مسلسل الاختيار: “ملحمة وطنية” جديدة أم “دراما موجهة”؟
منذ فترة، لم يفرز عمل تلفزيوني درامي ما أحدثه مسلسل “الاختيار” من ضجة وجدل بين المصريين خاصة والعرب عامة.
ثمة من رأى فيه عملا فنيا عظيما، يؤجج المشاعر ويوقد روح الانتماء والبطولة في نفوس النشء، وثمة من اعتبره ملحمة وطنية أفسدتها الدعاية السياسية والحبكة الدرامية الضعيفة.
هل وصلت الرسالة؟
يبدأ مسلسل الاختيار وينتهي بمشهد اللحظات الأخيرة في حياة الضابط أحمد المنسي، الذي استشهد عام 2017، خلال دفاعه عن نقطة تمركزه في البرث، في شمال سيناء.
يتميز المسلسل بمجموعة من أفضل المعارك الحربية التي توثق انتصارات الجيش المصري المتتالية على “الإرهابيين”.
كما تبرز حلقاته الأولى الاختلافات بين شخصية المنسي والضابط المنشق هشام العشماوي، الذي انضم للمتطرفين لمحاربة رفاقه.
للمسلسل مشاهد كثيرة وتفاصيله المتنوعة بحاجة للتناول من أكثر من زاوية إلا أننا سنركز على الحلقة الأخيرة من المسلسل المتكون من 28 حلقة فقط.
وقد بثت الحلقة الحاسمة من هذا المسلسل، يوم الخميس، وحملت عنوان “ملحمة البرث”.
وحتى قبل عرض الحلقة الأخيرة من المسلسل، ارتفعت عمليات البحث عنه ليصبح على رأس أكثر الموضوعات بحثا على غوغل في مصر.
وكان مخرج المسلسل بيتر ميمي، قد دعا أسر شهداء كمين البرث إلى عدم مشاهدة الحلقة، نظرا لقساوة الأحداث، خاصة أنها تتضمن مشاهد حقيقية.
https://www.facebook.com/peter.mimi2/posts/10157691774417054
لاقت دعوة ميمي اعتراضات عديدة، خاصة من بطل المسلسل أمير كرارة، الذي حث أهالي الضحايا على مشاهدة الحلقة لكي تصل الرسالة والصورة كاملة.
https://www.facebook.com/amirkararaofficial1/posts/896129404185149
ويبدو أن هذا الاختلاف البسيط في وجهات النظر بين المخرج والممثل، كان جزء من خطة إعلانية لتشجيع الكثيرين على متابعة النهاية.
فقد استمر المصريون في البحث عن المسلسل حتى بعد انتهاء الحلقة، التي أثارت فيضا من المشاعر المتناقضة لدى المشاهدين.
كمية مشاعر اتزرعت لحظة لما شوفت الابطال دول و عن افكار كتيرة جوا دماغي اتغيرت بسبب المشاهد اللي قد تكون اقل سوء من اللي حصل
– مع اني مبحبش استايل امير كرارة و الجمل اللي تحسها بيقولها و مستنيك تسقف دي اللي في كل افلامه و مسلسلاته –
بس الاختيار عمل عظييم ❤️❤️🇪🇬— F̶a̶d̶y̶ (@Z_demoninurhead) May 22, 2020
بعد الحلقة بتاعة الاختيار بقى فى حالة انسجام و حب كده من الناس كلها اول مرة ممكن تحس بيها من ساعة مثلا اخر مرة مصر خدت فيها كاس الامم بس طبعا الفرق ف المشاعر و سواء كنت بتحب الجيش او لا فا الحلقة دى بجد بتخلي فيك مشاعر انت متقدرش تنكر انها جاتلك ، ربنا يرحم الشهداء ♥️
— Sheeerif (@SherifSaleh2001) May 22, 2020
مشاعر مضطربة ما بين الاعتزاز والفخر بأبطال حاربوا للحظة الأخيرة، وما بين الحزن على وفاتهم.
