مظاهرات إيران: من هي أبرز الشخصيات المعارضة ولماذا لا تتحد؟

مهسا أميني

Getty Images

ناشط في مجال حقوق الإنسان، وأسطورة كرة قدم، وأمير، وزوج مكلوم وناشطة نسوية وممثلة هوليوودية.

هذه المجموعة المتباينة من الأشخاص تحمل آمال وأحلام العديد من الإيرانيين في الداخل والخارج.

غير أن المحتجين يأملون أن تتحد هذه المجموعة غير المتجانسة، لتشكل ائتلافا قادرا على إزاحة رجال الدين من السلطة.

الشابة التي ذهبت إلى طهران في رحلة عائلية وعادت جثة إلى مسقط رأسها

وقد اندلعت الاحتجاجات في إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجاز الشرطة لها في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

وكانت أميني قد اعتقلت بزعم عدم ارتدائها الحجاب “بشكل صحيح ولائق”.

وقتل ما لا يقل عن 500 شخص في المظاهرات كما سُجن ما يقرب من 20 ألفا.

لكن على الرغم من المناشدات والمطالبات التي لا تعد ولا تحصى لها، لم تتمكن تلك الشخصيات المعارضة من توحيد صفوفها.

ومع ذلك يرى بعض الخبراء السياسيين أن عدم وجود هيكل موحد يشكل قوة في الوقت الحالي.

يقول محمد برزنجه، المحلل السياسي المقيم في مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو في كندا، “لأن هذه الحركة الاحتجاجية لا مركزية وحديثة، لا يمكن للنظام إخمادها بقتل أو اعتقال قيادتها”.

ويمضي للقول: “لكن مع تطور الحركة، ستحتاج إلى قيادة سياسية لتحديد الاستراتيجية، بينما ستحتاج الشعارات إلى دعم شيء ما بدلا من أن تكون ضد شيء ما”.

ويضيف أن “المرأة، الحياة، الحرية” هو شعار الاحتجاج الإيجابي الوحيد حتى الآن.

كيف ظهر شعار “المرأة، الحياة، الحرية” الذي يرفعه المتظاهرون الإيرانيون؟


محتجزون داخل إيران

كان آخر زعيم معارضة يتحدى المؤسسة الدينية داخل إيران هو مير حسين موسوي، المرشح الرئاسي في انتخابات عام 2009.

وقد ظل رهن الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين وبات حاليا ضعيفا للغاية.

مير حسين موسوي

Getty Images
مير حسين موسوي، رئيس وزراء سابق ومرشح رئاسي حاول تغيير النظام من الداخل

وقد تمخضت تلك الانتخابات عن حركة احتجاجية عرفت حينها بـ “الحركة الخضراء”، حيث خرج الملايين إلى الشوارع للاحتجاج السلمي على ما وصفوه بالاقتراع المزور لإعادة انتخاب الزعيم المتشدد الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وقد سُجن أو هُمّش العديد من الإصلاحيين الذين انتقدوا النظام عبر السنوات التي تلت تلك الحركة.

وفقد معظمهم مصداقيتهم بين الشباب الذين أصيبوا بخيبة أمل بعد عقود من الوعود التي لم تتحقق، والاقتصاد المتعثر .

ويبدو أن السجينتين السياسيتين البارزتين نرجس محمدي ونسرين ستوده تتمتعان بفرص أفضل لكسب دعم المتظاهرين مقارنة بموسوي، لكنهما قد لا تكونان قادرتين على حشد الدعم الكافي للعب دور قيادي.

كيف كانت حياة النساء في إيران قبل الثورة الإسلامية؟

نرجس محمدي

Getty Images
نرجس محمدي محتجزة في سجن إيفين الإيراني سيء السمعة

وتحظى كلا السيدتين بالاعتراف عالميا لعملهما في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والسعي لتعزيزها داخل إيران.

وقد تعرضت نرجس محمدي للاضطهاد من قبل السلطات لمعارضتها عقوبة الإعدام.

أما محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده فتعارض مسألة فرض الحجاب، وقد تعرضت للحبس الانفرادي ومُنعت من ممارسة المحاماة أو مغادرة البلاد.

