دول أفريقيا هي الوحيدة التي بإمكانها تحقيق الاستقرار والديمقراطية في القارة السمراء – الغارديان

نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية من الغارديان بمقال نسرين مالك التي ألقت الضوء على أهم الأسباب والدوافع وراء الانقلابات في منطقة الساحل في أفريقيا، والتي كان أحدثها انقلاب النيجر الذي بدأ في العاشر من أغسطس/ آب الجاري. ووصفت الكاتبة هذا الانقلاب بأنه “الحلقة الأخيرة التي تكمل سلسلة من الدول التي يحكمها انقلابيون في المنطقة بأكملها”.

وأشارت مالك إلى أن هذا أحد أهم أسباب هذا الانقلاب أو محاولة الاستيلاء على السلطة، التاسع في غرب ووسط أفريقيا منذ عام 2020، هو التدخل الروسي سواء من خلال جماعة مرتزقة فاغنر أو من خلال الموقف الرسمي لروسيا من تلك الحركات الانقلابية. وأشارت إلى أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض في تصريحات أدلى بها منذ أسبوعين على دول أفريقيا أن يحررها من قوى الاستعمار الجديد”.

ورغم أن فاغنر ليست من الأسباب الرئيسية لتلك الانقلابات، إلا أنها من أهم العوامل التي توفر الدعم لتلك التحركات، وفقا للغارديان التي ذكرت أن جماعة المرتزقة الروسية تستخدم قوتها المسلحة في تدريب ودعم وتعزيز قوات مسلحة وشبه مسلحة تابعة لحكومات أو لجماعات متمردين على حدٍ سواء. وأشارت الصحيفة البريطانية أيضا إلى أن فاغنر تستخدم أيضا القوى الناعمة لروسيا من خلال مؤسسات مثل “مؤسسة حماية القيم الوطنية” الروسية، التي تزعم أنها ترصد اتجاهات المواطنين نحو الدولة الحكومات في دول بعينها بهدف التوصل إلى الأساليب التي من شأنها المساعدة في إنجاح عملية إدارة البلاد، كما تجلت تلك القوى الناعمة في النيجر في ظهر أعلام روسيا في مظاهرات في مؤيدة للمجلس العسكري.

وقالت مالك إن “فاغنر تستخدم كل هذه الطرق والأساليب من أجل شيء واحد؛ هو استنزاف ثروات الدول التي تنشط فيها، مثل الذهب في السودان، والنفط في ليبيا، والماس واليورانيوم في جمهورية وسط أفريقيا”، وهو الاستنزاف الذي وصفته الكاتبة بأنه “قرصنة اقتصادية”.

وضمنت الكاتبة بين أسباب ازدهار الانقلابات في منطقة غرب ووسط أفريقيا الإرهاب الذي ينتشر بسهولة في تلك الدول استغلالا للصلة الضعيفة بين دول أفريقيا سلسلة الأمن العالمي. فوجود الجماعات الإرهابية تعطي مسوغا لقناعة تسود في دول مثل النيجر بأن الحكم العسكري أقدر على التصدي للإرهاب من الحكم المدني الديمقراطي.

وأشارت أيضا إلى أن الفقر يُعد أيضا من أهم هذه الأسباب، إذ يعاني ملايين السكان في تلك الدول من مستقبل اقتصادي مظلم وتتملكهم حالة من اليأس، وهو ما يفقدهم القوة اللازمة لمقاومة العسكريين الشباب الأقوياء ذوي الشخصيات الجذابة الذين يستغلون هذا الضعف لصالحهم.

وخلصت نسرين مالك إلى أن “استقرار دول أفريقيا لا يمكن أن يخطط له في البنتاغون أو في حلقات النقاش والتحليل على قنوات الأخبار، لكنه يتحقق بأيدي الأفريقيين وبآلياتهم بعد أن يواجهوا مخاوفهم بأنفسهم”.

“حرب ثقافية”

لا زلنا في الغارديان، حيث نشرت الصحيفة البريطانية مقالا لخمسة من السياسيين والمحلين السياسيين، في باب “ذي بانيل”، الذين عرضوا تشريحا دقيقا لسياسات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة والبيئة.

ورأى جون ريدوود، عضو مجلس العموم عن ووكنغهام، أنه “على رئيس وزراء المملكة المتحدة أن يتوقف عن القسم وأن يطلق تعهدات حقيقية، فالشعب يتوقع من حاكمه عند الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام أن يستخدم لغة واضحة وأسرية تشعرهم بأنه واحد منهم”.

وأشار إلى أن استخدام عبارات القسم والحديث الفضفاض عند التصدي إلى واحدة من أكثر القضايا حساسية في البلاد أثار الكثير من الجدل أكثر من تقديمه حلول مستقبلية للمشكلة.

