«الحرائق» السياسية في لبنان بانتظار «نعمة السماء»

رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مستقبلا وزير الخارجية جبران باسيل في السراي الحكومي (محمود الطويل)

نعمة السماء غطت عجز السلطة عن مواجهة يوم الحرائق الجهنمي الذي مر به لبنان واخمدت مياه الامطار المفاجئة شهب النار في اكثر من 140 موقعا في جبل لبنان وشماله وجنوبه، ليفلت القليل منها في القرنة الحمراء (كسروان) ومزرعة الضهر (اقليم الخروب) و(عاليه) تولت الصهاريج المروحية الطائرة التابعة للجيش اللبناني او المستقدمة من قبرص واليونان والاردن، فضلا عن متطوعي الدفاع المدني على الارض، فيما انصرفت الدوائر الحكومية الى مسح اضرار العاصفة النارية التي سبق للبنان ان شهد مثيلتها عام 2007 حيث قفز رقم الحرائق الى 200 حريق.

وفي حصيلة أولية فإن ضحية ثانية وقعت، بعد سليم ابومجاهد، هو قاسم السرعيني، اما اعداد من لحقت بهم الحروق او الاختناق بالدخان فتجاوزت المائة معظمهم غادر المستشفيات، وتضرر 15 منزلا في الدامور والمشرف واحترقت 11 سيارة في الدامور وسيارتان في الناعمة الى جانب ثلاثة ملايين من الاشجار الحرجية والصنوبرية في جميع المناطق التي غزتها النيران.

وقال رئيس الارصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي وسام ابوخشفة ان الظروف المؤاتية لاندلاع الحرائق كثيرة واهمها ورق الاشجار اليابسة على ابواب فصل الخريف والهواء اللجاف والحار وقلة الرطوبة.

وترأس رئيس الحكومة سعد الحريري اجتماعا لهيئة الكوارث، حيث جرى البحث في مسح الاضرار وتعويضها، علما ان الحكومة لم تعوض اضرار اعصار «نورما» الذي اجتاح لبنان خلال رأس السنة الحالية منذ عشرة اشهر حتى اليوم ومقدارها 40 مليار ليرة لبنانية (24 مليون دولار).

وهذه الواقعة جزء من دوافع الدعوة الى تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق بإهمال مؤسسات الدولة مسؤولياتها في متابعة الكوارث ونتائجها والتحضير لمواجهتها، خصوصا موضوع طائرات الاطفاء المروحية الثلاث التي قدمت كهبة مجانية للدولة ثم اهملت بعد 4 سنوات تفاديا لكلفة صيانتها السنوية البالغة 450 الف دولار في وقت تشتري وزارة الاتصالات مبنى بـ 100 مليون دولار في وسط بيروت لاحدى شركتي الخليوي كما يقول النائب سامي الجميل احد المطالبين بلجنة التحقيق البرلمانية مع النائب ميشال معوض.

بيد ان غيث السماء الذي اطفأ حرائق الارض لم يطفئ الحرائق السياسية الدائمة الاشتعال في لبنان والتي ألهبتها تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل الاخيرة.

وتعتقد مصادر قريبة ان الحريري، الذي استجار برئيس مجلس النواب نبيه بري لاقناع الطرف الآخر ـ اي حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر ـ بتسهيل صدور الموازنة الجديدة مع الاصلاحات الضرائبية المطلوبة، يدرك ان طلب باسيل الى الرئيس ميشال عون «قلب الطاولة» يستهدف حكومته، وتقول المصادر لـ «الأنباء» ان لقاءات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع نائب طرابلس فيصل كرامي منذ مدة رسالة لها معناها بالنسبة للحريري، كما ان استقبال نصرالله لجبران باسيل على مدى 7 ساعات ثم استقباله ند باسيل رئيس «المردة» سليمان فرنجية كأنه يضيق الخيارات امام الحريري الذي سيكون عليه مواكبة استراتيجية حزب الله الداخلية المتمثلة بتجنب الاصلاحات المطلوبة من مجموعة «سيدر»، والا فإن الشارع حاضر للتحرك ضد المصارف اللبنانية التي غادر اركانها الى واشنطن امس، فضلا عن خارطة طريقه الاقليمية وعنوانها اليوم ما اعلنه الوزير باسيل في الجامعة العربية من عودة للتعامل مع النظام السوري بمعزل عن موقف الجامعة العربية.

وفي رأي المصادر إن الحريري لا يستطيع البقاء تحت طاولة التيار الحر وحليفه حزب الله، لأن هناك من لا يتقبل له ذلك، ولا يستطيع الجلوس فوقها مخافة ان تنقلب عليه وعلى حكومته، ومن هنا كان بيان رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذين استهولوا فيه ما وصلت اليه الحالة السياسية والخطاب السياسي في لبنان من ترد وتوحش، لا يقيم وزنا لمصالح الوطن، اذ لا يجوز ان تدار مصالح الدولة من فوق منصات المزايدة، ولا يجوز لمسؤول ان تزدوج شخصيته وان يمارس التحريض، ولا يجوز لرئيس تيار ووزير ان يحرض رئيس الجمهورية على الحنث بقسمه على حماية الدستور بدل الحرص عليه والحفاظ على العلاقات العربية والدولية للبنان، مع استغراب اصحاب البيان استهداف البعض للقطاع المصرفي، مستغربين الخفة السياسية التي تميز المشهد اللبناني العام.

رئيس مجلس النواب نبيه بري سارع الى التدخل، معربا عن «قلق جدي» من تأخير إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، مشيرا الى انه في حال لم تقر الموازنة في مجلس الوزراء اليوم فـ «الله يستر».

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.