وكل الاجتماعات الديبلوماسية التي اعقدها هنا، تتردد أمامنا كلمة واحدة «ساعدوا أنفسكم لنساعدكم».
هذا، وعلى الرغم من اللقاءات التي عقدها ميقاتي مع بري وحزب الله والوزير السابق سليمان فرنجية، ومع قرداحي بالذات، الا انه لم يلمس أي تراجع في المواقف، ولا موافقة لا على استقالة قرداحي ولا على إقالته.
خلاصة الوضع، يقول ان الحكومة ماشية، أما جلساتها فمش ماشية وستبقى متوقفة الى ان يقتنع رئيسها بأن الفرج آت، لكن ثنائي التعطيل لن يقتنع بإبعاد مجلس الوزراء عن كل ما لا شأن له به.
في هذا الوقت، حجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية يكبر، والأزمات تتناسل وتتفاقم وشهر الأعياد الميلادية يواجه تحركات شعبية متنقلة، والسلطة ليس في يدها ما يداوي الحال بالحال، وإطالة طوابير الفقراء التي باتت تشمل مليونين و300 ألف مقيم في لبنان بحسب البنك الدولي.
الانباء- عمر حبنجر – خلدون قواص
Comments are closed.