شكراً لأنكم منحتونا السلام على حساب أرواحكم..
رحم الله أبطال هذه الملحمة، وتقبلهم عنده من الشهداء وجبر قلوب أهاليهم 🙏#ملحمة_البرث #الاختيار
— Sarah Abdelbaky (@SarahAbdelbaky1) May 21, 2020
“ملحمة فنية” وحدت المصريين
وثق آخرون عبر منصات التواصل الاجتماعي المشهد داخل أسرهم بعد الحلقة الأخيرة، إذ امتزجت مشاعر الحزن والفرح والفخر بأبطال لم يتوانوا في تقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن.
ولأول مرة منذ سنوات، اجتمعت العائلة في نفس المكان لمشاهدة “دراما وطنية” كادت تختفي عن شاشة التلفاز.
فذلك المشهد أشبه باجتماع الأسر في التسعينات لمتابعة مسلسل “دموع في عيون وقحة” للفنان عادل إمام أو مسلسل “رأفت الهجان” للفنان محمود عبد العزيز.
المتعطشون لتك المسلسلات يقولون إن أهميتها تكمن في تعريف الأجيال الجديدة بتاريخها وإنجازات جيشها وأعدائه الحقيقيين.
لذا ينظرون إلى مسلسل “الاختيار” على أنه امتداد لتلك الأعمال القديمة، التي يتوقون إلى مشاهدتها لما تحمله من رسائل جادة وحقيقية، على حد وصفهم.
الصورة دي اثناء متابعة حلقة امس من #الإختيار وهي ابلغ رسالة لفنانين ومنتجي افلام العري والبلطجة ، اصحاب شعارات "الزبون عاوز كده".
لا يا فاشل الزبون عاوز يتخلص من ملوثاتكم الفكرية والأخلاقية اللي نشرتوها لسنوات دون رقابة.
حان الوقت لتقديم فن ينقذ اجيال من الضياع وعدم الانتماء. pic.twitter.com/ZDnMnEQiMy— فاضح العملاء (@AntiMBrothers) May 22, 2020
End of text ❤️💁♀️#الاختيار#المنسي pic.twitter.com/bl4aBuXBbQ
— Marian Wagih (@NanaWagih97) May 22, 2020
من وانا صغيرة اتربيت على مشاهدة مسلسل رأفت الهجان على أنه حاجه افتخر بيها لشخص زي رأفت كدا دلوقتي وبعد مسلسل الاختيار هربي عيالي وأكبرهم على مشاهدة الاختيار عشان يشوف اللي بيموتوا عشان احنا نعيش احمد منسي وفريقه شخصيات يفتخر بيهم انهم من بلده ❤️❤️❤️#الاختيار
— Mai (@Mai92510905) May 21, 2020
شخصيات متنوعة
يرتبط المشاهد بشخصية الأبطال في الدراما، ويتأثر بأداء الممثلين وقد يندمج معهم إلى حد خلط الدراما بالواقع.
وتترسخ آلام البطل وتصرفات عدوه في عقل المشاهد، فتولد بذلك مشاعر عديدة تجاه العمل الفني.
وفي الاختيار لسنا أمام شخصية واحدة، بل عدة شخصيات من رحم الواقع، تتشارك الوطن نفسه فيما تختلف اختياراتها ونظرتها له.
دي مكنتش نهاية منسي ، دي كانت بداية ميلاد قائد عظيم بيسطر اسمه بحروف من ماس في اذهان الشعب المصري بأثره ❤🇪🇬
.
محافظا على سلاحى لا اتركه قط حتى أذوق الموت 💔
.
