الامم المتحدة تُسلّم لبنان بيانات اللاجئين السوريين وسط مخاوف حقوقية

صورة أرشيفية للاجئين سوريين يتجمعون في قرية بلاط للتسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد أشهر من وصولهم إلى لبنان

Getty Images
صورة أرشيفية للاجئين سوريين يتجمعون في قرية بلاط للتسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد أشهر من وصولهم إلى لبنان

أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية أنها توصلت إلى اتفاق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن طلب بيروت الكشف عن بيانات اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية.

جاء ذلك خلال لقاء بين وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بوحبيب، وبين وفد من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، شمل ممثلين من جنيف وعمّان وكوبنهاغن، بالإضافة إلى بيروت.

عقب اللقاء، قال بوحبيب إن الاتفاق جاء “ختاما لمسار طويل من التفاوض بدأ منذ عام تقريبا، في لقاء ترأسه دولة رئيس مجلس الوزراء بحضوري مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حيث توصلنا بموجبه إلى وعد مبدئي بتطوير التعاون بين الجانبين الأممي واللبناني”.

يأتي هذا الاتفاق بعد تقارير تؤكد رفض المفوضية تسليم البيانات للسلطات اللبنانية التي تعمل بدورها على إيجاد حل لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وهو ما ترفضه المفوضية والمجتمع الدولي في إصرار على أن الظروف الآمنة لم تتوافر بعد لهذه العودة.

ووصف بوحبيب المعلومات الأممية عن اللاجئين السوريين بـ “السيادية”، في إطار حق الدول في معرفة هوية المقيمين على أراضيها، مؤكدا أن الاتفاق يخدم مصلحة الطرفين، اللبناني والأممي، والدول المانحة، على حد قوله.

من جهته، قال لانس بارثولوميوز رئيس وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن الاتفاقية تتوافق مع المعايير العالمية لحماية البيانات، على أن تكون هناك مناقشات حول أساليب التنفيذ.

وجاء في البيان المنشور على حساب المفوضية “تلتزم الحكومة اللبنانية بعدم استخدام أية بيانات يتم مشاركتها لأغراض تتعارض مع القانون الدولي، وقد أعادت تأكيد التزامها بمبدأ عدم الإعادة القسرية والتزاماتها بموجب القانون الدولي والمحلي”.

وأضاف أن المفوضية “تؤكد على التزامها واستعدادها بمواصلة التعاون الوثيق لدعم لبنان في المضيّ قدُما”.

مخاوف حقوقية وطمأنة أممية

أكدت مفوضية اللاجئين لبي بي سي أنه لم يكن هناك إطار زمني للاتفاق المبرم حديثا والذي كان يبحث مشاركة البيانات بشكل موسع، سبقه تعامل ما زال مستمرا مع الحكومة اللبنانية بمختلف وزاراتها فيما يخص وضع اللاجئين السوريين، بما يشمل وزارات الداخلية والخارجية والصحة والشؤون الاجتماعية، وبما يضمن حماية اللاجئين.

ومع ذلك، يرى المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أي اتفاق بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة سيكون ضد مصلحة اللاجئين السوريين في لبنان.

وأضاف مدير المرصد رامي عبد الرحمن لبي بي سي أن الاتفاق المبرم حديثا من شأنه أن “يعرّض اللاجئين السوريين للخطر؛ لأن المعلومات ستتسرب إلى السلطات اللبنانية وبالتالي إلى حزب الله الذي بدوره سيسلمها للنظام السوري”، في إشارة إلى الصلة بين سياسيين لبنانيين وبين حزب الله المؤيد للحكومة السورية.

وأعرب عبد الرحمن عن مخاوفه من تسليم القوائم بأسماء اللاجئين السوريين للسلطات اللبنانية، خوفا من ترحيل بعضهم بعد ذلك؛ حيث إن “كل من يُعاد إلى سوريا يتعرض إلى الاعتقال أو القتل على يد النظام السوري، أو يتعرض للابتزاز من قبل مخابرات النظام التي تريد أن تعتقل هؤلاء من أجل الحصول على أموال للإفراج عنهم”، بحسب المرصد السوري.

لكن مفوضية اللاجئين أكدت في حوار خاص لبي بي سي أن الاتفاق “يضمن التزام الحكومة اللبنانية بعدم مشاركة البيانات مع أي طرف ثالث، بما يشمل بلد المنشأ” أي سوريا.

وأضافت أن أي مشاركة للبيانات مع الحكومة اللبنانية تتضمن موافقة أصحاب تلك البيانات، وهو ما يتوافق مع المعايير الدولية لحماية البيانات وخصوصيتها.

ترحيل طوعي وقسري

تظاهرة ضد ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان

Getty Images
تظاهرة ضد ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان

كانت الحكومة اللبنانية قد بدأت منذ أشهر العمل على خطة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وكلّفت بهذه المهمة لجنة وزارية برئاسة وزير المغتربين، الذي عاد وتنحى عن مهمته بعد أيام من إصدار البرلمان الأوروبي توصية تدعم بقاء اللاجئين السوريين في لبنان.