من يحكم إيران؟

“الشابات كنّ الأكثر شجاعة بيننا”

الوجوه الشابة للاحتجاجات الدامية في إيران

نسرين ستوده

Getty Images
لطالما كانت الناشطة الحقوقية نسرين ستوده شوكة في حلق النظام الإيراني

ونظرا للقمع السائد داخل إيران، يتهم الكثيرون الشخصيات السياسية المقيمة في المنفى بتشجيع الناس على المخاطرة بحياتهم في قتال نظام عنيف، في حين أنهم يعيشون في أمان في الخارج.

وقد امتنع زعماء المعارضة في الخارج حتى الآن عن دعوة الإيرانيين داخل البلاد إلى النزول إلى الشوارع، ولكنهم لم يتوانوا عن امتداحهم.

وعلى الرغم من انتشار حركة الاحتجاج الحالية، إلا أنها لم تشهد خروج الملايين إلى الشوارع كما حدث في عام 2009.

يقول برزنجه: “لإحداث فرق حقيقي، يجب أن تصل احتجاجات الشوارع إلى حشد كبير يشكل منعطفا حرجا وهذا لا يمكن أن يحدث إذا كان من المتوقع أن يتحدى أشخاص من خارج الجيل زد (مواليد منتصف التسعينيات إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية) قوات الأمن”.


المنفيون المقيمون في الخارج

كان رضا بهلوي حاضرا وثابتا في مشهد المعارضة الإيراني حيث يجسد الشعور بالحنين إلى حقبة ما قبل الثورة.

عندما كان رضا بهلوي أميرا صغيرا، أقسم على الدستور البائد بعد وفاة والده أنه سيستمر في حمل لواء المعارضة في المنفى.

ما هي مطالب المحتجين في إيران؟

رضا بهلوي

Getty Images
لدى رضا بهلوي الكثير من الداعمين في صفوف المعارضة

وبرز بهلوي مجددا على الساحة بعد أن شوهد بعض المتظاهرين الشباب يهتفون باسمه ويدعون إلى عودته إلى إيران، في احتجاجات عام 2018.

لكن إحجام رضا بهلوي عن القيام بدور أكثر فاعلية، وإفصاحه عن تفضيله قيام جمهورية قد لا يترشح فيها لمنصب الرئاسة، قد خيب آمال العديد من أنصاره.

أما بالنسبة للمجلس الوطني للمقاومة، المعروف باسم منظمة مجاهدي خلق، فقد تم اختيار رئيس إيران المستقبلي منذ زمن بعيد.

اسمها مريم رجوي، وهي رفيقة سابقة أصبحت فيما بعد زوجة زعيم منظمة مجاهدي خلق آنذاك، مسعود رجوي.

مريم رجوي

Getty Images
مريم رجوي تقود منظمة مجاهدي خلق المعارضة والمثيرة للجدل

تقود رجوي منظمة تعتبر أنها لديها مؤيدون هم الأكثر فاعلية وانضباطا.

ويشار إلى أعضاء مجاهدي خلق من قبل النقاد على أنهم “طائفة”، لكنهم يمتلكون ما يكفي من الأموال للدفع لسياسيين غربيين بارزين مقابل إلقاء الخطب والترويج لرجوي في التجمعات.

كما تصر منظمة مجاهدي خلق على أن لديها عملاء سريين داخل إيران.

لكن الكثير من الناس ما زالوا مستائين من انشقاق التنظيم وذهابه إلى العراق خلال حرب إيران معه في الثمانينيات.

وقد كانت منظمة مجاهدي خلق، وحتى وقت قريب، مدرجة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية.

هناك زعيم معارضة محتمل لديه قصة أبسط وأقل تعقيدا من قصة مريم رجوي، ألا وهو علي كريمي، المصنف أفضل لاعب كرة قدم آسيوي عام 2004.

إنه اسم مألوف في إيران وقد استحوذ على قلوب الجماهير بفضل دعمه الثابت للاحتجاجات.

علي كريمي

Gallo Images
علي كريمي نجم كرة القدم الذي يدعم الاحتجاجات

يعيش كريمي الآن في دبي ويتواصل مع الإيرانيين في الغالب من خلال صفحته على إنستغرام وحسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

يرغب العديد من مؤيديه في أن يتولى دورا قياديا في البلاد، لكن النقاد يعتقدون أنه لا يتمتع بالكاريزما والخبرة السياسية اللازمتين لقيادة مثل هذه الحركة الواسعة.

وقد وضعت أحداث غير متوقعة طبيب الأسنان حامد إسماعيليون في دائرة الضوء.

