أي حكومة ستكون بوضعية تصريف الأعمال في حالة الشغور الرئاسي

سواء بقيت الحكومة الحالية او تم تأليف حكومة جديدة، فالأمران سيان بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 أكتوبر القادم، لأن المادة 69 من الدستور نصت على اعتبار الحكومة مستقيلة مع بداية أي ولاية رئاسية، وغالبية الاجتهادات والتحاليل التي تناولت موضوع عدم أهلية حكومة تصريف الأعمال لتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية اذا شغر المركز، ليس لها أي مبرر قانوني. والتفاهم المبدئي الذي حصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على ولادة الحكومة بعد ما يقارب الشهرين على التكليف، له طابع سياسي صرف، وهو محاولة جديدة من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتعزيز مكانته في مؤسسات الحكم بعد مغادرة الرئيس عون لقصر بعبدا.

وحاول باسيل التهويل على الرئيس ميقاتي من خلال افتعال اشتباك سياسي واعلامي معه، بهدف الاحتفاظ بوزارة الطاقة، وللحصول على حصة وازنة في الحكومة المزمع تشكيلها وإرضاء الذين وقفوا معه في دائرة عكار الانتخابية، وأمنوا له فوز 3 نواب لم يكونوا بالحسبان، وتبين أن هؤلاء – خصوصا النائب محمد يحيى الذي استدعاه رئيس الجمهورية الى بعبدا للتباحث بتوزيره – يرتبطون بصداقات واضحة خارج الحدود ساعدتهم على النجاح. لكن تهديدات باسيل قد لا تكون مؤثرة على قرار ميقاتي، والأخير يلقى غطاء واضحا من الرئيس نبيه بري وقوى فاعلة أخرى، ترفض المكافأة المعنوية لتيار العهد الذي كان السبب الرئيسي وراء الانهيار الذي حصل في البلاد.

وتقول مصادر واسعة الإطلاع: هناك صفقة محاصصة جديدة قد تحصل بين الرئيسين عون وميقاتي بغطاء من قوى وازنة. واذا حصل التفاهم ورأت الحكومة الجديدة النور، ستكون أسوأ الخيارات على الإطلاق، لأنها ستطبق بالفعل وعد الرئيس عون الذي قال «أنه وضع خريطة طريق لمن سيخلفه ليستكمل خطته» والأرجح أنه يعرف أن الحكومة هي التي ستخلفه من جراء تعذر انتخاب رئيس جديد في المدى المنظور، وبذلك تكون البلاد قد دخلت في جحيم أكثر هلاكا من جهنم الذي وعد فيه الرئيس منذ سنتين ووصلنا اليه بالفعل، وتسير الدولة في مسار تعطيلي جديد، يتحكم به باسيل، من خلال وزرائه في الحكومة، بحيث لا يمكن أن يمر أي قرار من دون موافقتهم، لاسيما القرارات التي تتخذ نيابة عن رئيس الجمهورية.

من الواضح أن اختلالا كبيرا تعيشه الساحة السياسية اللبنانية مع اقتراب موعد انتخاب رئيس الجمهورية، والتشرذم النيابي يصيب الأفرقاء كافة، وليس صحيحا أن فريق «الممانعة» موحد بقيادة حزب الله، لأن النائب باسيل جاهر في معارضته لانتخاب النائب السابق سليمان فرنجية للمنصب، وهو ما بدا أنه خيار حزب الله حتى الآن. كما أن الفريق «السيادي» ليس جبهة واحدة بواقع الحال، وهناك مساحات شاسعة تفصل بين رؤى الكتل التي يتألف منها هذا الفريق، لاسيما الاختلاف حول «مبدأ التسوية» مع الفريق الآخر، أو اعتماد «مبدأ الخصام معه» مهما كانت النتائج كما يرى بعض هؤلاء. وهذا الفريق لم يتبنى مرشحا واحدا لرئاسة الجمهورية.

لبنان يسير وسط الانهيار، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قال «إن لبنان معرض للتفكك والزوال»، بينما الفريق الذي تحكم بالحياة السياسية خلال الحقبة الرئاسية الماضية مازال يتطلع لتحقيق مكاسب فئوية وشخصية جديدة، بما في ذلك محاولة فرض تعيينات إدارية ومالية وقضائية وعسكرية في المراكز العليا للدولة من المحسوبين على هذا الفريق.

اللبنانيون يعيشون أوضاعا صعبة لم يسبق أن مرت على البلاد، بينما يحاول البعض إعادة التجديد لنهج التعطيل الذي تسبب بالنكبة.

الانباء

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.