وفي 4 مايو/ أيار، أعلنت السلطات اللبنانية استئناف تنظيم قوافل “العودة الطوعية” للاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم، بعدما توقفت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي لأسباب لوجستية.

وقال وزير المهجرين في لبنان عصام شرف الدين في حديث لبي بي سي في مايو/أيار: “آن الأوان لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. 12 عاماً من التشرد ومواجهة الصعوبات. حوالي 90 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر في لبنان”.

وأضاف أن مساعدات المفوضية “لا تكفي العائلات السورية”، وإن الوضع آمن لعودة اللاجئين إلى سوريا “باستثناء منطقة الشمال الشرقي الذي بها وجود أمريكي غير شرعي”.

وفي أبريل/نيسان، أصدرت الحكومة اللبنانية قرارات عدة، من بينها التشدد في ملاحقة السوريين المخالفين والبحث في إمكانية تسليم المحكوم عليهم للدولة السورية بعد التنسيق معها، وذلك خلال اجتماع وزاري استثنائي عقد بعد أيام من صدور تقارير عن ترحيل القوى الأمنية اللبنانية لعشرات اللاجئين السوريين.

وتشير التقارير إلى أن الأمم المتحدة رفضت تزويد السلطات اللبنانية ببيانات السوريين في لبنان لاسيما المطلوبين سياسيا، نظراً لحساسية ملفاتهم وخطورة الكشف عن بياناتهم.

وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت السلطات اللبنانية أن “تكف فوراً” عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً إلى سوريا، وسط مخاوف من أنهم مُعرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد عند عودتهم.

معاناة اللاجئين السوريين في لبنان في مواجهة الترحيل القسري

لبنان: ما أسباب ترحيل سوريين بينهم لاجئون من البلاد؟

تمييز عنصري وفقر مدقع

نظرًا لتضخم الأسعار وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية، يعاني اللاجئون السوريون في لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة أثرت على أكثر من ثلثي اللاجئين، بحسب الدراسة السنوية لمفوضية اللاجئين في لبنان.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن اللاجئين السوريين في لبنان باتوا يعانون “من تصاعد وتيرة التمييز العنصري بحقهم، وتعمد السلطات اللبنانية ترحيل الكثيرين منهم بشكل تعسفي”.

وأضاف المرصد أن قوات من الجيش وجهاز الأمن العام “شن حملات مداهمة واعتقالات طالت العشرات، وتم تسليمهم لقوات تابعة للفرقة الرابعة على الحدود السورية – اللبنانية، فضلاً عن الكثير من حالات الترحيل الفردية، تعرض كثير منهم للاعتقال فور وصولهم إلى سوريا”.

وتقدّر السلطات اللبنانية حاليا عدد اللاجئين السوريين فيها بنحو مليون ونصف المليون لاجئ، بينما يبلغ عدد المسجّلين لدى الأمم المتحدة حاليا 759 ألف سوري، وفق أحدث بياناتها، ويقيم معظمهم في البقاع وشمال البلاد.

وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قد أعلنت ارتفاع مستوى الفقر المدقع إلى نحو 90 في المئة بين أسر اللاجئين السوريين في لبنان.

حملات وحملات مضادة

صورة أرشيفية لمتظاهرين في لبنان يطالبون برحيل اللاجئين السوريين من البلاد

AFP
صورة أرشيفية لمتظاهرين في لبنان يطالبون برحيل اللاجئين السوريين من البلاد

جدير بالذكر أن السلطات اللبنانية شنت في أبريل/نيسان حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يملكون إقامات أو أوراق ثبوتية ، ما أسفر عن توقيف نحو 450 سوري، تمّ ترحيل أكثر من ستين منهم إلى سوريا، وفق ما أفاد به مصدر مطلع على ملف اللاجئين في منظمة إنسانية.

ومع حلول 26 أبريل/ نيسان في ذكرى انسحاب الجيش السوري من الأراضي اللبنانية، ظهرت بعض الحملات في لبنان دعما لترحيل اللاجئين السوريين، إذ يقول بعض اللبنانيين إن الوضع الأمني في سوريا يسمح بذلك.

وبرزت خلال السنوات الأخيرة “المشاعر المعادية لوجود السوريين” في لبنان وتصاعدت بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان.

في المقابل، خرجت تظاهرة في مدينة طرابلس الشمالية وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان، تطالب بوقف ترحيل السوريين وتطالب المجتمع الدولي بالتدخل وبحماية السوريين.

و صرح الوزير عصام شرف الدين لبي بي سي في مايو/أيار الماضي أن اعتقال الجيش اللبناني سوريين خالفوا القانون وترحيلهم إلى بلادهم هو “أمر عادي جداً ودوري”.

وأضاف أن من “يخالف القانون ويزوّر الأوراق الرسمية عليه أن يتحمل مسؤولية أفعاله”، ويصف ردود فعل المنظمات الحقوقية المنتقدة لإجراءات الجيش اللبناني بـ”المبالغ بها بشكل كبير ويتم استغلالها لأغراض سياسية”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.