بين “المجزرة” و”الخطر على أمن الدولة” ماذا جرى بعد 10 سنوات من فض اعتصام رابعة؟ #عاجل

حاكمت السلطات المصرية  العديد من أنصار جماعة الاخوان المسلمين وقادتها حتى بعد مرور سنوات على الاحداث.

Getty Images

في الرابع عشر من أغسطس/ آب من عام 2013، فضت قوات الأمن اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، استمر 48 يوماً.

نزلت المدرعات إلى الشوارع، وأطلقت قوات الأمن ورجال الشرطة النيران على الحشود المتجمعة في ميدان رابعة العدوية، وغطى الغاز المسيل للدموع المكان، وسقط مئات القتلى.

فهل كان ذلك اعتصاماً سلمياً أم “مذبحة”؟ وهل كان بحوزة المتظاهرين أسلحة كما قيل؟ هل وفرت قوات الأمن ورجال الشرطة ممراً آمناً للمحاصرين للخروج من المكان؟ وهل كان من الممكن تفادي مقتل كل هؤلاء الأشخاص؟

قتل ما لا يقل عن 850 شخصا أثناء وبعد فض اعتصامي رابعة العدوية في القاهرة وميدان النهضة في الجيزة، في مواجهات بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي (توفي في حزيران /يونيو 2019) وقوات الأمن.

وصف المعتصمون ما حدث بـ”المذبحة”، أما الشرطة، فاعتبرتها خطة مدروسة من قبلها لفض تجمع كان يشكل “خطراً على أمن البلاد”.

اعتصامات ومظاهرات

جلسة المحاكمة، المعروفة باسم فض احتجاجات رابعة العدوية، في محكمة جنايات القاهرة، في مصر. 8 سبتمبر/أيلول 2018

Getty Images
ترأس القاضي حسن فريد جلسة المحاكمة، المعروفة باسم فض احتجاجات رابعة العدوية، في محكمة جنايات القاهرة، في مصر 8 سبتمبر/أيلول 2018

كان محمد مرسي، الرئيس الخامس لجمهورية مصر والأول بعد ثورة 25 يناير، وأول رئيس مدني منتخب للبلاد، تولى منصب رئيس الجمهورية في 24 يونيو/حزيران 2012.

بعد خمسة أشهر من توليه المنصب، أصدر إعلانا دستوريا يعزز صلاحياته. اعتبر معارضوه القرار استبدادياً، بينما رأى مؤيدوه أنه مهم لتقليص هيمنة الجيش.

خرج المعارضون في مظاهرات استمرت لأشهر في ميدان التحرير للمطالبة بتنحي مرسي عن السلطة.

وبالتوازي نظم مؤيدو الرئيس اعتصاماً مفتوحاً في ميداني رابعة العدوية والنهضة.

كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وقتذاك وزيراً للدفاع، وتحت قيادته، عزل الجيش محمد مرسي، تلبية لمطالب الحشود في ميدان التحرير. فصُدمت الحشود المعتصمة في ميداني رابعة والنهضة.

في الأسابيع اللاحقة، تنامى الغضب في ميدان رابعة، وازداد عدد الملتحقين به مطالبين بعودة الرئيس.

خرجت مظاهرات دورية من الميدان إلى مناطق مختلفة في القاهرة، تخللتها اشتباكات متكررة مع الشرطة أدت إلى سقوط قتلى.

أعلنت الحكومة المؤقتة حينها، أن الاعتصام يعطل حياة الناس، وقالت إنها تخشى من أن يكون بحوزة المتظاهرين أسلحة، لذلك، كلفت وزارة الداخلية بوضع خطة لفض الاعتصامين.

الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي

Getty Images
أطاح الجيش بمحمد مرسي بعد احتجاجات استمرت لأشهر.

روايات متباينة

بحسب الرواية الرسمية، بدأت قوات الأمن باقتحام ميدان رابعة من مداخله الخمسة في ساعات الصباح الأولى، وأعلنت عبر مكبرات الصوت أن الاعتصام سيُفض وطالبت المعتصمين بالخروج من ممرات تم تأمينها.

لكن المعتصمين قالوا إن الآلاف لم يصلهم الصوت، وتعرض من تمكن من الخروج لإطلاق نار أو ألقي القبض عليه.

وقالت قوات الأمن إنها بدأت في إطلاق النار فقط عندما تعرضت لإطلاق النيران من جانب معتصمين تحصنوا في بنايات عالية. لكن المعتصمين نفوا ذلك، وقالوا إن الشرطة أطلقت النار على الجميع وإن أعداد حاملي السلاح في الميدان كانت ضئيلة جدا.

وفي بيان لوزير الداخلية أصدره بعد فض الاعتصام، قال إن قوات الأمن ضبطت 15 سلاحا ناريا في ميدان رابعة.

منظمات حقوقية قالت إن هذا الرقم يعني أن الشرطة لم تكن تدافع عن نفسها، بل فتحت النار بشكل عشوائي وانتقامي على المتظاهرين العزل.

وبحلول المساء كانت الجثث التي سقطت في الاشتباكات متكدسة عند مسجد رابعة والمشفى القريب.

وظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، عربات الأمن وهي تجرف الجثث وسط صرخات ذويهم.

أخلت القوات المسجد والمشفى، وفجأة اشتعلت النيران في المكان، وتفحمت الكثير من الجثث.

ويتبادل المعتصمون والشرطة الاتهامات حول المسؤولية عن إشعال الحرائق.

وبحسب تقارير رسمية، وصل عدد القتلى إلى نحو 700 من المعتصمين و 10 من قوات الشرطة.

