الانتخابات التركية 2023: أردوغان يواجه أكبر اختبار له في ظل أزمة التضخم

الرئيس أردوغان

Getty Images
تظهر استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان قد يفقد الأغلبية في البرلمان

تقول صدى: “في العام الماضي، كنت أدفع مبلغ 4500 ليرة تركية (240 دولارا) مقابل إيجار الشقة التي نسكنها، لكن المالك قال إن عليه رفع الإيجار. ورغم أننا ضاعفنا المبلغ، إلا أنه طلب منا إخلاءها”.

صدى ليست سوى واحدة من ملايين الأتراك الذين يعانون من أعباء تكاليف المعيشة في بلد يزيد فيه معدل التضخم الرسمي عن 64 في المئة.

في خضم هذه الاضطرابات الاقتصادية، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، عن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 14 مايو/أيار، المقبل، في محاولة منه للبقاء في السلطة بعد أن أمضى 20 عاماً فيها.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن التنافس سيكون شديدا ً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

صدى مستمرة في البحث عن شقة لاستئجارها، لكن الإيجارات ارتفعت إلى 30 ألف ليرة (حوالي 2000 دولار)، ولا يتماشى دخلها مع الارتفاع المستمر للأسعار.

وتقول صدى: “أشعر بالعجز الشديد، أحاول فقط البقاء على قيد الحياة. ينتابني شعور أنني أعيش في ظل شريعة الغاب”.

وعلى أمل تحفيز الاقتصاد، أعلن الرئيس أردوغان عن خطة إنفاق عامة غير مسبوقة من حيث الحجم.

تتضمن خطته دعم الطاقة ومضاعفة الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات التقاعدية، فضلاً عن منح فرص لتقاعد أكثر من مليوني شخص.

التضخم في تركيا يصل إلى أعلى مستوياته منذ نحو ربع قرن

محكمة تركية تمهد لحلّ حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد

محكمة في تركيا تدين نقيبة الأطباء بتهمة “نشر دعاية للإرهابيين”

امرأة في السوق تتبضع

Getty Images
كان سعر الكيلوغرام من الطماطم في السوق يتراوح بين 8 و 10 ليرات في مايو الماضي. الآن 25 ليرة

قال رجل مسن أثناء تسوقه في أحد شوارع اسطنبول دون اكتراث: “في هذا العام، أصبحنا فجأة أشد فقرا. أعتقد أن التضخم الذي نشعر به في الشارع هو 600 في المئة، بينما لا يتجاوز ارتفاع الأجور نسبة الـ 30 في المئة”.

يجادل بعض المحللين بأن تحديد موعد مبكر للانتخابات قد يساعد أردوغان في الاستفادة من إجراءاته التحفيزية.

لكن الخبير التركي عطالله ياشيلادا من “غلوبال سورس بارتنرز” يعتقد أن التضخم سيقضي على ارتفاع الأجور في وقت قريب جداً”.

وقال: “ما لم يكن هناك تعديل آخر في الأجور والمعاشات، سيتلاشى سريعاً أي شعور حالي بالامتنان لأردوغان لدى بعض الناخبين”.

القوى المعارضة الرئيسية للرئيس أردوغان عبارة عن تحالف يضم أحزاب يسار الوسط واليمين يعرف باسم “الطاولة السداسية”.

وتعهدت هذه الأحزاب بالتراجع عن سياسات اردوغان الاقتصادية وتطبيق سياسة نقدية أكثر صرامة واستعادة استقلالية البنك المركزي.

لكنها لم تتفق حتى الآن على مرشح رئاسي لها.

من المرجح أن يتم اتخاذ هذا القرار في 13 فبراير/شباط، ويتوقع الكثيرون أن يتم الاتفاق على تسمية كمال كليجدار أوغلو ، زعيم حزب الشعب الجمهوري، كما أن هناك شخصية أخرى تم الحديث عنه بكثرة مؤخراً وهو عمدة اسطنبول، أكرم إمام أوغلو.

