ما انعكاسات الاتفاق السعودي الإيراني على لبنان؟

سادت حالة من الترحيب بين الأوساط اللبنانية بعد الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وسط توقعات أن ينعكس الاتفاق بشكل إيجابي على الملف اللبناني.

وينتظر أن يسهم الاتفاق السعودي الإيراني، في زحزحة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، خاصة ملف الانتخابات الرئاسية، وتشكيل الحكومة اللبنانية القادمة، بسبب النفوذ الإقليمي للبلدين في هذا البلد العربي.

ويعيش لبنان أزمة سياسية حادة، يعد أبرزها شغور منصب رئيس الجمهورية وفشل البرلمان للمرة تاسعة في انتخاب خلف لميشال عون الذي انتهت ولايته في نوفمبر الماضي.

وإلى جانب الأزمة السياسية، يعاني لبنان منذ 2019، من أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت بشحّ الدولار، ما دفع السلطات إلى حجز أموال المودعين والإفراج عن القليل منها بشروط محددة.

اتفاق مشترك
أعلن بيان سعودي إيراني صيني مشترك، (الجمعة 10 مارس الجاري)، عن توصل الرياض وطهران إلى اتفاق مشترك يقضي باستئناف العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل السفراء في غضون شهرين.

ويتضمن أيضاً تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وفق وكالة الأنباء السعودية “واس”.

كما اتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك، وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما الموقعة في 17 أبريل 2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 27 مايو 1998.

ووفق البيان جاء الاتفاق استجابةً لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ بدعم بكين لتطوير علاقات حسن الجوار بين السعودية وإيران، وبناءً على الاتفاق بين الرئيس شي جين بينغ، وكل من قيادتي السعودية وإيران، بأن تستضيف بلاده المباحثات بين البلدين.

ترحيب لبناني
بعد الاتفاق سارعت جهات رسمية لبنانية، وقوى سياسية وشخصيات مختلفة للترحيب بالاتفاق، والتأكيد على أهميته للساحة اللبنانية.

واعتبرت الخارجية اللبنانية أن اتفاق السعودية وإيران “سيترك أثره الإيجابي على مجمل العلاقات الإقليمية”.

وأكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب، أن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران حتماً سيعود على دول المنطقة وشعوبها والعالم بالمنفعة.

ودعا بو حبيب في تصريح له إلى ضرورة الاستفادة من هذه الفرصة من أجل الخوض في حوار عربي-إيراني على قاعدة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وافضل علاقات حسن الجوار، وهي النقاط التي اتفق عليها المشاركون في اجتماعات بكين الثلاثية.

كذلك، أبدى الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله سعادته باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، مؤكداً أن لدى حزبه ثقة بأن ذلك سيكون لمصلحة شعوب المنطقة.

وقال نصر الله حليف إيران: إن “الاتفاق السعودي الإيراني ممكن أن يفتح الآفاق في كل المنطقة، ومن ضمنها لبنان”، معتبراً أن تحسن العلاقات السعودية الإيرانية “تحول جيد في المنطقة”.

كما أبدى رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، تفاؤله بأن ينعكس الاتفاق السعودي الإيراني بالإيجابي على بلاده وحدوث حالة من الاستقرار

وغرد باسيل على حسابه في موقع “تويتر” قائلاً: “أخيراً حصل ما كان يجب أن يكون: اتفاق السعودية وإيران، وقريباً سوريا، وهو ما سيحدث موجة استقرار في المنطقة تطال لبنان”.

وأضاف: “اللهمّ نجنا من مخربيه، لكن ما من حل لأزماتنا سيأتي من الخارج إن لم نبادر في الداخل إلى وضع الحلول دون مكابرة أو تحدّ، واستقرار الخارج يساعد، تفاهم الداخل يحل”.

ولم يستبعد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، أن يسهم التقارب السعودي الإيراني في تخفيف التوترات في الوطن العربي.

وكتب جنبلاط في تغريدة له عبر حسابه في موقع “تويتر” وقال: “رعاية الصين لعودة العلاقات السعودية الإيرانية إنجاز كبير في تخفيف التوترات في الشرق العربي”.

انعكاس إيجابي
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان علق على انعكاس الاتفاق بين بلاده وطهران على لبنان قائلاً إن “لبنان يحتاج أن يعمل تقارب لبناني ليس لبناني إيراني سعودي”.

