حوار «القوات» – «التيار الحر» على قاعدة «سلبيتان تجاه فرنجية لا تصنعان رئيساً»

سليمان فرنجية

بري حدّد 15 يونيو حداً أقصى لانتخاب رئيس
– «حزب الله» يتشدّد في تبنّي فرنجية والدوافع… فرنسية وأميركية

شكّلت «كرةُ النارِ» المتوقَّعة التي أشعلتْ الجبهةَ الاسرائيلية -الفلسطينية جرسَ إنذار مكرَّراً للبنان من مَخاطر تَعَمُّق الانكشاف السياسي والمالي الذي من شأن إضافة أي صاعق أمني إليه أن يفجّر كل الألغام المتشابكة في الواقع الداخلي بامتداداته الإقليمية.

وكان لبنان أمس عيْناً على العدوان الاسرائيلي على غزة وبدء الردّ الصاورخي الواسع النطاق لحركة «الجهاد الإسلامي» (وفصائل أخرى) على اغتيال 3 من قادتها في غارات مفاجئة فجر الثلاثاء أدت أيضاً الى سقوط 10 مدنيين بينهم نساء وأطفال، فيما «قلبه» على جبهة الجنوب في ضوء المَخاوف من أن تصيبها تشظياتُ المواجهة في الداخل الفلسطيني وما قد يرتّبه أي اتجاهٍ لاستعادة الردع مع تل ابيب تحت سقف الأجندة الإيرانية و«ساحاتها الواحدة» من تداعياتٍ مميتة على الوطن الصغير الذي يقف على «رِجل ونصف» سياسياً وشبه «مبتور القدمين» مالياً.

ومرة جديدة، تحوّل الصِدام على خط غزة – اسرائيل محطّةً استُحضر فيها «اختفاءُ» الدولة عن مسار الأحداث المتسارعة واحتمالات ربْطِ لبنان بـ «زنار النار» والتي تخرج بالكامل عن «صلاحيات» السلطات الرسمية التي «لا كلمة» لها وحتى «لا خبر ولا عِلم» في أي قرارٍ من وزْن توريط «بلاد الأرز» أو لا في خيار الحرب الذي يتحكّم «حزب الله» لوحده بـ «زرّه الأحمر».

ولم يكن مفاجئاً أن يتراجع الصخبُ السياسي في بيروت الذي يتمحور بالدرجة الأولى حول الأزمة الرئاسية أمام قرقعة المواجهة التي أعطتْ اسرائيل إشارةَ انطلاقها، في ظل رصْد للمدى الذي ستأخذه ولا سيما مع ارتسام سِباقٍ بين محاولات ديبلوماسية عربية ودولية للجم التدهور وبين حاجة الفصائل الفلسطينية في غزة لـ «ردّ الاعتبار» ورسْم خطوط حمر بوجه «حرب الاغتيالات» التي عاودتْ تل أبيب فتْحَ صفحتها، وفي الوقت نفسه رغبة بنيامين نتنياهو في الهروب إلى الأمام في ضوء مأزقه الداخلي والأبعاد فوق العادية للتحولات في المنطقة التي غيّرتْ معها طهران «القِناع» في علاقتها مع محيطها العربي التي دخلت مرحلةً من التبريد وربما أكثر، ولكن من دون أن تضع «ورقة المقاومة في الجارور».

ورغم صعوبة التكهن بمسارِ الاندفاعة اللاهبة على خط غزة – اسرائيل، فإن أوساطاً سياسية تعتبر أن إعلاءَ طهران على وقع إنجاز تفاهم بكين مع الرياض شعار المقاومة، ولو بوصْفه عاملاً ضرورياً لـ «شدّ عَصَب المحور» وفق أولوياتٍ مختلفة تقتضيها موجبات إخماد الأزمات مع العالم العربي، يعني أن التخلي عن «مرشح المقاومة» للرئاسة في لبنان أي زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية سيشكل انتكاسةً لهذا المحور الذي لم يعُد له في مرحلة التفاهمات في المنطقة سوى عنوان فلسطين كـ «راية» جذابة أو «فرقة سبّاقة» لتثبيتِ النفوذ وإن وفق عملية «إعادة تموْضع» مستترة.

ولاحظتْ الأوساط أن «حزب الله» استعاد في الساعات الماضية تَشَدُّده حيال «خيار فرنجية» بوصْفه «المرشح رقم واحد والوحيد»، رغم تضارُب التقديرات حول خلفية هذا الأمر بين مَن اعتبره تعويضاً عن مناخٍ أوحى بإعادة نظرٍ من فرنسا أقرب إلى التراجع عن دور «عرّابة» إيصال زعيم «المردة» وتشكيل بوابة له إلى العالمين العربي والغربي، وبين مَن وَضَعه في إطار «ربْطِ نزاعٍ» مع أجواء مستجدّة عن دخول أميركي على الملف الرئاسي يكسر «النأي بالنفس» عن هذا الاستحقاق ويشي بوجود «ضوء أحمر» أمام وصول فرنجية.

وكان بارزاً كلامٌ لنائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم اعتبر فيه «أنّ هناك فريقاً لبنانياً قرّر ترشيح رئيس للجمهورية عن طريق المواجهة وعندما أصرّ على مرشّحٍ للتحدّي فشِل من اللحظة الأولى»، متوجهاً «لجماعة المواجهة» بأن «ليس لديكم أيّ فرصة لفرض رئيس. في المقابل فريقنا بدأ بفرصة واعدة عندما دعم ترشيح الوزير فرنجية لأنّه رجل المواصفات الوطنيّة والمنفتح على الجميع محلياً وعربياً وإقليمياً».

