نيكولا ستيرجن.. من ناشطة في سن المراهقة إلى منصب الوزيرة الأولى في اسكتلندا

نيكولا ستيرجن

Getty Images

أعلنت نيكولا ستيرجن أنها ستتنحى عن منصبها كوزيرة أولى في اسكتلندا بعد شغلها المنصب أكثر من ثماني سنوات.

واستقالت ستيرجن من دون تحقيق الطموح الوحيد الذي أثار اهتمامها بالسياسة في سن المراهقة، وهو استقلال اسكتلندا.

ولدت ستيرجن في إيرفين في أيرشاير عام 1970، لعائلة من الطبقة العاملة. وكانت منذ المراهقة مؤيدة متحمسة للحزب الوطني الاسكتلندي، وشاركت بحملة للحزب في الانتخابات العامة عام 1987.

وقالت ستيرجن سابقاً إن مارغريت تاتشر هي التي ألهمتها لدخول السياسة، قائلة إنها تكره كل ما دافعت عنه زعيمة حزب المحافظين البريطاني في ذلك الحين.

وأكدت ستيرجن على أن الحجة من أجل الاستقلال كانت سياسية واقتصادية بحتة، ولا تتعلق قط بالهوية.

وكانت جدتها من شمال إنجلترا.

وبحلول عام 1992، عندما كانت في الحادية والعشرين، اختيرت كمرشحة عن دائرة شيتلستون الانتخابية في غلاسكو، حيث هزمها حزب العمال بـ15 ألف صوت.

لكن طموحها لم يتضاءل، وشاركت في سلسلة من الانتخابات في المجالس المحلية والبرلمان.

دراسة القانون

درست ستيرجن القانون في جامعة غلاسكو وعملت لمدة عامين كمحامية في المدينة.

وانطلقت مسيرتها السياسية مع افتتاح البرلمان الاسكتلندي في عام 1999، حين فازت بمقعد غلاسكو في قائمة الاقتراع الإقليمية.

نيكولا ستيرجن

Getty Images
دخلت ستيرجن معترك السياسة عام 1999، حين كانت في عمر 29 عاماً

وأصبح الحزب الوطني الاسكتلندي المعارضة الرئيسية لائتلاف حزب العمل-الأحرار الديمقراطيين الذي كان له الأغلبية في البرلمان الجديد. وتولت ستيرجن سلسلة من وزارات حكومة الظل، أولها التعليم ثم الصحة.

وعندما استقال جون سويني من منصب زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في عام 2004، شاركت في المنافسة على زعامة الحزب بمواجهة روزيانا كانينغهام. لكن مسار الانتخابات تغير عندما قرر أليكس ساموند العودة والتنافس.

وأبرم السياسيان اتفاقاً أدى إلى ترشح ستيرجن كنائبة لساموند، وممثلة له فعلياً في البرلمان الاسكتلندي، نظراً لأنه كان نائباً في البرلمان في وستمنستر ولم يكن عضوا في البرلمان الاسكتلندي.

وكان ذلك يعني أيضاً أنها أصبحت نائبة الوزير الأول عندما تولى الحزب الوطني الاسكتلندي السلطة في عام 2007، إضافة إلى منصبها البارز كوزيرة للصحة.

وفازت ستيرجن في دائرة غوفان في غلاسكو في تلك الانتخابات، وهو مقعد تشغله منذ ذلك الحين.

تجربة الإجهاض المؤلمة

في عام 2010، تزوجت ستيرجن بيتر موريل، الرئيس التنفيذي للحزب الوطني الاسكتلندي.

لم ينجب الزوجان أولاداً، لكن ستيرجن كشفت لاحقاً عن التجربة المؤلمة لخسارة الجنين عندما كانت في الأربعين من عمرها، قبل وقت قصير من الحملة الانتخابية البرلمانية الاسكتلندية عام 2011.

