لبنان في 2023.. التسوية أو الانهيار

أطلّ العام 2023 مقروناً برجاء من اللبنانيين بعبور أزماتهم الخانقة، والتي كان آخرها مأساة الهروب غير الشرعي على متن مركب تعطّل قبالة شاطئ «سلعاتا» شمالاً، والتي أدت الجهود المبذولة من قبل القوات البحرية اللبنانية إلى إنقاذ 232 شخصاً من الغرق باستثناء امرأة وطفلتها من الجنسية السورية. وذلك، بالإضافة إلى الفضيحة التي تمثلت بإصابة مطار بيروت ومدارجه وطائرتين تابعتين لـ«طيران الشرق الأوسط» برصاص، لم يُعرف بعد ما إذا كان «طائشاً».

ومن بوّابة هاتين الحادثتين، اللتين قدّمتا صورة فاقعة عن ضعف الدولة اللبنانية وانهيار مؤسساتها، ونغّصتا على اللبنانيين اليوم الأول من السنة الجديدة، وجعلتهم يتمنّون لو أنها تشكل قطعاً بين مرحلة عنوانها الفشل والعجز والانهيار، وبين مرحلة أخرى أن يكون عنوانها: الدولة القوية، فإن ثمّة إجماعاً سياسياً على أن العام الماضي لم يؤسّس لأي خطة يتمّ استئناف مسارها في العام الجديد، لا بل أن الطبقة الحاكمة ستستكمل مشاهد الطعن والاعتكاف والألفة المصطنعة في اجتماعات طبعت الشهر الأخير من العام 2022، إلى أن استقرّت على مشهد الفراغ الرئاسي والتعثر في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى كِباش الصلاحيات في الحكومة والغضب على انعقاد مجلس الوزراء، وسط القفزات الهائلة في سعر الصرف بين الدولار والليرة اللبنانية، وشلل الإدارات الرسمية. أما مشهد العام الجديد، فيبدو محفوفاً بجمود ثقيل وانتظار أشدّ ثقلاً ووطأة، نظراً إلى تزايد تعقيدات الأزمة السياسية المفتوحة على كثير من الغموض وعدم الوضوح في مسارها العام.

وفد قضائي

إلى ذلك، وفي سابقة قضائية، تبلّغت السلطات اللبنانية من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، عبر كتاب رسمي، أن وفداً قضائياً من الدول الثلاث سيزور بيروت بين 9 و20 الجاري، فيما تردّد أن هدف الزيارة التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولين في البنك المركزي ومسؤولين آخرين في عدد من المصارف، وذلك في إطار الإطلاع على عمل النظام النقدي والمصرفي في ظل الأزمة الحالية. علماً أن هذا التبليغ، من دون سابق إنذار، طرح تساؤلاً في شأن السيادة الوطنية، المتمثلة بالقضاء اللبناني من جهة، واستقلاليته من جهة أخرى.

ولأن معالم العام الجديد ستكون مرسومة بحبر السنوات التي سبقت، تجدر الإشارة إلى أن السنة الراحلة لُخّصت بكونها «سنة سوداء»، فاقت سابقاتها مرارة وظلماً للبنانيين، إذ سيّرتهم على حدّ سكينها، وخنقتهم في عتمتها، وأدخلت الوجع والفقر إلى بيوتهم، ومعها صار بلدهم، بشهادة القريب والبعيد، موطن الأزمات والمصائب وانكشاف واقع تفكّك الدولة فيه، ما سيشكّل التحدي الأكبر للسنة الجديدة. وعليه، فإن ثمة إجماعاً على أن لا سبيل متاحاً سوى التشارك في صياغة الحلول للأزمة المتمادية، وإلا فإن البلد ذاهب حتماً إلى ما لا تُحمد عقباه.

البيان – وفاء عواد

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.