ياريت كنت معاكم ياريت #الاختيار …#ملحمه_البرث pic.twitter.com/nAYevJ2ONg— روبرت يوسف نجيب ** (@vd1g0RmopacwGQE) May 21, 2020
اتفرجت على مسلسل #الاختيار وكنت فخورة جداً وأنا بتفرج على الحلقة ٢٨ #ملحمة_البرث
الأبطال دول دافعوا عن الارض بثبات وشجاعة تخليك تسقف لهم وتقف لهم احتراماً لأرواحهم، وتتفرج مش وانت حزين أو مكسور بالعكس.. تتفرج وانت حاسس بشرف ومرفوع الراس.رحم الله شهدائنا جميعاً. pic.twitter.com/Q4ukWwJvO0
— Nour (@NourActress) May 22, 2020
ووصف البعض حالة الحزن التي اعترت المتفرجين بعد مقتل المنسي ورفاقه.
فتداولوا مقاطع مصورة لأطفال وهم يوجهون بنادقهم المزيفة نحو “التكفيريين” عند اقترابهم من مركز ضباط الجيش، فيما انهمرت دموع البعض الآخر وانطلقت حناجر الشباب في كيل الشتائم للمتطرفين.
ورغم النهاية المؤلمة، إلا أن أيدي البعض الآخر كانت ترتفع بالتصفيق وعلت الزغاريد في بعض المنازل.
طفل يؤدى مشهدا من مسلسل الاختيار بعد تأثره بشخصية المنسى🇪🇬🇪🇬🇪🇬 pic.twitter.com/lyb6baDkpS
— mo7md (@mo7md62943687) May 21, 2020
#منسي_الاسطوره
هكذا يصنع الفن أجيال تعرف يعنى ايه وطن يفديه الرجال بأرواحهم
اجيال تعرف قيمة جيش حمى حدود الاوطان
حمانا فى بيوتنا من خطر التكفيريين
نتمنى عودة الرقابة على المصنفات الفنية
نتمنى حماية ابناءنا من خطر الفن الهابط
طفل يبكى بحرقة امام احداث الهجوم على كمين البرث pic.twitter.com/Hox2Urr2JI— حدوتة مصرية🇪🇬 Ⓜ (@faten_ahmedm) May 22, 2020
ورأى كثيرون أن تلك المظاهر بينت وعي المصريين وإيمانهم العميق بالوطن، وبمكانة الشهيد ورضاهم بالتضحية بفلذات أكبادهم.
الحلقة ٢٨ من مسلسل #الاختيار موجعةٌ وجارحةٌ وماسّةٌ. أدمت قلوبَنا حزنًا على رحيل أبطال نبلاء خالدين يستحقون الحياةَ أكثر من ملايين الأحياء، ولكنها نثرت زغاريد الفخر في قلوبنا لأن في #مصرَ رجالا عظماء مثلهم.
المجدُ والخلود للشهيد #المنسي
المجد والخلود لرجال كتيبته الأبطال.— Fatima Naoot فاطمة ناعوت (@FatimaNaoot) May 21, 2020
مات بطل و لما مات جات الطلقة من وراه يعني فعلا أسطورة
رحمك الله يا منسي
لا تحزنوا فإنه شهيد
لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون 💔💔#ملحمه_البرث pic.twitter.com/edRCjRGe4i— 🇪🇬Marwa Elshrief🦅⭐🔟🏆🍥 (@marwaelshrieff) May 21, 2020
طوبى لمن عرفكم في الدنيا و من يجاوركم الأن في الجنة .
. عشتم أسودا و متم أبطالا .
الحلقة 28 من #الإختيار هزت مشاعر العرب كلهم. شكرا أمير كرارة و بيتر ميمي وباهر دويدار وبالطبع الشركة المتحدة وتامر مرسي و كل من ساهم في هذه الملحمة.
رحم الله كل شهيد ضحى بروحه من أجل وطنه. pic.twitter.com/brKL4OhILX— Hend Sabry – هند صبري (@HendSabry) May 22, 2020
وقد أجمع مصريون، بمختلف مشاربهم وميولتهم السياسية، على نجاح “الاختيار” في إحياء المشاعر الوطنية، واتفقوا على ضرورة التكاتف “لمحاربة الإرهاب”.
كما أشاد جلهم بالتضحيات التي قدمها المنسي وغيره من أبطال الجيش المصري، على مدى العقود الماضية.