وقالت: “في بعض الأحيان… يكون إنجاب طفل غير ممكن، حتى لو كنا نريده بشدة”.

وقالت ستيرجن إنها تحدثت عن ذلك لأنها كانت تأمل في أن تتحدى بعض الافتراضات والأحكام بشأن النساء اللواتي ليس لديهن أطفال، خاصة في السياسة.

نيكولا ستيرجن وأليكس ساموند

Getty Images
أصبحت نيكولا ستيرجن نائبة للوزير الأول أليكس ساموند عام 2007

ولعبت ستيرجن دوراً حاسماً خلال حملة استفتاء الاستقلال عام 2014، عندما كانت غالباً ما تتولى زمام المبادرة.

وكان فشل تلك الحملة هو الذي أدى إلى صعودها نحو قمة السياسة الاسكتلندية، مع تنحي ساموند في أعقاب تصويت الاسكتلنديين بـ “لا” للاستقلال بنسبة 55 بالمئة مقابل 45 بالمئة.

وهذه المرة، كانت ستيرجن هي المرشحة الوحيدة في سباق القيادة، واكتسحت السلطة بأسلوب نجمة الروك، إذ بدأت جولة في المدرجات الرياضية أعلنت فيها أنها الوزيرة الأولى في اسكتلندا.

وشهد الحزب الوطني الاسكتلندي زخماً كبيراً، وحقق الحزب فوزاً ساحقا تاريخياً في الانتخابات العامة عام 2015، إذ فاز بـ 56 من أصل 59 مقعداً في اسكتلندا.

وأتبعت ستيرجن ذلك بفوز آخر في هوليرود في عام 2016، وإن كان فوزها لم يكن بحجم الانتصار غير المسبوق الذي فاز به الحزب تحت قيادة سالوند في عام 2011. وفازت مرة أخرى في عام 2021.

نيكولا ستيرجن

BBC
ستيرجن في طفولتها

ما سبب الاستقالة؟

وبين هذه الانتصارات، قادت ستيرجن اسكتلندا خلال جائحة كوفيد، وكانت تقدم إحاطات يومية من مقر الحكومة في سانت أندروز هاوس.

وقدمت ستيرجن أيضاً مجموعة من السياسات الناجحة، من بينها مضاعفة بدل رعاية الأطفال المجاني في اسكتلندا.

لكنها أخفقت في بعض سياساتها، لا سيما وعدها بسد فجوة التحصيل الدراسي بين تلاميذ المدارس وفق فوارقهم الطبقية، وهو الشيء الذي اشتهرت به في السابق على أنه من أهم أولويتها.

وقد تكون هذه السياسات هي الإرث الرئيسي لستيرجن كوزيرة أولى، إذ أنها أخفقت في إحراز تقدم في القضية التي أدخلتها في السياسة.

وسعت ستيرجن لإجراء استفتاء على استقلال اسكتلندا في عدة مناسبات، على الأخص في أعقاب التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، لكنها واجهت في كل مرة معارضة من حكومة المملكة المتحدة.

وبينما كان عليها التعامل مع خمسة رؤساء للوزراء، وهم ديفيد كاميرون، وتيريزا ماي، وبوريس جونسون، وليز تراس، وريشي سوناك، لم يكن أي منهم على استعداد لخوض معركة دستورية جديدة.

كما تعثرت أيضاَ محاولة طرح قضية استقال اسكتلندا من خلال المحكمة العليا، وكانت ستيرجن تخطط لعقد مؤتمر خاص للحزب الوطني الاسكتلندي في مارس/آذار لتحديد الخطوة التالية.

وهذا جزء من السبب الذي يجعل استقالتها مفاجأة، فبدون ستيرجن، من الذي سيحدد اتجاه حركة الاستقلال في مثل هذه المرحلة المحورية؟

يترك رحيل شخصية كانت على رأس السياسة الاسكتلندية لفترة طويلة الكثير من الأسئلة التي لم إجابة عليها بعد.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.