الذكاء الاصطناعي: تعرّف على القدرات الهائلة للبروتين

تحميل مسدس للاختبار

BBC
لوك أيسبروك يحمل مسدس الغاز للاختبار

إن مسدس الغاز الخفيف في جامعة كينت، يبدو جهازاً غير عملي بالنسبة لي، فهو اشبه كأنه بمخرطة أكثر من كونه مسدساً.

على الرغم من شكله الكبير وثقل حركته، يمكنه إطلاق قذائف بسرعة 1.5 كيلومتر في الثانية، أو حوالي 3500 ميل في الساعة، أي ما يقرب من ضعف سرعة الرصاصة.

اليوم تم تذخيره بقطعة من صخور البازلت – أصغر قليلاً من حبة البازلاء – والتي سيتم إطلاقها على مادة هلامية خاصة جداً تشبه الجل.

يتكون الجل من بروتين تالين، أو على الأقل نسخة من البروتين جرت تنقيتها وتعديلها لمنحها قدرة غير عادية على امتصاص الصدمات، كما نحن على وشك اكتشاف ذلك.

تم إخراجنا من الغرفة التي فيها السلاح، وبعد بدء العد التنازلي بشكل سريع، ضغط مشغل السلاح، أليسبروك، على الزر، مما أدى إلى إطلاق البندقية قطعة الحجر.

ثم دخل ألسيبروك ثانية إلى الغرفة حيث يتصاعد الدخان، وأزال لوحة التصويب من ماسورة المسدس.

وعند الفحص، تبين أن المادة الهلامية (جل) قد تحركت قليلاً، ولكن بشكل مثير للدهشة، كانت لا تزال سليمة.

المهم هو أن الصفيحة المعدنية خلف الجل لم تتأثر. ولولا هذه المادة الهلامية، لكان البازلت قد مزق الصفيحة.

يمكن لتالين، امتصاص الصدمة بفضل الخصائص الميكانيكية الفريدة. يتضمن هيكلها لفائف من الأحماض الأمينية – اللبنات الأساسية للبروتينات – التي تشكل حزماً.

عند شد الحزم، تتفكك الأحماض، مما يزيد من طول البروتين بمعدل عشرة أضعاف. عندما يتم يزول الضغط، تعود الحزم إلى وضعها الأصلي، مثل النابض.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في فك خريطة البروتينات البشرية؟

الذكاء الاصطناعي: أحد رواد هذا المجال يحذر من المخاطر التي يحملها

تشات جي بي تي: مايكروسوفت تضخ مليارات الدولارات في الشركة المطورة لتقنية الذكاء الاصطناعي

البروفيسور بين غولت

BBC
البروفيسور بين غولت يحمل لوحة التصويب التي تحتوي على جل ماص للصدمات

عمل البروفيسور بين غولت، على تركيب هيكل التالين وكيفية استجابته للصدمات ومع زميلته البروفيسورة جينيفر هيسكوك، توصلا إلى فكرة تحويل التالين إلى مادة قابلة لامتصاص الصدمات.

“فيما كنت أتجول في مكتب بين وهو يتحدث عن بروتينه الرائع. قلت له يتعين علينا صنع سترة واقية من الرصاص، وهذا ما يتعين علينا القيام به”.

ومنذ عام 2016 ، بدأ فريقهم في تطوير طريقة لتجميع بروتينات تالين معاً في شبكة (شبكة ذات قدرة شبيهة بقدرات شخصيات الرسوم المتحركة تقريباً) قادرة على التمدد والارتداد.

لقد أخذ الأمر فترة طويلة من وقت البروفيسور غولت الذي يدرس الخصائص الميكانيكية للتالين وهيكله منذ عام 2005.

يقول: “لم يكن الأمر سهلاً. فقد استغرق الأمر أربع سنوات، عمل خلالها فريق مكون من ستة أشخاص على هيكل البروتين في التالين، وأربع سنوات أخرى لمعرفة كيفية استجابة تالين للصدمات”.

البروتينات هي جزيئات معقدة يصعب فك شفرتها. وهي مكونة من سلسلة من الأحماض الأمينية، تشبه إلى حد ما حبات العقد.

هناك 20 نوعاً من الأحماض الأمينية المختلفة التي تتشكل بشكل طبيعي ( الحبات ) لذلك هناك عدد مذهل من الصيغ التي يمكن أن تتحد بها.

تقليديا، كانت تجري دراسة هذه البنى باستخدام المجهر الإلكتروني والأشعة السينية، وهي عملية قد تستغرق سنوات.

لكن في السنوات الأخيرة، أحدث الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة في هذا المجال، حيث بإمكانه توقع بنية مئات الملايين البروتينات.

حدث رئيسي حصل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما كان أداء برنامج الذكاء الاصطناعي ألفافولد ملفتاً للنظر في “كاسب 14”- وهو تقييم نقدي يجري كل عامين حيث تتنبأ برامج الكمبيوتر المختلفة بهيكل البروتينات.

ولم يتفوق ألفافولد على الأنظمة المنافسة فحسب، بل تكهن ببنية البروتينات بمستوى من الدقة يفوق البرامج الأخرى المنافسة.

