المطاردة القضائية لحاكم مصرف لبنان غيَّبت الهمّ الحكومي

القاضية غادة عون بعد اقتحامها مصرف لبنان برفقة عناصر أمن الدولة‎‎ لاعتقال الحاكم رياض سلامة (محمود الطويل)

من قمة جدة العربية ـ الأميركية إلى قمة طهران الروسية ـ التركية ـ الإيرانية، كان لبنان حاضرا بأزمته، لا بمسؤوليه، المشغولين بقضايـاهـــم الصغيـــرة، وبتصفيــة حسـاباتـهـــم الشخصية مع كبار الموظفين المعاندين للفريق الرئاسي ومصالحه، وفي طليعتهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي توجهت مجموعة من جهاز أمن الدولة، المؤتمر بأمر رئاسة الجمهورية، إلى المقر الرئيسي للمصرف المركزي لاعتقاله، أو مدير المناقصات العامة جان العلية الذي استدعي إلى قصر العدل صباح أمس ومثل أمام النائب العام التمييزي غسان عويدات حيث جرى الاستماع إليه بصفة شاهد، بناء على إخبار من وزير العدل هنري خوري ينسب إليه المسّ بقضاة مجلس شورى الدولة على خلفية قرار اتخذ بشأن مناقصة عامة حول السوق الحرة بمطار رفيق الحريري الدولي مشوبا بالبطلان.

وكان الرئيس ميشال عون ترأس اجتماعا قضائيا في القصر الجمهوري أمس الأول حضره وزير العدل خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود والمدعي العام التمييزي غسان عويدات وأعضاء المجلس، حيث جرى البحث في عمل المحاكم وفي إنهاء الدعاوى العالقة بما في ذلك الدعاوى المالية، وجريمة تفجير المرفأ.

وواضح ان الحاكم سلامة هو المستهدف، بدليل تحريك قوات من أمن الدولة في الصباح الباكر باتجاه البنك المركزي في شارع الحمراء لاعتقاله بداعي امتناعه عن المثول أمام القضاء، الأمر الذي أثار حفيظة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اللذين يرفضان إقالة سلامة، حتى لا يحل محله حاكم من اختيار الرئيس عون ووريثه السياسي جبران باسيل، يؤمن الغطاء لمصالحهما بعد انتهاء الولاية الرئاسية.

وسبق لجهاز أمن الدولة أن حاصر منزل سلامة في الرابية الشهر الماضي بناء على طلب القاضية غادة عون لكنهم لم يجدوه، وتكررت المداهمة صباح أمس.

ميقاتي وتعليقا على اقتحام مصرف لبنان من قبل القاضية عون، قال: آسف للطريقة الاستعراضية في معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، مما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه.

وأضاف: إن مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الأجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان، قلت وأكرر لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن أحد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيدا عن الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان المالية دوليا، والمطلوب ان تتم معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك. ولا يمانع ميقاتي بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وكانت القاضية عون دخلت إلى مبنى البنك المركزي برفقة ضابط وقوبلت باعتراض الموظفين الذين أعلنوا الإضراب عن العمل احتجاجا لثلاثة أيام، ووصلت إلى مكتب الحاكم سلامة، لكنها لم تجده!

وقال رئيس نقابة موظفي المركزي عباس عواضة: لقد توقفنا عن العمل وسنقرر الخطوة التالية لاحقا، واضاف لقناة «إم تي في»: نحن لا ندافع عن رياض سلامة، بل ندافع عن كيان المؤسسة، ولن نرضى بهذه الممارسات الميليشياوية.

وذكرت مصادر متابعة ان القاضية عون غادرت مبنى «المركزي» ومعها عناصر أمن الدولة الذين طوقوه من الخارج بطلب من القاضي المناوب لدى النيابة العامة في بيروت رجا حاموش، على اعتبار انها موجودة خارج نطاق صلاحياتها المحددة بمحافظة جبل لبنان.

هذه الأحداث القضائية غيبت الاهتمام العام بمتابعة موضوع تشكيل الحكومة الذي مازال مجمدا عند نقطة تحديد موعد للرئيس المكلف في بعبدا والذي تريد منه دوائر القصر الجمهوري ان يتقدم بطلب جديد، الأمر الذي يرفضه.

كما غيبت قضية البنك المركزي حادثة إسقاط إسرائيل لطائرة مسيرة أخرى لحزب الله انطلقت من الجنوب.

رئاسيا، أعلنت النائب ستريدا جعجع، ان ما تردد عن ترشيحها لرئاسة الجمهورية «مزحة»، وان مرشح القوات اللبنانية للرئاسة هو د.سمير جعجع رئيس «القوات»، ولا غيره من «القوات».

وعلى صعيد الإضراب العام لموظفي الدولة والمستمر منذ أربعة أسابيع، أعلن وزير العمل مصطفى بيرم أمس انه لا تصحيح للأجور قبل تأمين الإيرادات، وان التقديمات التي أقرت للقطاع العام توازي راتب شهر إضافي، فضلا عن 95000 ليرة بدل نقل ليومي عمل في الأسبوع.

كما تم تجميد الزيادات على رواتب القضاة.

وردا، أعلنت رابطة موظفي القطاع العام انها غير معنية بقرارات الدولة، وان الإضراب المفتوح مستمر وبوتيرة أكبر رفضا لتعجرف الدولة بحق الموظف.

ودعت المجتمع الأهلي وقوى التغيير كل أطياف المجتمع اللبناني للنزول إلى ساحات الاعتصام يوم غد لمجابهة سياسات التجويع والتركيع التي تتبعها السلطة وأزلامها، لإظهار قوة إرادة الشعب الذي يريد الحياة في لبنان والبقاء فيه، تحت شعار «الرغيف حقنا».

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.