الصين تحرك سفناً حربية عقب استضافة الولايات المتحدة لرئيسة تايوان

رئيسة تايوان ورئيس مجلس النواب الأمريكي

Getty Images
التقت تساي ومكارثي في كاليفورنيا يوم الأربعاء

أطلقت الصين مناورات عسكرية ردًا على اجتماع طال انتظاره بين رئيسة تايوان تساي إنغ ون ورئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي.

وقد التقت تساي مكارثي في ولاية كاليفورنيا يوم الأربعاء، بعد أسبوع من تكريمها في نيويورك بجائزة القيادة.

وأشادت تساي “بشراكتهما القوية والفريدة من نوعها”، وقال مكارثي إن مبيعات الأسلحة إلى تايوان يجب أن تستمر.

بالمقابل، تعهدت بكين بـ “الرد الحاسم” وأرسلت سفناً حربية إلى المياه المحيطة بالجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.

ويبدو أن تايوان عالقة وسط صراع معقد. إذ من الصعب اعتبار توقيت زيارة تساي مصادفة، ففي الولايات المتحدة عداء عميق ومتزايد للصين، وهذا يقود إلى مزيد من العروض المفتوحة لدعم لتايوان، حيث يتنافس الديمقراطيون والجمهوريون على دعم تايوان.

ويمثل هذا سببا هاما لحرص رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي على زيارة تايبيه الصيف الماضي، على الرغم من أن ذلك أثار رد فعل غاضبًا من الصين. يمكن القول إن الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تؤكد بكين أنها جزء من أراضيها، هي أكبر نقطة اشتعال بين الولايات المتحدة والصين.

يقول البروفيسور ويليام ستانتون، المدير السابق للمعهد الأمريكي في تايوان: “كنت شخصيًا معارضًا بشدة لزيارة بيلوسي لتايوان، بوصفها سياسية أميركية رفيعة المستوى تقوم بزيارة إلى الجزيرة، كان الأمر مجرد استفزاز للصين دون مقابل مهم، وكانت العواقب مخيفة للغاية”.

وحلقت الصواريخ الصينية حينها فوق الجزيرة ووجهت بكين تهديدات صارخة، كما بدأت الحكومات في عواصم مختلفة تتحدث بجدية عن الجدول الزمني للغزو الصيني لتايوان.

ويقول البروفيسور ستانتون: “على الرغم من ذلك، بمجرد انتخابه رئيسًا لمجلس النواب في كانون الثاني/ يناير، أعلن مكارثي وهو جمهوري، عن نيته أن يحذو حذو بيلوسي، إلا أن الرئيسة تساي قررت أن هذه ليست فكرة جيدة”.

ويضيف: “أعتقد أنه كان من الواضح تمامًا أن كيفن مكارثي أراد تقليد بيلوسي، لكن تساي إنغ ون قالت: لا شكرًا، ماذا لو تناولنا الشاي معًا في كاليفورنيا بدلاً من ذلك؟ “.

قد لا ترغب الرئيسة تساي الآن في زيارة أخرى مثيرة للجدل من قبل مسؤول أمريكي إلى تايوان، لكنها تحتاج أيضًا إلى أن تظهر للصين أنها لن تنجح في قطع الاتصال بين حكومة منتخبة ديمقراطيًا في تايبيه وأقوى حليف لها في واشنطن.

لذلك، عُقد الاجتماع في كاليفورنيا. ولم يقلل مكارثي من أهمية ذلك، واصفا الاجتماع بأنه “اجتماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي”، على الرغم من تحذير الصين من أن الولايات المتحدة “تلعب بالنار في قضية تايوان”.

بعد ذلك، قال البيت الأبيض إنه لا داعي لأن “تبالغ” بكين في رد الفعل تجاه الاجتماع.

يقول وين تي سونغ، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الأسترالية: “إن ما يسمى بـ “دبلوماسية العبور” أمر بالغ الأهمية بالنسبة لتايوان”.

على مر السنين، نجحت الصين في الضغط على العديد من حلفاء تايوان السابقين، مما أدى إلى تقليص عدد الحكومات التي تعترف بتايبيه إلى 13 فقط.

يقول سونغ: “تتوافق هذه الزيارات الدولية مع احتياجات المجتمع التايواني للاعتراف الدولي، عندما يكون هناك غياب للاعتراف الدولي، فإن هذه المؤشرات البديلة -كهذه الزيارة- تمثل دعما مهما للتايوانيين”.