لكن مؤيدي الرئيس المعزول قالوا إن عدد القتلى من المعتصمين يصل إلى 1300 شخصاً.

شهدت مصر توتراً بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013.

Reuters
شهدت مصر توتراً بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013.

تسلسل زمني للأحداث وتطوراتها

نوفمبر/تشرين الثاني 2012: عقب إعلان دستوري مثير للجدل، توترت العلاقة بين مرسي وأنصاره، من ناحية، وغالبية القوى المعارضة، من ناحية أخرى. واتسعت الفجوة بمرور الوقت مع تصاعد الخلافات حول إدارة ملفات سياسية وتشكيلة الحكومة، وصولا إلى انطلاق دعوات لإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي.

21 يونيو/حزيران 2013: أنصار مرسي يتجمعون في ميدان رابعة العدوية دعما له بعد مطالبات بسحب الثقة منه من قِبل حملة “تمرُّد” وقوى مدنية أخرى.

23 يونيو/حزيران 2013: قيادة الجيش تمهل الأطراف السياسية المختلفة أسبوعا لحسم خلافاتها.

26 يونيو/حزيران 2013: مرسي يعلن تمسكه بموقفه، ويتهم أنصار الحزب الوطني المنحل بالوقوف وراء الحملة ضده، ويأمر بإجراءات قانونية ضد بعضهم.

28 يونيو/حزيران 2013: أنصار مرسي يتجمعون مجددا في ميدان رابعة العدوية لدعمه ضد مظاهرات مناهضة منتظرة نهاية الشهر ذاته، ويعلنون الاعتصام بالميدان.

30 يونيو/حزيران 2013: مظاهرات حاشدة ضد مرسي في ميدان التحرير وأمام قصر “الاتحادية” الرئاسي ومناطق أخرى بالبلاد.

الأول من يوليو/تموز 2013: قيادة الجيش تمهل الأطراف السياسية 48 ساعة إضافية للخروج بحل للأزمة السياسية، وبدء اعتصام آخر لأنصار مرسي في ميدان النهضة بالجيزة.

2 يوليو/تموز 2013: مقتل 16 شخصا في اشتباكات وقعت فجرا بين أنصار مرسي ومهاجمين لاعتصامهم بميدان النهضة، تزامنا مع حرق وسلب المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين في حي المقطم.

2 يوليو/تموز 2013: مرسي يعلن رفضه ضغوط المتظاهرين، ويتعهد بإجراءات يراها خصومه غير كافية، ويحذر من العنف. وأعداد المتظاهرين في ميداني رابعة العدوية والنهضة تزداد، مع وقوع صدامات عند أطراف مواقع الاعتصام.

3 يوليو/تموز 2013: وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي يعلن – في حضور ممثلين لقوى سياسية معارضة وشخصيات دينية – عن خارطة طريق تشمل عزل مرسي وتعطيل الدستور وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور رئيسا مؤقتا. وتزامن مع ذلك احتجاز الرئيس المعزول في مكان غير معلوم. وقد تسببت هذه الإجراءات في غضب عارم بين أنصار مرسي في ميداني رابعة والنهضة، وخروج مظاهرات في مناطق متعددة ضد عزله.

5 يوليو/تموز 2013: أنصار لمرسي يتوجهون إلى دار الحرس الجمهوري أملا في إطلاق سراحه، ويعلنون الاعتصام هناك مع تزايد أعداد المحتجين وحدوث مناوشات مع الحرس الجمهوري.

8 يوليو/تموز 2013: فض اعتصام أنصار مرسي أمام دار الحرس الجمهوري، وهو ما أسفر عن سقوط 55 قتيلا وإصابة نحو 400، معظمهم من أنصاره.

26 يوليو/حزيران 2013: مظاهرات دعا إليها السيسي لتفويضه والجيش بمواجهة ما سماها “جماعات الإرهاب المحتمل”.

27 يوليو/تموز 2013: سقوط أكثر من 100 قتيل في اشتباكات عند منطقة نصب تذكاري بالقرب من موقع اعتصام رابعة العدوية بين أنصار مرسي وقوات الأمن.

31 يوليو/تموز 2013: مجلس الوزراء يفوض وزير الداخلية بإعداد الخطط اللازمة لفض اعتصامي رابعة والنهضة.

وخلال هذه الفترة، توافد على مصر عدد من الشخصيات الدولية والإقليمية للوساطة من أجل حل الأزمة ومنع تفاقم الوضع، لكن المبادرات فشلت جميعها.

وتوافد المزيد من المعتصمين على ميداني رابعة العدوية والنهضة تحسبا لقيام السلطات بفض الاعتصامين. وتحدثت الأجهزة الأمنية عن وجود سلاح بين المعتصمين، الذين بنوا حواجز ترابية واسمنتية حول موقعي الاعتصام.

14 أغسطس/آب 2013: قوات الأمن تنفذ قرار فض اعتصامي أنصار مرسي فجرا. وبعد نحو 12 ساعة، يتكشف المشهد عن مئات القتلى والمصابين.

قتل المئات عند فض اعتصام رابعة

BBC
قتل المئات عند فض اعتصام رابعة.

في الأشهر اللاحقة، لم تقبل المحكمة الجنائية الدولية النظر في دعاوى محاكمة المسؤولين عن الفض ونتائجه.

وبعد مرور سنوات عن الواقعة، ظلت السلطات المصرية تحاكم العديد من أنصار جماعة الاخوان المسلمين وقادتها بتهم الدعوة لاعتصامات غير سلمية، وتعريض حياة مواطنين للخطر، وقتل أفراد من الشرطة والجيش في اشتباكات صاحبت تلك الاعتصامات.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.