«كورونا» يضع لبنان في «إقامة جبرية»… معلومات لـ «الراي» عن دخول عون على خط تليين موقف «حزب الله» من الاستعانة بصندوق النقد

لم يَعْتَدْ لبنان مشاهدَ الشوارع ومراكز التسوّق والمطاعم «المقفرة» وحياة الليل «النائمة» ولا السلوكيات الاجتماعية التي صارتْ خاضعة لقواعد «التحكّم عن بُعد» مع انفلاش فيروس كورونا المستجد، الذي حصد أمس، ثالث وفاةٍ لمواطن سبعيني، وسط خشية من أن يجرف معه انتشار «الفيروس» الأمنَ الصحي المكشوف على الأزمة المالية والتي تشي بأنها على مشارف مناخاتٍ مكفهرّة عشية دخول البلاد رسمياً الاثنين، مرحلة التعثّر عن سداد استحقاقات «اليوروبوندز» (بدءاً من إصدار 9 مارس) على وقع تَكَشُّفِ مساراتٍ تنذر بمواجهات قضائية قد تكون «طاحنة» مع الدائنين الأجانب في سياق عملية إعادة هيكلة الدين التي أطلقتْها بيروت.


وغداة إعلان الحكومة الوقف الموقت للرحلات الجوية ابتداء من أمس، مع 4 دول موبوءة بينها إيران ثم توسيع القرار لـ 8 بلدان أخرى عربية وأوروبية يُمنع دخول القادمين منها براً وبحراً وجواً على أن يبدأ تطبيقه بدءاً من 16 الجاري، لم يَبْدُ هذا التدبير، كافياً لتبديد قلق اللبنانيين من أن يتكرر معهم «سيناريو» إيران وإيطاليا اللتين حذّرتْ منظمة الصحة العالمية من «أن دولاً أخرى ستكون قريباً جداً في مثل وضعهما».
وإذ تَرَكَّزَ التصويبُ على تلكؤ الحكومة عن اتّخاذ قرار بإعلان حال الطوارئ بهدف إلزام المواطنين بالتزام منازلهم لمدة كافية لترْك الإصابات «المختبئة» ضمن فترة الاحتضان تخرج إلى العلن، انبرى رئيسُها حسان دياب لِما يشْبه «الهجومَ الدفاعي»، متحدثاً في جلسة مجلس الوزراء عن «استثمار سياسي»، قائلاً «للأسف البعض يتعامل مع الأمور على قاعدة عنزة ولو طارت، بسبب النكايات».
وفي حين حاول مجلس الوزراء، تشجيع اللبنانيين على العمل قدر ما يمكن والدرس من المنازل عبر قرار مضاعفة سرعة الانترنت وحجم الاستهلاك لمشتركي شبكة «اوجيرو» في الاماكن السكنية مجاناً حتى آخر ابريل، سجّلت «يوميات كورونا» الوقائع الآتية:
• وفاة ثالث لبناني جراء إصابته بالفيروس هو الياس برجي (79 عاماً من الشمال) وكان يعاني مرضاً مزمناً السرطان، والتقط العدوى من المريض القادم من مصر الذي توفي الثلاثاء (كان موجوداً معه في غرفة واحدة) في إحدى مستشفيات جبيل التي تعاطت بدايةً مع حالته على أنها التهابٌ رئوي.
• تعميم الطيران المدني إلى كل شركات الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي «وقف الرحلات من وإلى إيطاليا – كوريا الجنوبية – إيران – الصين (هونغ كونغ، ماكاو، تايوان) لمدة أسبوع من تاريخ إصدار التعميم (…)»، و«وقف النقل لكل الركاب من فرنسا – مصر – سورية – العراق – المانيا – إسبانيا – بريطانيا» مع منْح اللبنانيين وأعضاء البعثات الديبلوماسية مهلة للعودة حتى 16 الجاري «وبعدها توقف كل الرحلات من وإلى هذه الدول لأسبوع».
• تسجيل غالبية الشوارع حالة غير مسبوقة بدت معها وكأنها في «حظْرِ تجوُّلٍ» اختياري، في ظلّ تصاعُد الدعوات والحملات الإعلامية التي توجهّت للمواطنين تحت عنوان «خليك بالبيت»، وإعلان مجمعات تجارية قفل أبوابها بعد المطاعم، وانهماك قطاعات عدة بينها المصارف بالتكيف مع موجبات التحوط الذي جعل البلاد في ما يشبه «الإقامة الجبرية» غير المعلَنة رسمياً.
