وفاة مغنية البوب كوكو لي تثير نقاشات بشأن الصحة العقلية في الصين

حققت المغنية الأمريكية المولودة في هونغ كونغ شهرة كبيرة في الصين

Getty Images
حققت المغنية الأمريكية المولودة في هونغ كونغ شهرة كبيرة في الصين وأثار انتحارها المخاوف حول الصحة العقلية في البلاد

صدمت وفاة مغنية البوب كوكو لي الشعب الصيني، وفجرت حالة من الجدل والمناقشات حول قضايا الصحة العقلية على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين.

توفيت كوكو لي، عن 48 عاما، بعد أن دخلت في غيبوبة منذ محاولتها الانتحار في عطلة نهاية الأسبوع، وفقا لما نشرته شقيقتاها الأكبر كارول ونانسي، على فيسبوك.

كما كشفت الشقيقتان عن أن كوكو لي كانت تعاني من الاكتئاب في السنوات الأخيرة.

واشتهرت المغنية الأمريكية المولودة في هونغ كونغ، والتي حققت شهرة في الصين، بطاقتها المثيرة وابتسامتها المشرقة على خشبة المسرح وأمام الجمهور. وأعرب الكثير من الناس عن عدم تصديق الخبر بعد انتشار الخبر في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء.

“لا أصدق هذا. كانت دائما الفتاة المشرقة التي تحب الغناء والرقص والابتسام”، جاءت هذه الجملة في تعليق على خبر وفاتها، وحظي التعليق بحوالي 3000 إعجاب على منصة ويبو، التي تشبه تويتر في الصين.

وتساءل تعليق آخر، حقق الكثير من الإعجاب: “هل لا يزال هناك أي شخص سعيد في هذا العالم بعد ذلك؟”.

مع تدفق رسائل التقدير والتعزية للمغنية الراحلة، ركز الكثيرون على قضية الصحة العقلية التي ذكرتها عائلتها.

وانتشرت على المنصة الاجتماعية الصينية وسوم (هاشتاغ) تتحدث عن الصحة النفسية ومنها هاشتاغ (#ما_مدى_قرب_الاكتئاب_منك) و(#أعراض_الاكتئاب)، كما انتشرت أيضا في وسائل الإعلام الحكومية مثل قناة سي سي تي في الصينية وبيبولز ديلي وتشاينا ديلي، والتي قامت بنشر محتوى لزيادة وعي الناس بالاكتئاب والأمراض العقلية.

تقول الدكتورة جيا مياو، الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع بجامعة شنغهاي نيويورك: “يمكن للناس أن يشعروا أن هذه المسألة أصبحت أكثر إلحاحا”.

إنها (الصحة العقلية) أحد أعراض الوضع المقلق الذي تواجهه الصين: ويتزايد بسرعة عدد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، ولا توجد شبكة طبية جاهزة تماما للتعامل مع هذا الوضع.

لطالما حمل الاكتئاب أو أي مرض عقلي وصمة العار في المجتمع الصيني. الكلمة الصينية للمرض العقلي هي”jingshen bing” و تبدو مشابهة لمصطلح مهين لشخص مجنون وهو “shenjing bing” ، والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية سيُنظر إليهم دائما على أنهم أشخاص فقدوا عقولهم.

لم يتم تشخيص المرضى الصينيين على أنهم مصابون بالاكتئاب، وفقا لما قالته كي رين، مؤسسة حساب “معهد أبحاث الاكتئاب” على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضافت رين: “كنا نسمع أشياء مثل (شخص ما لم يحصل على درجة جيدة في المدرسة، لهذا قفز من المبنى).. لذلك لم تتح لنا الفرصة أبدا لسؤال هؤلاء الأشخاص عما حدث؟ وما نوع المساعدة التي يحتاجون إليها.”

سيعاني واحد من كل سبعة مقيمين في الصين من نوع واحد على الأقل من أمراض الاضطرابات العقلية في حياته، بحسب مسح جديد

Getty Images
سيعاني واحد من كل سبعة مقيمين في الصين من نوع واحد على الأقل من أمراض الاضطرابات العقلية في حياته، بحسب مسح جديد

ومع تقدم الاقتصاد الصيني بسرعة، ازداد الضغط على الأفراد خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية.

وتضيف الدكتورة مياو، من جامعة شنغهاي في نيويورك، أن الصينيين يعانون من الإرهاق لأن المنافسة في المدرسة وأماكن العمل أصبحت أكثر شراسة، واكتسبت قضايا الصحة العقلية اهتمام المجتمع.

وتوضح أيضا أنه نظرا لأن المزيد من الأشخاص وجدوا أنفسهم يعانون من هذه المشكلات، فقد أصبحوا أكثر استعدادا لمشاركة تجاربهم مع عائلاتهم وأصدقائهم، وطلب المساعدة المهنية، مما أدى إلى تغيير الموقف تجاه هذا الموضوع.

تشير الأرقام إلى أن عدد السكان الذين يعانون من الاكتئاب في الصين قد ارتفع بشكل حاد. وفقا لمسح الصحة العقلية الصيني الذي تم إصداره في عام 2019، سيعاني واحد من كل سبعة مقيمين في الصين من نوع واحد على الأقل من الأمراض العقلية في حياته.

حتى الأشخاص الذين يُنظر إليهم على نطاق واسع على أنهم ناجحون بدأوا في مشاركة تجاربهم عن شعورهم بالاكتئاب.

وفي مقال نُشر عام 2015 ، كشف رن تشانغ فاي، مؤسس شركة هواوي العملاقة للتكنولوجيا، أنه عانى ذات مرة من الاكتئاب الشديد والقلق. وتحدث تشانغ تشاويانغ، مؤسس شركة التكنولوجيا سوهي، عن تجربته السابقة مع الاكتئاب عدة مرات بصراحة.

كما أثر وباء كوفيد وسياسة الصين الصارمة للغاية بشأن “عدم وجود كوفيد” على الناس.

وتعلق الدكتورة مياو قائلة إنه “حدثت مشكلات الصحة العقلية أثناء الوباء. بسبب مشكلة الدخل الشهري، وصعوبة العثور على وظيفة – كان قلق الناس موجودا دائما، بل إنه يتزايد”.

في وقت سابق من هذا العام، أثار انتحار أربعة شبان في منطقة جذب سياحي شهيرة في مقاطعة هونان نقاشا حادا حول الصحة العقلية والضغط الاجتماعي في الصين.

وتحاول الحكومة الصينية معالجة هذا الأمر.

وأوضحت الدكتورة مياو أن المدارس والجامعات مطالبة الآن بوجود مستشارين للصحة العقلية، وفي المدن الكبرى عينت وحدات المجتمع أشخاصا لرعاية الصحة العقلية لكبار السن.

لكن أحد أكثر الأمور إلحاحا هو عدم وجود عدد كاف من المهنيين المؤهلين (للتعامل مع مشكلات الصحة النفسية). لم يكن هناك سوى 64 ألف طبيب نفساني في الصين بحلول نهاية عام 2021، وفقا لوسيلة الإعلام الحكومية تشاينا يوث ديلي.

وترى الدكتورة مياو أنه مقارنة بالوتيرة السريعة للوعي الاجتماعي، “فإن أمام البلاد طريقا طويلا لتشخيص أمراض الصحة العقلية وعلاجها”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.