“كان هذا شيئاً جنونياً”، كما قالت كاثرين تونياسوفوناكوول، التي ساعدت في تطوير برنامج ألفافولد، مع آخرين في مؤسسة “ديب مايند” ومقرها لندن؛ قسم الذكاء الاصطناعي في ألفابيت، الشركة الأم لغوغل.

“علمنا أن لدينا نتائج جيدة جداً داخلياً تحدث لكاسب، ولكن لم يكن واضحاً على الإطلاق ما إذا كان الآخرون ستوصلون إلى نتائج مماثلة.

أعتقد أن الأمر كان مفاجئاً بعض الشيء بالنسبة لنا، عند رؤيتنا للفارق الكبير مقارنة مع المجموعات الأخرى”.

البروتينات

Karen Arnott
تتكون البروتينات من سلاسل من الأحماض الأمينية؛ إن تفكيك تلك السلاسل يمثل تحدياً صعباً.

كان هذا الإصدار من الفافولد – ألفافولد -2 ، جيداً جداً، لدرجة أنه في المسابقة التالية، استخدمت جميع الفرق الأفضل أداءً نسخًا منه.

بفضل ألفافولد ونسخه، نمت قاعدة بيانات هياكل البروتين من بضع مئات الآلاف إلى مئات الملايين.

بالنسبة للعلماء والباحثين، لا سيما في مجال تطوير الأدوية، يعد هذا بمثابة ثروة كبيرة. يمكن التعرف على البروتينات ذات الهياكل التي تبدو واعدة لاستخدامات معينة، مثل الارتباط بالخلية السرطانية، بسرعة أكبر من أي وقت مضى – وقد تم تسريع وتيرة البحث في هذا المجال.

ولكن حتى قدرات ألفافولد لها حدود.

غالباً ما تعمل البروتينات من خلال التفاعل مع الجزيئات الأخرى وفي الوقت الحالي يمكن لـ الفافولد فقط التنبؤ بجزء البروتين.

وكما اكتشف البروفيسور غولت خلال دراسته لتالين، فإن البروتينات هي جزيئات ديناميكية تغير شكلها. يمكن أن يعطي ألفافولد الباحثين صورة ثابتة، لكن لا يمكنه نمذجة تلك التغييرات.

كما قد يرغب العلماء أيضاً في تصميم بروتينات من الصفر، للقيام بمهام محددة. وهذا هو محور تركيز البروفيسور ديفيد بيكر، رئيس معهد تصميم البروتين في جامعة واشنطن، خارج سياتل.

ساعدت كاثرين في تطوير "ألفافولد".

Ben Catchpole
ساعدت كاثرين في تطوير “ألفافولد”.

طور فريقه برنامج ذكاء اصطناعي يعتمد على برنامج DALL-E الذي يمكنه خلق صور أصلية بناء الوصف المقدم.

يُعرف هذا البرنامج باسم RF Diffusion ، وقد تم تدريبه عن طريق تفكيك البروتينات المعروفة ثم إعادة تجميعها على مراحل.

يحدد العلماء الذين يستخدمون RF Diffusion خاصية معينة يريدون الوصول إليها في بروتين جديد ، قد يكون محفزاً لنوع معين من التفاعل الكيميائي، أو بروتين يمكن أن يرتبط بهدف معين.

يمكنهم إدخال متطلباتهم في RF Diffusion وسوف يتوصلون إلى بنية البروتين مناسبة. يقول البروفيسور بيكر: “أعتقد أن هذه خطوة كبيرة ومفصلية مقارنة بما كان لدينا من قبل”.

ويضيف: “إن إمكانية تصميم البروتينات التي تحل العديد من المشكلات رائعة حقاً”.

ويرى بيكر أن علاجات جديدة بدأت تظهر لمعالجة أمراض مثل السرطان والضعف العصبي والأمراض المعدية.

قد تستفيد الصناعة من المحفزات التي يمكن أن تسرع التفاعلات أو تجعلها أكثر كفاءة.

علاوة على ذلك، يمكن أن تظهر مواد جديدة بالكامل بحسب البروفيسور بيكر.

بالنسبة له، هذه الامكانات الجديدة تجعل عمله في مجال أبحاث البروتين أكثر إثارة وجذباً.

يقول: “إنه مجال مثير للغاية في الوقت الحالي. بالنسبة للعلماء الشباب الذين بدأوا للتو حياتهم المهنية، قد يكون أحد أكثر المجالات إثارة في العلوم اليوم”.

بالعودة إلى كينت، يعمل الأستاذ غولت والأستاذة هيسكوك على زيادة إنتاج البروتين الخاص بهما، باستثمارات قادمة من وزارة الدفاع.

الفكرة هي إنتاج ما يكفي من المادة الهلامية القادرة على امتصاص الصدمات لإجراء اختبارات أكبر بكثير.

يعتقد علماء كينت أنه في يوم ما، قد تكون هذه المادة الهلامية قادرة على تقليل كمية السيراميك الثقيل المستخدم في الألواح المقاومة للرصاص في سترات الوقاية الحالية.

في الوقت الحالي، لا تزال البروفيسورة هيسكوك مستغربة من كيفية تماسك جل البروتين الخاص بهم.

“إنها عملية جميلة بعفويتها وحقيقة أن كل هذه الجزيئات يمكن أن تتجمع لتشكل تلك الشبكات من الألياف”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.