سيمون أسمر… وُلد مع استقلال لبنان وصار من علاماته الفارقة.. انطفأتْ نجمةُ صانِع النجوم

سيمون أسمر

 على غير عادته، يطل اليوم الرجلُ الصاخِبُ، عاشقُ الأضواء والضوضاء والأصوات، بصمْته الأبدي في جنازةٍ أشبه بـ«حفلٍ فني» يتقدمه نجومه الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بعدما كَتَبَ لهم الحظُّ يوماً التَدَرُّجَ في برامجه واختباراتها.


إنه سيمون أسمر، الذي يوارى اليوم عن عمرِ 76 عاماً، أمضى عقوداً مديدة منها خلف الكاميرا وفي دهاليزها يقاوِم السنين العجاف من عمر لبنان وحروبه بالفرَح والجمال وحبّ الحياة. كأنه شاشة لإبداعٍ لم ينافسه عليه أحدٌ، وضحكة رنانة غالباً ما هَزَمت الليالي السود.
الأسمر الذي أَحَبّ الشاشةَ وأحبّتْه، مُخْرِجاً لأشهر البرامج الفنية والترفيهية والاجتماعية والسياسية، ومُعِداً ومديراً و«سيداً للعبة»، تحوّل نجماً بـ«قبعات كثيرة» في الظل، صانعاً لجيل من النجوم سطعوا في عالم الغناء والتقديم والعزف والشعر والرقص.
ورغم أن برنامج «ستوديو الفن» شكّل العلامة الفارقة الأكثر شهرة في تجربة الأسمر، فإن سيرة سيمون – المُغامِر، الذي استراح الآن على «أبيض وأسود»، بعد حياة ضجّت بالألوان، كانت كالعدسة التي لا تغمض عيْنها منذ أن جاء بجعبةٍ من الاختصاصات بالصوت والإخراج والصورة ليدشّن عصراً جديداً في عالم التلفزيون.
ربما لم تكن مصادفة أن يولد سيمون أسمر مع استقلال لبنان في العام 1943، بعدما تحوّل اسمه رمزاً للإبداع اللبناني كواحد من العباقرة الذين أعطوا لـ«اللبننة» مغزاها الحضاري… 10 أعوام أمْضاها في «إذاعة لبنان»، 20 عاماً في «تلفزيون لبنان»، ومن ثم شارك في انطلاقة «المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC» وفي نجاحها عبر برامجه التي شكلت علامة مضيئة في عالم الإعلام المرئي وبلوغه عصره الذهبي.
لم تكن الحرب أطلّت برأسها حين أدرك سيمون أسمر أن البلاد تحتاج لمقاومة من أجل حياة أكثر فرحاً، فأطلق برنامجه «ستوديو الفن» في العام 1972، ومن ثم كرّت سبحة مواسمه من فوق أزيز الرصاص والدمار والموت، ومن على مقاعده تَخَرّج أكثر من جيل من نجوم لبنان والعالم العربي… ماجدة الرومي، منى مرعشلي، وليد توفيق، راغب علامة، نوال الزغبي، إليسا، عاصي الحلاني، وائل كفوري ونجوى كرم وغيرهم.
وقد نعى غالبية الفنانين والإعلاميين في لبنان وفنانون عرباً «كبيراً من بلاد الأرز» وفارساً لم يسْتِرح يوماً على مدار «نصف قرن» طبعها بأكثر من 100 برنامج، إعداداً وإخراجاً، وصولاً إلى مشاركته أخيراً عبر موسميْن من برنامج «ديو المشاهير» على تلفزيون «mtv» (كعضو في لجنة التحكيم)، قبل أن يملأ أمس الشاشات بومضاتٍ من أعماله وإطلالاته التي حُفرت في ذاكرة اللبنانيين.

الراي

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.