ورجح أن خير وسيلة يمكن للحكومة استخدامها لتحقيق النتائج المأمولة لحزب المحافظين في الانتخابات المقبلة هو أن يلتزم سوناك بتعهداته الخمسة التي تتمثل في خفض معدل التضخم بواقع النصف، وخفض المديونية البريطانية، والقضاء على قوائم في مستشفيات الهيئة الوطنية للرعاية الصحية، وتحقيق نمو اقتصادي، ووقف عبور زوارق المهاجرين إلى بريطانيا.

وقال توم جونز، عضو مجلس محلي ومؤلف، إن الناخبين يحتاجون إلى إجراءات حقيقية، “لا إلى إيمائات لا طائل من ورائها”. وأكد أن البريطانيين الذين صوتوا لصالح حزب المحافظين في 2019 يحتاجون إلى تلبية احتياجات عدة، لا إلى “حرب ثقافية”، في إشارة إلى السياسات التي تتبعها الحكومة الحالية في التعامل مع المهاجرين.

وقالت فايزة شاهين، الأستاذة الزائرة في كلية لندن للاقتصاد، إن ما يفعله سوناك وحكومته فيما يتعلق بقضايا الهجرة والبيئة “جهود حثيثة لتشتيتنا بالأكاذيب والكراهية”.

وأضافت أن “سوناك أضاف سطرا جديدا في كتابه ’فرق تسد‘ عندما تحدث بشكل مناهض لسياسة للمناطق قليلة الانبعاثات في أوكسبريدج، إذ أثار جدلا بين مؤيدي ومعارض قائدي السيارات للتعتيم على الكارثة التي تسبب فيها هو وحكومته في اقتصاد البلاد والخدمات العامة”.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي مارك باك أن الحكومة الحالية في البلاد سلكت طريقا قد يؤدي بها إلى خسارة الكثير من الدعم الشعبي عندما اعتمدت على استغلال حرب ثقافية، قضية المهاجرين، في كسب هذا الدعم. كما أشار إلى خطأ آخر ارتكبه سوناك عندما اظهر ميلا إلى التهاون في مكافحة انبعاثات الكربون بإعلانه أمام وسائل إعلام عن حبه لقيادة السيارات.

وأكد أن الناخبين لا يحبون الحكومات التي تسدد ضرباتها إلى الفئات المستضعفة مثل المهاجرين، ولا تلك التي تتبنى سياسات تقلل من أهمية الطاقة الخضراء، مشددا على أن مثل هذا النهج “يؤدي بالحكومات حتما إلى طريق الفشل”.

وقالت ناتالي بينيت، الزعيمة السابقة لحزب الخضر البريطاني، إن “تراجع شعبية حزب المحافظين لا يكفي، إذ ينبغي أن يتحلى حزب العمال بالشجاعة”، واصفة النهج الذي سلكه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في التعامل مع المهاجرين بأنه “ترامبي”، من أساليب ترامب، ظنا منه أنه نهج جديد وصادق في التعامل مع القضية يستهدف من خلاله إنعاش الناخبين الذين يفضلون الصخب والنزعة الهجومية.

“جنون العظمة”

ننتقل إلى صحيفة الفايننشال تايمز التي نشرت مقالا لجدعون راتشمان الذي عقد مقارنة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول الذي بدأ مذكراته بعبارة: “فرنسا لا يمكن أن تكون فرنسا إلا بعظمتها”.

لكنه رأى أن هناك فارق بين الزعيمين، وهو أن بوتين يريد تحقيق عظمة بلاده بدافع “مخاوف حيال أن تفقد روسيا مكانتها بين القوى العالمية إلى الأبد علاوة على جنون العظمة”، وهو ما يأتي على النقيض تماما من دوافع ديغول الذي رفض فكرة أن “عظمة فرنسا تستمد من تبعية جيرانها لها، مما دفعه إلى إنهاء الحرب في الجزائر”، وفقا لراتشمان.

لكن كاتب الفايننشال تايمز رأى أن هناك أوجه شبه بين بوتين وديغول تتمثل في أن كل منهما “غارق في تاريخ بلاده وما تعرضت له من هزيمة وإذلال”، إذ هزمت فرنسا في الحرب العالمية الثانية في حين يرى بوتين أن تفكيك الاتحاد السوفييتي عام 1991 يُعد هزيمة كبرى لبلاده. وأشار أيضا إلى أن هناك عامل مشترك بين الزعيمين يتضمن أن كل منهما على قناعة بأن “قدره” هو أن يحدد مصير بلاده.

وعاد الكاتب ليسوق عددا من الفروق بين الزعيمين، إذ تمتع ديغول بالحكمة التي ساعدته على اتخاذ القرار بوقف الحرب في الجزائر، وهي السمة التي اتضح جليا أن بوتين يفتقر إليها عندما اتخذ القرار بغزو أوكرانيا. وأشار أيضا إلى أن ديغول كان بطل حرب حقيقي أصيب عدة مرات في حروب خاضتها فرنسا وجاب شوارع باريس تحت القصف أثناء تحرير المدينة.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.