موافقة مجلس النواب حتمية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية

D60B9D60 47A7 40D7 85F6 A9FFD9506BC6

كتب المحامي حنا البيطار – تتداول الاوساط السياسية والقانونية نظريّات واجتهادات متناقضة بشأن ما اذا كانت موافقة مجلس النواب اللبناني ضرورية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وعلى الخرائط المرفقة بها . وقد تباينت الآراء لدرجة التعاكس الكلّي في سياق اجتهادي بعيدا ً عن النصّ الواضح للمادة /52/ من الدستور اللبناني .
تنصّ المادة /52/ من الدستور اللبناني في شطرها الاول على ” تولّي رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية ابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة . ولا تصبح مبرمة الا ّ بعد موافقة مجلس الوزراء ” .
واضحٌ ان رئيس الجمهورية هو الذي يتولى، حصرا ً، التفاوض في عقد المعاهدات الدولية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وابرامها متوقف على موافقة مجلس الوزراء بالاكثرية العادية اذ ان هذه المادة لم تنص على نصاب معيّن او على اكثرية محدّدة بما يعني ان اكثرية النصف زائد واحد تكفي لابرام الاتفاقية .
ان هذا ” الشطر ” الاول من المادة /52/ واضحٌ ولا يقبل تفسيرات او اجتهادات اذ ان ” لا اجتهاد عند وضوح النص ” . اما الشطر الثاني من هذه المادة ، الذي منح الحكومة هامشا ً ملتبسا ً للهروب من اطلاع مجلس النواب على الاتفاقية وأخذ موافقته ، فقد أعطى ، ايضا ً، هامشا ً واسعا ً للتفسير والتأويل والاجتهاد . ينص الشطر الثاني من المادة المذكورة على ما يلي

1- ” تُطلِع الحكومة مجلس النواب على الاتفاقية حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة ” .
2- ” المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن ابرامها الا ّ بعد موافقة مجلس النواب ” .
-2-

ان اعطاء الحكومة الخيار في ان تُطلِع مجلس النواب او لا تُطلعه على الاتفاقية، مهما كانت الحجج والذرائع ، يتناقض مع أسس ومفاهيم النظام الديمقراطي البرلماني الذي يتباهى لبنان باعتماده اذ ان هذا النظام جعل من البرلمان المرجع الاساس في عمل كل مؤسّسات الدولة بما فيها الحكومة، ولا يمكن لاي قرار حكومي مهما كانت طبيعته واهميته ان يتعارض مع تشريعات البرلمان او يُخفى عنه او يُهرّب في عتمة مادة تتناقض كليا ً مع اسس ومفاهيم النظام البرلماني .

هذا من ناحية، ومن اخرى، فان النص في شطره الاخير ألزم موافقة مجلس النواب على المعاهدات المتعلقة بمالية الدولة وبتلك التي لا يمكن فسخها سنة فسنة . وعليه، حيث ان معاهدة ترسيم الحدود المتضمنة تحديدا ً لمنطقة لبنان الاقتصادية الخالصة بما تختزن من ثروة نفطية وغازية هي معاهدة مالية بامتياز، ولا يمكن تمريرها وجعلها نافذة الا ّ بموافقة مجلس النواب بالاضافة الى كونها اتفاقية نهائية لا يجوز فسخها سنة فسنة . لكل هذه الاسباب، فانا نرى كما العديد من القانونيين ونجزم بأن اتفاقية الترسيم المزمع ابرامها مع العدو الاسرائيلي بحاجة الى موافقة مجلس النواب حتما ً وقطعا ً سندا ً للنص الواضح الذي لا يقبل تفسيرات مناقضة او اجتهادات معاكسة .

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.