فيروس كورونا: هل تستخدم الحكومة التركية كوفيد-19 “كذريعة” لمحاربة المشروبات الكحولية؟ – الاندبندنت

محل لبيع المشروبات الكحولية في تركيا

Getty Images
محلات بيع المشروبات الكحولية تضررت بفعل الإغلاقات المرتبطة بكورونا

تنوعت القضايا التي تناولتها الصحف البريطانية الصادرة صباح اليوم ، فهناك دوما الكثير من الاهتمام بتطورات كورونا والذي بسببه تدخل تركيا اليوم في إغلاق شامل، وكذلك توجد ملفات السياسية الخارجية ومن بينها موقف الصين من دول الغرب.

صحيفة الاندبندنت نشرت موضوعاً بعث به مراسلها في اسطنبول حول قرار الحكومة التركية حظر مبيعات الكحول لمدة سبعة عشر يوماً اعتباراً من مساء الخميس مع بدء سريان إغلاق يستمر طوال تلك الفترة للحد من انتشار فيروس كورونا.

يقول مراسل الصحيفة إن القرار أدى إلى حدوث إقبال شديد على شراء الكحول من جانب المستهلكين قبل بدء سريان الحظر وإلى إبداء البعض مخاوفه من أن تكون تلك بداية لتنمر ديني يفرض على المجتمع.

ياتي قرار الحظر متزامناً مع الإغلاق الذي يستمر حتى السابع عشر من مايو/أيار القادم. فمعدلات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات جراء المرض ارتفعت في البلاد، حيث بلغ معدل الوفيات اليومية خلال الأيام الأخيرة 350 شخصاً. ولن يسمح إلا لمحلات البقالة والمخابز ومحلات السوبرماركت بفتح ابوابها خلال ساعات عمل محددة طوال أيام الإغلاق.

يقول المراسل إن محلات بيع الكحول كان يُسمح لها بفتح أبوابها وكان يسمح لمحلات البقالة ببيع الكحول خلال عمليات الإغلاق التي تمت في السابق. والآن يتخوف الكثيرون من أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان المحافظة تحاول أن تفرض قيمها على البلاد.

وينقل المراسل عن أوزغور أيباس، رئيس جمعية أصحاب محلات بيع الخمور في تركيا، قوله في تغريدة له على تويتر إن القرار “يمثل ضربة للحياة الخاصة ولثقافة الطعام والشراب. وفيروس كورونا هو الذريعة”.

ويشير مراسل الصحيفة إلى أن السلطات التركية تُتهم باستغلال الوباء كوسيلة لتمرير أجندتها الاجتماعية المحافظة. ويضرب على ذلك مثالاً المدارس التركية التي أغلقت في معظمها، بخلاف الحال في أوروبا، وأجبر الطلاب على تلقي دروسهم من البيت، وهو ما فرض عبئاً على النساء العاملات.

ويقول كاتب الموضوع إن سياسيي المعارضة شجبوا الحظر، الذي يبدو أنه تسلل من خلال أوامر لرؤساء بلديات موالين لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.

يقول النائب في البرلمان التركي عن المعارضة فيلي أغبابا في تغريدة له على تويتر: “هذا الحظر ليس له علاقة بالوباء. فهو أيديولوجي بالكامل. وهو القشة الأخيرة في تدخل حزب العدالة والتنمية في نمط حياة البشر وليس الوباء”.

من جانبهم، يقول ممولو صناعة الخمور إنهم خسروا بالفعل آلاف الدولارات بسبب عمليات الإغلاق. فمبيعات الكحول كانت محظورة خلال عطلة نهاية الأسبوع في فترات الإغلاق، كما أن فتح المحلات لأوقات محدودة أثر سلباً على تلك المبيعات.

وتشتكي محلات بيع الكحول ليس فقط من الإغلاق وإنما من “الكراهية العامة الرسمية”، حيث يقول صاحب محل لبيع الكحول إنه غُرّم 500 دولار لعدم وضعه ملصقات على الأرض من أجل التباعد الاجتماعي على الرغم من عدم وجود أي انتهاك للإجراءات الصحية. ويقول أصحاب المحلات إن العداء اتجاههم ليس محصوراً بحزب أردوغان، فهناك أحزاب علمانية معارضة أيضاً ترى في صناعة الخمور هدفاً سهلاً للابتزاز المالي ولإلقاء اللوم عليها في كل الشرور الاجتماعية.

وينقل المراسل عن أحد ممولي صناعة الكحوليات قوله: “لا أدري ماذا يدور في أذهانهم، لكن مسلكهم العام ينم عن شيء ما. فهم حتى لايستخدمون كلمة “بار” ويواصلون الحديث عن إغلاق المطاعم. المشكلة هي أن الحكومة ترى في الكحول خطيئة.”

