الاتفاق حول الترسيم قائم والتهويلات المتبادلة مجرد موسيقى تمهيدية.. وآخر الطروحات تعويم الحكومة المستقيلة بمرسوم

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستقبلا وفد الهيئات الاقتصادية (محمود الطويل)

أسبوع لبناني جديد حافــل بالاستحقاقــات وبتشابك الأزمات الحكومية والرئاسية والنيابية وحتى الحدودية، إضافة الى حالتين ظرفيتين مستعجلتين: الموازنة العامة العالقة في مجلس النواب، والدولار الجمركي الهائم بين أروقة السراي الحكومي، وكواليس المجلس النيابي.

والتخبط السياسي واضح في كلتا الحالتين، لأن عدم حسم سعر رسمي للدولار الجمركي يحول الموازنة العامة الى موازنة دفترية، تستند الى أرقام وهمية افتراضية لا علاقة لها بحقيقة الواقع الاقتصادي للبلد.

حكوميا، عاد الحديث عن لقاء مرتقب بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي هذا الاسبوع، وعلى ذمة الوسطاء، من الأصدقاء المشتركين الذين يهمهم الا تفرط مسبحة المنظومة الحاكمة، عند هذا المفصل السياسي والدستوري المأزوم، لكن سلسلة مصاعب، لاتزال تعوق العودة الى التلاقي تحت مظلة حكومة قادرة على مواجهة تحديات الاستحقاق الرئاسي المحاط بالغموض، ومعه ملف ترسيم الحدود البحرية والنفطية الأكثر غموضا والذي سترتفع حركته السياسية والأمنية بدءا من اول سبتمبر.

وتمثلت هذه المصاعب بالتراشقات السياسية والاعلامية الحادة بين فريق الرئيس نجيب ميقاتي، ورئيس التيار الحر جبران باسيل وفريقه.

وكان باسيل المبادر الى إطلاق السهام على أداء الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، من خلال اتهامه بتعطيل التشكيل. ورد رئيس الحكومة عبر مكتبه الإعلامي بالقول: «يبدو أن صيف اليونان أضر برئيس (التيار الوطني الحر) جبران باسيل، فحاول التنصل من مسؤوليته المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة، بتوجيه سهامه عمدا الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي».

وأوضح المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة في بيان ان «ميقاتي يستخدم الأسلوب المباشر والواضح في الكشف عن أي معلومة او موقف يريد اعلانه، وان تعطيل الحكومة يتحمل مسؤوليته باسيل مباشرة، وكل اتهامات باطلة لن تفيده في شيء. فاقتضى التوضيح».

باسيل من جهته، نفى عبر مكتبه الاعلامي «التلفيقات والأكاذيب المعروفة المصدر حول موضوع تأليف الحكومة، ويؤكد ان هذه الفبركات الاعلامية لن تفيد صاحبها رئيس الحكومة المكلف ولا تعفيه من مسؤوليته الكاملة عن عدم التأليف، مع العلم ان موقفه غير المبالي بالتأليف سيتغير فور تغير موقف داعميه وموجهيه».

وقال بلهجة لا تخلو من السخرية إن اجمل ما في الرئيس النجيب «أسلوبه المباشر والواضح فهو معروف ومشهود له بالصدق والصراحة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالثروات او الصفقات، واليخوت او الآليات في اليونان أو في الدولار الجمركي».

وكان ميقاتي طرح على عون استبدال ما يرغب من الاسماء التي كان قد وضع عليها علامة بشرط موافقة المرجعيات التي يمثلها الوزراء، وعون أبدى مرونة لناحية التبديل الوزاري لكنه عاد عن قراره قبل مغيب النهار.

ولفتت المعلومات إلى ان باسيل ضرب المسعى الإيجابي للتشكيل فاشترط 6 وزراء مسيحيين زائدا وزراء آخرين يكملون العدد الضامن للثلث المعطل.

لكن على الرغم من هذه المهاترات، يتحدث الوسطاء عن صيغة جديدة للمسألة الحكومية، في حال تعذر الاتفاق على إبعاد وزيري الاقتصاد والمهجرين، وصرف النظر عن اقتراح باسيل بتوسعتها الى 30 وزيرا، يجري الابقاء على الحكومة الحالية من دون تغيير أحد، وإصدار مرسوم تأليفها لتتحول من حكومة تصريف أعمال الى حكومة مكتملة الصلاحيات، بما يسقط الذرائع المانعة لقيامها بمهام رئيس الجمهورية في حالة الشغور الرئاسي، علما ان المادة 62 من الدستور، المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 تنص على انه في حال خلت سدة الرئاسة، لأي علة كانت، تنوط صلاحيات رئيس الجمهورية، وكالة بمجلس الوزراء».

وواضح من نص المادة الدستورية، عدم الاشارة الى نوعية مجلس الوزراء، سواء كان مكتمل المواصفات، او مصرفا للأعمال، ولا سواها من الفذلكات الدستورية الصادرة عن مطابخ بعبدا والتيار الحر مع لفت الانتباه، الى انه حتى لو صدر مرسوم بإعادة تثبيت الحكومة المستقيلة، فهي ستعود مصرفة للأعمال فور انتهاء ولاية الرئيس عون وعدم انتخاب بديل عنه مسبقا. بالنسبة لملف ترسيم الحدود البحرية، القناة 12 الاسرائيلية، قالت ان الترسيم متوقع الاسبوع المقبل، وان تفاصيل الاتفاق تظهر ان إسرائيل ستتخلى عن منطقة معينة في أعماق البحر وسيتنازل لبنان عن منطقة قريبة من الساحل، وحتى التوقيع، تبقى المنطقة في حالة تأهب قصوى.

فهل لبنان فعلا امام تاريخ محدد لتوقيع ترسيم الحدود، بين الاول من سبتمبر و15 منه، والا فسيكون التصعيد الذي لوح به الامين العام لحزب السيد حسن نصر الله، بعد هذا التاريخ الافتراضي، واردا.

المصادر المتابعة في بيروت، سبق ان اكدت ان الاتفاق حول الترسيم حاصل، وان التهويلات الاعلامية حوله الطرفان لمجرد موسيقى تمهيدية، لكن تبقى مسألة التنقيب على الجانب اللبناني معلقة.

على صعيد الدولار المتصاعد بشكل جنوني على حساب الليرة اللبنانية، ردت بعض المصادر جانبا من هذا الالتهاب المالي الى سعي الحكومة لرفع الدولار الجمركي الى 20 ألف ليرة لبنانية، واللافت ان هذه المصادر استبعدت تراجع الدولار على وهج توقيع اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل، ورأت أن بالإمكان توقع هذا الأمر، بعد استقرار الوضع السياسي، وعودة الماكينة الحكومية للعمل بشكل طبيعي، في ظل هذه الفوضى العارمة، التي بلغت حد إغلاق مؤسسات الدولة امام المواطنين، بما فيها المؤسسة القضائية، ولا أمل يرتجى بحلول، قبل سبعين يوما على الأقل، من هذا التاريخ.

الانباء – عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.