حكاية مأساوية للأزمة المصرفية في لبنان

كتب محمد فرحات في الرأي: هل تذكرون اسم سالي، تلك الفتاة التي لوحت بمسدس “بلاستيكي” داخل أحد بنوك لبنان، للحصول على أموالها، والتي يرفض البنك تسليمها إياها؟

قصة سالي، واحدة من ثماني حوادث من هذا القبيل في شهر واحد في لبنان، حيث تحول المودعون اليائسون إلى السطو على البنوك لاستعادة مدخراتهم.

دفعتهم سلسلة من الكوارث المتداخلة إلى هذه النقطة، بما في ذلك انفجار 2020 القاتل في ميناء بيروت، والذي أسفر عن مقتل 218 شخصا على الأقل.

ومع ذلك، كان في قلب الألم الانهيار المستمر للنظام المصرفي في البلاد، والذي دفع البنوك التجارية اللبنانية إلى فرض قيود صارمة على رأس المال وإبعاد المواطنين عن مدخرات حياتهم، بحسب ما تورده وكالة بلومبرغ.

مركز الزلزال هو مصرف لبنان المركزي، ورئيسه رياض سلامة الذي يدير المكان منذ 30 عاما، مما يجعله الأطول في خدمة محافظ البنك المركزي في العالم.

خلال معظم هذه الفترة، ادعى أنه يناصر فلسفة مستقرة ومحافظة للسياسة النقدية، وترأس ما بدا أنه ازدهار، حيث تحولت أجزاء من العاصمة من ساحات معارك مزقتها الحرب الأهلية إلى شوارع أنيقة تصطف على جانبيها مطاعم راقية.

لسوء الحظ، كان وراء عصر المال السهل ما وصفه البنك الدولي والقادة بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه مخطط بونزي، أي الحصول على الأموال عبر أسهل طريقة وهي الاقتراض.

عندما أصبحت الأوقات أكثر صعوبة، بدأ مصرف لبنان يكافح من أجل سداد ديونه، وبدأت البنوك التجارية في البلاد تتأرجح أيضا. لكسب الوقت، وزع سلامة بضع جولات من الائتمان الرخيص.

لكنه توصل في النهاية إلى حل أكثر يأسا، بالاعتماد على البنوك التجارية نفسها لسد ثغرات في احتياطياته النقدية؛ أي السحب من ودائع البنوك الأجنبية لسداد المستحقات المقومة بالدولار واليورو.

اليوم، اقتصاد لبنان في حالة من الفوضى؛ حيث تجاوز معدل التضخم 170% العام الماضي، وتقول وكالات التصنيف الائتماني إن هذا العام قد يكون أسوأ.

في لبنان اليوم، تتزايد عمليات السطو على الأغذية والأدوية الأساسية وحليب الأطفال وحفاضات الأطفال؛ قال إبراهيم عبد الله عضو جمعية صرخة المودعين، لوكالة بلومبرغ، إن دخلوا الأفراد للبنوك يعتبر “سرقة لأموالنا”.

قال سلامة، الذي رفض التعليق مرارا وتكرارا على قصة سالي، إنه سيترك منصبه في يوليو بدلاً من السعي لولاية أخرى مدتها ست سنوات.

في مايو/أيار الماضي، أصدر ممثلو الادعاء الفرنسي والألماني مذكرات توقيف بحق سلامة فيما يتعلق بتحقيق امتد عبر ست دول. وتشمل المزاعم شراء عقارات في تلك البلدان باستخدام ملايين الدولارات من الأموال العامة اللبنانية المسروقة.

قال سلامة إن الاتهامات لها دوافع سياسية ووصف المذكرة الفرنسية بأنها غير قانونية؛ ومع ذلك، ظل سلامة في الداخل بمنأى عن المساس بشكل ملحوظ.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.