يقول المراسل إن لتركيا تاريخا علمانيا عريقا يعود إلى العام 1923 وهو تاريخ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال اتاتورك، وهو نفسه كان يشرب الخمور. وتمثل صناعة الكحول قطاع أعمال كبيرا في تركيا، في ظل استهلاك محلي كبير وصادرات ضخمة تقودها شركة “إيفيس” المصنعة للبيرة. وتقدر قيمة سوق البيرة لوحده بحوالي 3 مليارات دولار سنوياً.

لكن المشاكل الاقتصادية وزيادة الضرائب المفروضة أثرا سلباً على هذه الصناعة، حيث يشير المحللون إلى تراجع كبير في المبيعات خلال وباء كورونا، الذي قضى على الحياة الليلية في المدن الكبيرة مثل اسطنبول وأزمير وفي مدن المنتجعات التي تجذب السياح الأجانب والأتراك.

“فرق تسد”

وإلى صحيفة الديلي تليغراف التي تنشر مقالا لوزير الخارجية البريطاني السابق ويليام هيغ يتناول فيه استراتيجية الصين الراهنة القائمة على سياسة “فرق تسد” في التعامل مع الدول الغربية.

يقول هيغ إن الصعود المفاجئ للصين كقوة عظمى تضم خُمس عدد سكان العالم هو حدث فريد لم يخبرنا التاريخ عن نظير مماثل له.

لكنه، مع ذلك، يعقد مقارنة بين الصين وسياستها الخارجية الآن بما كانت عليه ألمانيا في القرن التاسع عشر. فألمانيا في عهد بسمارك تمكنت من خلال بناء قوتها الصناعية والدبلوماسية والعسكرية بسرعة كبيرة من إلحاق الهزيمة بخصومها وأعدائها واحداً تلو الآخر، من خلال الحرص على عزلهم عن بعضهم البعض والحيلولة دون اتحادهم.

ويضيف هيغ بأن السياسة الهجومية والعدائية التي انتهجتها ألمانيا في بداية القرن العشرين جاءت بنتيجة عكسية عليها حيث أنها دفعت بريطانيا وفرنسا وروسيا إلى الاتحاد ضدها.

ورغم ما يراه الوزير من تشابه في حالتي الصين وألمانيا، إلا أنه يرى أن هناك اختلافات أيضاً. فالصين “لم تكن لديها الحاجة ولا الرغبة في السعي لتحقيق أهدافها من خلال الغزو العسكري”، وهي تفخر بأن صعودها هو صعود سلمي. غير أن استراتيجيتها الدبلوماسية “كانت حتى وقت قريب تعتمد على سياسة فرق تسد”.

يقول هيغ إن أي دولة أوروبية أثارت انزعاج الصين، من خلال الالتقاء بزعيم التيبت الدالاي لاما على مستوى رفيع، عوقبت بتجميد العلاقات السياسية والتهديد بعواقب اقتصادية. وفي كل مرة، كانت بقية دول اوروبا تواصل علاقاتها التجارية مع الصين وتتجنب المواجهة.

ويشبه هيغ سلوك الدول الأوروبية في التعامل مع الصين بسلوك” قطيع من الغزلان في مواجهة أسد انقض على أحد أفراد القطيع وهو الابتعاد عن منطقة الخطر المباشر والعودة إلى الرعي”.

يؤكد هيغ في مقاله على أن الصين تعلمت من دروسها في التعامل مع الدول الأوروبية أن الأنظمة الديمقراطية “تفتقد للتضامن”. فهي تبدو مركزة على أولوياتها التجارية وعلى خشيتها من إضاعة فرصة الانضمام إلى الركب المتدفق نحو الشرق بحيث لا يهمها جيرانها الذين يتم الاستفراد بهم من جانب الصين.

يقول كاتب المقال إن الصين، التي زادت جرأتها بفعل قوتها المتنامية واعتيادها على الانقسام الغربي في عهد الرئيس شي جينبنغ، أصبحت “أكثر عنادا”ً في مواجهة الانتقاد برد صارم، حتى لو كان ذلك يعني أن تكون فظة وعدائية في نبرتها. ويضرب مثالاً على ذلك في السفير الصيني الأخير لدى السويد الذي جسد هذا النهج في سرعة وحدة الرد حيث أبلغ ذلك البلد المسالم بالقول: “نحن نُكرم أصدقاءنا بالنبيذ الفاخر لكننا نخصص البنادق لاعدائنا”.

ويختم هيغ بالقول إن الزعماء الصينيين مولعون بالاقتباس من أخطاء التاريخ لكنهم “يسيئون فهم تلك الأخطاء بحيث باتوا يكررونها”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.