أدوار مهمة للسعودية.. أوكرانيا ولبنان على طاولة ماكرون ومحمد بن سلمان

REUTERS/Benoit Tessier

يبدأ ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الأربعاء، زيارة رسمية لفرنسا، حيث سيلتقي بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي يقود جهودا لحشد إدانة دولية لروسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وبحسب الديوان الملكي السعودي فإن الزيارة تندرج ضمن مُشاركة المملكة في قمة “من أجل ميثاق مالي عالمي جديد” المقررة في باريس بين 22 و23 يونيو الجاري، وكذا حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030.

لكن قصر الإليزيه قال إن ماكرون ومحمد بن سلمان سيتناولان “بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سائر دول العالم”، وفق ما قالت وكالة فرانس برس نقلا عن الرئاسة الفرنسية.

ملف لبنان.. شأن داخلي؟

وأضافت، أن الزعيمين سيتطرقان إلى تحديات الاستقرار الإقليمي “أبرزها على الأرجح الأزمة في لبنان” وفق وكالة فرانس برس.

في هذا السياق، قال المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، إن الموقف السعودي والموقف الخليجي عموما واضح بخصوص ملف لبنان، حيث تعتبر الرياض ما يحدث هناك، لا سيما ما يتعلق بانتخاب الرئيس “شأنا داخليا”.

وفشل البرلمان اللبناني، الأربعاء، في انتخاب رئيس للجمهورية للمرة الثانية عشرة على التوالي منذ أكتوبر الماضي، بعد عدم تحقيق أي من المرشحين النسبة المطلوبة.

والبرلمان اللبناني، منقسم بشكل حاد بين معسكر مؤيد لحزب الله المدعوم من إيران ولا يحظى بالغالبية اللازمة لفرض مرشحه، الوزير السابق، سليمان فرنجية، وخصومه، خصوصا، الأحزاب المسيحية المؤيدة للمسؤول الرفيع في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور.

وقال اليامي في مداخلة مع موقع الحرة إن ما يحدث في لبنان “شأن داخلي” لكنه لم يستعبد أن تتيح المملكة الفرصة للدور الفرنسي الذي قد يكون الوحيد في مقاربة الأزمة اللبنانية”.

اليامي استدرك بالقول إن باريس لم تستطع لحد الساعة تحقيق ما وصفه بـ “إنجازات مهمة لمصلحة لبنان واللبنانيبن”.

وتحتفظ السعودية بنفوذ كبير في لبنان، بينما تربط باريس وبيروت علاقات خاصة.

لكن اليامي أصر على أن مقاربة فرنسا لحل الأزمة في لبنان تبقى الأبرز، منوها في المقابل بجهود الرياض لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا “بطريقة سلمية”.

رئيس المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي، فرانسواز جيري، يرى بأن للسعودية دور محوري لتلعبه في الأزمة اللبنانية، خصوصا وأنها أعادت علاقاتها مع إيران التي تدعم حزب الله اللبناني، الذي يعد وفقه حجر عثرة أمام انتخاب رئيس جديد.

وقال في اتصال مع موقع الحرة، إن فرنسا التي تعد أقرب بلد أوروبي للبنان بحاجة لقوة إقليمية في المنطقة، مثل السعودية، لصياغة حلول جدية للأزمة الجارية في هذا البلد الي عانى كثيرا من “القوة المسلحة التي تعيق تقدمه” في إشارة إلى حزب الله.

وأضاف أن اتفاق الرياض وطهران قد يلقي بظلاله على لبنان، أو على الأقل يعطي مجال مناورة للسعوديين هناك، لإخراج لبنان مما يعانيه، بمساعدة من فرنسا القريبة أيضا من بعض القوى السياسية اللبنانية.

إلى ذلك، نوّه جيري بـ”الاهتمام البالغ” الذي توليه باريس لما يحدث في لبنان، مشيرا إلى البيانات الرسمية العديدة التي أصدرتها الرئاسة الفرنسية بالخصوص.