دراما بحبكة ضعيفة “لخدمة الحاكم”
غير أن اعتزاز البعض بما قدمه المنسي وزملاؤه، لم يمنعهم من تحليل العمل الفني والشخصيات الدرامية، لا الشخصيات الحقيقية.
https://twitter.com/share__0/status/1263767452317614081
#الإختيار #المنسي #ملحمة_البرث
معركة البرث و شجاعة رجال الكتيبه 103 صاعقة في وجه العدو والموت المؤكد لن تنسى.
لكن خسائر قوات النخبة الفاضحة في ذالك اليوم مثل متكرر لفشل و إهمال الجيش في إعداد الجنود المرسلة إلى شمال سيناء.
فشل مسؤول عن أعداد ضحايا مرعبة على مدار سبع سنوات.
— Egypt Defence Review (@EgyptDefReview) May 22, 2020
وقال البعض إن “الكاتب أضاع فرصة جيدة للغوص في عمق الأحداث وتطوير الشخصيات المحورية، باستعماله جملا مشحونة بكليشيهات دينية ووطنية لتقديم رواية الحكومة للصراع مع الإسلاميين”.
ويعتقد هؤلاء أن الكاتب بالغ في الحديث عن رموز دينية معينة والذود عنها، كاستدعاء أحد شيوخ الأزهر للدفاع عن ابن تيمية، الذي يعتبره بعض المتطرفين فتاواه مرجعا لهم.
في حين يدافع آخرون عن ذلك التوجه قائلين: “بما أن الأعداء من المتطرفين، الذين يبررون جرائمهم باسم الدين، كان من البديهي أن يبرز الدين بصورته المعتدلة ليزيل المغالطات”.
في حين انتقد البعض الآخر استخدام “سيرة الشهداء وتضحياتهم كأداة دعائية لإثارة المشاعر الوطنية، واستغلالها لفرض صورة ذهنية معينة حول حدث ما، بدلا من معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوثه”.
مخرج الاختيار طالع يقول على فيسبوك اللي يعرف حد من أهالي شهداء البرث يقولهم بلاش حلقة بكره، أتمنى تكون دي مجرد دعاية للحلقة لأن حقيقي عيب يكون كل القائمين على أهم عمل عن الشهداء مقابلوش إو ميعرفوش يوصلو لأهل الشهداء غير من النت
— ﮼احمدعبدالخالق (@abdelkhalekahly) May 20, 2020
الدعاية لشيخ #الارهاب #ابن_تيمية فى مسلسل #الاختيار هى دعاية للارهاب وفكر الارهاب
من اليوم المسلسل فى نظرى فقد أسهمه كثيرا— لا لعقول الظلام (@SamyShob) May 14, 2020
اعتقد ان #الاختيار فشل في تحقيق اهم أهدافه وهو انتاج سردية واحدة ثابته وصلبة وغير مختلف عليها.
— saker صقر (@sakerElnour) May 21, 2020
وكان المسلسل قد أثار جدلا حول مدى دقته تاريخيا، خاصة بعد أن وضعت الدولة كل ثقلها لدعم المسلسل.
كما احتدم الجدل حوله إثر صدور بيان من دار الإفتاء المصرية، يشجع الناس على متابعته، ما اعتبر “توظيفا سياسيا للدراما”.
وكانت دار الإفتاء علقت على مسلسل “الاختيار” عبر صفحتها بموقع فيسبوك قائلة: “لا مانع من الفن الذي يرقق المشاعر ويهذب السلوك، لأن الدين يهدف لبناء الإنسان، وكل فكرة تصب في هذا الاتجاه تحمد”.
على صعيد آخر، يؤيد مغردون هذا “الاتفاق” بين السلطة السياسية والفنانين، بل يرونه ضرورة لتقويم الأخلاق والنهوض بالمحتوى الفني المصري، الذي “سيطرت عليه مسلسلات العنف والمخدرات ومشاهد العري” حسب قولهم.
Comments are closed.