وفيما كان الرئيس ميشال عون يشدد على وجوب المثابرة باتخاذ التدابير الوقائية، مرحّباً بالمساعدات التي يمكن أن تُقدّم، برز موقف لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط اعتبر فيه أنه «يحق لنا أن نطالب بمساعدة صندوق النقد الدولي مرفقاً ببرنامج إصلاح جدي وان نطالب بمساعدات للشعب اللبناني وللاجئين وهذا أبسط قاعدة للحماية، ها هي ايران تطالب العون ونحن نتضامن معها».
وجاء كلام جنبلاط ليطلّ على الجانب الآخر الذي لا يقلّ خطورة والمتمثّل في المأزق المالي، في ضوء الاستعدادات لبدء مفاوضات «خشنة» مع الدائنين الأجانب حول مرحلة ما بعد التخلف غير المنظّم عن السداد، على وقع معطيات إلى أن حملة السندات الخارجيين يُنتظر أن «يردّوا التحية» للسلطات اللبنانية التي اختارت وضْعهم أمام أمر واقع ينطلق منه التفاوض بعد وقْف الدفع (واستحقاق كل إصدارات يوروبوندز الـ 29 بقيمة نحو 30 مليار دولار) عبر اللجوء سريعاً إلى مقاضاة الدولة في نيويورك بحيث يكون الجلوس على الطاولة على وهج هذا المسار المعقّد والذي قد يكون مشوباً بـ «قطب مخفية» عدة.
وفي موازاة هذا البُعد من مرحلة ما بعد التخلف التي خفّضت بموجبها «وكالة ستاندرد آند بورز» تصنيف الديون السيادية اللبنانية بالعملة الأجنبية إلى «تعثر انتقائي عن السداد»، محذرة من أن المحادثات بشأن إعادة هيكلة الدين قد تتعقد وتطول، فإن الأنظار شخصت على ما إذا كان هناك تبدُّل ما سيطرأ على الموقف من الاستعانة بصندوق النقد ودخول برنامج إنقاذي معه يوفّر للبنان «شبكة أمان» تجنّبه السقوط «المدمّر» وتؤمّن له سيولةً عاجلة تقيه شرّ مظاهر عنفٍ واضطراباتٍ اجتماعية قد يسببها تَبخُّر الدولارات تماماً، في ظل عدم قدرة أي عمليات تصحيحٍ رقمية ودفترية من ضمن إعادة هيكلة الدين والقطاع المصرفي والبنك المركزي على ضخّ مثل هذه السيولة.
وأشارت معلومات لـ «الراي» إلى أنه أمام حتمية اللجوء إلى صندوق النقد، فإن عون دَخَل على خط تليين موقف «حزب الله» باعتباره «الشرّ الذي لا بد منه»، مع ترقُّب إطلالة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله مساء اليوم، وإذا كانت ستحمل إشاراتٍ في هذا الاتجاه من باب تأكيد الوقوف خلف الحكومة في أي خيارات إنقاذية أو ما شابه، ووسط اعتبار أوساط مطلعة أن طلب إيران دعماً مالياً من صندوق النقد لمكافحة «كورونا» بقيمة 5 مليارات دولار، قد يشكل «ضوءاً أخضر» يزيل «عقبة إيديولوجية» أمام القبول بـ «يد» الصندوق، لتبقى تفاصيل البرنامج التي لمّح إليها وزير المال غازي وزني أمس، بإعلانه أنّه «في حال لجأ لبنان إلى برنامج من صندوق النقد، فينبغي أن يكون هناك تفاهم سياسي وشروط لا تضرّ بالوضع الاجتماعي»، موضحاً أنّ «الحكومة ستُبْقي على سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مقابل الدولار للمدى المنظور».

الراي – وسام أبو حرفوش – ليندا عازار

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.