إعلان للبحث عن زوج مناسب “لنسويّة عنيدة” يحدث ضجة في الهند

The wedding ad

BBC
The wedding ad that has gone viral and also riled many

لا تعد إعلانات الزواج المبوّبة في الصحف مكانا مثاليا تعثر فيه النسويات في الهند على شريك مناسب.

فمعظم هذه الإعلانات تصنف على أساس الدين والطبقة الاجتماعية، وغالبا ما تتضمن تفاصيل عن السمات الجسدية المطلوبة كلون البشرة والطول وشكل الوجه، ويتباهى كثيرون بدخلهم ذي الأرقام الستة وبثروة الأسرة والعقارات التي يمتلكونها.

لذلك، عندما ورد الأسبوع الماضي إعلان للعثور على “رجل نسوي، ثري، وسيم، لا يطلق الريح ولا يتجشأ” من أجل امرأة “نسوية، عنيدة، ذات شعر قصير وجسمها مثقّب (لوضع الحلي Piercing)” في أكثر الصحف مبيعا في الهند، انتشر هذا الإعلان على نطاق واسع.

وأعادت الفنانة الكوميدية، أديتي ميتال، نشره على تويتر متسائلة عما إذا كان شخص ما قد وضع الإعلان نيابة عنها.

فكّر كثيرون من يمكن أن يكون وراء هذا الإعلان وما إذا كان “حقيقيا”.

واتضح أن الأمر كان مزحة بين أخ وأخته وصديقتها المقرّبة.

90 بالمئة من الزيجات في الهند هي زيجات مرتّبة

Getty Images
90 بالمئة من الزيجات في الهند هي زيجات مرتّبة

باستخدام عنوان البريد الإلكتروني المنشور مع الإعلان، تمكنت بي بي سي من تتبع تلك “النسوية العنيدة” (ساكشي) وأخوها (سريجان) وصديقتها المقربة (داميانتي)، اللذين جاءا بهذه الفكرة.

كل هذه الأسماء مستعارة؛ إذ أنهم لا يريدون الكشف عن هوياتهم لأنهم، كما قال لنا الأخ، “جميعا لدينا مهننا الثابتة، ونأمل بحياة واعدة في المستقبل” ولا نريد جذب المتصيدين “المتوحشين” الموجودين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال سريجان إن الإعلان كان “مزحة صغيرة بمناسبة عيد ميلاد ساكشي الثلاثين”.

وأضاف “يعتبر بلوغ الثلاثين من العمر علامة فارقة، خاصة بسبب كل النقاشات الدائرة في مجتمعنا حول الزواج. فمع بلوغك الثلاثين، تبدأ أسرتك ومجتمعك بالضغط عليك بهدف الزواج والاستقرار”.

وقالت ساكشي إن شعرها بالفعل قصير وجسدها مثقّب (Piercing)، وعنيدة بآرائهاوتعمل في مجال العمل الاجتماعي، والمزحة حول تجشؤ الرجال وإطلاق الريح كانت نكتة عائلية.

ظهر الإعلان في 12 مدينة شمالي الهند، ووصلت تكلفته لحوالي 175 دولارا. ويقول سيرجان إنهم كانوا سينفقون هذا المبلع لشراء الهدايا لها والاحتفال بها ما لم يكن هناك إغلاق بسبب كوفيد-19.

وقالت ساكشي إن أخاها أهداها في الليلة التي سبقت عيد ميلادها لفافة ورقية.

وقالت لي عبر الهاتف: “عندما فتحت اللفافة وجدت مكتوبا عليها عنوان بريد إلكتروني وكلمة السر. ولم يكن لدي أية فكرة ما الذي كان عليّ فعله. في الصباح، أحضر لي نسخة من الصحيفة وفرد صفحة أعمدة الزواج أمامي وضحكنا كثيرا. كانت مزحة ممتعة”.

لكن ما بدأ كمزحة بين أصدقاء سرعان ما انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وما إن شارك مشاهير هذا الإعلان على حساباتهم، حتى انهالت عليه مئات التعليقات وأرسلت عشرات الرسائل الإلكترونية إلى البريد الذي تم إنشاؤه حديثا.

وقالت ساكشي “تلقيت أكثر من 60 رسالة إلكترونية حتى الآن. فهم كثيرون أنها مزحة ووجدوها مضحكة”.

وكتب رجل يقول لها إنه هو الرجل المطلوب لأنه “طيع وليس عنيدا بالمرة”، وكتبت امرأة تشكرها على الإعلان وقالت إن الإعلان يمثلها هي أيضا.

لكن في الهند، هذا البلد الذي يطغى عليه النظام الأبوي، غالبا ما تُعتبر النسوية كلمة قذرة، ويُساء فهم النسويات ويعتبرن نساء فاجرات كارهات للرجال، وهذا رأي كثير من الرجال والنساء أيضا.

وأثار الإعلان أيضا حفيظة أشخاص أرسلوا رسائل فظة ومسيئة.

ولُقبت ساكشي بـ “الباحثة عن الذهب” و”المنافقة” لأنها “معادية للرأسمالية لكنها تريد زوجا ثريا”، كما وُصفت بأنها امرأة تحب الارتباط بشاب يصغرها بالعمر لأنه جاء في الإعلان أن عمرها فوق الثلاثين لكنها تريد رجلا عمرها ما بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين، ونصحها كثيرون بأن تهتم بكسب مالها بنفسها.

كما كتب البعض ليقولوا لها إن إعلانها “سام”، وقال أحدهم إن “كل النسويات غبيّات”. وشعرت إحدى النساء بالحنق لدرجة أنها هددتها بأن شقيقها “سيرمي بها من الطابق 78”.

وأشار الصديقة، داميانتي، إلى أنه في الهند، لا تزال قرابة التسعين بالمئة من الزيجات مرتبة، “فكل شخص يريد عريسا مستقرا، لكن رؤية هذا الأمر بوضوح أثارت حفيظة الكثيرين. لقد شعروا بالغضب”.

في الهند غالبا ما تُعتبر النسوية كلمة قذرة، ويُساء فهم النسويات ويعتبرن نساء فاجرات كارهات للرجال

Getty Images
في الهند غالبا ما تُعتبر النسوية كلمة قذرة، ويُساء فهم النسويات ويعتبرن نساء فاجرات كارهات للرجال

وقال ساكشي: “لا يمكنك قول مثل هذه الأشياء بصوت عالٍ. فالرجل غالبا ما يطلب عروسا جميلة وطويلة ونحيلة، لذا فهم يتفاخرون بثروتهم، لكن عندما تقلب الطاولة، لا يمكنهم تحمل ذلك. كيف يمكن للمرأة أن تضع معاييرها؟”

وأضافت أن الإعلان “كان بيانا ساخرا من هذه السردية المنتشرة، وأفترض أن الأشخاص الذين استفزوا هم نفسهم الذين يضعون معايير أن تكون المرأة نحيفة وفاتحة البشرة وجميلة في المقام الأول”.

وبالنسبة لهؤلاء “الذين استفزوا من السخرية الواضحة”، فكان لديها سؤال واحد لهم: “هل ترسل ردودا عبر البريد الإلكتروني إلى جميع إعلانات العرائس التي تظهر تحيزا ضد المرأة والتي تظهر في الصحف يوميا؟ إن لم يكن الأمر كذلك، فأعتقد أنك بحاجة إلى كبح جماح ذكوريتك”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.