وتابع قائلاً في تصريحات لقناة “العربية”: “في النهاية والبداية على لبنان أن ينظر لمصلحته وعلى الساسة وهذه أقولها دائماً أن يقدموا المصلحة اللبنانية على كل مصلحة، ومتى ما حدث هذا واتخذ قرار بلبنان لتقديم المصلحة اللبنانية والعمل على بناء الدولة اللبنانية، فسيزدهر لبنان بالتأكيد والمملكة ستكون معه”.

الكاتب والباحث الإقليمي، محمود حلمي، يؤكد أن “العلاقات السعودية الإيرانية مرت بمحطات كثيرة، ومراحل متعددة، حيث منذ عشرينات القرن الماضي والعلاقات بين البلدين تتسم بالتوتر وعدم الاستقرار السياسي، ودخلت البلدين في دوامة التنافس تارة، والصراع تارة أخرى، وتسبب ذلك في قطع العلاقات الدبلوماسية أكثر من مرة”.

ويقول حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “انعكس تدهور العلاقات السعودية الايرانية على المنطقة العربية، حيث أدى ذلك الى تأجيج الصراعات الداخلية في البلدان العربية، بالإضافة الى الانعكاسات الاقتصادية الخطيرة على تلك البلاد، كما أدى الي زيادة النعرات الطائفية والدينية”.

ويضيف حلمي: “أدى التوتر بين البلدين الى انعكاسات خطيرة على لبنان، ومنذ اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، أصبحت الساحة السياسية مسرحاً للصراع السياسي بين البلدين”.

ويوضح أن الاتفاق السعودي الإيراني على عودة العلاقات الثنائية سيكون له “آثار وانعكاسات إيجابية على الوضع اللبناني، مما سيساهم في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوطيد التعاون الايجابي البناء الذي سيعود حتماً على كافة البلدان العربية عامة، وعلى لبنان بشكل خاص”.

ويبين أن “الاتفاق سيفتح افاقاً للتعاون بين السعودية وإيران لحل الازمة السياسية والاقتصادية الراهنة في لبنان، كما سيساهم في الاتفاق على مرشح لرئاسة لبنان في المرحلة القادمة مما سيؤدي الى حل الازمة السياسية الراهنة في لبنان ما من شانه ينعكس إيجابا على الازمة الاقتصادية”.

وسيسهم الاتفاق، وفق الكاتب والباحث الإقليمي أيضاً، “في عودة الاستثمارات السعودية في لبنان مما يؤثر في نمو الاقتصاد اللبناني، وعودة الدعم المالي للبنان من قبل السعودية عن طريق الهبات والمساعدات ومشاريع الاعمار مما يؤثر إيجابا على انهاء الازمة الاقتصادية”.

ويرى أن “عودة السعودية للبنان يعني عودة كافة دول الخليج مما يساهم في زيادة الدعم السياسي والاقتصادي، وزيادة السياحة العربية عامة والخليجية خاصة إلى بيروت مما يعني زيادة النمو الاقتصادي”.

ويتوقع أن “يقلل التقارب الإيراني السعودي، من حدة النزعات الطائفية والدينية، ومن تحويل إيران الى عدو بديل عن الاحتلال الإسرائيلي، وفشل دولة الاحتلال في الوصول ألى تكوين حلف عربي إسرائيلي ضد إيران وحزب الله”.

بحاجة إلى قت
لكن من جانبه يؤكد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، جورج علم، أن تأثير الاتفاق السعودي الإيراني على الملف اللبناني خاصة الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة بالإيجاب “يحتاج بعض الوقت”.

ويقول علم في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “من المنتظر انعكاس التقارب السعودي الإيراني على الملف اللبناني، في حالة إنهاء الحرب على اليمن، والملف العراقي والسوري، وبعض الدول التي تقول طهران إنها تسيطر عليها”.

ويضيف علم: “جاء الاتفاق السعودي الإيراني في وقت حساس وخطير جداً على الساحة اللبنانية، وهو قرب الشعب اللبناني من الانفجار بسبب تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية”.

ويرى أن “السعودية ملتزمة بالمبادرة الكويتية التي تؤكد على احترام لبنان سيادة الدول العربية والخليجية، ومنع تهريب المخدرات إلى الخليج، وتطبيق القرارات الدولية أبرزها حول حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها.

ولا يستبعد أن تظهر آثار الاتفاق السعودي الإيران على الساحة اللبنانية بعد تقدم المسار الدبلوماسي بين الرياض وطهران، والتوافق حول العديد من القضايا والملفات العربية والإسلامية.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.