النفط يقفز إلى 108 دولارات.. سحب ملايين البراميل من الاحتياطيات يخفق في تهدئة الأسواق

قفزت أسعار النفط نحو 4 في المائة إلى أكثر من 108 دولارات للبرميل، بسبب مخاوف شح المعروض النفطي العالمي، حيث أخفق قرار السحب الأمريكي الضخم من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي على مدار ستة أشهر مقبلة، تعادل 180 مليون برميل، في تهدئة الأسواق.


وتعود المكاسب إلى تصاعد وتيرة الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى استمرار حالة الجدل حول العقوبات الأوروبية على النفط والغاز الروسيين.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون: إن “الحرب الروسية في أوكرانيا لا تزال تضع ضغوطا كبيرة على أسواق النفط العالمية، ما يؤدي إلى زيادة تقلب الأسعار”، لافتين إلى أن هذا يحدث على خلفية المخزونات التجارية التي هي بالفعل عند أدنى مستوى لها منذ 2014.
ونبه المحللون إلى أن الصعوبات والضغوط التضخمية تمثلان أعباء على دول الإنتاج والاستهلاك على السواء، كما يعاني بعض المنتجين – بصفة خاصة – القدرة المحدودة على توفير إمدادات نفطية إضافية على المدى القصير، لافتين إلى الصعوبات الواسعة في أسواق الديزل أيضا والمنتجات المكررة بشكل عام.
وفي هذا الإطار، يقول لـ”الاقتصادية” روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية: “إن أسعار النفط الخام ارتفعت، حيث إن الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا لهما تأثير واسع في أسواق الطاقة، التى باتت تعاني اضطرابات واسعة النطاق وتنامي المخاوف من ضمان إمدادات مستقرة للنفط الخام، حيث تلعب روسيا دورا كبيرا في أسواق الطاقة العالمية، وهي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم وأكبر مصدر للنفط.
وذكر أن قرار وكالة الطاقة الدولية بالإفراج المنسق عن الاحتياطيات النفطية، جاء بالتنسيق مع قرار البيت الأبيض بالإفراج عما يقرب من مليون برميل من النفط يوميا من احتياطياته لستة أشهر، معتبرا هذا الإفراج الواسع يعكس حالة القلق بشأن ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات المرتبطة بأزمة الحرب الراهنة، وأن الإصدار من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي يعد خطوة تاريخية نادرة الحدوث.
من جانبه، يقول ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة: إن “أسعار النفط الخام استهلت الأسبوع على مكاسب بسبب تجدد المخاوف وضعف المعنويات في السوق”، على الرغم من أن النفط سجل أكبر خسارة أسبوعية له منذ أكثر من عشرة أعوام في ختام الاسبوع الماضي، بعد أن أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإفراج غير المسبوق عن الاحتياطيات الاستراتيجية الأمريكية لترويض الأسعار.
وأشار إلى أهمية اتفاق دول وكالة الطاقة الدولية على إطلاق جولة أخرى من مخزونات الخام، حيث من المرجح أن يفرج الحلفاء عن 30 إلى 50 مليون برميل إضافية، ما جعل بنك جولدمان ساكس الدولي يخفض توقعاته للأسعار لهذا العام، لكنه عاد إلى رفع تقديراته لأسعار النفط الخام لـ2023 في ضوء قناعة دولية قوية بأن خطوة الإفراج عن الاحتياطيات لن تصلح اختناقات العرض طويلة المدى.
من ناحيته، يقول ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات: إن “إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن إطلاق 180 مليون برميل من النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي أسهم في تهدئة وتيرة الأسعار، لكنه لن يكون حلا على المدى الطويل”، موضحا أن عديدا من العوامل وراء ارتفاع تكاليف الطاقة ما زالت باقية ومستمرة في التأثير في السوق، خاصة المخاطر والتقلبات الجيوسياسية وقيود سلسلة التوريد وانتشار الضبابية وحالة عدم اليقين في الأسواق.
ولفت إلى وجود قناعة في أوساط الطاقة الأمريكية بأن الحل الأفضل من إطلاق الاحتياطيات هو إزالة الحواجز أمام الاستثمار في إنتاج الطاقة، وتدعيم البنية التحتية لمشاريع الطاقة وتحقيق التوافق مع المنتجين على خطوات يمكننا اتخاذها لتزويد الأسواق الدولية بأمن طاقة حقيقي ومستدام.
بدورها، تقول ليز اكسوي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة: إن “تدفقات الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية ما زالت مستمرة بتأكيد من شركة غازبروم ونظيراتها في أوروبا”، لافتة إلى قناعة كثيرين أن العقوبات ستضار منها بشكل أكبر الدول التي فرضت العقوبات، في ظل الاعتماد الأوروبي الواسع على الطاقة الروسية.
وأشارت إلى أن عديدا من الدول فرضت عقوبات على نفسها بإدماج قطاع الطاقة في الأزمة الراهنة، حيث حظرت الولايات المتحدة بالكامل واردات الطاقة من روسيا كما تخطط المملكة المتحدة للتخلص التدريجي من واردات النفط والغاز بحلول نهاية العام، بينما تعهد الاتحاد الأوروبي بخفض واردات الطاقة بمقدار الثلثين بحلول نهاية العام.
ووفقا لـ”رويترز”، تساءل ستيفن برينوك من “بي.في.إم” للسمسرة في النفط “هل سيسد الإفراج عن نفط من الاحتياطيات الاستراتيجية النقص الناجم عن العقوبات وإحجام المشترين عن النفط الروسي؟ الإجابة المختصرة “لا”.
وارتفع خام برنت 3.19 دولار بما يعادل 3.1 في المائة إلى 107.58 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:34 بتوقيت جرينتش. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.46 دولار أو 3.5 في المائة إلى 102.73 دولار للبرميل.
وكان الخامان قد تراجعا أكثر من دولار لكل منهما في بداية التعاملات في الأسواق أمس.
وهبطت أسعار النفط نحو 13 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن سحبا غير مسبوق من احتياطيات النفط الأمريكية، وتعهدت دول أعضاء في وكالة الطاقة الدولية بعمليات سحب أخرى من الاحتياطيات. وبلغ الخام 139 دولارا الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2008.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 104.90 دولار للبرميل الجمعة مقابل 107.74 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس: إن “سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، وإن السلة خسرت نحو 11 دولارا مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 115.99 دولار للبرميل”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.