شعار داعم لبكين

Reuters
حلقت طائرة صغيرة فوق كاليفورنيا تحمل يافطة داعمة لبكين

في غضون ذلك، شن الحزب الشيوعي الصيني ردّاً خاطفاً بدعوة “ما يينغ جيو” سلف الرئيسة تساي، للقيام بجولة في البر الرئيسي.

وذهب ما في جولة غير مسبوقة في خمس مدن، بهدف زيارة قبور أسلافه وتكريمهم وسط الصين، لكن الرحلة سياسية أيضًا، في الواقع، هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها دعوة رئيس سابق لتايوان لزيارة جمهورية الصين الشعبية منذ تأسيسها في عام 1949.

يقول سونغ: “تحاول بكين تخفيف حدة النبرة تجاه تايوان… وكسب المزيد من القلوب والعقول، كذلك تجنب تصاعد النزعة القومية التايوانية خلال الحملة الرئاسية 2024”.

ويضيف أن زيارة ما وفرت “الغطاء السياسي” الضروري للقيام بذلك. فعندما وصل إلى نانجينغ الأسبوع الماضي، ألقى خطابًا سياسيًا لافتًا للنظر قال فيه: “إن الناس على جانبي مضيق تايوان صينيون، وهم من نسل الإمبراطورين يان والأصفر”.

يقول البروفيسور ستانتون: “بكين تتعامل بلطف مع ما يينغ جيو لأنه يمثل الاستسلام، يقول نحن جميعًا صينيون، هذا شيء يتفق عليه هو والصينيون، لكنه ليس شيئًا يتفق عليه التايوانيون”.

تتمثل المخاطرة في استراتيجية ما في أن أكثر من 60٪ من سكان تايوان وفقًا للاستطلاعات، يصفون أنفسهم بأنهم تايوانيون وليسوا صينيين.

ولكن قد تكون هناك أيضًا مكافأة في الأفق، تظهر الاستطلاعات أن أكثر من نصف سكان تايوان يعتقدون أن الحرب مع الصين أمر مرجح الآن، ويهدف ما إلى إقناع الناخبين التايوانيين بأن حزبه فقط -الكومينتانغ- يمكنه تجنب تلك الحرب، كما يقول سونغ.

ما وشقيقته

Getty Images
ما يينغ جيو وشقيقته خلال زيارة قبر جدهما في الصين

“يتعلق الأمر بتعزيز إرثه كجسر بين جانبي مضيق تايوان، وعلى المستوى السياسي المحلي، تبدأ تايوان حملتها الرئاسية، حجة حزب الكومينتانغ هي أنه يمكنه إحلال السلام مع الصين”.

لكن المشكلة الكبيرة المهملة هي العلاقة المتدهورة بين المتنافسين -واشنطن وبكين- على تايوان، تقول بوني غلاسر، رئيسة برنامج آسيا في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، إن هذه العلاقة أسوأ اليوم من أي وقت مضى منذ أن اعترفت الولايات المتحدة والصين ببعضهما البعض رسميًا في عام 1979.

وتقول: “إنهم -أي بكين- لا يتلقون مكالمات من الرئيس بايدن أو البنتاغون، وقد أعلن الكونغرس أن الصين تشكل تهديدًا وجوديًا”.

لعقود من الزمان، أدارت واشنطن وضعًا دقيقًا إلى حد، فاعترفت -وإن لم تدعم موقف بكين- بأن هناك حكومة صينية واحدة فقط، تلك الموجودة في البر الرئيسي، وقد حافظت على علاقات رسمية مع تلك الحكومة وليس تايوان منذ عام 1979، لكنها ظلت أيضًا حليفة ثابتة لتايبيه، مما يضمن مساعدة الجزيرة في الدفاع عن نفسها.

لكن الخوف هو أن الصين تعتقد الآن أن الولايات المتحدة عازمة على تغيير الوضع الراهن الذي ساعد في الحفاظ على السلام في مضيق تايوان على مدار الأربعين عامًا الماضية.

تقول غلاسر: “أخبر الرئيس بايدن شي جينبينغ أنه لا يستخدم تايوان كسلاح، وأنه لا يدعم انفصال تايوان عن الصين”.

وتضيف أن مثل هذه التأكيدات من غير المرجح أن يُعوّل عليها كثيرا، وذلك في أعقاب زيارات الدولة المثيرة للجدل أو الاجتماعات الرسمية مع قادة تايوان.

لذا، بينما يقوم الرئيس التايواني السابق ما يينج جو بجولة في الصين وتناول تساي الشاي في كاليفورنيا، فإن ما تحتاجه تايوان أيضًا هو أن يفتح شي جينبينغ قنوات الحوار.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.