إذ يعد إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية (PS752) من قبل الحرس الثوري الإسلامي في يناير/ كانون الثاني عام 2020 أحد أكثر الأحداث مأساوية في تاريخ إيران الحديث.

وقد حول ذلك الحادث الأليم حامد إسماعيليون الذي فقد زوجته وابنته في تلك الرحلة، من أب وزوج مكلوم إلى شخصية معارضة جريئة.

حامد إسماعيليون

Getty Images
تحول حامد إسماعيليون من أب وزوج مكلوم إلى معارض بارز

لكنه يرفض لقب زعيم أو حتى ناشط سياسي، قائلا إنه يفضل أن يُعرّف بالناشط الاجتماعي.

لقد نجح في إقناع عشرات الآلاف من الإيرانيين المغتربين في جميع أنحاء العالم بحضور التجمعات المناهضة للنظام.

ويحتل طبيب الأسنان مكانة فريدة بين المتظاهرين نظرا لكراهيته العميقة للجمهورية الإسلامية، وعدم مشاركته في السياسة المرتبطة بشخصيات المعارضة الأخرى في الشتات.

مسيح علينجاد صحفية مؤيدة للإصلاح في إيران.

بعد مغادرتها البلاد، بدأت حملة ضد الحجاب الإلزامي، ونشرت مقاطع فيديو لا حصر لها لنساء يتعرضن للإساءة والعنف من قبل شرطة الأخلاق.

ويمكن أن يُنسب الفضل إلى الصحفية علينجاد في إطلاق الشرارات الأولى لمقاومة مدنية منظمة داخل إيران.

مسيح علينجاد

Reuters
لطالما دافعت مسيح علينجاد عن حقوق النساء في إيران

وقد أثارت صورة التقطت لها أثناء وقوفها إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في عام 2019، بينما كانت تطالب إدارة ترامب بعدم تخفيف العقوبات على إيران خلال جائحة كورونا، جدلا واسعا.

وأحبط مكتب التحقيقات الفدرالي في وقت لاحق ما وصفه المحققون بأنه مؤامرة للنظام الإيراني لاختطافها.

وفي بداية الاحتجاجات الحالية، دعت علينجاد في تغريدة على تويتر الجالية الإيرانية إلى اقتحام سفارات إيران في الخارج، لكنها عادت وحذفت التغريدة لاحقا، وانتقدت إدارة بايدن لكونها متساهلة للغاية مع إيران.

نازانيين

Reuters
نازانين بونيادي من ممثلة هوليوودية إلى ناشطة حقوقية

لكن عندما نظمت الولايات المتحدة جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي بشأن إيران، لم تتم دعوة مسيح علينجاد للحضور.

وبدلا عنها دعيت، نازانين بونيادي، الممثلة الهوليوودية والشخصية الأكثر تناولا في الصحف الشعبية.

ونازانين بونيادي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، درست الطب، وقد زارت وطنها مرة واحدة فقط في سن الرشد.

ويبدو أن عدم انخراطها في السياسة بشكل علني يجعلها تحظى بشعبية لدى العديد من الإيرانيين، لكن الاعتراف بها داخل البلاد قد يكون أكبر عقبة أمامها في الوقت الحالي.

الخطوات التالية

في مشهد تضامن غير مسبوق، غردت جميع الشخصيات القيادية المنفية برسالة العام الجديد نفسها.

وجاء في الرسالة “أظهر عام 2022 مجد تضامن الإيرانيين.. وسيكون 2023 عام الانتصار والحرية والعدالة”.

ومن غير المعروف ما إذا كانت شخصيات المعارضة داخل إيران لم ترغب في تكرار البيان أم لم تتمكن من ذلك، الأمر الذي قد يكون مؤشرا على مدى صعوبة تحديد الحالة المزاجية للشارع الإيراني.

ولربما كانت الجماعات السياسية الكردية هي المنظمات الوحيدة التي مازالت تتمكن من دفع جمهورها إلى الشارع.

يقول برزنجه: “على عكس المعارضة الوطنية في المنفى، فإن الجماعات الكردية متجذرة ضمن السكان الأكراد في إيران ويمكن أن تكون بمثابة نموذج للتنظيم السياسي”.

وربما قد لا يكون مستغربا، باعتبار مهسا أميني كانت كردية، أن الأقليات المحرومة في إيران هي من تُبقي شعلة الاحتجاج متقدة.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.