وإذ أكد أنّ فرصة انتخاب الرئيس هي أكثر وضوحاً لكنّها غير ناجزة بعد، ونحتاج إلى بعض الوقت، وآمل ألا تكون طويلة، لفت إلى«أن الأصوات المؤيّدة للوزير فرنجية وازنة وثابتة وقابلة للزيادة والفارق بين الاسم المطروح من قبلنا والأسماء الموجودة في اللائحة التي تضم ستة عشر مرشّحاً لا تُتيح وجود أيّ منافسة وازنة بسبب الفارق الكبير بين عدد الأصوات المؤيدة لفرنجية وعدد الأصوات المؤيدة لكلّ واحد من المحتملين من هذه اللائحة. وقد زاد أملنا بالفرصة الأرجح لانتخاب الشخص الذي اخترناه، وهناك شبه انعدام لفرصة الفرقاء الآخَرين بسبب تشتّتهم وعدم قدرتهم على أن يقدّموا مرشّحاً وطنياً جامعا».

في موازاة ذلك، بدا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري حدد «مهلة إسقاط» قبل الدعوة إلى جلسة جديدة لانتخاب رئيس، بتأكيده أمس «وجوب إنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية كحد أقصى في 15 يونيو المقبل».

وشدد على أنه «لا نقبل ولا يجوز القبول باختيار حاكم لمصرف لبنان (تنتهي ولاية رياض سلامة في يوليو) من دون أن يكون لرئيس الجمهورية كلمة في هذا الأمر، وهذا ما ينسحب كذلك على موقع قياده الجيش».

وإذ أمل «أن يشكل الشعور بالمَخاطر الناجمة عن الوصول إلى الشغور في موقع حاكمية مصرف لبنان حافزاً لكل الأطراف من أجل تذليل كل العقبات والعوائق التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت»، أشار إلى «أن المناخات الإقليمية والدولية حيال الاستحقاق الرئاسي مشجعة وملائمة».

وجاء كلام بري فيما تسعى قوى المعارضة بين بعضها ومع «التيار الوطني الحر»، الذي افترق عن «حزب الله» في الملف الرئاسي، إلى التوافق على اسم لكسْر المأزق الرئاسي وإطلاق «رصاصة الرحمة» على حظوظ فرنجية الذي يحاول داعموه تسويق الحياد الذي عبّرت عنه الرياض رئاسياً وتأكيدها عدم وجود فيتو على أي مرشح ولا دعم لآخَر، على أنه بمثابة إزالة «القِفل الخارجي» من أمام وصول زعيم «المردة»، محاولةً تحت هذا السقف استمالة متردّدين لإكمال نصاب الـ 65 صوتاً الكافي لفوز فرنجية في دورة انتخاب ثانية والذي من شأن تأمينه أن يُحْرِجَ معارضي وصوله ويحمّلهم مسؤولية ما قد يترتب على الإمعان في تعطيل نصاب التئام جلسات الانتخاب وهو 86 صوتاً.

وازدادت أمس مؤشرات سعي المعارضة وكل من «القوات اللبنانية» ومعها حزب الكتائب اللبنانية لبلوغ تفاهم مع «التيار الحر» على خيار مشترك على قاعدة «ان سلبيتين (تجاه فرنجية وإن كل واحدة لها منطلقاتها) لا تصنعان رئيساً» وأن المطلوب الانتقال إلى «نعم» لمرشّح واحد قبل أن تسبق تطوراتٌ ما الجميع أو يدفع مؤيّدو زعيم «المردة» نحو انتخابه على وهْجِ «حرائق» معيشية – نقدية قد تكون مفتعلة أو نتيجة تلقائية لانتهاء مفعول «إبرة التخدير» التي تهدئ منذ أسابيع من روع الدولار الأسود القابع عند حدود نحو 95 ألف ليرة.

وقد أكد نائب «القوات» فادي كرم الذي يتولى التواصل مع نائب التيار جورج عطاالله، أمس، أن«الطرف الآخر يتحدانا بالقول، إنه لن يزيح عن سليمان فرنجية»، لافتاً إلى«أن هناك لقاءات بين حزب القوات اللبنانية وكل أطراف المعارضة والتيار الوطني الحر، والأمور تتقدم والمفاوضات تقدمت لدرجة ان التداول أصبح حول اسمين».

في سياق متصل، أعلن المجلس السياسي للتيار الحر بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل «تمسكه باستقلالية قراره وخياره في الشأن الرئاسي رافضاً منطق مرشحي المواجهة والممانعة»، مؤكداً على «الحوار مع الجميع ليتم انتخاب رئيس إصلاحي يتمتع بشرعية شعبية ونيابية مسيحية على ان يحظى طبعاً بأوسع قبول وطني من الكتل النيابية»، ومشدداً على «تجاوبه مع الكثير من مبادرات التوافق على أسماء مقبولة ولها قابلية النجاح في المشروع الاصلاحي».

ودعا التيار، الكتل النيابية «إلى أخذ العِبَر من مواقف الخارج بموضوع رئاسة الجمهورية وإعادة الاستحقاق الى بُعده الداخلي وبالتالي الإسراع في الاتفاق على برنامج إصلاحي يرعى رئيس الجمهورية الجديد تنفيذه بالاتفاق مع الحكومة ومجلس النواب».

الراي- وسام أبوحرفوش وليندا عازار

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.