رجب طيب أردوغان: المعارضة التركية تعزز آمالها في الإطاحة بالرئيس التركي -الفايننشال تايمز

في الشهر الماضي، منعت محكمة في اسطنبول، إمام أوغلو من ممارسة العمل السياسي بتهمة إهانة مسؤولي الانتخابات وحكمت عليه بالسجن حوالي ثلاث سنوات في إطار دعوى وصفها إمام أوغلو بأنها ذات دوافع سياسية.

ولا يزال إمام أوغلو على رأس عمله في منصبه بينما يجري النظر في الاستئناف التي تقدم به ضد الحكم.

يعتقد سونر جابتاي من مركز واشنطن للأبحاث، أن أي محاولة لمنع رئيس بلدية اسطنبول من ممارسة الحياة السياسية قد تأتي بنتائج عكسية.

ويشير إلى أن الرئيس أردوغان نفسه كان في وضع مماثل في التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان عمدة مشهور وناجح لإسطنبول ومُنع من ممارسة السياسة من قبل القضاء العلماني.

وقال جابتاي: “لقد حوله ذلك القرار إلى بطل وقديس في أعين الكثيرين، ونجح في العودة إلى الحياة السياسية بصورة مذهلة”.

كما أن ثالث أكبر حزب في تركيا قد يلعب دور صانع الملوك. إنه حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) المؤيد للأكراد.

في يناير/ كانون الثاني، أوقفت المحكمة العليا في تركيا التمويل الحكومي للحزب، وربما تُحظر نشاطاته بسبب صلاته المزعومة بالمسلحين الأكراد.

والرئيس المشترك السابق للحزب، صلاح الدين دميرتاش رهن السجن منذ عام 2016 بتهمة “الدعاية للإرهابيين”.

أنصار حزب الشعوب الديمقراطي في تجمع حاشد يحملون صور الزعيم المشترك السابق صلاح الدين دميرتاش

Getty Images
يقول منتقدون إن صلاح الدين دميرتاس سٌجن بسبب تزايد شعبيته بين الناخبين

واعترف هشيار أوزسوي، نائب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، بأن السلطات قد تغلق مكاتب الحزب، لكنه يقول إن ذلك لن يوقف الحزب ولا حتى أنصاره من الاستمرار في العمل، قائلاً: “حتى لو تم حظره، سيجد شعبنا طرقاً أخرى لخوض الانتخابات باستخدام بعض الأحزاب السياسية الأخرى”.

إذا لم يتم حسم السباق الرئاسي في الجولة الأولى من الانتخابات، فمن المرجح أن يحدد دعم حزب الشعوب الديمقراطي الرئيس القادم لتركيا في الجولة الثانية.

لم يعلن أحد رسمياً حتى الآن عن ترشحه للرئاسة بمن فيهم الرئيس أردوغان نفسه.

ويدور نقاش حول ما إذا كان من المسموح له الترشح إذ أنه احتل المنصب لفترتين، وهو الحد لأقصى للبقاء في المنصب.

تنص المادة 101 من الدستور التركي على أنه “يجوز انتخاب أي شخص كرئيس للجمهورية لفترتين كحد أقصى”.

قال جابتاي: “إذا أراد أردوغان الترشح، فسيرشح نفسه، لأنه يقدم نفسه باعتباره المستضعف الذي يحارب النخب. وقد يكون من المفيد له إذا قال أحدهم أنه لا يحق له الترشح. إنه الموقف الذي ساعد أردوغان في الماضي”.

أردوغان

Getty Images
لم يعلن أردوغان بعد ما إذا كان سيترشح لولاية أخرى أم لا

هناك الكثير من المواضيع الساخنة التي سكتون محور النقاش والتنافس في الانتخابات المقبلة. تجادل شخصيات معارضة بقولها: أن الخيار هو بين أثنين لا ثلث لهما: إما الديمقراطية أو تنامي الاستبداد.

يقول حزب العدالة والتنمية الحاكم إنه قادر على خفض تكلفة المعيشة والحفاظ على الاستقرار فقط.

بالنسبة لأردوغان، الذي يقود تركيا منذ عام 2003، كرئيس وزراء ومن ثم كرئيس منتخب بشكل مباشر، التصويت وحده سيقرر ما إذا كان سيمضي قدماً في حكم البلاد للعقد الثالث أم ستكون هذه الانتخابات نهاية حكمه.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.