الحرب في ليبيا: إعلان القاهرة رسالة لأردوغان أم مبادرة لحل الأزمة؟
AFP
استعادت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا بعض المدن اليت تمركزت فيها قوات شرق ليبيا تزامنا مع إعلان القاهرة
ناقشت صحف ومواقع عربية المبادرة التي طرحتها مصر لحل الأزمة في ليبيا بعد أن حققت الحكومة المعترف بها دولياً هناك تقدماً على قوات القائد العسكري خليفة حفتر.
وتشمل المبادرة، التي حملت اسم “إعلان القاهرة”، مقترحاً بوقف إطلاق النار يبدأ 8 يونيو/ حزيران، والعمل على الوصول لتسوية سياسية.
ورأى كُتاب أن هذه المبادرة “رسالة قوية” موجهة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما تشكك آخرون في النوايا المصرية ونوايا حفتر.
ودعا آخرون لضرورة توخي الحذر في تحليل الموقف الميداني العسكري.
“اجتماع أزمة”
يصف عبد الباري عطوان في “رأي اليوم” اللندنية الاجتماع الذي عُقد في القاهرة أمس بحضور عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق المُنتَخب، والجِنرال خليفة حفتر قائد الجيش الوطني، بأنه “اجتماع أزمة” و”محاولة لبحث الخطوة التّالية التي تتلو الهزائم الميدانية العسكرية التي مُنِيَت بها قوات الجنرال حفتر، وخسارتها بالتّالي معظم الغرب الليبي بِما في ذلك العاصمة طرابلس”.
ويقول: “السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو حول حقيقة النوايا المستقبلية المصرية تجاه الأزمة الليبية، فهل هذه المبادرة تعكس توجّهاً بالقبول بالأمر الواقع على الأرض، أم هي مجرد مناورة سياسية محسوبة بدقة، لكسب الوقت، وإعادة تجميع صفوف قوات الجنرال حفتر، تمهيداً لتدخلٍ عسكري مِصري مباشرٍ لعدم ترك ليبيا ساحة نفوذ لخصم مصر الأول، أي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟”
ويرى عطوان أن “الحذر يظل مطلوباً في أي تحليل للموقف الميداني العسكري على الأرض الليبية، لأن الساحة باتت ساحة صراع لقوى عظمى وإقليمية، والتحالفات يمكن أن تتغير، وكذلك الوقائع على الأرض، فحتى بضعة أشهر كان الجنرال حفتر على أبواب قاعدة العزيزية في قلب العاصمة، ولنا في المشهد السوري الكثير من العبر أيضاً في هذا الإطار”.
وتشير “الخليج” الإماراتية في افتتاحيتها إلى أنه “آن للحرب في ليبيا أن تتوقف”.
وتقول: “كان من الطبيعي أن تبادر الإمارات إلى تأييد المبادرة المصرية لأنها تتكامل مع رؤيتها للحل، خصوصاً أنها تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المسار السياسي. وقد دعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في هذا الإطار الجهات الليبية كافة، وعلى رأسها حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي إلى التجاوب الفوري مع هذه المبادرة حقناً للدماء، وتمهيداً لبناء دولة المؤسسات، وتفادياً لاستمرار الاقتتال بكل ما يحمله من أخطار تمد في عمر الصراع، وتهدد الكيان الليبي المستقل”.
ويرى معتز بالله عبد الفتاح في “اليوم السايع” المصرية أن مصر “مُطالبة بسياسة خارجية حذرة تساعد الأشقاء وتحفظ أمنها القومى، ولا تتورط فى رمال المنطقة المتحركة”.
ويقول: ” هذا التراجع وإعادة التمركز فى الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر الذى زار القاهرة، ومن بعده السيد عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى، يعنى أن القاهرة مطالبة بأن تتدخل فى مواجهة التدخل الفظ من قبل تركيا لصالح حلفائها على حساب مصلحة ليبيا، والتدخل اللين من قبل الأشقاء فى الجزائر وتونس فى نفس الاتجاه أيضاً، رغماً عن الحياد المعلن”.
غير أن كرم جبر في “أخبار اليوم” المصرية يرى أن “الحل العسكرى أصبح مستحيلاً، وإراقة الدماء عنوان الأزمة، والتدخلات الأجنبية مزقت ما تبقى من ليبيا”.
ويقول: “كل الأطراف على المحك، ومصلحة الشعب الليبى هى وقف إطلاق النار غداً الاثنين، واللجوء إلى التسوية السياسية، حتى يعود الوطن الليبى إلى الهدوء والأمن، وينعم شعبه بالحياة، بعد أن مزقته الصراعات الدامية، وحروب الميليشيات”.
“رسالة لأردوغان”
ويصف محمد ناجي عمايرة في “الرأي” الأردنية إعلان القاهرة بأنه “رسالة قوية موجهة لحكومة أردوغان التي زجت بقوات تركية وإرهابيين مرتزقة نقلتهم إلى ليبيا من الأراضي التي تخضع لسيطرتها في سوريا في دعم مباشر لحكومة السراج والميليشيات التابعة لها”.
أما صالحة علام فتشير في “الشرق” القطرية إلى أن حفتر “انتهى ليبياً”، وتقول: “يبدو أن تركيا اختارت سياسة الطرق على الحديد وهو ساخن، عنواناً للمواجهة الثانية الخاصة بالمعارك الدائرة في ليبيا، سعياً لإعادة تشكيل الوضع على الأرض بما يتناسب مع حجم دعمها لحكومة الوفاق الوطني، لتحسين تموضعها على الأرض، وخلق واقع جديد يعزز موقفها التفاوضي مستقبلا،ً ويحافظ في الوقت نفسه على مصالحها”.
ويشير حازم عياد في “السبيل” الأردنية إلى “مسارعة القاهرة إلى إطلاق مبادرة سياسية جديدة مستعجلة غابت عنها العواصم المهمة كالجزائر وتونس والمغرب وبروكسل، ما يعكس مستوى القلق لدى الرئاسة المصرية القلقة من تكرار مشهد هزائم حفتر، وتسليم المدن في الغرب الليبي؛ فنفوذ حفتر ينهار بتسارع، وتفكك معسكر حفتر في الشرق الليبي ممكن جدًّا في ضوء الخلافات القبلية، والهزائم العسكرية، والعزلة الدولية والإقليمية”.
ويبدي الكاتب تشككاً حول فرص نجاح إعلان القاهرة، ويقول: “القاهرة تبذل جهوداً محمومة لتعويم حفتر سياسياً وقبليّاً وإقليمياً؛ فلغة الجسد لرئيس برلمان طبرق عقيلة صالح أظهرت تباعداً كبيراً عن حفتر يفوق مسوغ مخاطر كورونا، وفتوراً كبيراً، وحماسة مفقودة لتبني رواية القاهرة. في حين شن حفتر في خطابه وبحضور السيسي هجوماً قوياً على أنقرة، بينما أبقى صالح الباب مفتوحاً مع أنقرة بخطاب أقل تشنجاً من خطاب غريمه حفتر”.
Comments are closed.