وفي الأسبوع الماضي عيّن ماكرون وزير الخارجية السابق جان-إيف لودريان “مبعوثا خاصا إلى لبنان”، في محاولة جديدة لإيجاد حلّ “توافقي وفعّال” للأزمة اللبنانية التي تفاقمت خصوصًا بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.

في هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آن-كلير لوجندر، الثلاثاء، خلال  مؤتمر صحفي إن فرنسا “تواصل الدعوة للخروج من الأزمة منذ ثمانية أشهر”.

وأعلنت لوجندر أن وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، ستلتقي، الجمعة، سلفها لودريان المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان، لتطلعه على فحوى الاتصالات الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.

وإلى جانب الأزمة السياسية، يشهد لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ عام 1850، بحسب تقديرات البنك الدولي، مع ارتفاع حادّ في الأسعار وهبوط تاريخي في قيمة العملة الوطنية وإفقار غير مسبوق للشعب ونقص خطير في السلع الأساسية.

الحرب الروسية على أوكرانيا

إلى جانب ملفات العلاقات الثنائية، والميثاق المالي العالمي الجديد، وكذا ملف استضافة الرياض لمعرض “إكسبو 2030” تحوز الحرب الروسية على أوكرانيا على قسط مهم من زيارة محمد بن سلمان لباريس، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

اليامي يُذكّر في الصدد بأنه منذ بدء ما وصفه بـ”الأزمة” في أوكرانيا “كانت هناك مبادرة سعودية أطلقها ولي العهد لحل الصراع سلمياً”.

ولفت الرجل إلى أن المملكة تتمتع بعلاقات متوازنة بالطرفين، الروسي والأوكراني، الأمر الذي مكنها من القيام بأدوار وساطة انصبت على الجهد الإنساني وإخراج رعايا من عدة جنسيات من هناك، بينهم أميركيون وأوربيون، وفق تعبيره. 

يذكر أن السعودية استقبلت، في مايو الماضي، الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلنسكي، خلال استضافتها لقمة جامعة الدول العربية الـ32.

في المقابل، حافظت الرياض على علاقات وثيقة مع روسيا، وهو ما أغضب الغرب، خصوصا بعد اتفاقهما ضمن “أوبك بلس” على خفض إنتاج النفط، ما رفع أسعاره، وضاعف مداخيل روسيا التي تستخدمها لدعم جهودها الحربية ضد الأوكرانيين.
 
رغم ذلك، يشير اليامي إلى أن المملكة “مرشحة بقوة للعب دور الوسيط، في هذه المرحلة الصعبة من عمر الصراع”.

يقول اليامي في الخصوص ” قد يكون الدور السعودي مدخلاً للجانب الفرنسي الذي يبدي مرونه أكثر من غيره من الأوربيين فيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا ومع الموقف مما يحدث في أوكرانيا”.

في هذا الإطار، ذكّر الرجل بزيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان لأوكرانيا، والتي وصفها بالمهمة، حيث أعلن خلالها عن مساعدات كبيرة لأوكرانيا، وفق وصفه.

من جانبه، يرى المحلل الفرنسي، فرانسواز جيري، بأن السعودية أضحت تلعب أدوارا مهمة في المحافل الدولية، ولها رؤية لجميع القضايا التي تؤرق العالم وخاصة الحرب الجارية على أوكرانيا منذ أكثر من عام.

وقال: “لا شك بأن للسعودية دور هام في هذه القضية لأنها تقف على مسافة واحدة بين أوكرانيا وروسيا” موضحا بأن لولي العهد السعودي، فرصة تاريخية لتقريب وجهات النظر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظرائه من الغرب، انطلاقا مما ستسفر عنه زيارته لفرنسا.

ومضى مؤكدا بأن الرياض تحظى باحترام خاص في أوكرانيا نظرا للمساعدات التي قدمتها لها في غمرة الحرب، وقال “قد يخولها هذا الوضع للعب دور مهم كوسيط، وربما هذه من أولويات الزيارة ، التي تقود ولي العهد السعودي لفرنسا”.

المصدر: الحرة

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.